المؤتمرنت - حصول الأردن على مقعد بمجلس الأمن يعزز من مكانته على خارطة العالم جمع خبراء سياسيون أردنيون على أن فوز الأردن بمقعد غير دائم بمجلس الأمن يؤكد المكانة التي يحظى بها في العالم جراء "سياساته المعتدلة ودوره المحوري الوسطي" في التعامل مع القضايا العالمية والشرق أوسطية...مؤكدين أن "منصب الأردن الجديد سيصب في مصلحة القضايا العربية مثل فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي والأزمة في سورية".
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد صوتت أمس (الجمعة) على قبول ترشيح الأردن لشغل هذا المقعد، حيث حصل على ثقة ودعم 178 دولة من أصل 183 دولة حضرت الاجتماع وشاركت بالتصويت.
وسيتولى الاردن هذا المقعد المخصص للمجموعتين العربية والاسيوية والمحيط الهادي اعتبارا من مطلع العام المقبل 2014 ولمدة عامين، حيث من المقرر أن يتولى الأردن رئاسة مجلس الأمن فور توليه هذا المقعد حسب الترتيب الأبجدي المتبع في المجلس.
وقال المندوب الدائم في الأمم المتحدة الأمير زيد بن رعد في تصريحات صحفية اليوم (السبت) أن هناك مهاما كبيرة وكثيرة تنتظر الأردن وملفات ضخمة في مقدمتها ملف القضية الفلسطينية وقضية القدس وحصار قطاع غزة والملف السوري بجانبيه السياسي والإنساني وما يتعلق بالاسلحة الكيماوية، إضافة إلى ملفات أخرى كالعراق والصحراء الغربية واليمن.
وأضاف أن هذه الملفات تتطلب المزيد من الدبلوماسية، حيث أنها تشكل ما يقرب من 20% من عمل مجلس الأمن وبقية الملفات تتضمن حروبا أهلية وقضايا اساسية في إفريقيا.
وأكد رعد أن الأردن لديه خبرة كبيرة في هذه الملفات لوجود قوات حفظ سلام أردنية في تلك المناطق كما أن لديه خبرة في عملية بناء السلام في إفريقيا.
وأشار إلى أن هناك 81 بندا على جدول أعمال مجلس الأمن الذي يترأسه الأردن، اعتبارا من الأول من شهر يناير المقبل، كما أن هناك 15 لجنة عقوبات سيكون الأردن عضوا في كل لجنة فيها، كما سيترأس لجنة عقوبات ليبيريا والكونجو الديمقراطية.
وسيكون على جدول مجلس الأمن قضايا أخرى مثل مكافحة الإرهاب وإصلاح أجهزة هيئة الأمم المتحدة.. وقال نحن متفائلون بالرغم من أن التحدي كبير والمهام جسيمة، مؤكدا أن الأردن سيولي قضايا أمته العربية والإسلامية أهمية خاصة تلك التي تمسه بشكل مباشر.
من جانبه اعتبر رئيس الوزراء الأردني الأسبق عدنان بدران حصول الأردن على مقعد في مجلس الأمن ضرورة ليست أردنية فحسب بل عربية، ذلك أن خطوة أن يمثل العالم العربي في مقعد بمجلس الأمن كالأردن مسألة غاية في الأهمية تأتي لصالحنا وللصالح العربي.
وأشار بدران إلى أن الأردن كدولة عرفت بمواقفها المتوازنة المعتدلة من كافة القضايا ومن كافة الدول، بات حضوره في مؤسسة دولية أداة مهمة في عمليات السلام والبؤر والتوترات التي تجري حاليا في العالم وأن يأخذ الأردن مقعدا في المجلس الذي يقرر سياسات العالم ويفض النزاعات الدولية كل هذا يعطيه مركزا متميزا في بناء السلام على مستوى العالم، كما انه سيميزه في دعم سياسات الاتزان خاصة أن الأردن يتبع سياسة وسطية ليست متطرفة تحصل دوما على احترام العرب والعالم، بالتالي هي حالة سياسية فريدة تعزز الحضور الأردني سياسيا وكذلك تدعم سياسات الاتزان والاعتدال.
وشدد بدران على أن وجود مقعد للأردن في مجلس الأمن حتى وإن كان غير دائم سيعطي دفعة له ليكون طرفا لحل النزاعات وأيضا سيعطي دفعة للدول العربية في إيصال قضاياها من خلال دولة متزنة كالأردن وقادرة على حماية وصون القضية العربية أيا كانت .
