المؤتمرنت –تحليل سياسي –إعداد- عبدالملك الفهيدي - الإخـــــــوان..ونبــؤة الزعــيم !! ربما لم تتح الفرصة لأي زعيم عربي للتعامل مع حركة الإخوان المسلمين منذ نشأتها مثل ما أتاحته للرئيس اليمني السابق الزعيم علي عبدالله صالح رئيس المؤتمر الشعبي العام إلى الدرجة التي يمكن القول انه سبر أغوار وطريقة تفكير هذه الجماعة عبر مرحلة زمنية تمتد لثلاثة عقود هي فترة حكمه لليمن بشطره الشمالي قبل إعادة تحقيق الوحدة، ولليمن الموحد الجمهورية اليمنية منذ عام 90 وحتى تسليمه للسلطة العام 2011م.
لذلك لم يكن مفاجئاً أن يتنبأ الزعيم علي عبدالله صالح بسقوط مدوٍ للإخوان وعدم قدرتهم على الصمود في الحكم لأكثر من عام كما جاء في لقاء له مع قناة العربية في مارس 2011م حين تحدث عن الإخوان في مصر وتونس واليمن .
ماذا قال صالح عن الإخوان ؟!
على الرغم من أن المتابع للشأن السياسي اليمني ولتصريحات الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح قبيل ما يسمى بأحداث الربيع العربي سيجد أن صالح كرر أكثر من مرة أن الإخوان المسلمين لايملكون أي مشروع للحكم، وأنهم بلا خبرة إدارية أو سياسية، ولكن التصريحات التي أدلى بها لقناة العربية في مارس 2011م كانت هي الأكثر أهمية لتزامنها مع الأحداث التي شهدتها المنطقة آنذاك والتي عرفت بما يسمى بالربيع العربي واستطاع الإخوان المسلمون استغلالها للسيطرة على الحكم في بعض البلدان العربية .
صالح في اللقاء الذي بثته قناة العربية في 26 مارس 2011م والذي تزامن مع مرور أكثر من شهرين على اندلاع الأزمة السياسية في اليمن ،وجاء عقب سقوط نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي والرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك، وبدايةصعود التيارات الإسلامية هناك وسيطرتها على الحكم، أكد أن الإخوان المسلمون في العالم العربي كله لديهم نزعة للتهافت على السلطة والتمسك بها دون أية برامج للحكم .
وقال صالح في المقابلة: الإسلاميون سيكونون أكثر طوعاً للقوى الخارجية لأنهم في أجنداتهم (الحركات الإسلامية) الوصول إلى كرسي السلطة والتشبث بكرسي السلطة.
وتنبأ الزعيم علي عبدالله صالح في المقابلة بأن الإخوان المسلمين إن وصلوا إلى السلطة فإنهم لن يستمروا في الحكم أكثر من سنة مبرراً ذلك بعدم امتلاكهم لأية برامج أو خبرات وارتباطهم بمشروع الإرهاب العالمي الذي يقوده تنظيم القاعدة والذي تفرخ أصلاً من إطار حركة الإخوان المسلمين كما جاء في حديث صالح المشار إليه.
الزعيم صالح أشار أيضاًَ إلى أن الهم الوحيد والأساسي لدى حركة الإخوان المسلمين هو التهافت على السلطة والوصول إلى الحكم بأي وسيلة كانت، ملمحاً إلى القناعات التي يحملونها من أنهم خلفاء الله في الأرض وسعيهم لإقامة خلافة إسلامية يتولى المرشد العام لحركة الإخوان المسلمين الحكم فيها على مستوى الوطن العربي والإسلامي ،وهي الإشارات التي ثبت فيما بعد مصداقيتها من خلال التجربة الفاشلة لحكم الإخوان المسلمين لمصر لفترة زمنية لم تتجاوز العام فقط .
نبؤة صالح تتحقق !!
بعد عام ونيف تقريباً من حديث الزعيم علي عبدالله صالح لقناة العربية وتحديداً في شهر يونيو من العام 2012م أعلن فوز الدكتور محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة( الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر) برئاسة أكبر دولة عربية في 24 يونيو 2012م في انتخابات شابتها الكثير من الشبهات وبنسبة ضئيلة عن منافسة الفريق أحمد شفيق، ليتولى منصب رئيس جمهورية مصر العربية رسمياً في 30 من يونيو 2012م، ولم يستمر في حكم مصر سوى عام واحد حيث تم عزله بعد ثورة شعبية عارمة في 30 يونيو 2013م بعد عام من الفشل الذريع في الحكم، لتتحقق بذلك نبؤة الرئيس اليمني السابق الزعيم علي عبدالله صالح رئيس المؤتمر الشعبي العام من أن الإخوان المسلمين أن وصلوا إلى السلطة فإنهم لن يحكموا سوى عام واحد .
