يحيى نوري -
أجنحة (الإصلاح )كل في طريق..
الجناحان القبلي والعسكري يواصلان إدارتهما للتجمع اليمني للإصلاح بالرغم من الخسائر الكبيرة التي مني بها هاذين الجناحين .
فيما تضل القيادات العقائدية ( الإخوان المسلمين ) تفضل البقاء خارج الأضواء في إنزواء واضح عن المشهد السياسي وبصورة تبعث على الاندهاش والاستغراب لهذا الانزواء ء المتعمد
والذي بات يمثل حديث الكثيرين من المتابعين والمهتمين.
وإذا كان هناك من يفسر ذلك عبر عن قراءة إخوانية مفادها أن حجم التحديات الراهنة التي تشهدها اليمن جعل من غير الممكن على الإخوان المسلمين - والذين يعدوا أكبر مكونات تجمع الإصلاح - اتخاذ قرارات ومواقف بشأن التطورات المتلاحقة تعبر عن آراء مختلف مكونات التجمع الأمر الذي جعلها تلتزم الصمت تاركه الجناحين القبلي والعسكري مسئولية القيام بإدارة مهام التجمع علها في ذلك تجنيب نفسها مزالق الوقوع في أتون القرارات الخاطئة وعدم تحمل التبعات والتداعيات التي قد تنتج عن ذلك في ظل وضع يعيش فيه اليمن تطورات متسارعة بات من المستحيل عليها كجماعة مواكبتها نظراً للنتائج الكارثية التي قد تفضي إليها الأحداث الراهنة هذا .
فيما يرى آخرون أن إنزواء الجناح العقائدي عن المشهد الراهن يعود إلى رغبة الإخوان المسلمين في تحميل الجناحين القبلي والعسكري المزيد من الإخفاق والانهيار خاصة بعد أن حاول الجناحين المذكورين تعويض خسائرهما الفادحة منذ بداية الازمة وحتى اليوم من خلال استغلالهما للتجمع كإطار سياسي من شأنه أن يعوضهما عن خسائرهما الفادحة والمدوية التي لحقت بهما نتيجة للأخطاء الكارثية التي وقعوا بها في تعاملهم الغير مدروس مع التطورات والأحداث من حولهما .
حيث ترى القيادات العقائدية في ارتكاب الجناحين المذكورين لهذه الأخطاء من شأنه أن يسهل مهمتها في إقصاء رموز الجناحين ووضعهما في حالة الاستسلام للأمر الواقع ومن ثم السيطرة على إدارة التجمع بعد أن يفلس الجناحين تماماً والتأكد من عدم قدرتهما على تقديم جديد من شأنه أن يحقق للتجمع اليمني للإصلاح حالة من الفاعلية والقدرة على التعاطي مع التحديات الراهنة.
ويؤكد من يذهبون إلى هذا السيناريو أن حالة الانسجام بين مختلف مكونات التجمع ليست على مايرام منذ زمن وبصورة تستبق التطورات للأزمة اليمنية في العام 2011م وبأن حالة اللاإنسجام بين هذه المكونات قد تتعاظم مع تداعيات الأزمة الراهنة وخاصة مع الإخفاقات الكبيرة التي مني بها الجناحين القبلي والعسكري واللذين يحاولا التعويض عن ذلك بأستخدام الإصلاح كحصان طروادة لإعادة مصالحهما ولو كان ذلك على حساب الجناح العقائدي.
ولاغريب أن هذه الصورة الوردية التي يحاول البعض من خلال هذا السيناريو تشكيلها للجناح العقائدي وإظهاره بالمتعقل والمتزن سرعان ماتتلاشى خاصة وان المتابعين لشأن التجمع عن قرب يرى أن إنزواء هذا الجناح عن المشهد الراهن يأتي بصورة قهرية وغير إرادية وانه يعيش اليوم حالة انقلاب داخليه يشهدها التجمع أدت إلى إقصاءه عن مواقع صناعة القرار أو بمعنى أن رموز هذا الجناح باتت تحت مايمكن أن نسميه هنا - الإقامة الجبرية - وعدم السماح لها بالتفاعل السياسي مع المشهد الراهن .
