عبده محمد الجندي* - يا هؤلاء.. تبريركم غير مقبول..!! لم تكن اليمن بحاجة إلى قرار دولي يفرض العقوبات على الجماعات والتجمعات والأفراد تحت تهديد الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بعد أن أجمع المتحاورون على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وعلى التمديد لفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي ما هو بحاجة اليه من الوقت لتنفيذ ما تبقى من المهام التي نصت عليها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، لأن وضع اليمن تحت هذا البند عملية مخيفة بقدر ما هي مثيرة للجدل قياساً بما حدث لبعض البلدان التي عوقبت تحت هذا الفصل الذي يجيز للمجتمع الدولي الدول الدائمة العضوية حق استخدام كل أنواع القوة.. لأنه لا يوجد في اليمن ما يهدد السلم والأمن الدوليين.
أقول ذلك وأقصد به أن ما تروج له بعض أحزاب المشترك من احتفالات بهذه المناسبة أمر يدعو الى الاستغراب والأسف، لأن خلافها مع الرئيس السابق ومع أنصار الله لا يبرر اللجوء الى مثل هذه الاساليب طالما كان بمقدور الدولة ان تستعيد الأموال المنهوبة وتعاقب من تصفهم بالمعرقلين للتسوية السياسية بحكم ما تمتلكه من القوة والأجهزة الأمنية والشرعية الدستورية والقانونية.
قادة المشترك الذين يقودهم «الاخوان» قد أصيبوا بنوع من مرض عدم القدرة على التمييز مثلهم مثل خطباء المساجد وفقهاء «الإصلاح» الذين يؤكدون أنهم مستعدون لمعاقبة شعبهم بالفصل السابع بحكم قدرتهم على التبرير والتأويل أنه يستهدف الأفراد ولا يستهدف الوطن والشعب، وهذه سابقة قلما حدثت في تاريخ الإسلام والمسلمين على الإطلاق، لأن للفصل السابع مخاوف سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية وأمنية لا تحصى، ومعنى ذلك أن الشعب المصري الذي أسقط نظامهم السياسي بذلك الخروج المشرف كان قد أدرك ضعف إخلاصهم وضعف وطنيتهم وانهم لا يؤمنون الا بأنفسهم وبما لهم من المصالح الأنانية وانهم يسخرون الدين لخدمة السياسة، وإن العمالة لديهم قابلة للتأويل والتبرير السياسي والديني.
أنا أؤكد من خلال معرفتي بما يفكر به الزعيم علي عبدالله صالح أنه لم يعد يرغب بالعودة الى السلطة مرة ثانية بعد أن حكم اليمن 33 سنة قدم لها أفضل ما عنده من الطاقات والامكانات المادية والمعنوية وان غاية ما يحلم به أن يرى اليمن تنعم بالأمن والاستقرار وبالديمقراطية وبالوحدة وبالتنمية الاقتصادية والاجتماعية المحققة للتقدم والرقي والازدهار الحضاري.. الذين لا يروق لهم بقاؤه رئيساً للمؤتمر الشعبي العام هم الخطر الحقيقي على رئيس الجمهورية وهم إذ يريدون الاستفادة من عهده يشعرون أن الخلاص من الرئيس السابق الذي استخلفه بداية ملحة للخلاص منه والاستيلاء منفردين على السلطة والثروة حتى ولو كان الثمن المقايضة على الثوابت وعلى السيادة الوطنية، لأنهم لا يثقون بالشعب ولا يركنون لإرادته الحرة في أية عملية انتخابية قادمة نتاج خوفهم من شعبية الرئيس السابق هو ما جعلهم يستخدمون كل الأساليب والوسائل المشروعة وغير المشروعة للخلاص منه.
هم يعلمون أنه لن يرشح نفسه مرة ثانية بحكم ما وصل اليه من اقتناع من جهة وبحكم ما ينص عليه الدستور النافذ وحتى الدستور الجديد المنتظر من تحديد الفترة الرئاسية للرئيس الواحد لدورتين انتخابيتين، ورغم ذلك نراهم يخافون من دعمه لأي مرشح ينتمي الى حزب المؤتمر الشعبي العام.
بذلك نجدهم في حالة جاهزية لإغراقه بالتهم الكيدية والعقوبات الدولية الرادعة وقد وصل بهم الخوف والدجل الى حد الخلط بينه وبين الوطن والشعب، مبررين وضعهما تحت الفصل السابع انه يطبق على المخالفين للتسوية السياسية ولا يطبق على الوطن والشعب اليمني.. متناسين ما حدث في العراق وما يحدث في ليبيا من الخراب والدمار ومن العنف والارهاب الذي تحول فيه أبناء هذه الشعوب والبلدان النفطية الى فقراء ومعدمين يبحثون عن المساعدات الإنسانية من الدول الأقل منهم ثروات نفطية، وإذا كان الدخول تحت هذا الفصل يحتاج الى إجماع دولي فإن الخروج منه يحتاج الى نفس الاجماع.