حكم الإخوان..حقائق أكدت نبؤة صالح !
لقد بنى الزعيم علي عبد الله صالح تنبؤاته بأن حكم الإخوان المسلمين لن يستمر لأكثر من عام على معطيات كثيرة ثبت مصداقيتها على ارض الواقع تماما .
الخضوع للقوى الأجنبية
وبالعودة إلى حديثه في قناة العربية عام 2011م قال صالح:إن الإسلاميين سيكون أكثر طوعاً للقوى الخارجية لأنهم في أجندتهم (الحركات الإسلامية ) الوصول إلى كرسي السلطة والتشبث بكرسي السلطة وهذا ما تحقق بالفعل ،فقد جاء وصول الإخوان إلى كرسي السلطة في مصر بدعم غربي كبير حيث يشير المحللون والسياسيون إلى أن فوز مرسي برئاسة مصر -والذي أثيرت الكثير من الشبهات حول وجود عمليات تزوير أدت لنجاحه- جاء بعد أن تلقى المجلس العسكري الذي كان يحكم مصر بعد سقوط مبارك ضغوط كثيرة بضرورة تسليم السلطة للإخوان.
ويؤكد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل هذه الحقيقة في حديث له في 5 يوليو 2013م ،حيث يقول:إن وصول الإخوان إلى السلطة في مصر تم ب”توجيه أمريكي بغير سند” .
ولفت هيكل إلى لقاء جمعه في وقت سابق مع وزير الدفاع السابق المشير محمد حسين طنطاوي قال له الأخير فيه تعليقا على وصول الإخوان إلى السلطة: “لا تتصور حجم الضغوط التي تمارس علينا” .
وتأكيداً لما ذهب إليه صالح عن وقوف الولايات المتحدة وراء الإخوان يقول هيكل :إن الولايات المتحدة ظلت تنظر إلى جماعة الإخوان باعتبارها تنظيماً إقليمياً ودولياً يحمل عوامل القوة، وأنه باستطاعته أن يخدم أهدافها في المنطقة دون كلفة، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة رفعت الفيتو على جماعة الإخوان منذ أحداث سبتمبر 2001 .
وروى هيكل كيف أخبره زعيم تركي مسؤول شارك في مفاوضات رفع الحظر الأمريكي على جماعة الإخوان، أن الإدارة الأمريكية حينذاك تلقت تأكيدات من الجماعة بأنهم سوف يكونون أكثر مباركية من مبارك نفسه .
وإلى جانب ذلك فقد شهدت علاقة الإخوان في مصر بل وفي العالم العربي والإسلامي عقب تولي الإخوان لحكم مصر تطوراً غير مسبوق انعكس في الدعم غير المحدود والصمت على كل الانتهاكات التي مارسها حكم الإخوان في مصر للحريات وحقوق الإنسان، وأعمال القتل، وعمليات الإقصاء لمختلف القوى السياسية المعارضة، وإصدار إعلانات دستورية رفضها الشعب المصري، وإصدار دستور غير توافقي انسحبت معظم القوى السياسية من اللجنة التأسيسية التي صاغته ،ويقول هيكل: وقال هيكل: إن مرسي ظل طوال عام من فترة حكمه يأخذ في اعتباره الموقف الأمريكي.
الإخوان ..لا مشروع تحرري ولا نزعة قومية
الزعيم علي عبدالله صالح أضاف في مقابلته مع قناة العربية: الإخوان لا عندهم مشروع لتحرير فلسطين من الاحتلال، وليس عندهم النزعة القومية بل عندهم نزعة التمسك بالسلطة، ولعل هذه الحقيقة واحدة من الحقائق التي أكد الواقع مصداقيتها، فقبل أن يصل الإخوان إلى كرسي الرئاسة في مصر أعلنوا تخليهم عن دعاويهم وخطاباتهم ضد إسرائيل واتفاقية السلام معها، وفور تولي مرسي الحكم بدأ بتوطيد علاقاته مع العدو الصهيوني من خلال الرسالة الشهيرة التي خاطب فيها نظيره الإسرائيلي بـ(عزيزي وصديقي العظيم)...وانتهت الرسالة بتوقيع الرئيس مرسي تحت عبارة ''صديقكم الوفي''.