ويرى هؤلاء أن المانع لهذه القيادات من المشاركة يعد قسرياً ولم يعد بمقدورها إتخاذ قرار بشأن مصيرها ومصير التجمع عموماً، إضافة إلى ما يشكله غيابها عن المشهد من خسائر فادحة لكون غيابها هذا يأتي في إطار مرحلة مهمة وخطيرة يتطلب مسئوليتها الوطنية والمشاركة وإعلان آرائها ومواقفها إزاء كل ما يعتمل على الساحة الوطنية وتحمل تبعات كل ذلك.
ولاريب أن هذا التواري المريب لهذه القيادات وبالرغم مما يحدثه من تساؤلات وتفسيرات إلا أننا نستطيع في الوقت ذاته من تحديد السبب الرئيس الذي يحول دون ظهور قيادات الإخوان خلال هذه المرحلة أو رضائها أن يكون تواريها اليوم بمثابة سلبيه في نشاطها الوطني ، حيث والسبب الرئيس يتمثل هنا في رؤية هذه القيادات على المشاركة في المشهد بطريقه غير مباشرة حيث انها تدرك أن مشاركتها المباشرة من شأنها أن تجلب لها العديد من المنغصات والإخفاقات التي تجد نفسها كجماعة داخل تجمع الإصلاح هي في غني عنها كما أن ذلك من شأنه أن يعفيها من تحمل أي مسئوليات أو تبعات أخرى غير مباشره قد جعلها تتمسك بهذا الأسلوب الغير مباشر في التعاطي مع الحدث ولإدراكها بفضاعة الأحداث والتطورات الأخيرة على حركة الإخوان المسلمين والمتمثلة في مجموعة الإجراءات التي اتخذتها دول عربية مهمة بالمنطقه وخاصة على صعيد اعتبارها لجماعة الاخوان المسلمين كجماعة إرهابية الأمر الذي يحول دون أن تتمكن من تحقيق أي نجاحات لنفسها في ظل هذه التطورات الكبرى التي نرى فيها تكبيلاً لنشاطاتها السياسية والحزبية على المستويين الآني والمستقبلي .
ولاشك أن حرص هذه القيادات على التواري عن المشهد الراهن يعود لاعتقادها أن ذلك قد يضمن لها خط رجعه يمكن لها من خلاله إعادة ترتيب أوراقها خاصة وان قيامها بهذه المهمة في الوقت الراهن غير ممكن في ظل طغيان وهيجان الجناحين القبلي والعسكري والساعيان إلى تعويض خسائرهما الفادحة من خلال التجمع .
ومهما تكن الأسباب والمبررات التي تقود إلى تخندقات جديدة داخل تجمع الإصلاح إلا أنها تؤكد أن الإصلاح وكتنظيم سياسي يعيش اليوم أفظع التحديات وأكبرها خلال مسيرته وهو التحدي الذي يهدد حاضره ومستقبله ويجعله عاجزاً من إتخاذ قرارات تاريخية تتناغم مع التطورات والأحداث من حوله ولعل مايشغل الإخوان اليوم هو النأي بجماعتهم من الوقوع فريسة سهلة لكل إفرازات الراهن أو أنها ترى أن الوقت قد حان لفك ارتباط التجمع اليمني من قبل جميع مكوناته وبصورة تجعل من كل مكون يسير في طريق وهو أمر باتت تفرضه حالة التعاظم الكبيرة لمصالح الجناحين القبلي والعسكري والتي باتت تطغى على مصالح الإخوان، فضلاً عن ذلك أن قراءة الإخوان المسلمين للمستقبل القريب وبالنسبة لحركتهم على الصعيد اليمني لاتحمل تطمينات مهمة ولاتشجعهم على المزيد من التفاعل في إطار أجواء مشحونة بصوره أفظع من أي مرحلة سابقة عاشها التجمع أو مواصلة ارتكاب المزيد من الأخطاء الفادحة.