راسل عمر القرشي -
دولة اتحادية لا مركزية
يؤكد المشهد اليمني اليوم أن شكل النظام الإداري للدولة اليمنية الواحدة حالياً لم يعد مقبولاً لا سيما في ظل الأحداث التي تشهدها البلاد وعلى وجه الخصوص في المحافظات الجنوبية..
النظام الإداري الذي تم اعتماده منذ تحقيق الوحدة ترتب عليه الكثير من الاشكالات على المستوى السياسي والإداري وبدا واضحاً حاجتنا لنظام إداري آخر يرسخ الوحدة الوطنية ويحمي أمن واستقرار الوطن من كل دعوات التفكك والتشظي والانكسار، ويدفع بأبناء الوطن جميعاً إلى الشراكة الفاعلة والحقيقية في بنائه وتعزيز أمنه واستقراره..
- ومن هذا المنطلق جاءت رؤية المؤتمر الشعبي العام وحلفائه المقدمة إلى مؤتمر الحوار الوطني مستوعبة ومدركة عدم مواكبة النظام الإداري القائم حالياً لمتطلبات المرحلة وتطلعات أبناء الشعب اليمني المتجهة نحو التغيير وبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة..، إضافة إلى أن النظام الإداري الحالي ظهرت فيه الكثير من العيوب لا سيما في ظل المركزية المفرطة التي تعد أم المشاكل في اليمن..
المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه ومن موقع خبرته في إدارة شؤون البلاد تقدم برؤية حول النظام الإداري الذي يجب أن تكون عليه البلاد مستقبلاً وتمثلت هذه الرؤية بأن تكون الجمهورية اليمنية دولة اتحادية لا مركزية تقسم إدارياً إلى عدد من الأقاليم، تديرها حكومات محلية تضطلع بإدارة شؤونها المالية والإدارية والأمنية تخطيطاً وتنفيذاً وإشرافاً وتوجيها ورقابة باستثناء الموارد والثروات الطبيعية السيادية فتتبع الحكومة المركزية، بما يحافظ على بقاء كيان الدولة موحداً بعيداً عن التشتت والتشرذم والتفرقة..
- رؤية النظام الإداري الجديد التي قدمها المؤتمر وحلفاؤه تكاد تكون أنسب الرؤى التي قدمت حتى الآن، إضافة إلى كونها الأصلح لليمنيين إذا ما تم الأخذ بها كنظام للدولة المدنية المستقبلية..
هذه الرؤية تنبثق أساساً من دراسة وتحليل عميقين لدولة الوحدة خلال فترة العشرين سنة الماضية وما قبلها سواء النظام الإداري الذي كان يعمل به في شمال الوطن أو جنوبه..
إن الانتقال إلى المركزية الإقليمية المالية والإدارية من شأنه تحقيق الكثير من الأهداف التي تصب في صالح المجتمعات المحلية وتسهم في إشراك المواطنين في إدارة شؤونهم المحلية بما يدعم النهج الديمقراطي السليم على المستوى المحلي، كما يحقق للأقاليم نوعاً من الاستقلال الذاتي دون المساس بالوحدة السياسية للدولة.. بالإضافة إلى تقوية البناء الاجتماعي للدولة والقضاء على البيروقراطية التي تلازم النظام المركزي وتحقيق التكامل الاقتصادي وتنمية الموارد المحلية وتحقيق العدالة في توزيع الثروة والسلطة..
وبالتأكيد فإن تطبيق هذه الرؤية يجب أن يستند إلى العديد من الأسس والمعايير عند إجراء التقسيم الإداري الجديد ومن هذه الأسس ألا يتم تقسيم الأقاليم من منظور جهوي أو طائفي وأن يعزز التقسيم الجديد روح الانتماء للوطن اليمني، كما يجب أن يعكس التوازن الجغرافي والسكاني والاقتصادي، ويحقق التكامل بين الأقاليم..
- إن النظام الإداري الاتحادي اللامركزي هو السبيل الحقيقي والوحيد لإنهاء كافة الاشكالات القائمة ووضع حد لكل الدعوات الشطرية التي لا يمكن القبول بها من أي جهة كانت، وبشكل عادل منصف للجميع..
كما أن النظام الإداري الاتحادي اللامركزي سينهي حالة شكوى المحافظات من ضعف المشاريع الخدمية والتنموية عموماً وسيكفل توزيعاً متساوياً وعادلاً تنتهي معه كل مسميات وأشكال وصور الحرمان التي برزت وطغت خلال الفترة الأخيرة في عموم محافظات الجمهورية..
نحن أمام نقاش جاد ومسؤول هدفه الأساسي الحفاظ على وحدة الوطن وحمايته من كل أشكال التمزق وبناء دولة مدنية حديثة بناءً سليماً تدفع لتوحيد الصفوف خدمة لليمن والحفاظ على مصالحها العليا..
[email protected]