د. عادل الشجاع -
لماذا هذه الحملة على يحيى الراعي؟!
شنَّت المواقع الإلكترونية هجوماً غير مبرر على رئيس مجلس النواب، يحيى علي الراعي، بسبب حصوله على الدكتوراه الفخرية، وسخروا منه بطريقة تدل على الحقد والكراهية وعلى الجهل بنفس الوقت.
فقد ذهب البعض إلى القول إن الراعي حصل على الدكتوراه الفخرية وهو لم يحصل على شهادة جامعية أصلاً. وهؤلاء يجهلون أن الدكتوراه الفخرية هي شهادة بدون رسالة، وتُعطى للشخص تقديراً لجهوده في مجالات معينة. والفخرية تمنح عندما تريد أو ترغب الجامعة في أن تعترف رسمياً بمساهمات شخص ما في مجال عام معيَّن- علمياً، أو سياسياً، أو اجتماعياً- أو الجهود الخيرية، فيقرر مجلس الجامعة منحه الدكتوراه الفخرية، وهذا ما قاله رئيس جامعة الآداب والعلوم والتكنولوجيا في لبنان AUL، في حق الراعي: "تتشرف الجامعة اليوم بأن تكرم شخصية عربية مرموقة، إنساناً محباً لبلده وأمته، سياسياً وفياً لمبادئه، متمسكاً بوحدة بلاده وبانتمائه القومي إلى الأمة العربية، من أبرز المدافعين عن بلده ضد الإرهاب والتطرف إلى درجة استهدافه".
فلماذا هذا الحنق كله على رجل شهدت له جامعة عريقة، وحضر حفل تكريمه ممثلون عن رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس مجلس الوزراء تمام سلام، والرئيس سعد الحريري، ورئيس تكتل التغيير والإصلاح، والرئيس اليمني السابق علي ناصر محمد، وقائد الجيش اللبناني العماد جان فهوجي، ورئيس أمناء مجلس الجماعة، إضافة إلى وزراء ونواب وسفراء وممثلين عن شخصيات دينية واجتماعية وعسكرية وعدد من هيئات التعليم. مشكلتنا في اليمن الحسد، وكذلك الحكم على الآخرين من خلال الآخرين.
أثق تماماً أن الكثيرين ممن كتبوا يسمعون عن الراعي من خلال الآخرين، ولو جلسوا إلى الرجل لغيَّروا من قناعاتهم، فهو مثقف يمتاز عن كثيرين ممن يحملون شهادات عليا، وهو إنسان بسيط يقترب من البسطاء، كما أنه إداري محنَّك استطاع أثناء أزمة 2011م وما بعدها أن يحافظ على مجلس النواب وعلى العلاقات الطيبة بين الأعضاء، برغم الصراع الذي كان دائراً على مستوى القوى السياسية وانقسامها.. بعض فيها نفثات حنق وغضب، نفهم خلفيتها وظروف أصحابها، والبعض الآخر فيها تجنٍّ وتجريح.
فيحيى الراعي يفرض احترامه بحضوره وفعله ولا ينتقص منه ما ذهب إليه البعض حقداً أو حسداً أو جهلاً. من يقترب من الراعي يدرك أن الرجل يريد اليمن أن تصبح جمهورية حرة مستقلة، سيدة نفسها حقاً، فيها الحد الأدنى من الاستقرار والكرامة، يقرر مواطنوها شؤونهم بأنفسهم. أقول لكلِّ من كتب منتقصاً أو مستهزئاً، عليه أن يجلس إلى هذا الرجل ليطَّلع على مدى ثقافته، فالثقافة ليست كتباً جامدة، ويطَّلع على إنسانيته وصدقه الذي يجاهر به دائماً أمام رئيسي الجمهورية السابق واللاحق.
والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا هذه الحملة على الدكتوراه الفخرية من جامعة ذات سمعة عالمية، ولا نسمع من يتحدث أو يكتب عن مخرجات جامعة الإيمان التي تخرِّج من التطرف والإرهاب؟!
يحيى الراعي، مع رفاقه في جامع دار الرئاسة، أعطوا دمهم ولحمهم، وحصدوا من الحقول التي غرسوا فيها قمحاً علقماً. يحيى الراعي لملم مجلس النواب وقت الأزمة، في الوقت الذي كان الآخرون بأحقادهم ومغامراتهم يدمرون الدولة باحثين عن الزعامة أو ساعين إليها على هرم الجثث والدم والكراهية.
الراعي ينتمي إلى اليمنيين الذين ناضلوا سلمياً من أجل الحياة وانتمى إلى العروبة والديمقراطية، لم يكن طائفياً ذات يوم أو مناطقياً. بيته مفتوح كما أسمع ذلك من الآخرين.
ينتمي الراعي إلى هذا الوطن الذي أراد البعض أن يجعل فيه الشمس باردة والخضرة يباساً. والليل رعباً، والأمل سراباً. لم يسمح بأن يكون مجلس النواب مكاناً عفناً ولا ساحة للمتاجرة.
أراد أن يكون مجلس النواب خلال الأزمة جامعاً، لا كفئة ولا طائفة، وآمن أن لا خلاص إلا بالوحدة والمصارحة ثم المصالحة.
أنا هنا لا أدافع عن الراعي، بل أدافع عن أحقية منح الشهادة. أما من أراد أن يحكم على الراعي فعليه أن يجلس معه ثم بعد ذلك يقرر في أي خانة يضعه وبأي حكم يحكم عليه.