المؤتمر نت - ((نص محاضرة وزيرة حقوق الإنسان)) – " الجزء الثاني" وزارة حقوق الإنسان- باختصار شديد - تبلغ من العمر اليوم سنة واحدة فقط، استغرق معظمها في مسألة الإعداد للوائحها الداخلية وتدريب الموظفين، وتحديد فلسفة أو عمل هذه الوزارة وعلاقاتها بالمنظمات الأخرى سواء كانت حكومية أم غير حكومية بشكل خاص- وحاولنا ، ونجحنا بشكل بسيط في أن نوثق علاقتنا بمنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان.
وبدأنا التعاطي في مسألة قضايا حقوق الإنسان بطريقة أكثر علنية من قبل، وأكثر شفافية، وان كانت الآن لم تصل إلى الدرجة التي نريدها عليها، لكننا نتصور أنها خطوة مهمة، لانه أيضا كان لابد من إقناع الجهاز الحكومي، وحتى الناس أنفسهم ينبغي أن يتعودوا على هذا الانتقال ؛ إلى مسألة التعاطي مع هذه القضية بدون أي تسييس ، وبدون أية حساسية ترتبط بها.
لدينا لجنتان إحداهما حكومية صرفه، تمثل عشر وزارات أساسية تعمل معنا بشكل دوري، وتسمى ( اللجنة الفنية) ، وتضم في طياتها، بالإضافة إلى وزارة الخارجية، والعدل، والشئون القانونية، والداخلية، والأمن السياسي، ورئاسة الوزراء، ووزارة التنمية والتخطيط.. وتضم بجنباتها وكلاء هذه الوزارات - وهم يعملون كنقاط ارتكاز لنا بالوزارة، وفي ذات الوقت ، هم أيضا ممثلون لوزاراتهم لدينا ، ويقومون بمتابعة قضايا حقوق الإنسان التي نرفعها لهم من الوزارة بشكل يومي ، فيتابعونها، ونحلها أيضا بشكل يومي ، ولدينا أكثر من اجتماع شهري معهم، وعندما تقتضي الضرورة فهناك أكثر من ذلك الاجتماع يتم عقده.
بالإضافة إلى ذلك شكلنا هيئة استشارية عدد أعضائها عشرون شخصية ، تمثل منظمات المجتمع المدني التي تعمل في مجال حقوق الإنسان.. وفي المستقبل ربما يزداد هذا العدد..
لكننا أيضا نتعاطى مع قضايا معينة- كقضايا المعاقين، وحقوق الطفل، وحقوق السجناء، وحقوق المصابين بأمراض نفسية أو عقلية، ومع قضايا ما يسمونهم في مجتمعنا بـ "المهمشين" - وهم الأكثر فقرا في هذه البلد..
كذلك نتعاطى مع قضية الفقر على أساس أنها الأكثر انتهاكاً لحقوق الإنسان اليمني ، لأن مشكلة الفقر في اليمن مشكلة- للأسف الشديد- كبيرة جدا، ومتفاقمة.. ونتعاطى في ذات الوقت مع التقارير الدولية، وتقارير المنظمات التي تصل لليمن، أو عن اليمن في أي مكان من العالم، وننشرها تباعاً على موقعنا الإلكتروني بالوزارة..
وبالمناسبة في الأسبوع القادم ستستضيفنا وزارة الإعلام لنقدم للصحافيين بشكل خاص التقرير الذي رددنا به على تقرير وزارة الخارجية الأمريكية للعام الماضي، وكذلك ردا على تقرير منظمة العفو الدولية ، في محاولة منا للحديث ، وفتح حوار مع الإعلاميين ، الذين يجب أن تهمهم هذه المسألة أكثر مما تهمنا نحن.
تلك هي أهم الأعمال التي تقوم بها الوزارة، ولكن أهم نقطة قامت بها الوزارة ولا تزال، وستحاول أيضا تطويرها ، هي الموضوع المتعلق بالشكاوي والبلاغات التي تأتينا مباشرة من المواطنين اليمنيين من مختلف أنحاء الجمهورية- سواء كتابة، هاتفيا، أو عبر الفاكس، أو ألا يميل، أو مباشرة من الأشخاص الذين يقررون الحضور بأنفسهم لمتابعة قضاياهم.