من جانبه اعتبر وزير الثقافة الأردني الاسبق صلاح جرار أن الأردن من أكثر الدول العربية قدرة على إيصال الصوت العربي للعالم بصورة متزنة وبشكل يلقى فيه اذنا صاغية، لما يتمتع به الأردن من ثقة دولية بآرائه ومواقفه الثابتة والمعتدلة.
وشدد جرار على أن الأردن يتمتع بمكانة عالمية كبيرة ورأيه يحترم ويؤخذ به وبالتالي فإن وجوده في مجلس الأمن يساعد في خدمة القضايا العربية خاصة المزمنة منها، لذا فإن حصوله على المقعد كما هو مصلحة أردنية وطنية هو أيضا لمصلحة العرب وقضاياهم كافة.
ورأى جرار أن هذا الموقع يعد خطوة مهمة جدا لصالح القضية الفلسطينية سيما أن الأردن عرف دوما بأنه الدولة العربية التي تقود دفة إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأنه من أكثر الدول العربية التي تدافع عن القدس في ظل وجود ارتباط تاريخي بهذه القضية وبين الأردن وفلسطين، بالتالي فإن هذا الموقع سيكون أيضا لصالح الفلسطينيين وسيكون له تأثير ايجابي يتيح الفرصة للتدخل في كل وقت لحماية المقدسات والقدس والسعي لإعادة إحياء عملية السلام.
من جهته اعتبر وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني ناصر جودة اختيار الأردن لمنصب مقعد مجلس الأمن اعترافا من الدول وشعوبها بدور الأردن وتاريخه المشرف فضلا عن انجازات الأردن ومشاركته في السعي نحو احلال السلام في المنطقة والعالم والتي تتمثل ايضا في عمليات حفظ السلام.
وقال جودة في حوار خاص مع راديو الامم المتحدة "هذا إجماع دولي نقدره وتحترمه ونفخر به عندما أتحدث عن 178 صوتا فهذا اعتراف بمكانة الأردن ومكانة جلالة الملك عبدالله الثاني بين زعماء وقادة العالم وبين دول العالم وشعوبها، وهذا يبني على تاريخ مشرف وإنجازات كبيرة للأردن ومشاركة بالقول والفعل في تطبيق مفاهيم ومبادئ الأمم المتحدة من خلال السعي نحو إحقاق السلام عبر مبادرات مختلفة في منطقتنا وخارج المنطقة وكذلك مشاركتنا الفاعلة والمؤثرة بالمضمون والحجم بعملية حفظ السلام في العالم".
وفي هذا السياق قال وزير الإعلام الاردني السابق الدكتور نبيل الشريف "يعد تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح قبول الأردن عضوا في مجلس الأمن انتصارا كبيرا للدبلوماسية الأردنية التي يقودها جلالة الملك، واعترافا بمحورية الدور الأردني إزاء العديد من الملفات المهمة التي سيتناولها مجلس الأمن بالبحث والنقاش خلال الشهور القادمة".
علاوة على ذلك، يضيف الشريف، "اتسمت الدبلوماسية الأردنية بالحكمة والانضباط والابتعاد عن المواقف الحادة، وغلبت عليها سمة البحث عن الصيغ التوفيقية ونقاط التلاقي، وهذا ما أكسبها احترام وتقدير العالم، فالأردن هو صوت العقل والحكمة الذي لا يدفعه الشطط إلى اتخاذ مواقف حادة تكسبه عداوة هذا الطرف أو ذاك".
وأمضى الشريف قائلا "علاقة الأردن بالأمم المتحدة علاقة قديمة ومستمرة، فعضويته فيها تعود إلى العام 1955، وهو عضو نشط في منظماتها ولجانها المختلفة، إضافة إلى دوره المشهود له في جهود الأمم المتحدة في حفظ السلام وفض النزاعات في مختلف بقاع العالم، فأبناء قواتنا المسلحة البواسل يقومون بدور مشرف في نشر الأمن والسلام في العديد من مناطق الصراع على امتداد مساحة الكون مرتدين القبعات الزرقاء للأمم المتحدة".
من جانبه قال الكاتب السياسي محمد علي وردم إن حقيقة المواقف الأردنية في مجلس الأمن سوف تظهر أمام العالم في قضايا مهمة مثل سوريا والبرنامج النووي الإيراني ومصر وإسرائيل وغيرها. وربما يكون من حسن حظ الأردن أن معظم هذه الملفات باتت قابلة للحل باستثناء الصراع في سوريا والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
وأضاف أن وجود الأردن في مجلس الأمن سيعطيه ميزة دبلوماسية مهمة قد يستخدمها لمصلحة الدول العربية وشعوبها في حال تم إدارة الفرصة بشكل جيد.
