يدخل السودانيون منذ اليوم تاريخا جديدا بتوقيع آخر ثلاثة بروتوكولات حول ثلاث قضايا خلافية كانت تقف في طريق انجاز اتفاق السلام الشامل. وقالت كينيا الدولة المضيفة لمفاوضات السلام السودانية ان وفدي الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان تمكنا من تسوية آخر النقاط الخلافية في محادثات السلام مما يزيل العقبات الرئيسية امام ابرام اتفاق شامل ينهي أطول حرب أهلية في أفريقيا. وقالت مسؤولة في العلاقات العامة بوزارة الخارجية الكينية «هذه انفراجة كبرى». واضافت ان الجانبين سيوقعان اليوم في تمام الواحدة من بعد الظهر (العاشرة بتوقيت غرينتش) عددا من البروتوكولات في نيفاشا بالقرب من نيروبي. وقالت ان الطرفين حلا الخلافات بشأن ثلاث مناطق متنازع عليها هي جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق وابيي واتفقا على كيفية اقتسام السلطة فور انتهاء النزاع المستمر منذ 21 عاما. وقالت وزارة الخارجية الكينية في بيان «تحققت... انفراجة كبرى». وأضاف البيان «توقيع البروتوكولات يمثل خطوة كبيرة نحو انجاز تسوية سياسية شاملة نهائية للصراع». وقالت مصادر قريبة من المفاوضات ان الجانبين اتفقا على منح حزب المؤتمر الوطني 52 في المائة من السلطة في حكومة وبرلمان المركز، فيما تحصل الحركة الشعبية على 30 في المائة اما بقية القوى السياسية فانها تحصل على 16 في المائة مقابل 2 في المائة لمواطني جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق المهمشتين. اما بالنسبة لتوزيع السلطة في منطقتي النوبة والنيل الأزرق فان الحكومة تحصل على 55 في المائة من السلطة فيهما مقابل 45 في المائة للحركة الشعبية. وبالنسبة للعاصمة القومية فقد اتفق على ابقاء قوانين الشريعة الاسلامية في مقابل حماية حقوق غير المسلمين. ووجهت سكرتارية «ايقاد» الراعية للمفاوضات امس دعوات لكبار المسؤولين في دول «الايقاد» وشركائها والوسطاء والمهتمين بشأن السلام في السودان لحضور حفل التوقيع. وعقب توقيع البروتوكولات سيبرم في مرحلة لاحقة اتفاق نهائي لوقف اطلاق النار الشامل وتنفيذ الاتفاقيات مما يمهد الطريق امام توقيع اتفاق سلام طال انتظاره. وحسب مصادر قريبة من المفاوضات فان الطرفين سيعودان للتفاوض بعد اسبوعين او ثلاثة من تاريخ التوقيع، حتى يتم جمع كل الاتفاقات السابقة فى اتفاقية واحدة شاملة، تتكون من 6 بروتوكولات وملحقين، هي: بروتوكول ماشاكوس، الذي وقع في يوليو (تموز) 2002 والذي اعطى حق تقرير المصير للجنوبيين واعفاهم من تطبيق الشريعة، وبروتوكول الترتيبات الامنية الذي وقع في اكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وبروتوكول قسمة السلطة وآخر لقسمة الثروة، وبروتوكول حول وضعية ابيي وآخر لمنطقتي جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق. وهناك ملحقان اولهما لادارة انفاذ اتفاق الترتيبات الأمنية، والثاني حول الضمانات والرقابة الدولية لوقف اطلاق النار.
وفي اديس ابابا توقع وزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان اسماعيل ان توقيع البروتوكولات سيكون اليوم بمدينة نيفاشا الكينية او بعد ذلك بقليل. وقال للصحافيين خلال زيارة لاثيوبيا «نعتقد انهم توصلوا لاتفاق». وقال «سيكون غدا (اليوم) هو الاخير وسوف يوقعون الاتفاق النهائي بشأن القضايا الثلاث المتبقية.. مما يفتح الباب امام اعداد النص النهائي للاتفاق».
وبدأت هذه الجولة من المحادثات السلام في يونيو (حزيران) 2002. ووقع الجانبان بالفعل اتفاقات خاصة بالفصل بين الدولة والدين وتشكيل جيش لفترة ما بعد الحرب والسماح للجنوب باجراء استفتاء بشأن الاستقلال بعد فترة انتقالية واقتسام عائدات النفط بعد انتهاء الحرب.
وتولي الولايات المتحدة اهتماما خاصا للسودان وتأمل ان يسجل ابرام الاتفاق نجاحا للدبلوماسية الأميركية وتغييرا في العلاقات مع دولة تشهد زيادة في انتاج النفط.
ويوزع اتفاق اقتسام الثروة الموقع في يناير (كانون الثاني) 2004 عائدات النفط بالتساوي خلال الفترة الانتقالية التي تستمر ستة اعوام ويضع نظاما ماليا يسمح بوجود تعاملات مصرفية اسلامية في الشمال ونظام مصرفي غربي في الجنوب. ويحصل السودان على اكثر من ملياري دولار من انتاجه المتنامي من النفط البالغ نحو 300 ألف برميل. كما وافق الطرفان على ترتيبات أمنية تشمل جيشين منفصلين مع تشكيل قوات موحدة في المناطق الاستراتيجية في البلاد المترامية الاطراف.
وجاء هذا الاختراق الاخير عقب اجتماعات ماراثونية بدأت منذ الأحد واستمرت حتى مساء امس وبلغت اكثر من 8 اجتماعات بين علي عثمان طه النائب الأول للرئيس السوداني والدكتور جون قرنق قائد الحركة الشعبية. والتقى طه وقرنق وزير الخارجية الكيني كالينزو مسيوكا واطلعاه على تفاصيل سير التفاوض بين الحكومة والحركة. كما التقيا بمبينا جعفر المبعوثة الكندية للسلام.
واكدت جعفر دعم بلادها لعملية السلام في السودان وعزمها على الاسهام الفاعل في مرحلة اعادة البناء بعد وقف الحرب.
|