لقد وُفقنا لحد الآن من بين حوالي 281 قضية، إلى حل وإنجاز حوالي 199 قضية منها، وأتصور أن هناك لا يزال المزيد من القضايا التي يتقدم بها المواطنون حول شكاوي مختلفة ، وسأسرد لكم طبيعة هذه الشكاوي التي تصل إلى الناس علينا بهذا المعنى، وهم يعرفون معرفة عينية أننا جهاز حكومي- والجهاز الحكومي هو المشكو منه، ومع ذلك نُسعد بأن المواطن لا يزال يختارنا ويأتي إلينا لنتابع قضاياه المتعلقة بأي انتهاكات أو خروقات متعلقة بحقوق الإنسان.
ربما سيكون من المفيد أن أسرد عليكم أهم هذه القضايا التي تعاطينا معها كي أعطيكم فكرة حول طبيعتها المتعلقة بحقوق الإنسان.. وموضوعاتها جاءت بالترتيبات التالية:
أولا: الحبس بدون مبررات قانونية.
ثانيا: الاختطاف.
ثالثا: عدم تنفيذ أوامر وأحكام قضائية.
رابعا: اعتداءات على الأراضي والأهالي
خامسا: ضرب أو إهانة.
سادسا: طلب تعويضات.
سابعا: قضايا التوقيف عن العمل وقطع الرواتب.
ثامنا: المطالبة بحقوق مختلفة واسعة ( أمنية- رعاية اجتماعية- حقوق فكرية- طلب توظيف - ...الخ)
وفي الحقيقة أن الإدارة العامة التي شكلت بالوزارة منذ أول يوم تقوم بمتابعة هذه القضايا في أكثر من جهة، ونستعين- ليس فقط باللجان الفنية التي لدينا - بل لدينا مساعدون قانونيون يتابعون هذه القضايا.. ونرى أننا يجب أن نطور مسألة المساعدة القانونية، وربما في المستقبل سيكون لدينا إمكانية- إن شاء الله- لتطوير جهاز مظالم، يسمى ( المُحتسب) بلغتنا التراثية المعروفة.. فإذا تمكنا من ترتيب أو إعداد هذا الجهاز الذي يجب أن يكون أولا مستقلا ، ولديه سلطات دستورية أقوى من الوزارة ، فإننا نتمنى أن يكون هو البديل لوزارة حقوق الإنسان للتعاطي مع هذه القضايا من منطلقات قانونية ، ودستورية تضمن ، وتعطي للمواطن حقه في مقاضاة أياً كان ، وتقديمه للمحكمة في حال وجود خروقات.
ومن القضايا التي ركزنا عليها في العام المنصرم ، وإلى الآن ، نحن مستمرون في ذلك ، وأنتم بلا شك تتابعون القضايا التي تنشرونها تباعاً، هي أحوال السجون التي يقبع فيها نساء أو أحداث، او مراكز الرعاية وغيرها من الهيئات التي لا يستطيع الناس رؤيتها بشكل يومي ، والأفراد المتضررين من وجودهم في تلك الأماكن هم هدفنا في مثل هذه القضايا.
ونحن – في الحقيقة- نعمل في أكثر من شق، أولاً لكوننا عضو باللجنة العليا لرعاية السجناء- فنحن نعمل معهم، وبالتعاون مع كثير من الجهات لتحديد سياسية واضحة لتعزيز أوضاع السجون ، لأنها في غالب الأمر- للأسف الشديد- ليست بأوضاع طيبة او بالأوضاع التي نتمنى أن تكون عليها.. بالإضافة الى أننا ننظر الى السجن نظرة كاملة- نظرة أنه مكان يجب ان نضع فيه من صدر بحقه حكم قضائي فقط ولا شيء آخر، وبالتالي يجب أن يكون هذا المكان ، مكاناً لإعادة التأهيل ، والتدريب.. لا فقط للإهانة ، أو للإنكار، أو الإحالة إلى هناك إلى ماشاء الله.
هذه - في الحقيقة – بعض القضايا التي بدأنا فيها، ولكون أننا لدينا وزارة صغيرة العدد فيها خمسون موظفاً وموظفة فقط، وخمس إدارات عامة - ولا أنوي زيادتها على الإطلاق - كونها إدارات عامة غير نمطية وتؤدي أعمالها في هذا السياق وتُعنى كلها بمسائل حقوق الإنسان.. لا أستطيع حقيقة أن أسمي الإدارة العامة القانونية إدارة نمطية، لأنها تُعنى بمسائل مراجعة التشريعات اليمنية، ومدى مطابقتها للقوانين والمعاهدات والوثائق الدولية التي أصبحت اليمن طرفاً فيها.. فكما تعرفون أن اليمن وقعت على ما لا يقل عن 56 صكاً ، وبنداً ، واتفاقاً دوليا، وهي ملزمة بمتابعة وتطبيق هذه القوانين التي يجب أن تكون في مصاف القانون المحلي اليمني التشريعي.
