د. محمد حسين النظاري -
الموقف العربي تجاه اليمن في قمة الكويت
تأكيد قادة الدول العربية في قمة الكويت الـ25 -التي دارت على مدى يومين بدولة الكويت الشقيقة- على أهمية وحدة اليمن أرضا، وإدانته للأعمال الإرهابية التي يراد منها تركيع الشعب اليمني ومنع وصول التسوية السياسية إلى بر الأمان وهي التي تركز على المبادرة الخليجية والياتها المزمنة والمنطلقة من تسليم السلطة بصورة سلمية .
هذا التوافق العربي الذي جاء مستندا لما حققه اليمنيون على ارض الواقع خاصة بعد انتهاء الحوار الوطني، وتشكيل لجنتي تحديد الأقاليم وصياغة الدستور..
فالعرب مقتنعون قناعة تامة بأننا نريد التوجه ليمن جديد ، ولكنهم في الوقت ذاته يدركون أن هناك من لا يريد أن يبلغ البلد مرفأ الأمان، ولهذا فإنهم مع المجتمع الدولي لن يظلوا مكتوفي الأيدي أمام زعزعة استقرار اليمن، لأن في ذلك إقلاق وامن المنطقة والعالم.
لقد حكت كلمة الأخ رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي إلى القمة العربية ما يريد كل اليمنيون قوله، فقد عبر عن تطلعات الشعب وعن رغبته في طي صفحة الخلافات والانطلاق نحو التسامح، ولكن لا تسامح من أعداء الوطن الذين يزهقون أرواح جنوده، ومع الذين يخربون ممتلكاته الخدمية من كهرباء ونفط وغاز، فهؤلاء ليس أمامهم سوى الوقوف أمام القضاء ليقتص منهم.
إننا نحس باهتمام القادة العرب بالقضية اليمنية، وندرك المساعي الحميمة التي يقومون بها في الأطر السياسية، ولكن الشعب اليمني يريد منهم ان يفوا والى جوارهم المجتمع الدولي بالتزاماتهم المادية خاصة التعهدات التي قطعوها على أنفسهم وقد بينت اللقاءات التي أجراها الاخ الرئيس عن متانة العلاقات مع الأشقاء، وان اليمن من الدول العربية القليلة التي تتمتع بعلاقات ممتازة حتى مع الدول التي تشهد العلاقات فيما بينها بعض الفتور، وهو شيء طيب يحسب للدبلوماسية اليمنية.
أن الشق الاقتصادي هو الفيصل في القضية اليمنية، فاليمن لا يمكن أن تخطوا أي خطوة نحو الأمام ما لم تتحسن موارد الدولة وأحوال المواطنين، وما لم تستقر الأسعار وتتوفر السلع والخدمات الأساسية.. صحيح أن الوضع الأمني هام، ولكن الوضع الاقتصادي المتعلق بمعيشة الناس لا يقل أهمية.
بالمقابل يتوجب على حكومة الوفاق الوطني أن تقنع العرب والمجتمع الدولي أنها قادرة على استيعاب تعهداتهم المالية.. فهي من خلال البرامج الحقيقية والصادقة قادرة على إزالة التخوفات التي ما زالت عالقة في أذهان المانحين، ولن يكون ذلك إلا بالتوجه الجاد، وان يكون كل وزير عند مستوى المسؤولية الوطنية وان يتبع في الأساس وطنه لا حزبه.
اليمن اليوم أمام مرحلة صعبة ولا تقل خطورة عن الفترة الصعبة التي عشناها وتخطيناها في الثلاث السنوات الماضيات، خاصة وان هناك من يسعر لحرب أهلية ذات بعد طائفي، وعلى الجميع التنبه إلى أن مثل هذه الممارسات الخاطئة كفيلة بأن تهد ما بنيناه..
ومن هنا ينبغي على قيادة الدولة ألا تتهاون وان لا تقف مع طرف ضد آخر إلا من منطلق الوقوف مع الوطن فقط.. لأن إرضاء طرف ضد آخر على حساب الوطن قد يكون حلا وقتيا من منظور صانعيه غير انه سيكون وبالا على الجميع مستقبلا. .
أستاذ مساعد بجامعة البيضاء