ومصداقية لحديث الزعيم علي عبدالله صالح عن عدم وجود مشروع لدى الحركة لتحرير فلسطين ،لعبت حركة الإخوان الحاكمة في مصر وبالتنسيق مع فرعها في غزة (حماس) دوراً في إضعاف الدور التاريخي لمصر في دعم القضية الفلسطينية من خلال حصر اهتمامها بفلسطين بغزة فقط ودعم حركة حماس التي سيطرت على الحكم في القطاع بطريقة انقلابية أكدت تهافت الإخوان على السلطة مقابل أي ثمن حتى لو كان بيع قضية امة وشعب ووطن مسلوب .
وفي ذات الإطار لعب الرئيس الاخواني مرسي دوراً حاسماً في اتفاق التهدئة- سيء الصيت – الذي ألغى أي حق لحماس أو الفصائل الفلسطينية في ممارسة حق المقاومة ضد العدو الصهيوني، بل وأصبح مرسي ضامناً للاتفاق، ومن يومها لم تطلق حماس طلقة رصاص واحدة ضد العدو الصهيوني .
وظهر غياب النزعة القومية لدى حركة الإخوان المسلمين-كما قال الزعيم صالح - إبان حكمها لمصر، من خلال سعي مرسي لإضعاف الدور القومي لمصر في خدمة قضايا الأمة العربية لصالح مشروع الخلافة الإسلامية الذي يديره التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وانعكس ذلك بوضوح في غياب أي دور سياسي أو دبلوماسي لمصر في خدمة قضايا الأمة العربية على مدى عم من حكم الإخوان، وانحسار ذلك لصالح أدوار أدارتها دول داعمة للإخوان مثل تركيا وقطر ومن ورائها الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الغربية .
يقول هيكل إن الولايات المتحدة كانت ترى أن الإخوان هم “أحسن من يخدم أهدافهم ومصالحهم، استناداً إلى اعتقاد بأن التيار الديني هو المحرك الرئيسي للشعب المصري، فضلا عن مقاومة تيار الإسلام السياسي لفكرة الوطنية والقومية” .
الإخوان واضعاف دور مصر القومي
ولم يقف الأمر عند ذلك الحد بل سعى مرسي وحركة الإخوان المسلمين إلى توطيد علاقات مصر مع تركيا وإيران على حساب علاقاتها مع الدول العربية وفي مقدمتها دول الخليج التي ادخل مرسي مصر معها في صراعات وخلافات سياسية، بل وصل الأمر إلى حد تحويل مرسي لعلاقة مصر مع سوريا إلى ورقة سياسية حيث أعلن قطع علاقات مصر بسوريا في تجمع إسلامي في القاهرة منتصف يونيو الماضي عكس حقيقة انعدام أي نزعة قومية لدى الإخوان المسلمين، وهو القرار الذي قوبل برفض مختلف مؤسسات الدولة المصرية، وفي مقدمتها مؤسسة الجيش التي اعتبرت ذلك بعيداً عن خدمة الأمن القومي المصري والعربي سيما وأن مصر وسوريا كانت دولة واحدة في ستينيات القرن الماضي ،حيث يقول الكاتب الكبير هيكل: “تحدث مرسي مع الفريق السيسي قبل إلقاء الخطاب بساعات وأخبره بقراره، وأبدى السيسي تحفظات عليه لكن مرسي أخبره بأنه قد اتخذ القرار .
ويشدد هيكل معلقا على القرار بأن قرار مرسي بقطع العلاقات مع سوريا تجاوز به صلاحياته كرئيس للجمهورية؛ لأن قرارًا مثل هذا ليس من حقه ولا من حق أي رئيس، على حد قوله نصًا.
ونوه الكاتب الصحفي الكبير، إلى أن معنى قطع العلاقات مع سوريا خروج مصر من آسيا وانحصار دورها في إفريقيا ومواجهة مشاكلها في القارة السمراء منفردًا.