نحن الآن بعد توجيه مجلس الوزراء بتشكيل لجنة لدراسة التشريعات والقوانين اليمنية، لمعرفة مدى مطابقتها، وكيف يمكن لليمن أن تكون ملتزمة أكثر في تطبيق هذه المعاهدات.. أنها طبعاً- مُهمّة شاقة وليست بسيطة، ولا أستطيع أن أعد أحداً أنه ممكن لنا أن نقوم بحلها على الأمد القريب، لكن الجهد بدأ في هذا الاتجاه، وهي مسألة مهمة جداً، وكثيرا ما نُطالب من الهيئات الدولية بتحديد أين يقع- على سبيل المثال- العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية من منظور التشريعات اليمنية، ولمَنْ الأولوية..!
إننا يجب أن نقول- وبكل فخر – أن اليمن تسجل ؛ قياسا للالتزام بالمواثيق والمعاهدات الدولية ؛ سجلا طيبا وممتازاً.. نحن الآن نحاول أن نتعاون مع الجهات المختلفة في أن تكون هذه المواثيق في مستوى التطبيق الأفضل.
هنالك أيضاً بعض المسائل التي تتعاطى معها اليمن بصفة خصوصية وضعها، (ولا أقصد الخصوصية التي تبرر الانتهاكات الإنسانية) وإنما الخصوصية التي أتحدث عنها هو الموضوع المتعلق باستقبال اللاجئين.
كما تعرفون أن اليمن بلد حاضن لعدد كبير من اللاجئين - ولست اليوم بصدد أن أقدم لكم رقما أو آخر، حتى لا نختلف مع الجهات الدولية في تعريف ، وعدد هؤلاء اللاجئين - ولكن ؛على سبيل المثال؛ آخر لجنة ابتعثت من الوزارة ، ومن منظمة غوث اللاجئين قامت بزيارة لكثير من معسكرات اللاجئين في مخيماتهم المنتشرة في كثير من المحافظات، قامت بعملية تسجيل مالا يقل عن 49 ألف لاجئ صومالي فقط.. وهذا التسجيل يتيح للاجئين أن يحص لعلى بعض الحقوق الإنسانية التي تقدمها مفوضية غوث اللاجئين، وفي ذات الوقت تبين وضعه وتعطيه بعض الامتيازات التي قد لا يتحصل عليها اللاجئ الذي يرفض التوقيع.
لدينا عدد كبير من اللاجئين الذين لسبب أو لآخر يرفضون التسجيل في مفوضية غوث اللاجئين.. ثم عندما يصلون الى اليمن يصبحون جزءً من النسيج الاجتماعي اليمني.. ولدينا في الحقيقة مشكلات في كثير من المحافظات ؛ بالذات المحافظات التي لا توجد فيها موارد رزق حتى للمواطنين أنفسهم ، فتحصل أحياناً بعض الإشكالات.
ولكن عندما أرسلنا بعثة إلى مخيم (مَيـْفَعَة) في شبوه قبل شهر ونصف، فخلال وجود البعثة التي كانت تحاول دراسة وضع هذا المخيم وجدنا أنه يصل الى هذا المخيم في اليوم الواحد ما بين 250-800 لاجئ يومياً في تلك الفترة، حيث لدينا مواسم تقل فيها أعداد اللاجئين بسبب هيجان البحر أو غيره، لكنها تزداد عندما تكون القلاقل السياسية أو المعارك قد بدأت تأخذ أوجها في الدول المصدرة للاجئين.
لدينا لاجئون من الدول الأخرى غير الصومال، فلدينا من أثيوبيا، أرتيريا، باكستان، البوسنة والهرسك، ومن العراق وفلسطين وغيرها من الأماكن التي تكثر فيها حالات عدم الاستقرار السياسي، والاقتصادي أيضاً. وغالباً عندما يأتي اللاجئون إلى اليمن فإنهم يأتونها على أساس أنها محطة أولى للخروج إلى أماكن أخرى يجدون فيها – لربما - فرصاً للرزق والحياة أفضل، ولكن بسبب تعقيدات إجراءات الهجرة – من أوروبا تحديداً والولايات المتحدة وكندا، التي كانت تاريخياً هي الدول التي تستقبل أعداداً كبيرة من القرن الأفريقي- أصبحت الآن أعدادهم كبيرة جداً في اليمن، ولا يجدون مكاناً للخروج إليه.
