يونـس هـزاع حسـان -
جـــدلية الشرعية والشريعه (2)
عدد قليل لا يتعدى أصابع اليد من الاقطاب المعروفه بالتطرف والتعصب الاعمى يعبرون عن قلق مفتعل على الشريعه يخفي خوفهم من نجاح مؤتمر الحوار الوطني الشامل ... كلما اقترب الحوار من نهاياته الحاسمه التي تتحدد فيها هوية الدوله ، وشكل النظام السياسي والانتخابي تتعالى الاصوات ويتردد صداها في أروقة المقايل ، والمنابر ، والقباب ، والمآذن فيوشكون أن يفقدوا صوابهم ..
لو لم نكن نعرف جيدا تلك الاصوات التي كانت قد أعلنت مسبقا رفضها للحوار وقوامه ، ونتائجه .. وتهديدها بعقد مؤتمرات وفعاليات موازيه اذا لم يتم اعتمادها كمرجعيات دينيه تفسر مضامين الحوار واجراءاته – لو لم نكن نعرف تماما تلك الاصوات ـ التي تشعر وتحس بتراجع تأثيرها ونفوذها وتضاءل أحجامها أمام كل تقدم تحرزه عملية الحوار لأعتقدنا فعلا بأن الشريعة في خطر ..
لو لم نكن نعرف أن المشاركين في الحوار 565 مشاركا( يمنيا ، ويمنيه) ، عربيا ، مسلما .. لا نشك في حرصهم على الشريعة والقيم والاخلاق والفضيله حرصهم على حدقات أعينهم .. لو لم تكن جلسات الحوار ، وفعالياته ، ونقاشاته تبث مباشرة عبر وسائل الاعلام المرئي ، المسموع ، المقروء وتتابعها كافة فعاليات الشعب وبكل شفافيه لاعتقدنا أن الشريعة فعلا في خطر .
لو لم يكن مؤتمر الحوار يضم في قوامه ممثلين عن كافة الاحزاب اليمنيه ، والفئات الشعبيه ، وشخصيات دينيه معروفه ومشهود لها بالحرص على الاسلام والمسلمين لاعتقدنا أن الشريعة فعلا في خطر ..
لقد عرفناهم جيدا وعرفهم شعبنا ذلكم الاصوات التي عادة ما ترتفع كلما تقدمت مسيرة التغيير للامام لانها لا ترتفع حرصا على الاسلام لكنها ترتفع لتحدث ضجيجا بقصد خلط الاوراق وعرقلة المسيرة للانشغال بها بدلا عن الاستمرار في التوجه للامام .. انهم يعزفون نفس النغمه النشاز ، نفس الاسطوانة المشروخه والتي أصبحت لا تعني لنا شيئا سوى اقامة الدليل الذي يجعلنا أكثر اطمئنانا ويقينا بأن المسيرة تسير في الطريق الصحيح ولنواصل بثقة أكبر .
شخصيا .. لا أعتقد أن هناك يمنيا واحدا ، أو مشاركا واحدا ( رجلا ، أو امرأه ـ شابا ، أو مسنا ) يرى بأن ثمة خلاف أو اختلاف حول أن الاسلام هو دين الشعب اليمني الذي يعتنقه السواد الاعظم من اليمنيين واليمنيات ، فذلك ليس موضع نقاش أو حوار ، ولا يستلزم الفتوى من أحد .. ولسبب بسيط أننا ندرك جيدا بأن ليس هناك أفضل من الاسلام الذي ننتمي اليه ، ونفتخر ونعتز بهذا الانتماء .. فكلنا مسلمين بالفطره والاعتقاد .
لقد تقدم الحوار تقدما ملموسا لصالح المشروع النهضوي عندما توافق المتحاورون على شكل الدولة اليمنية الاتحاديه ، واقرار القائمة النسبيه كنظام انتخابي ..
وشتان بين الدين والدستور .. فالدين هو دين الشعب ، بينما الدستور هو وثيقة تنظم شئون الدوله والعلاقة بين السلطات ، شكل النظام السياسي .. فهو يضع الاتجاهات والمحددات والاطر العامه التي بموجبها تصدر القوانين ، والانظمة والسياسات والتي يفرض واقع الحال أنها ستخضع للنقاش في البرلمان المنتخب من هذا الشعب اليمني العربي المسلم .
ان الشريعة الاسلامية هي جزء لا يتجزأ من قيم الشعب اليمني بينما الدستور قيمه مضافه قابله للتعديل ، والاستفتاء ، والتطوير بما ينسجم مع متطلبات واحتياجات الشعب ..
سواء نص الدستور على أن الشريعة الاسلامية هي المصدر الاول ، أو الوحيد ، أو الرئيسي للتشريع أو لم ينص فان ذلك لن يغير شيئا في الواقع طالما أن القرآن الكريم ،والسنه النبوية ثابتا دينيا نقدسه جميعا .. فنحن نقدس ديننا .. بينما نحترم الدستور .. ومن ثم نلتزم بالقوانين ، هذا هو الفرق بين الدين الذي نقدسه والدستور الذي نحترمه .. والذي يعني التزام اليمن باعتبارها عضو في المجتمع الدولي ، والامم المتحده ، والمنظمات الاقليميه العربيه والاسلاميه والدوليه بالمواثيق والمعاهدات والاتفاقيات بما في ذلك تلك الاتفاقيات الثنائيه التي يعتبر طرفا فيها ..
[email protected]