الإخوان والإرهاب ...وجهان لعملة واحدة
وثبتت مصداقية ما طرحه الزعيم صالح عن علاقة الإخوان بالإرهاب باعتبار تنظيم القاعدة لم يكن إلا مجرد تنظيم تم تفريخه من إطار حركة الإخوان المسلمين خلال عام من حكم الإخوان في مصر، حيث تم إفساح المجال لعودة العناصر الإرهابية من أفغانستان وتزايد حجم تواجدهم وعملياتهم ضد الجيش المصري في سيناء فضلاً عن إفراج مرسي عن عناصر إرهابية بمشاركة في قتل الجنود المصرين والعمليات الإرهابية،وهو ما أكده هيكل في إحدى تصريحاته حيث ذكر أن حكومة الإخوان حاولت تأمين دخول 3000 مجاهد أفغاني لمصر فتصدّى لهذا الغزو قوات الجيش المصري. وتأكدت هذه الحقيقة بشكل أكبر من خلال لجوء حرمة الإخوان المسلمين إلى العمليات الإرهابية عقب الإطاحة بحكمهم في 30 يونيو 2013م حيث أعلن القيادي الاخواني الدكتور محمد البلتاجى أن العمليات التي تحدث في سيناء ستتوقف في نفس اللحظة التي يعود فيها الرئيس مرسي إلى الحكم.
الإخوان...حركة بلا رؤية أو برنامج
رؤية الزعيم صالح الثاقبة عن عدم امتلاك الإخوان لأية برامج أو رؤى اقتصادية أو إدارية انعكست بوضوح في فشل ذريع خلال عام واحد من حكمهم لمصر على المستوى الاقتصادي الذي شهد شبه انهيار فضلاً عن عجز مرسي تحقيق أي وعود كان سبق وأعلن أنه سيحققها خلال 100 يوم .
ومثل تعامل مرسي وحكومة الإخوان مع أزمة مياه النيل وبناء أثيوبيا لسد النهضة ،اكبر دليل على انعدام أية رؤية أو خبرة سياسية او دبلوماسية لدى الإخوان المسلمين ،وعكس الاجتماع الشهير الذي بث على الهواء مباشرة قمة في الإفلاس السياسي لدى الحركة في التعاطي مع اخطر قضية تهدد الأمن القومي لمصر .
وعلى الجانب الثقافي شهدت مصر في عهد حكم الإخوان حملات شرسة ضد الفن والفنانين والمثقفين والشعراء ،وحاول محامون ينتمون إلى حركة الإخوان المسلمين إقامة دعاوى قضائية ضد بعض الفنانين مثل عادل إمام،كما شهد حكم مرسي أساءت وتشهير غير مسبوق ضد الفنانات المصريات أمثال الهام شاهين،إلا أن القضاء المصري انتصر للفن ضد الإخوان ،وهو الأمر الذي أزعج الاخيرين فقادوا معركة ضد مؤسسات القضاء المصري في محاولة منهم لاخونته إلا أن تلك المعركة انقلبت ضدهم بسبب وقوف الشعب المصري بأسره إلى جانب المؤسسات القضائية المشهود لها بالنزاهة طوال عقود من الزمن .
خبرة صالح ...وعويل الإخوان
ويمكن القول أن تنبؤات صالح التي صدقت بخصوص الإخوان المسلمين لم تأت من فراغ، وإنما جاءت انعكاساً لخبرته في التعامل مع الإخوان المسلمين في اليمن وعلاقته معهم ومن خلالهم مع إخوان مصر وسوريا والسودان وفلسطين (حماس)، ومعرفته وتشخيصه الدقيق لإمكانيات قيادات الإخوان سواء في الصف الأول أو الثاني، وإنهم لا يحملون أي مشروع سواء في الجانب الاقتصادي أو الإداري أو السياسي أو الدفاعي والأمني أو في التعامل مع الناس.
ويعتقد الخبراء والمحللون السياسيون أن على فروع حركة الإخوان المسلمين الذين يملأون الدنيا ضجيجاً وعويلاً على فشل عناصر الإخوان في مصر أن يقبلوا بالنتيجة التي وصلوا إليها هناك والتي لم تكن إلا تعبيراً عن إرادة شعبية عبر عنها عشرات الملايين الذين خرجوا في كل مدن ومحافظات مصر رفضاً لسياسات الإخوان المسلمين والحكم الكهنوتي الإرهابي.