هذه فقط بعض القضايا التي نتعاطى معها من منظور التزام اليمن بالمواثيق والعهود الدولية التي وافقت، وصدّقت عليها.
((توقفت الوزيرة عند هذا الحد لتفسح المجال أمام الحضور لطرح أسئلتهم أو استفساراتهم فيما يتعلق بما ذكرت من محاور، أو استجد لديهم من رأي)).
((تعليق وزيرة حقوق الإنسان على المداخلات والأسئلة))
استهلت السيدة أمة العليم السوسوة تعليقها قائلة : أن القضية التي ما نزال لم نعمل من أجلها كثيراً هي مسألة التوعية بحقوق الإنسان ، ليس لأننا نعتقد أن هذه القضية غير مهمة – بل على العكس- لأننا كنا بحاجة لأن نتلمّس ما هو الأسلوب الأمثل للخوص في هذا الموضوع الصعب والشائك ، لأن قضية التوعية بحقوق الإنسان ليست كقضية الدعوة إلى حملة نظافة، أو الإعلان عن منتج استهلاكي معين..
فهي قضية ترتبط بتفكيرنا، بأسلوب حياتنا، بالفلسفة التي تعيش عليها – كثير من التفاصيل التي تبدو بسيطة لكنها صعبة في التعاطي معها.. منها مثلاً القبول بالآخر، احترام الآخر، عدم التسفيه أو التقليل من شأنه.. فكل هذه لها جذور تاريخية في ثقافتنا لا نستطيع أن ننكرها أو أن نقول أن ثقافتنا مثالية.
وأكدت أن: الدعوة لثقافة حقوق الإنسان هي ليست مسئولية وزارة حقوق الإنسان فحسب، ولذلك نحن نعد لترتيب علاقاتنا مع الكثير من الأجهزة الحكومية - بدرجة أساسية – المعنية ، والقائمة على موضوعي الأمن والقانون. لأن كثير من المشاكل متعلقة بالدولة، وأجهزتها ، والأوعية التي تتعاطى مع المواطن..
وترى أن تعزيز ثقافة حقوق الانسان : تعتمد على وعي الدولة والفرد على حد سواء ، فضلاً عن التنشئة المجتمعية ، التي تعني أنه لا بد من النظر وبشكل جدي الى تغيير الكثير من الأشياء التي تربينا عليها.. وهنا لا بد أن يكون برنامج وطني متكامل، وليس فقط بمعية الحكومة، أو من حق المعارضة أن تعترض عليه ، إذ يجب أن يكون برنامجاً وطنياً تقتنع به كافة فئات المجتمع، لأنها تعني الجميع، محكومين وحُكّام.
ونفت الوزيرة أن يكون العمل بحقوق الإنسان مجرد إرضاءً للخارج ، أو تلميعاً لصورة اليمن ، مؤكدة أنه: (لم يعد هناك شيء بإمكانك أن تعمله خلق الأبواب المغلقة، ويتقبله الآخرون كما شئت أن يتقبلوه لو لم يكن واقعاً) ، معبرة عن امتنانها لوسائل الإعلام المختلفة التي ساعدت على إرساء هذه الحقيقة.
وأشارت : أن الغرب لا يهمه أن يكون هناك موضوع حقوق إنسان فعلي للمواطن اليمني أو غيره، فذلك لا يهمه، وإنما يجب أن يكون هذا الموضوع هو الذي يهمنا نحن كمستفيدين أو كمعانيين من عدم وجوده.
وأكدت: أن تقديم الناس الذين يخلوا بالأمن أو التعامل مع المواطن بمفهوم ، أو في دائرة الأمن هي أيضاً صعبة وحساسة، لكن تقديم هؤلاء الناس للقانون ومحاكمتهم بشكل علني، سيضعهم عبرة للآخرين الذين قد تسوّل لهم أنفسهم أنهم يمكن أن يقوموا بهذا العمل في غير مرأى ومسمع من الآخرين.
ووصفت (الفقر) بأنه : (المنتهك رقم واحد ، بغض النظر عن مصدره أو من يقوم به ، لأن انتهاك الإنسان لا يمكن أن تبريره)، وأضافت: ( أن الفقر هو المنتهك بمقتل في المسائل التي يجب أن تكون متوفرة لك، وواردة كحق إنساني وطبيعي).