ومن أهم القضايا الممكن طرحها مسألة تهويد القدس والمقدسات الدينية بالإضافة إلى قرارات تهجير عرب النقب وغيرها من الملفات الساخنة التي تتطلب عملا دبلوماسيا حثيثا وناجحا يكرر التميز الذي حققه الأردن منذ سنوات في قضية الجدار العازل في الجمعية العامة للأمم المتحدة.. وقال إن وجود الأردن في مجلس الأمن سيمنحه أيضا فرصة اتخاذ قرارات مناسبة فيما يتعلق بالقضايا الدولية التي تتطلب نوعا من "المقايضة" بالمواقف بين الأردن ودول وتجمعات مؤثرة أخرى وفي حال تم إدارة هذه المنظومة من العلاقات الدولية بطريقة احترافية وتتضمن قيما سياسية عالية سيحقق ذلك أيضا نجاحا دبلوماسيا مهما للأردن.
وعلى الصعيد الداخلي قال وردم " ان وجود الأردن في مجلس الأمن في السنتين القادمتين سيجعله قادرا على الضغط في الساحات الدبلوماسية الدولية لتخفيف الأعباء المترتبة على استضافة اللاجئين السوريين في الأردن وأثر ذلك على الاقتصاد الأردني وربما يساهم في المزيد من الدعم الدولي لإغاثة اللاجئين ودعم الاقتصاد".
وختم الكاتب وردم أنه على الأردن إدراك مدى المسؤولية الملقاة على عاتقه في هذا المجلس الذي قد يتخذ قرارات في غاية الأهمية حول المنطقة قد تتضمن التدخل العسكري وفرض العقوبات الاقتصادية وغيرها من القرارات ذات الطبيعة الإشكالية.
وكشف دبلوماسيون من منظمة الأمم المتحدة الشهر الماضي إن دولة الأردن ستشغل المقعد المؤقت في مجلس الأمن الذي كانت جارتها السعودية قد رفضته بعد ساعات من ترشيحها له.
وأضاف الدبلوماسيون أن الحكومة الأردنية كانت مترددة في قبول ذلك المقعد، إلا أن السعوديين تمكنوا من إقناعها بشغله.
وكانت المملكة العربية السعودية قد انتخبت في الـ17 من اكتوبر الماضي للمرة الأولى عضوا غير دائم في مجلس الأمن الدولي.
إلا ان المملكة اعلنت رفضها شغل المقعد التابع لمنظمة الأمم المتحدة وذلك بعد ساعات من وقوع الاختيار عليها لتشغل المقعد للمرة الأولى في تاريخها.
وأعلنت الخارجية السعودية الجمعة اعتذار المملكة عن قبول العضوية بسبب "ازدواجية المعايير" في المجلس وفشله خصوصا ،بحسب الخارجية ،في حل القضية الفلسطينية والنزاع السوري وجعل الشرق الأوسط خاليا من أسلحة الدمار الشامل.
وذكر بيان رسمي للخارجية أن "آليات العمل وازدواجية المعايير الحالية في مجلس الأمن تحول دون قيام المجلس بأداء واجباته وتحمل مسؤولياته تجاه حفظ الأمن والسلم العالميين على النحو المطلوب".
واعتبر البيان أن هذا الواقع أدى إلى "استمرار اضطراب الأمن والسلم واتساع رقعة مظالم الشعوب واغتصاب الحقوق وانتشار النزاعات والحروب في أنحاء العالم".
وأشارت الخارجية خصوصا إلى "بقاء القضية الفلسطينية دون حل عادل ودائم لخمسة وستين عاما" ...معتبرة أن ذلك نجم عنه "حروب عدة هددت الأمن والسلم العالميين".
كما أشار البيان إلى "فشل مجلس الأمن في جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل سواء بسبب عدم قدرته على إخضاع البرامج النووية لجميع دول المنطقة دون استثناء للمراقبة والتفتيش الدولي أو الحيلولة دون سعي أي دولة في المنطقة لامتلاك الأسلحة النووية" ،في اشارة ضمنية إلى إسرائيل وإيران.
وفازت السعودية بالمقعد إلى جانب تشاد وتشيلي وليتوانيا ونيجيريا وهي الدول التي انتخبت أيضا أعضاء غير دائمين في مجلس الأمن لدورة تستمر سنتين بدءا من أول أيام العام المقبل.
يذكر أن النظام السعودي يعتبر من أهم الشركاء السياسيين للولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.
سبأ |