ويرى المحللون أن التشنج الذي ظهر به الإخوان سواء في مصر أو اليمن أو قطر أو غيرها من الأقطار كرد فعل انهزامي على سقوط مشروعهم في الحكم وتأسيس الخلافة الإسلامية ورهن القرار العربي إلى إدارة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين من خلال محاولتهم تصعيد الأمور إعلامياً أو اللجوء إلى أعمال العنف أو محاولة استمالة القوى الغربية والخارجية لمساندتهم لم يعد ينفعهم ذلك لأن هذه الوسائل لن مجدية أمام تيار الإرادة الشعبية العارمة في كل الوطن العربي الذي يقف اليوم موقفاًَ موحداً في وجه إرهاب وعنف وفوضى وفشل الإخوان المسلمين في الحكم وإدارة شئون الدول التي وصلوا إلى كراسي السلطة فيها باستغلال ما سمي بموجه الربيع العربي .
وثمة إجماع أن لجوء تلك الجماعات إلى استخدام العنف والاعتداء على المؤسسات العامة والمنشآت الحيوية ودور العبادة وقتل رجال الجيش والشرطة وممارسة أعمال الإرهاب في عدد من مناطق مصر وغيرها سيجعلهم عرضة للمساءلة القانونية والشرعية والشعبية .
سقوط حركة ...وتحالف عربي مناهض للغرب
وفيما يؤكد المحللون والسياسيون أن مسرح العنف الذي نفذه الإخوان في جامع الفتح قد آذن بنهاية الحركة ،وبنبذ المجتمع المصري والعربي لها ،ومثل مؤشراً على سقوطهم الديني والأخلاقي والاجتماعي والسياسي ،في الوقت نفسه يرى المحللون أن حالة العويل والنحيب التي تمارسها فروع حركات الإخوان المسلمين في بعض الدول مثل تونس واليمن وقطر وتركيا ،وغيرها تعكس حالة من الإدراك لدى التنظيم الدولي للإخوان وفروعه بالانعكاسات السلبية لسقوط الجماعة في معقلها في مصرعلى حركة الإخوان في تلك الدول من ناحية من ناحية الإفلاس الشعبي ،وتذمر الجماهير منها ،ومن ناحية ثانية مدى ما يمثله السقوط المخزي للحركة في مصر على مشروع الاسلمة والحلم بتكوين خلافة إسلامية ظلت الجماعة تستخدم مختلف الوسائل والأساليب لتحقيقها على مدى ثمانين عاماً بما في ذلك اللجوء إلى وسائل الإرهاب والعنف والقتل والتكفير والفوضى،وصولا إلى الاستقواء بالخارج والاتكاء على الدعم الغربي لها في الوصول إلى الحكم حتى لو كان ثمن ذلك بيع الأهداف والمبادئ التي ظلت الجماعة تتشدق بها طوال عقود من الزمن كقضية تحرير فلسطين .
ويؤكد المحللون هذه الحقيقة بالإشارة إلى أن القائد العام للقوات المسلحة المصرية الفريق أول عبدالفتاح السيسي في خطابه يوم 18 أغسطس بدا واثقا ومنتصرا وقائدا محنكا يتملك ثقة الشعب المصري ويؤتمن على حرية اختيار المصريين لمن يحكمهم حسب خارطة الطريق المعتمدة بعد مرحلة الإخوان.
ويضيفون :وبات من الواضح بأن الرأي العالمي قابل للتغير لصالح الوضع الجديد بعد امتصاص الجيش والأمن للموجة الأولى من الفوضى والعنف والإرهاب الشامل وترجيح الموقف السعودي والعربي في شكل تحالف جديد مناهض للأجندة الغربية المرسومة للمنطقة التي تريد أن تخرب آخر حائط يستند عليه العرب وهو مصر ومؤسستها العسكرية والأمنية ودولتها المدنية،وهو ما بدأت أولى بوادره في تحرك الدبلوماسية السعودية أوروبيا بالاتفاق مع فرنسا على منح خارطة المستقبل في مصر فرصة ،فضلاً عن توالي التأييد العربي الشعبي والرسمي لموقف السعودية إلى جانب مصر وإرادة شعبها في مواجهة الإرهاب والتطرف والعنف .
ويؤكد المحللون أن السقوط الكارثي لحركة الإخوان المسلمين تجسد واقعا في عجزهم عن استيعاب ومعالجة وتقييم وضعهم الجديد الذي استحضروا فيه الغيبيات بدلا من استحضار الشروط السياسية الواقعية،واثبتوا اغترابهم الفكري والسياسي والاجتماعي وانزوائهم التنظيمي والإيديولوجي وعزلتهم الاجتماعية.
|