الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 10:52 ص
ابحث ابحث عن:
دين

ترشيحها للمجالس النيابية بين الإجازة والمنع

الجمعة, 28-مايو-2004
المؤتمر نت - «استعرض الدكتور يوسف القرضاوي كافة الأدلة التي توضح جواز ترشيح المرأة نفسها في الانتخابات والتصويت لاختيار من تشاء من المرشحين في الانتخابات العامة وعدم تعارض ذلك مطلقا مع نصوص الشريعة الإسلامية وما جاء في القرآن وفي السنة النبوية الشريفة، كما قام بتفنيد كافة الأدلة التي استندت أليها فتاوى تحريم مشاركة المرأة في الانتخابات بالتصويت أو الترشيح بشكل مفصل وبالأدلة والأسانيد الشرعية التي لا تدع مجالا للجدل في هذه القضية بعد ذلك» ,, وكانت الدراسة بتفاصيلها كما يلي:...... المؤتمر نت -
دراسة مستفيضة للقرضاوي حول حقوق المرأة السياسية(1-2)
«استعرض الدكتور يوسف القرضاوي كافة الأدلة التي توضح جواز ترشيح المرأة نفسها في الانتخابات والتصويت لاختيار من تشاء من المرشحين في الانتخابات العامة وعدم تعارض ذلك مطلقا مع نصوص الشريعة الإسلامية وما جاء في القرآن وفي السنة النبوية الشريفة، كما قام بتفنيد كافة الأدلة التي استندت أليها فتاوى تحريم مشاركة المرأة في الانتخابات بالتصويت أو الترشيح بشكل مفصل وبالأدلة والأسانيد الشرعية التي لا تدع مجالا للجدل في هذه القضية بعد ذلك» ,, وكانت الدراسة بتفاصيلها كما يلي:
1-مكانة المرأة في الإسلام.
المرأة إنسان مكلف مثل الرجل، مطالب بعبادة الله تعالى، واقامة دينه، وأداء فرائضه، واجتناب محارمه، والوقوف عند حدوده، والدعوة اليه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وكل خطابات الشارع تشملها، الا ما دل دليل معين على أنه خاص بالرجال فاذا قال الله تعالى: (يأيها الناس) أو (يأيها الذين آمنوا) فالمرأة داخلة فيه بلا نزاع.
ولهذا لما سمعت أم سلمة رضي الله عنها النبي يقول: (أيها الناس) وكانت مشغولة ببعض أمرها، هرعت لتلبية النداء، حتى استغرب بعضهم سرعة اجابتها، فقالت لهم: أنا من الناس.
والأصل العام: أن المرأة كالرجل في التكليف الا ما استثنى ؛ لقوله تعالى: (بعضكم من بعض) (آل عمران 195) وقوله (انما النساء شقائق الرجال), (رواه أحمد والترمذي وأبو داود والدارمي).
والقرآن الكريم يحمل الجنسين الرجال والنساء جميعًا، مسئولية تقويم المجتمع واصلاحه، وهو ما يعبر عنه اسلاميًا بعنوان (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) يقول الله تعالى:
(والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، ويطيعون الله ورسوله، أولئك سيرحمهم الله), (التوبة: 71).
ذكر القرآن في هذا المقام سمات أهل الايمان، بعد أن ذكر سمات أهل النفاق بقوله: (المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض، يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف) ( التوبة: 67).
فاذا كانت المنافقات يقمن بدورهن في افساد المجتمع، بجانب الرجال المنافقين فان على المؤمنات أن يقمن بدورهن في اصلاح المجتمع، بجانب الرجال المؤمنين.
وقد قامت المرأة بدورها في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم)، حتى ان أول صوت ارتفع في تصديق النبي عليه الصلاة والسلام وتأييده، كان صوت امرأة هي خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وأول شهيد في الاسلام كان امرأة، هي سمية أم عمار، رضي الله عنها.
حتى ان منهن من قاتل مع النبي (صلى الله عليه وسلم) في أحد وحنين وغيرهما، وحتى جاء في تراجم البخاري: (باب غزو النساء وقتالهن).
والناظر في أدلة القرآن والسنة يجد أن الأحكام فيهما عامة للجنسين، الا ما اقتضته الفطرة في التمييز بين الزوجين: الذكر والأنثى، وما أعد له كل منهما, فللمرأة أحكامها الخاصة بالحيض والنفاس والاستحاضة والحمل والولادة والارضاع والحضانة ونحوها.
وللرجل درجة القوامة والمسؤولية عن الأسرة، ولها عليه حق الانفاق والرعاية.
وهناك أحكام تتعلق بالميراث، جعل فيها للذكر مثل حظ الأنثيين، والحكمة فيها واضحة، وهي مبنية على تفاوت الأعباء والتكاليف المالية بين الرجل والمرأة، وأحكام أخرى تتعلق بالشهادة في المعاملات المالية والمدنية، وقد جعلت شهادة المرأتين فيها كشهادة الرجل, وهي أيضًا مبنية على اعتبارات واقعية وعملية روعي فيها الاستيثاق في البينات، احتياطًا لحقوق الناس وحرمانهم.