وأشارت إلى : أن (موضوع حقوق الإنسان يُستثمر من جميع الأطراف لانتهاكات أخرى ، أو لمزيد من الاختلاف). مبدية أسفها فيما وصفته (غياب المشروع الوطني في أجهزتنا الإعلامية – سواء مملوكة للدولة أو للأفراد أو الأحزاب- للأسف الشديد تحتاج إلى إعادة نظر، والجلوس أمامها في حلقات نقاش وطنية للتعرف عليها) ، مبررة: (لأنه عند حدوث أي أزمة في اليمن ولو كانت بسيطة هناك من يؤجج لها ، ويزيدها ، ويضيف لها من الوقود- وهو الإعلام ) ، داعية إلى ربط الأمور (بالسلامة الاجتماعية والاستقرار).
ووصفت قراءة الصحف اليمنية بشكل يومي بأنها مادة (عسيرة الهضم، وثقيلة جداً، وفي غالب الأحوال مستفزة) وأنه لا يوجد هدف وراء الاستفزاز ( إلا المزيد من إشعال الحرائق والفتن من دون هدف وطني بعيد المدى يكون هو منبرنا ومحطة ارتقائنا).
ولأن معظم الصحف المحلية تصدر يومي الأربعاء والخميس، وأن السوسوة مضطرة لقراءتها جميعاً، فإنها تصف انطباعها قائلة: ( إنني أصاب باكتئاب) ، مفسرة ذلك : (لأنني أكمل قراءة آخر صفحة من آخر جريدة ولا أدري بالضبط إلى أين يريد أن يخلص بي مَنْ كتب هذا الموضوع أو هذه المجموع من التحقيقات، سوى إضافة مزيد من الشتائم، الكيل، التجريح ، وكأن هنالك استمراء لجلد الآخرين وجلد أنفسنا) وتضيف: ( أنك بهذا لا تشعل شمعة أخرى لتضيء الظلام بل تضيف إلى ذلك الظلام الدامس ظلاماً أكثر).
كما انتقدت جنوح بعض الصحف المعوّل عليها إلى الخوض في المسائل التي تجرح ، منوهة إلى غياب دور الصحافة في التعاطي مع مسائل حقوق الإنسان ، وقصورها على بعض الأخبار (التي غالبها مسيَّس) ، مستدركة: (باستثناء بعض الأعمدة الصغيرة).
كما تطرقت إلى موضوع السجون وأبدت استعداد الوزارة لإطلاع الراغبين من الصحافيين على تقارير نزول لجان الوزارة إلى السجون ، وبدون أية رقابة ، أو تحفّظ على شيء ، وقالت: (على الرغم من أن هناك بعض التحسين النسبي لكن المسألة لأزالت بحاجة إلى سياسة حكومية واضحة، وإلى إمكانيات) ، وعزت ذلك إلى النزول الميداني الدوري للجان الوزارة ، وكذلك لمنظمات المجتمع المدني إلى السجون.
وتحدثت عن (الإعسار والقضايا الخاصة) الذي يحول دون خروج البعض من السجون ، منوهة إلى أن القانون اليمني يبيح فرض عقوبتين في آن واحد ( حبس وغرامة مالية) الأمر الذي يمنع خروج البعض من السجون بسبب الإعسار.
مشيرة إلى أن وزارتها ومجلس الشورى وجهات أخرى قاموا بطرح بعض المقترحات التي من شأنها تسهيل حسم مشكلة الإعسار والديون للغير.
كما تحدثت عن أوضاع السجينات ، مبدية حزنها على ظلم العادات والتقاليد الاجتماعية لهن ، مشيرة إلى: ( أنهن يفضلن البقاء في السجن أكثر من الخروج منه ، لأنه يوفر لهن ظروف إنسانية أكبر) ، منوهة إلى أن: (القضايا المسجونة بموجبها النساء هي قضايا بسيطة وتافهة).
واعتبرت أن هناك أدوار مفقودة ينبغي أن تقوم بها وسائل الإعلام،والمؤسسات ، والمنظمات الجماهيرية، والأحزاب (التي تقول عن نفسها أنها تدعو إلى التقدم ومناصرة الضعفاء)، متسائلة: ( أين هي من هذه القضايا.. في التوعية والتربية، وإعادة النظر بهذه المفاهيم بأنه إذا دخلت المرأة السجن حقاً أو باطلاً فإنها لا تستطيع مغادرته من الناحية النفسية، وأنها ستظل موصومة بهذا العار إلى أن يقضي الله عليها!؟).
