سليمان جودة -
جائزة فى الغباء للإخوان!
سليمان جودة
عندما أوقع السادات بمراكز القوى فى عام 1971 قال عنهم: هؤلاء يجب أن يخضعوا للمحاكمة بتهمة الغباء السياسى!.. وكان السبب أن الرجل كان، على مدى شهور قبلها، يبحث عن وسيلة للإيقاع بهم دون جدوى، فإذا بهم هم أنفسهم يتطوعون ويقدمون له الوسيلة التى يبحث عنها، وذلك بأن قدموا استقالات جماعية من مناصبهم، متصورين أن استقالاتهم سوف تؤدى إلى خلق حالة فراغ دستورى فى الدولة، فإذا بالسادات يقبلها جميعاً، وينتهى أمرهم تماماً!
وإذا كان هناك شىء، من بين أشياء بلا حصر يتعين أن تخضع قيادات جماعة الإخوان للمحاكمة بسببها، فهذا الشىء هو الغباء السياسى المطلق!
فمنذ أن أطاح الشعب بالرئيس المعزول، لا يتوقفون هم، ليس عن الكيد للدولة، كجهاز رسمى، وإنما يواصلون الكيد للشعب نفسه، وكأنهم، بغبائهم السياسى الذى لا نظير له، يريدون أن يقضوا على ما قد يكون قد بقى من تعاطف إنسانى لدى المصريين معهم، كجماعة، أقول «ما قد».. ولذلك تجدهم - مثلاً - يقطعون الطرق على المواطنين، ويعاقبونهم بلا ذنب، ويعطلون مصالحهم، ويصيبون سكان منطقة رابعة العدوية، وشرق القاهرة كلها، بالقرف والتعاسة، ليصب هذا كله، فى النهاية، فى اتجاه القضاء الكامل على أى ذرة تعاطف قد تكون باقية من جانب أى مواطن معهم!
ليس هذا فقط، وإنما تبدو هذه الجماعة، التى لا تتوقف كل يوم عن الدعوة إلى العنف، وكأنها تستحق جائزة على غبائها، إذا جاز للعالم أن يمنح جماعة من الجماعات جائزة فى الغباء.. فقد خرج واحد من المنتمين إليها التعساء، ليقول فيما يشبه المساومة المكشوفة مع الجيش، إن القوات المسلحة إذا تراجعت عن بيانها، الذى حمت به إرادة الشعب، فى مواجهة ممارسات رئيس ساقط، فإن هجمات الإرهاب فى سيناء سوف تتوقف!
نحن، إذن، أمام رجل يدين نفسه بلسانه، وأمام جماعة تعترف صراحة، على لسان واحد من منتسبيها، بأنها هى نفسها الطرف الثالث الذى كان يضرب فى سيناء، وفى غير سيناء، على مدى شهور مضت، ولم نكن نعرف من هو بالضبط؟!
لقد بلغ التشبث بالسلطة، عند جماعة الإخوان، حداً لم تجد معه حرجاً فى أن تفضح نفسها بنفسها، حين تقر علناً بأن الذين يهاجمون الأبرياء فى سيناء، إنما هم إخوان، أو على الأقل، على صلة بالإخوان، وأن الجماعة الإخوانية تستطيع وقف أى هجمات من هذا النوع، إذا دخلت الدولة معها فى مساومة، وفى فصال، حول إرادة شعب ضاق ذرعاً بالفشل والعجز على مدى عام كامل، من حكم خطيب جامع اسمه محمد مرسى، كان قد ضل طريقه إلى قصر الرئاسة!
بدلاً من أن تحاول الجماعة مراجعة نفسها، وتقييم أسباب فشلها، والتوقف أمام أسباب انفضاض المصريين من حولها، فإنها تجاهد، كل يوم، فى سبيل إنزال العقاب بهم، دون أن تنتبه إلى أن هذا المسلك منها إذا دام أكثر من هذا فإن طاقة المصريين على التحمل سوف تنفد، وسوف يخرجون ليطاردوا أى إخوانى فى أى ركن من أركان البلد!
* عن المصري اليوم