فيصل الصوفي -
عن إعلام المؤتمر.. والكراهية
قرأت تقريراً أعدته منظمة غير حكومية يمنية، عن انتهاكات وقعت فيها صحف ووسائل إعلام يمنية خلال شهر، والتقرير أورد مجموعة من الصحف ووسائل الإعلام الحكومية والحزبية والأهلية، بما فيها الالكترونية، ونسب إليها انتهاكات مهنية مختلفة، ونشر خطاب الكراهية، وهذا جيد، رغم أنه ليس اكتشافاً عبقرياً.. وقد نسب التقرير إلى صحيفة «الميثاق»، وموقع «المؤتمر نت» المعبرين عن المؤتمر الشعبي العام، وأخرى تحسب عليه أو مقربة منه، وهي صحيفة «اليمن اليوم»، وقناتي «اليمن اليوم» و»آزال» نسب إليها - وبمعدلات متفاوتة- تهمة التحريض على الكراهية!
ونعتقد- كما هو الحال بالنسبة لكثير من المتابعين- أن الصحافة ووسائل الإعلام في اليمن، أصبحت في السنوات الأخيرة سوقاً سوداء للشائعات، والأكاذيب، والتدليس، إلى جانب ميلها الواضح نحو تضليل الجمهور، وأخطاء مهنية لا حصر لها، وتعمد الانفلات من الأمانة الصحفية، وخيانة المهنة، ومن ذلك التحريض على العنف والكراهية، بل وصل الأمر ببعض المواقع الالكترونية الحزبية الى درجة تبرير أفعال الإرهابيين، وإلصاقها بجهة أخرى هي أنصار الله، كراهةً لهم ونكايةً بهم، في سياق الصراع المذهبي والطائفي بين الفئتين المعروفتين اللتين تتبادلان خطاب الكراهية، وهما حزب الإصلاح وأنصار الله.
الصحف ووسائل الإعلام المؤتمرية، أو التي تحسب على المؤتمر الشعبي، ليست محصنة ضد الأخطاء المهنية، ولكن القول إنها تتبنى خطاباً يحض على الكراهية، فيه تجنٍّ عليها، إلاَّ إذا كان مفهوم»خطاب الكراهية» ملتبساً لدى واضعي التقرير.. ونحن هنا لا ندفع تهمة عن الإعلام المؤتمري، هو أبعد ما يكون عنها، وإنما نشير إلى أن تجنب التحريض على الكراهية، يعتبر بمثابة مبدأ بالنسبة للإعلاميين المؤتمريين.. فهم ملتزمون بنهج تنظيمهم الذي يكرس ثقافة التعدد والتسامح، والقبول بالآخر، والوسطية الدينية، والتعايش والنظام الديمقراطي، ونبذ الكراهية والعنف والإرهاب.
يُحسب للإعلام المؤتمري أنه يتجنب عوامل الفرقة، ويقدم عوامل التضامن، والوحدة، والأخوة الوطنية، وليس بوسع منصف الادعاء أن إعلام المؤتمر يتورط في مواقف مذهبية أو عنصرية أو جهوية أومناطقية أو مهينة للكرامة الوطنية.. بل إنه يقف في مقدمة الذين يجتهدون لإعلاء كل مكونات الوطن من هوية وانتماء وتاريخ وشهداء ورموز نضالية وفكرية، وهو ضد الإقصاء والاستبعاد والطائفية.. وواضح أن الإعلام المؤتمري استطاع في السنوات الأخيرة، تجاوز نقاط ضعفه، من خلال الانحياز إلى جانب قضايا المواطنين، ويفضح الفساد، ويكشف ممارسات الإقصاء، ويفضح الإرهابيين وداعميهم..
إن كشف تناقضات الخطاب الإعلامي والسياسي السائدين، وفضح الأكاذيب والشائعات، وتعرية الذين يمارسون التضليل وتزييف الوعي العام، ليس من الكراهية في شيء.. كما ليس من الكراهية، انتقاد أو توجيه اللوم إلى الذين يوظفون الدين لخدمة أهواء سياسية ومصالح شخصية وحزبية.