كما تطرقت إلى ما وصفته: ( قضايا لم تكن معروفة) كتهريب الأطفال إلى دول الجوار من أجل التسوّل ، وأن هناك أعداد كبيرة جداً يتم تهريبهم سنوياً دون أن ندري).
وعلى نطاق مسائل الرأي، أكدت الوزيرة: ( لا يوجد في القانون اليمني ما يمكن أن نضعه تحت عنوان سجين راي ، أوسجين سياسي)، وتطرقت إلى قضايا (المختفين)، واعتبرتها مرتبطة بإحداث عام 1986م، وأنه تم التعاطي معها من قبل (وثبت أنهم قُتلوا وأن أسرهم تتقاضى رواتب عن هذه المسألة) ، وأن الوزارة لديها حالياً لجنة إضافية تتابع بقية الحالات، مؤكدة: ( لا يوجد لدينا أي قضايا اختفاء سياسي).
ثم انتقلت إلى موضوع اللاجئين، موجزة كلامها بالقول: (أتصور أن على اليمن أن تستمر في سياستها الإنسانية في استقبال من يجد أن لا ملاذاً له إلا اليمن).
ووصفت الأمر بأنه: ( واجب إنساني وأخلاقي يجب علينا أنه إذا وجَدَ هذا الإنسان أنه ملاذ لحياته بأن يأتي إليها ويحتمي بها، فهذا أكبر عمل إنساني يمكن أن تقدمه له) ، مستدركة: ( من الضروري أن تُنظم هذه العملية ، ولا تصبح سداحاً مداحاً، أو قد تستثمر من البعض الذين قد يجدون في هذه التربة فرصة لهم لتفريخ شيئاً من الأفكار الهدامة ، أو الإساءة لأمن ، ومعتقدات ، وسلامة هذا المجتمع).
واعتبرت أن ما تقوم به اليمن بهاذ الصدد رغم ظروفها الاقتصادية الصعبة ( قيمة يجب أن نعزز منها، ونتساعد مع منظمة غوث للاجئين في توفير الظروف الأكثر إنسانية. لأنه لا توجد إنسانية أكثر من وجود الإنسان في وطنه، وفي أرضه)، مؤكدة: أن ذلك هو الموقف اليمني الرسمي من مسألة اللاجئين.
وفي ردها على سؤال "المؤتمر نت" حول كيفية التعاطي مع قضايا المعتقلين اليمنيين في سجون الولايات المتحدة أو غيرها، قالت السيدة أمة العليم السوسوة: ( إن وزارة الخارجية ، مع سفاراتنا في هذه الدول هي المعنية رقم واحد في متابعة هذه القضايا ، لكننا نتابعها أيضاً عبر المنظمات الدولية، والحديث المباشر مع الإدارة الأمريكية بمختلف مستوياتها).
وأضافت: ( لدينا 106 يمني معتقل في غوانتنامو – حسب كشف السلطات الأمريكية، إذ لم يتم التأكد بعد ، ونحن بانتظار الوفد الأمني الذي سيذهب للتأكد من هذا العدد) ، واستدركت: ( لكن مع وجود بعض الفتاوى في القضاء الأمريكي ربما كان سيفرج عن الكثير من هؤلاء المعتقلين، الذين بالنسبة لوزارتنا لم نتأكد أن فعلاً هؤلاء كلهم يمنيون ووثائقهم يمنية، وخلفياتهم معروفة- رغم أن البعض منهم قد تم التحقق من هويته أما عبر الصليب الأحمر الدولي أو عبر الجهات الأخرى).
واستأنفت: (بالنسبة لموضوع سالم حمدان فإن المحامي العسكري بالمحكمة الأمريكية هو نفسه ربما يجيء لليمن للالتقاء بأهله ، للتعرف على المزيد من حياته ليتم التعرف عليه).
مؤكدة: ( لا يمكن على الإطلاق للحكومة اليمنية أن يصل لعلمها أن هناك مواطن يمني في مكان ما ويتعرض لهذا النوع من الإجراءات إلا أن يكون للحكومة اليمنية دور لأجل ذلك - سواء كان ذلك الدور معروفاً أو غير معروف).
كما دعت: ( أتمنى أن تكون أدوارنا في حماية مواطنينا في الخارج متعززة، ويبدو لي أنه لا بد من إعادة النظر وتشكيل هيئات – حكومية أو غيرها- لمتابعة قضايا المواطنين اليمنيين الذي أصبحنا نسمع عنهم كثيراً وبالذات بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر) ..
... انتهــــــــــــى...
|