المؤتمرنت - جعجعة .. ولا طحنا ( بقلم أحمد الحسني) باستثناء تسريحة أمل الباشا لم أجد شيئاً يستحق الثناء قدمته منظمة المجتمع المدني التابعة وغير التابعة المدعومة وغير المدعومة التي لم تؤد حتى وظيفة المحتسب ،انا لست عضواً في واحدة منها ليشمل حديثي الفائدة التي يجنيها المنتسب إلى هذه المنظمات، ولكنني جزء من هذا المجتمع الذي أفترض فيه ان يكون ميدان أنشطتها .
يوجد في هذه البلاد من الأحزاب والمنظمات والجمعيات والنقابات والمراكز اكثر مما في أوربا والأمريكتين تمثل اغلب النظريات السياسية والاجتماعية في العالم وتتوزع على كافة الاهتمامات الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية مثل ، العنف المرأة الطفل وحقوق الانسان والحيوان واللاجئين والبيئة وحتى تحرير فلسطين والشيشان وعلى كافة المستويات الأممية والقومية والإقليمية والوطنية والمناطقية وحتى القروية، وتتناثر مقراتها التي تبدأ بالفيلات الفخمة وتنتهي بحقيبة يحمل فيها صاحب المنظمة منظمته على ظهره ويجوب بها الشوارع!.
فباستثناء الأحزاب، تقول الإحصاءات ان هناك 4106 جمعية ومنظمة واتحاداً ونقابات ونادياً 40% منها احيلت للقضاء مؤخراً لعدم قانونيتها و 30% لا وجود لها على ارض الواقع و 30% عاملة. وهذه النسبة على ضآلتها موجودة ككيانات لا تؤد دوراً فاعلاً في الواقع، وتنقسم هذه المنظمات باعتبار اهتماماتها الى 1413 جمعية خيرية أغلبها مناطقية أي تفتقر الى مفهوم المنظمة الوطنية وتشكل في مجموعها علاقات نفع خاص اشبه بشركات مساهمة ولا تسطيع ان تستثني منها غير ما يعد بالأصابع من جمعيات يمكن أن تؤدي دوراً مهماً وحقيقياً في المجتمع. غير ان الولاءت الخاصة لقيادات هذه الجمعيات وكوادرها سلب منها الطابع المؤسسي وجر عليها اختلالات تلك الانتماءات مثل الشخصنة وتقمص المطلق وإلغاء الآخر والبحث عن المكاسب الذاتية بعيداً عن الهدف والغلبة على حساب الحقيقة مما أحال التنافس إلى صراع والرأي الآخر إلى متراس جديد فكانت جزءاً من القوة التي يستلزم الحصول عليها في المواجهة بما تمثله من قوة اقتصادية ودعاية إعلامية في نفس الوقت، وتشكل مصدر دخل ثابت لكوادر هذا الحزب او تلك الجماعة تخدم انتماءه كجزء من العمل الخيري وهو أمر حرمها الكادر الكفء والإخلاص للعمل العام، كما أفقدتها الخيرية صور موائد الإفطار وتوزيع لحوم الاضاحي التي تستقطب بها التبرعات أكثر مما تحض بها على الخير .
وكالجمعيات الخيرية توجد 711 جمعية مهنية لم تؤد دوراً يخدم موظفاً أو أصحاب مهنة بقدر ما تتصارع على الاشتراك الشهري الذي يستقطع من الراتب أو يستلمه المندوب برفقة العسكر إضافة إلى الدعم الرسمي الذي يشكل بحد ذاته القضية الأهم في جدول أعمال القائمين عليها.
هنالك أكثر من 3402 جمعية لحقوق الانسان وقضايا النوع الاجتماعي تنحصر أنشطتها بإتنهاكات الولايات المتحدة الأمريكية لحقوق الإنسان بعد أحداث سبتمبر وحقوق المعتقلين في جوانتناموا وأفغانستات والعراق وانتهاكات الدولة العبرية لحقوق الشعب الفلسطيني ،لكنها لا تعرف شيئاً عن سجين في الحديدة قضى عشر سنوات ينتظر تنفيذ حكم قضى عليه بالسجن لمدة سنة! ولا تدري شيئاً عن السجناء في السجون المركزية بأوامر شخصية أو قضايا مدنية.
جمعيات تطالب بمقاسمة المرأة للرجل وظائف السلك الدبلوماسي وقيادات المحاور العسكرية والحقائب الوزارية منعاً للتميز قبل أن تعرف حقها في التوجه إلى صندوق الاقتراع أو التوجه إلى مراكز محو الأمية وحق المرأة في التعليم .ومراكز أبحاث تتحدث عن ضرورة عودة أحمد زويل ومجدي يعقوب إلى مصر ولا تهتم بزيادة معدل التسرب من المدارس في كافة مراحل التعليم الذي يزداد يومياً.