والمؤسف أن هذا القرار الدولي جاء وليد معلومات خاطئة وتقارير صورت اليمن بأنه يهدد الأمن والسلم الدوليين في الوقت الذي خرج فيه الجميع من مؤتمر الحوار متفقين وأكد فيه رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور ها دي بأنه لم تعُد هناك حاجة الى الانشغال في الماضي وما حدث فيه من الصراعات والنزاعات والحروب المصاحبة للأزمة السياسية بعد نجاح مؤتمر الحوار الوطني بإجماع كافة القوى المشاركة فيه وفي المقدمة المؤتمر الشعبي العام.. وأصبحت رئاسة صالح جزءاً من التاريخ غير قابل للإلغاء والمصادرة من أية قوى وطنية ودولية مهما كان جبروتها بعد أن انتهت الأزمة السياسية وبعد أن استبشر الناس بمستقبل افضل وفي دولة مدنية حديثة وقادرة على تحقيق ما يراودهم من التطلعات والأحلام السياسية والاقتصادية والاجتماعية بداية من تسمية وتحديد عدد الأقاليم وتوسيع حكومة الوفاق الوطني ومروراً بتشكيل لجنة صياغة الدستور والاستفتاء عليه ونهاية في إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
أقول ذلك وأقصد به انه لم يعد هناك مجالٌ للدخول في عقوبات دولية مستفزة تضع اليمن تحت الوصاية الدولية القاسية التي نص عليها الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة قد ينتج عنها إعادة البلاد الى مربع الأزمة السياسية التي شارفت على الانتهاء بعد أن اتفق الجميع على مخرجات الحوار الوطني لأن البحث عن النجاح يستوجب عدم اللجوء الى عقوبات غير مبررة بحق اشخاص وتكوينات وكيانات يتهمونها ظلماً بعرقلة التسوية السياسية لأن وضع البلد تحت عقوبات الفصل السابع لا تخدم سوى الارهابيين الذين يخدعون الشعب بأن البلاد أصبحت خاضعة لهذا النوع من الوصاية الدولية.. قد يشعر مجلس الأمن أنه أخطأ بعد أن يكتشف أن قراره أصبح مادة خصبة للمتطرفين والارهابيين، لأن ما تدعيه القاعدة من ارتهان الوطن والشعب للقوى الاستعمارية سوف يستند الى مبررات حقيقية..أقول ذلك وأقصد به أن التصرفات اللامسؤولة لبعض الأحزاب المؤيدة للقرار تفتقد الى المصداقية والمسؤولية وتؤثر سلباً على ما تحقق من الثقة بين جميع الاطراف المعنية بحل الأزمة.
من المؤكد أن مجلس الأمن الدولي الذي وضع العقوبات تحت الفصل السابع قد راودته الشكوك بعدم حيادية السيد جمال بن عمر من خلال تشكيل لجنة ولجنة خبراء لجمع المعلومات حول المعيقين للتسوية السياسية وذلك ما جعله يطلب من الأمين العام بإلزام مبعوثه بالعمل مع سفراء الدول الراعية للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة.
وهذا يحتم على جميع المتهمين زوراً القيام بحركة سياسية نشطة لتأكيد براءتهم من التهم الكيدية التي وردت في تقرير المبعوث الأممي التي وصلت حد اتهام من يطلق عليهم بأتباع النظام القديم وفي مقدمتهم الرئيس السابق بأنهم يعملون جاهدين على إعاقة التسوية السياسية متهماً إياهم بأنهم وراء قطع الطرقات وقطع أنابيب النفط والغاز وقطع الكهرباء بل وتجاوز ذلك الى حد اتهامهم بالاغتيالات السياسية وبما تقوم به القاعدة من أعمال ارهابية بحق المدنيين والعسكريين على حد سواء.
محذراً مجلس الأمن بأن عدم وجود عقوبات تحت الفصل السابع سوف يؤدي الى إغراق البلد في بحر من الصراعات والحروب المؤثرة سلباً على السلام والأمن الدوليين.. قبل أن تصل البلد الى استكمال ما تبقى من المهام التي نصت عليها المبادرة الخليجية التي طالما أكد عليها المؤتمر الشعبي العام وتهربت منها أحزاب المشترك المطالبة بفترة انتقالية طويلة وغير محدودة.
وهكذا يصبح الخلل في الحركة السياسية البطيئة والمنعدمة للمؤتمر الشعبي العام وغيره من الجهات المتهمة وعدم قدرتها على التواصل مع مجلس الامن ومع الدول الدائمة العضوية وغيرها من الدول قياساً بما تقوم به أحزاب اللقاء المشترك من حركة سياسية نشطة في الداخل وفي الخارج، ناهيك عما يجب على وسائلها الاعلامية من مواقف تفهم وكأنها تعمل على التحريض وتعمل على التيئيس، وتعمل على إفشال الحكومة وصلت الى الذروة في اتهامها لمندوب الأمين العام بعدم الحيادية.
* عضو اللجنة العامة |