المؤتمرنت - قيادات اشتراكية تتوكأ بالمرضى تضع صحيفة الثوري على رأس صفحتها الأخيرة عبارة تقول: (أن المواضيع المنشورة لا تعبر عن رأي الصحيفة والحزب الذي تصدر عنه).
وخلف هذا الموقف المتنصل من المسؤولية يجري أسوأ انتهاك لحقوق الكلمة وجلالها من خلال الدفع بالمصابين والمرضى بالشهرة- مع احترامنا للمرضى طبعاً- إلى فغر أفواهم لتأكل بها بعض قيادات الاشتراكي ثوماً وأشياء أخرى، في إطار تصفية حساباتها مع الوحدة اليمنية، وإفراغ مافي صدورها من سواد ضد هذا المنجز وما يلفها من حنين إلى ما قبله، ولكن عبر حلوق وأفواه بلاستيكية لا حياة فيها ولا دماء.. أصوات ميته تتحشرج من تحت قبور الشمولية الغابرة الغاربة.
إن عملاً من قبيل استغلال حاجات هؤلاء المرضى ودفعهم إلى التهجم على الوحدة وإظهارهم بصورة الأراجيز يعد حالة انتهاك صارخة لحقوق هؤلاء البؤساء.
وفي لحظة إشفاق نجد من الناحية الإنسانية التعاطف معهم وليس الرد على كتاباتهم، ذلك أن الكتابة تصبح سخافات ما لم تنطوي سطورها على أفكار. ولاشك أن التهجم على الوحدة هو إحدى حالات الهذيان التي تحتاج إلى دواء وليس دواة.
أما دواعي التعاطف مع هؤلاء الضحايا الذين تؤكل الثوم بأفواههم، فليست سوى المعرفة بأن بعضهم غدا ضحية استغلال بصورة مركبة. نأخذ على سبيل المثال عبدالرحيم محسن.
لقد عرف الجلادون داخل النظام الشيوعي في جنوب البلاد سابقاً أن (محسن) يضم في جوانحه شروراً فائقة على ما عداه من زملائه الشباب آنذاك، فتم استثمار هذه الغريزة وجرى تأهيله في ألمانيا الشرقية على يد (المخابرات ستاسي) وحاز على مؤهل بتفوق.
إن التخصص الذي درسه وتفوق فيه هو التعذيب النفسي، وحين عاد إلى أرض الوطن تسلم منصباً في أمن الدولة يتناسب مع دراسته، وقد أهلته قسوته في تعذيب السجناء إلى حيازة الترقيات، وكان إقدامه على سلق قدمي أحد المسجونين بمادة الإسفلت المغلي لانتزاع معلومات حول قضية سياسية، سبباً في ترقيته إلى منصب مدير أمن الدولة في مدينة عدن.
وعلى نحو غريزي ترافق شبقة المريع للعنف مع هوس الاغتصاب وهي حالة مبررة في علم النفس بالنسبة إلى المصابين بهذا النوع من المرض، وقد أدى إعجابه بإحدى الفتيات التي امتنعت عن تلبية رغبته إلى إضمار الانتقام الذي جعله يختار يوم زفافها ليرسل جنوده الأشاوس لاختطافها من جوار عريسها في منطقة المعلا عام 1979م، ولا تزال الضحية مختفية حتى اليوم.
لقد كان إخلاصه في تعذيب السجناء وانتهاك أعراضهم سنده القوي لدى قياداته، فيما ولَّد لديه التخصص العلمي الذي درسه مكونات نفسية سيكولوجية معقدة، منها الكراهية المطلقة لكل من يختلف معه في الرأي. وقد عمل الحزب على استغلال هذه السمات حتى غدا (عبدالرحيم) الذي ليس له من اسمه شيء وحشاً مسعوراً بهيئة إنسان.
ومن سجله أيضاً أن عبدالرحيم محسن قام في عام 1980م باستدراج امرأة (هندية) من أصل يمني كانت تتعاون مع مخابرات أمن الدولة، وأوصلها إلى جبل حديد في عدن وهناك قام بقتلها، وعندما انكشف الأمر أدعى أنها سربت معلومات أمنية إلى جهة معادية.
وقد أثارت هذه القضية ضجة كبيرة في أوساط النظام الشيوعي حيث قدم (محسن) للمحاكمة عندما كان الأخ محمد البطاني وزيراً للداخلية وحكم عليه بالإعدام، غير أن أطرافاً حزبية من المكتب السياسي واللجنة المركزية تدخلت لتجميد تنفيذ الحكم، وكانت الحجة لدى المتدخلين (لن نجد سفاحاً أسوأ من هذا) وبالفعل كانت الحجة قوية ومقـنعة وأوقف تنفيذ الحكم وعاد عبدالرحيم إلى عمله !!.
إن سوق هذه (النفحات) القليلة من تاريخ عبدالرحيم محسن الذي يستغل الآن ككاتب بعد أن استغل كجلاد، لا نروم من ورائها فتح ملفات أو كشف أوراقه ذلك أن الشيء الأهم لم نقله بعد، بل بدافع التأكيد على أن هذا (الجزار) هو ضحية النظام الشيوعي البائد.
ولاشك أن شخصاً مريضاً كهذا، جلاداً وقاتلاً دخل الجامعة لكي يتعلم فنون التعذيب هو إنسان مريض، ولا يمكن أن تأتي منه كلمة طيبة في حق الوطن ووحدته أو في حق الآخر أياً كان. وفوق أنه مصاب هو كذلك ناقم على هذا الوضع، الذي أفقده سلطة مكنته خلال سنوات من ممارسة هواياته وغرائزه في البطش والتنكيل والقتل وغدا بلا أي سلطة بالمرة. وبالتالي يعد طبيعياً أن لا يرى شيئاً حوله ذا قيمة.
فهو اليوم بعينين مفقوءتين، ورأس متشظي وفم أتم لا أنياب فيه تعض، وصوت مبحوح لا يسمع.
من هنا، لن تجد تلك القيادات في الحزب الاشتراكي أفضل من هذا المعتوه حتى يمتعها بلذة العواء والشتم ضد الوحدة اليمنية .
غير أن أنين الأضرحة وآلام المتضررين الذي تحشده القيادات الاشتراكية المعتلة أصلاً في معركتها ضد الوطن ووحدته، ليس سوى التجسيد لحالة اليأس التي تضطرم وتضطرب في ليالي الحالمين بعودة التاريخ إلى النقطة التي كانوا فيها جلاوزة ومتسلطين.
ولا يدرك هؤلاء أن الوحدة قد حمتهم من شرور أنفسهم ومن دورات الدم التي لم تنته فيما بينهم كرفاق يقتل بعضهم بعضاً.
|