وأخرى تضج لمواجهة الإيدز وفيروس ايبولا ولا تعلم شيئاً عن الآلاف الذين يموتون سنوياً بالملاريا وتستبد بهم البلهارسيا مراكز ومنتديات لحوار الحضارات والمؤاخاة بين الأمم، فيما ظاهرة الثأر تلتهم المئات سنوياً.
إن مئات الجمعيات ،التي أنشئت باسم تعزيز الديموقراطية ومؤسسات الدولة وثقافة المجتمع المدني والرقابة على الانتخابات وتكريس مبدأ المواطنة، تتلقى الدعم الخارجي والداخلي وينحصر عملها في تسجيل الأصدقاء والمعارف بالرقابة على الانتخابات لاستلام المكافئات الخاصة واستمداد الدعم دون أية رقابة غير حضور بعض المسجلين إلى بعض المراكز الانتخابية القريبة من سكنهم في أمانة العاصمة وبعض عواصم المحافظات ودون تأهيل أو تدريب حتى على ارتداء الشارات والطاقيات المميزة .
أتذكر أن إحدى المحاميات طيبة الرائحة، التي ترأس إحدى منظمات الرقابة على الانتخابات ،قدمت ورقة عمل إلى الندوة التي أقامها المؤتمر حول الموضوع قبل عامين ولخصت كل الإشكاليات والمعوقات التي واجهتها من خلال تجربتها الشخصية في أن بعض المراقبين لا يرتدون الإيشار ويملون من ارتداء الطاقية و … فقط . وكل شيئ على ما يرام
باستثناء جمعية العفيف الثقافية وباكثير النائية أتساءل.. ما هي الأنشطة التي قدمتها 39 جمعية ثقافية مضافا إليها اتحاد الأدباء بكل فروعه ونقابة الصحفيين اليمنيين، وباستثناء جمعية السعيد الخيرية اسأل ما الذي تقدمه أكثر من 1400 جمعية خيرية غير بعض حفلات الزواج الجماعي الذي توقفت عنها أصلا! ثم موائد الإفطار والأضاحي الرمزية التي تطبع من الدعاية الإعلامية لها اكثر من ثمنها.. أسأل وأسأل وأسأل.. في أي مجال توظف مليارات الريالات التي تملكها هذه الجمعيات .
ما الذي صنعته 21 جمعية سمكية في دولة تملك أطول ساحل في الوطن العربي وتستورد في نفس الوقت علب السردين والتونة من الصين وتايلاند!!؟ ما الذي فعله ما يقرب من 1000 جمعية واتحاداً تعاونياً زراعياً غير إضافة الذرة الصفراءوالدخن إلى قائمة الحبوب التي نستوردها إضافة الى الفواكه المعلبة والمغلفة من المعسكر الشرقي والغربي ودول عدم الانحياز لتسهم في قتل أي أمل بالفائدة لدى المزارع الذي يزداد معدل هجرته من الريف إلى المدينة يوماً بعد آخر وتزداد معه رقعة الجفاف والتصحر وسوء تسويق المحاصيل؟ .
يطول السؤال يا قلبي
ما الذي أنجزته اكثر من 400 جمعية في مجال الأسرة والمرأة غير الكتابة عن ضرورة مساواة المرأة مع الرجل في الإرث ومواجهة أخطار ختان الإناث كانتهاك لحق المرأة التهامية في الاحتفاظ بأعضائها التناسلية كاملة دون مساس!، وغيرها من الجمعيات الحرفية والسكنية والعلمية والإخاء والصداقة والاتحادات و…
قد أكون جاهلاً بإنجازاتها لكني متأكد بان الملايين في هذه البلاد مثلي لا يعرفون شيئاً عن أية إنجازات .
للجهل دوره في كل ذلك ولكن يمكن للباحث عن الصواب أن يجده .
وللفساد العام دوره في صنع العراقيل ولكن يمكن للمخلص أن يخطو إلى الأمام ولو بخطى بطيئة ويصنع شيئا .
وللأنانية دورها ولكن العمل المؤسسي يقطع الطريق عليه .
ولبؤس الانتماء إلى هذا الوطن دوره ولكن يبقى هو الأحب ويمكن أن نجعله جميلاً .
ولـ " النخيط " لذة في تركيبتنا النفسية لكنه يصبح وقاحة تبعث على القرف حين يكون من مفلس من أي عطاء
|