نبيل شرف الدين -
الانتحار السياسى للإخوان
منذ انهيار حكم الإخوان أصرّت الجماعة على سيناريو «الأرض المحروقة»، ففضلاً عن رفضها لجميع المبادرات والوساطات المصرية والأجنبية، أصّرت على مواجهة حدثت بخطة أمنية لم تنجح فى فضّ اعتصامى «رابعة والنهضة» فحسب، بل واجهت عمليات تفجير منشآت عامة وحرق أكبر عدد من الكنائس فى يوم واحد، ضمن مخطط الإخوان المعروف باسم «الأرض المحروقة» الذى يستهدف جر البلاد للحرب الأهلية والطائفية.
هرب قادة الجماعة بعدما دفعوا بأنصارهم المغرر بهم، وتلاحقهم أجهزة الأمن خاصة بعد توافر معلومات بأنهم يسعون لتنفيذ سلسلة اغتيالات وتفجيرات لتدخل مصر موجة جديدة من العنف كما حدث فى التسعينيات، يؤكد هذا ما عثرت عليه أجهزة الأمن من وثائق تضم قوائم اغتيالات تشمل قادة الجيش والأمن والساسة والإعلاميين وغيرهم، فضلاً عن منشآت حكومية وكنائس، كما يسعى القادة الهاربون لتنفيذ عمليات خطيرة فى سيناء وتعطيل الحركة بقناة السويس، وباختصار فقد بدأت مواجهة لن تتوقف بفضّ الاعتصامات، وسيصاحبها محاولة تسيير مظاهرات لتعطيل حركة الحياة بالقاهرة وشتى محافظات مصر، لهذا صدر قرار بحظر التجول.
ولا يرى الإخوان ما حدث صراعًا سياسيًا تحول لمواجهة دامية نتيجة إصرارهم على رفض الحلول السلمية، لكنها «المحنة الرابعة»، فقد كانت محنتهم الأولى باغتيال النقراشى فانتقم البوليس الملكى بتصفية المؤسس حسن البنا، والمحنة الثانية عام 1954 عقب محاولة اغتيال عبدالناصر فى المنشية بتواطئهم مع الاستعمار البريطانى، ثم جاءت قضية سيد قطب مُنظّر الجماعة الأشهر، وأستاذ مرشدها محمد بديع عام 1966، وصولاً للمحنة الرابعة 2013 بعدما أضاعوا فرصة تاريخية عقب وصول مرشحهم للرئاسة، لكن سياسات الجماعة والرئيس المعزول الفاشلة وسعيهم للتغول على مؤسسات الدولة السيادية، دفعت ملايين المعارضين فى 30 يونيو احتجاجًا على ممارستهم كرروا خطيئة مبارك بزعمهم أن الفوضى هى البديل لاستمرارهم بالسلطة، وبهذا فقد اتجهوا بسرعة جنونية نحو الانتحار السياسى، على نحو لم يكن يتوقعه أكثر خصومهم تشاؤمًا.