لذلك وجد من الأحكام ما تقبل فيه شهادة امرأة واحدة، كما في الولادة والرضاع,
2- تنبيهات مهمة:
وأود أن أنبه هنا على جملة أمور مهمة:
الأول: أننا يجب ألا نلزم أنفسنا الا بالنصوص الثابتة الصريحة الملزمة.
أما ما لا يثبت من النصوص كالأحاديث الضعيفة، أو ما كان محتملاً في فهمه لأكثر من وجه، وأكثر من تفسير -مثل ما جاء في شأن نساء النبي (صلى الله عليه وسلم) فليس لأحد أن يلزم الأمة بفهم دون آخر، وخصوصًا في الأمور الاجتماعية العامة التي تعم بها البلوى، وتحتاج الى التيسير.
الثاني: أن هناك أحكامًا وفتاوى لا نستطيع أن نفصلها عن عصرها وبيئتها , ومثلها قابل للتغيير بتغير موجباته, ولهذا قرر المحققون أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والحال والعرف.
وكثيرا مما يتصل بالمرأة من هذا النوع، قد أصابه التشدد والتغليظ حتى حرم عليها الذهاب الى المسجد، برغم معارضة ذلك للنصوص الصحيحة الصريحة, ولكنهم قدموا الاحتياط وسد الذريعة على النصوص، بناء على تغير الزمان.
الثالث: أن العلمانيين اليوم يتاجرون بقضية المرأة، ويحاولون أن يلصقوا بالاسلام ما هو براء منه، وهو أنه جار على المرأة، وعطل مواهبها وقدراتها، ويحتجون لذلك بممارسات بعض العصور المتأخرة.
نظرة في الأدلة:
أدلة من ذهبوا الى تحريم دخول المرأة المجالس النيابية والرد عليها:
على هذا الأساس يجب أن ننظر في موضوع دخول المرأة في «مجلس الشعب» أو الشورى ومشروعية ترشيحها، ومشروعية انتخابها لهذه المهمة في ضوء الأدلة الشرعية.
فمن الناس من يرى ذلك حرامًا واثمًا مبينًا، ولكن التحريم لا يثبت الا بدليل لا شبهة فيه.
والأصل في الأشياء والتصرفات الدنيوية الاباحة، الا ما قام الدليل على حرمته، فما الدليل على التحريم، الذي يسوقه هؤلاء؟
أ- آية: (وقرن في بيوتكن):
بعضهم يستدل هنا بقوله تعالى: (وقرن في بيوتكن) فلا يجوز للمرأة أن تدع بيتها الا لضرورة أو حاجة.
وهذا الدليل غير ناهض:
أولا: لأن الآية تخاطب نساء النبي (صلى الله عليه وسلم) كما هو واضح من السياق، ونساء النبي (صلى الله عليه وسلم) لهن من الحرمة وعليهن من التغليظ ما ليس على غيرهن , ولهذا كان أجر الواحدة منهن اذا عملت صالحًا مضاعفًا، كما جعل عذابها اذا أساءت مضاعفًا أيضًا.
وثانيا: أن أم المؤمنين عائشة، مع هذه الآية، خرجت من بيتها، وشهدت معركة الجمل استجابة لما تراه واجبًا دينيًا عليها، وهو القصاص من قتلة عثمان , وان أخطأت التقدير فيما صنعت.
وثالثا: أن المرأة قد خرجت من بيتها بالفعل، وذهبت الى المدرسة والجامعة، وعملت في مجالات الحياة المختلفة، طبيبة ومعلمة ومهندسة ومشرفة وادارية وغيرها، دون نكير من أحد يعتد به، مما يعتبره الكثيرون اجماعًا على مشروعية العمل خارج البيت للمرأة بشروطه.
ورابعا: أن الحاجة تقتضي من المسلمات الملتزمات أن يدخلن معركة الانتخاب في مواجهة المتحللات والعلمانيات اللائي يزعمن قيادة العمل النسائي، والحاجة الاجتماعية والسياسية قد تكون أهم وأكبر من الحاجة الفردية التي تجيز للمرأة الخروج الى الحياة العامة.
وخامسا: أن حبس المرأة وفي البيت لم يعرف الا أنه كان في فترة من الفترات قبل استقرار التشريع -عقوبة لمن ارتكبت الفاحشة:-
(فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً) (النساء: 15) فكيف يظن أن يكون هذا من الأوصاف اللازمة للمرأة المسلمة في الحالة الطبيعية ؟,وبأقوال بعض المتشددين من المعاصرين.
ب- سد الذرائع:
وهناك من ينظر الى الأمر من زاوية أخرى، وهي زاوية سد الذرائع , فالمرأة عندما ترشح للبرلمان، ستتعرض في أثناء الدعاية الانتخابية للاختلاط بالرجال وربما الخلوة بهم، وهذا حرام، وما أدى الى الحرام فهو حرام.
ولا شك أن سد الذرائع مطلوب، ولكن العلماء قرروا أن المبالغة في سد الذرائع كالمبالغة في فتحها، وقد يترتب عليه ضياع مصالح كثيرة، أكبر بكثير من المفاسد المخوفة.
