يحيي نوري -
الحكومة العائق الأكبر للإصلاحات!!
ظهر بالأمس رئيس الحكومة في الاجتماع الوزاري المصغر الذي عقد برئاسة رئيس الجمهورية في حالة خاملة تفتقد للحيوية والتفاعل في المشاركة في الرأي حول الموضوعات المطروحة في جدول الاجتماع، حالة لاريب لا تعكس الاستعدادية لخوض غمار مرحلة جديدة تحتاج إلى إرادة وعزيمة وعقلية أكثر اتقاداً، وفهماً واستيعاباً لطبيعة التحدي الراهن الذي تواجهه البلاد، وإذا كان هذا الاجتماع وما أسفر عنه من نتائج مثلت ارتياحاً لدى الكثيرين فإن الفضل في انعقاده يعود لفخامة رئيس الجمهورية الذي حرص من خلال هذا الاجتماع على إيقاف حالة الخمول الحكومي الذي تواكب مع إعلان الإصلاحات المالية والمتمثلة في عدم قدرة الحكومة على التفاعل مع الفعاليات الشعبية لإحاطتها بالأهداف، والمدلولات التي تسعى إلى تحقيقها من وراء قرارها القاضي بتحرير المشتقات النفطية من الدعم، حيث أثار غياب الحكومة استهجاناً واسعاً لدى المواطن الذي تساءل مراراً عما إذا كانت الحكومة قادرة على القيام ببلورة مشاريع الإصلاحات إلى الواقع، وقد عجزت تماماً حتى في التعبير عن قرارها، والدفاع عنه بحيثيات ومبررات علمية وموضوعية تقنع بها الرأي العام.
وإذا كان رئيس الجمهورية قد ظل وحيداً يواجه ردود الأفعال لقرار رفع الدعم عن المشتقات فإن ذلك قد دفع بالكثير من المهتمين والمختصين بشؤون الإدارة والاقتصاد، بل ورجل الشارع البسيط إلى مطالبته بضرورة تشكيل حكومة جديدة تكون أكثر استعداداً وقدرة على التعامل مع التحديات الراهنة، خاصة وأن هناك مسؤوليات جساماً يتطلب تنفيذها حكومة نوعية تتعاطى بمسؤولية أكبر مع العديد من المهام التاريخية والمتمثلة في بلورة مقررات مؤتمر الحوار الوطني، ومن ثم التعاطي مع متطلبات الإصلاحات المالية وغيرها، الهادفة إلى تحقيق الانتعاش الاقتصادي وتحقيق التنمية الشاملة بروح وثابة قادرة على الخلق والإبداع، ولاشك أن مطالبة الرئيس بتشكيل حكومة نوعية هو نتاج لحرص المواطن على أن تجد هذه الإصلاحات طريقها إلى خدمة المواطن ومعالجة مشكلاته، بحيث لا يكون لهذا القرار هدف واحد هو توفير السيولة المادية للحكومة لتمارس هواياتها في البذخ وعدم الإنفاق الرشيد، خاصة وأنها، أي الحكومة لا تمتلك حتى اللحظة برنامجاً واضحاً وجلياً لنشاطها القادم، وذلك وحده كفيل بالإطاحة بالأهداف التي ينشدها المواطن من وراء قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية.
ولاريب أن مرور الجرعة بردود أفعال لم تكن بالحجم الذي كان يتصوره كثيرون، إلا أن ذلك لا يعني نهاية المطاف، خاصة وأن الحكومة التي يتطلع الشعب إلى تشكيلها لحماية الإصلاحات ينتظر منها الكثير من الإصلاحات التي من شأنها أن تضع حداً لمعاناته التي طالما تحمل الحكومات السابقة أسبابها الدعم الحكومي.
وخلاصة هذا فإن الجهود التي يبذلها رئيس الجمهورية ويهدف من خلالها إلى تحقيق الانتعاش الاقتصادي لن يكتب لها النجاح، ولن تجعل من قرار رفع الدعم كقرار تاريخي يشار إليه بالبنان كقاعدة صلبة تحقق من خلالها الازدهار إذا ما ظلت هذه الحكومة، حيث تعد العائق الأكبر الذي يحول دون تحقيق هذه الطموحات، ولا أرى فخامة الرئيس سيقبل مثل هذا الواقع البائس للحكومة، رحمة بالشعب وحفاظاً على التوجهات التي يسعى إلى تحقيقها لخدمة وطنه وشعبه.
• عن صحيفة الاولى