وهذا الدليل يمكن أن يستند اليه من يرى منع المرأة من الادلاء بصوتها في الانتخاب خشية الفتنة والفساد، وبهذا تضيع على أهل الدين أصوات كثيرة، كان يمكن أن تكون في صفهم ضد اللادينيين، ولا سيما أن أولئك يستفيدون.
جـ- المرأة والولاية على الرجل: وهناك من يستدلون على منع المرأة من الترشيح للمجلس النيابي بأن هذا ولاية على الرجال، وهي ممنوعة منها , بل الأصل الذي أثبته القرآن الكريم أن الرجال قوامون على النساء، فكيف نقلب الوضع وتصبح النساء قوامات على الرجال؟.
وأود هنا أن أبين أمرين:
الأول: أن عدد النساء اللائي يرشحن للمجلس النيابي محدود، وستظل الأكثرية الساحقة للرجال، وهذه الأكثرية هي التي تملك القرار، وهي التي تحل وتعقد فلا مجال للقول بأن ترشيح المرأة للمجلس سيجعل الولاية للنساء على الرجال.
الثاني: أن الآية الكريمة التي ذكرت قوامة الرجال على النساء، انما قررت ذلك في الحياة الزوجية، فالرجل هو رب الأسرة، وهو المسؤول عنها، بدليل قوله تعالى.
(الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) ( النساء: 34) فقوله: (بما أنفقوا من أموالهم) يدلنا على أن المراد القوامة على الأسرة، وهي الدرجة التي منحت للرجال في قوله تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة) ( البقرة: 228).
ومع قوامة الرجل على الأسرة، ينبغي أن يكون للمرأة دورها، وأن يؤخذ رأيها فيما يهم الأسرة، كما أشار الى ذلك القرآن الكريم في مسالة فطام الرضيع:
(فان أرادا فصالاً عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما) (البقرة: 233).
وكما جاء في الحديث الذي رواه أحمد: (آمروا النساء في بناتهن) أي استشيروهن في أمر زواجهن.
أما ولاية بعض النساء على بعض الرجال -خارج نطاق الأسرة -فلم يرد ما يمنعه، بل الممنوع هو الولاية العامة للمرأة على الرجال.
والحديث الذي رواه البخاري عن أبي بكر رضي الله عنه مرفوعا: (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) انما يعني الولاية العامة على الأمة كلها، أي رئاسة الدولة، كما تدل عليه كلمة (أمرهم) فانها تعني أمر قيادتهم ورياستهم العامة , أما بعض الأمر فلا مانع أن يكون للمرأة ولاية فيه، مثل ولاية الفتوى أو الاجتهاد، أو التعليم أو الرواية والتحديث أو الادارة ونحوها، فهذا مما لها ولاية فيه بالاجماع، وقد مارسته على توالي العصور , حتى القضاء أجازه أبو حنيفة فيما تشهد فيه، أي في غير حدود القصاص، مع أن من فقهاء السلف من أجاز شهادتها في الحدود والقصاص، كما ذكر ابن القيم في (الطرق الحكمية), وأجازه الطبري بصفة عامة، وأجازه ابن حزم، مع ظاهريته، وهذا يدل على عدم وجود دليل شرعي صريح يمنع من توليها القضاء، والا لتمسك به أبن حزم وجمد عليه، وقاتل دونه كعادته.
وسبب ورود الحديث المذكور يؤيد تخصيصه بالولاية العامة، فقد بلغ النبي (صلى الله عليه وسلم) أن الفرس بعد وفاة امبراطورهم، ولوا عليهم ابنته بوران بنت كسرى، فقال: (لن يفلح قوم ,,,) الحديث, من أصوات النساء المتحللات من الدين.
وقد وقف بعض العلماء يومًا في وجه تعليم المرأة، ودخولها المدارس والجامعات من باب سد الذرائع حتى قال بعضهم: تعلم القراءة لا الكتابة حتى لا تستخدم القلم في كتابة الرسائل الغرامية ونحوها , ولكن غلب التيار الآخر ووجد أن التعلم في ذاته ليس شرًا بل ربما قادها الى خير كثير.
ومن هنا نقول: ان المسلمة الملتزمة -اذا كانت ناخبة أو مرشحة -يجب أن تتحفظ في علاقاتها للرجل من كل ما يخالف أحكام الاسلام، من الخضوع بالقول، أو التبرج في الملبس، أو الخلوة بغير محرم، أو الاختلاط بغير قيود ,وهو أمر مفروغ منه من قبل المسلمات الملتزمات.
د- شبهة وردها:
ومن الشبهات التي أثارها بعض المعارضين لترشيح المرأة في المجلس النيابي قولهم: ان عضو المجلس النيابي أعلى من الحكومة نفسها، بل من رئيس الدولة نفسه، لأنها -بحكم عضويتها في المجلس - تستطيع أن تحاسب الدولة ورئيسها , ومعنى هذا: أننا منعناها من الولاية العامة، ثم مكناها منها بصورة أخرى.
وهذا يقتضي منا القاء الضوء بالشرح والتحليل لمفهوم العضوية في المجلس الشورى أو النيابي.




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر