المؤتمر نت - (البيرق) اللبنانية:علي عبدالله صالح.. خمسة وعشرون عاماً من البذل والتضحية لبناء اليمن يوم 17 تموز يدخل الرئيس القائد علي عبدالله صالح عامه الـ26في حكم الجمهورية اليمنية.
وهكذا يؤرخ تشييد 26مدماكاً من العزة والكرامة والسيادة.. مداميك يسير في ركابها التاريخ شاهداً على بريق الزعامة والنقاء الوطني وكرامة الوقفة.. وهذه الخلائق لم تتهاد إلى الرئيس صالح عفواً بل هي محصلة العناء والمشقة والعناد بالحق والنفس الطويل الذي يرى في كل الم جديد وجهاً لأمل جديد ويؤمن بان البطولة الحق ليست بمقدار ما تكسب من جولات بل أن تأتي في النهاية مالكاً انفاسك ، لم تنقطع.
الرئيس علي عبدالله صالح كان دائماً النموذج والقدوة عرفته مدافعاًً عن قضية ، فالحجة شهباء والبينات نواهض ما هجر يوماً نفسه إلا ليفرغها في قضية كاسية وتصرف بانٍ‘ لهذا‘ ولكل هذا‘ ينظر الشعب اليمني بمحبة إلى القائد الكبير ويعضون عليه بالنواجذ أن يتابع المسيرة والنهج مهما كان البذل ومهما بلغ الفداء..في السابع عشر من تموز من العام 1978م تولى الرئيس علي عبدالله صالح مقاليد الحكم في اليمن.. ففي ذلك اليوم جرى انتخاب علي عبدالله صالح لأول مرة رئيساً للبلاد من قبل 75% من أعضاء مجلس الشعب التأسيسي الذي كان قائماً حينها وكانت اليمن تعيش أوضاعا خطرة ومعقدة نتيجة حالة الفراغ السياسي التي نتجت عن جملة الأحداث والتطورات التي شهدتها البلاد في تلك المرحلة‘ ولا تقام احتفالات رسمية بهذا الذكرى لان الرئيس علي عبدالله صالح المعروف بطبيعته المتواضعة ، وبساطته وقربة من الناس العاديين لم يكن يوما محباً أو ميالاً لمثل هذه الأشياء ولم يجعل من ذكرى تسلمه السلطة يوماًً وطنياً للاحتفال والتباهي وتمجيد الذات كما هو حال الكثير من الزعماء‘ بل راح على مدى سنوات حكمه يتعامل مع هذا الموضوع بصورة طبيعية على أساس انه من المسائل الشخصية برغم ما يمثله من أهمية كبيرة بالنسبة للوطن اليمني ، وما له من مكانة خاصة ورفيعة في نفوس اليمنيين الذي يعتبرون يوم الـ 17من تموز 1978م يوما تاريخياً مشهودا له بالنسبة لهم كنقطة للتحول ومحطة للانطلاق نحو التنمية والبناء والاستقرار والأمن والسلام..فقد عاشت اليمن معظم سنوات عقد السبعينات من القرن المنصرم في دوامة العنف والفوضى ، عندما سادت الصراعات بين القوى السياسية في البلاد واخذت أشكالاً وأبعاداً مختلفة‘ كما سادت القلاقل والصراعات المسلحة وأعمال التخريب التي انتشرت في عدد من المناطق وكذلك التوترات التي كانت حاصلة في العلاقات بين شطري اليمن ، حينها‘ وما كانت تؤدي اليه من تداعيات على صعيد الاشتباكات والصدمات والمواجهات العسكرية بين الطرفين .. ثم حوادث الانقلابات والاغتيالات إذ شهد العام 1974م انقلاباً عسكرياً قادة المقدم إبراهيم الحمدي الذي استولى على السلطة ، و تولى رئاسة اليمن لمدة ثلاثة أعوام‘ وبعد اغتياله في تشرين الأول 1977م ، تولى السلطة المقدم احمد الغشمي‘ وبعد اشهر معدودة‘ قتل هو الأخر وذلك في اليوم الرابع والعشرين من حزيران 1978م بواسطة حقيبة ملغومة حملها اليه مبعوث سالم ربيع علي رئيس الشطر الجنوبي من اليمن‘ آنذاك .. وكذلك الحال بالنسبة لم كان يعرف بجنوب اليمن الذي شهد هو الأخر انقلابات ودورات عنف وصراعات ومواجهات أكثر دموية وبصورة مكررة بين أطراف السلطة وأجنحة النظام الاشتراكي الماركسي في هذا الشطر من الوطن اليمني..وقد عاشت اليمن قبل عام 1978م حالة من الانفلات الأمني الكامل والفراغ السياسي ووصلت الأوضاع إلى حد كان معه اليأس قد دب في نفوس اليمنيين الذين كانوا قد فقدوا الأمل ، وكانوا يترقبون حربا أهلية شاملة تأتي على الأخضر واليابس..وبعد مقتل الرئيس الغشمي‘ في تلك الأحوال الحرجة التي كانت فيها البلاد على مشارف الهاوية ، قرر مجلس الشعب التأسيسي ان يظل في حالة انعقاد دائم ،و ذلك في حين أحجم الكثيرون عن تولي السلطة ورفضوا تحمل مسؤولية قيادة اليمن لان الأوضاع وحوادث الاغتيالات والانقلابات‘ يومها ، أرهبت الجميع وزرعت الخوف في نفوسهم وجعلتهم يتهربون ويرفضون تولي منصب رئاسة البلاد على اعتبار ان الجلوس على كرسي الرئاسة كان يعني "ا لموت" في نظر الكثير ممن اعتبروا أن الاقتراب منه معناه الانتحار.. في تلك الأثناء رأى أعضاء مجلس الشعب التأسيسي أن اليمن بحاجة إلى شخص قوي لديه القدرة والكفاية على خوض غمار التحدي ومواجهة الأخطار المحدقة بالوطن وأبنائه.. ليستقر بهم الرأي على علي عبدالله صالح الذي كان‘ وقتها‘ يشغل منصب قائد لواء تعز (محافظة تعز).. ذلك أن علي عبدالله صالح يعتبر من المناضلين البارزين في ثورة أيلول 1962م التي كان قد شارك في معظم معارك الدفاع عنها ابتداء من عام 1958م وهو في السادسة عشره من العمر ، ثم قامت الثورة وبدأت معارك ضد ما سمي‘ حينها‘ بقوات المرتزقة الذين أرادوا احباط هذه الثورة وإسقاط النظام الجمهوري في اليمن ، فاستمرت معارك الدفاع عن الثورة والجمهورية حتى عام 1967م حيث تمكن مناضلوا الثورة اليمنية من تحقيق نصر حاسم تمثل بالتخلص مما تبقى من فلول المرتزقة وسجل علي عبدالله صالح خلال تلك الفترة مواقف بطولية شجاعة ونادرة.. ولم يكن من علي عبدالله صالح في ظل تلك الأحوال المعقدة التي كانت تعيشها اليمن‘ وبعد ما وجد أن الأوضاع في البلاد وصلت إلى منعطف خطر سيكون من الصعب الخروج منه إذا سارت الأمور على ما هي عليه‘ لم يكن منه إلا ان وافق على انتخاب مجلس الشعب له كرئيس لليمن.. فأقدم على تحمل المسؤولية وخوض غمار التحدي الصعب في خطوة وصفت حينها بأنها مجازفة خطرة من جانبه إلى درجة أن الكثيرين قالوا ، يوم ذاك إن علي عبدالله صالح قرر الانتحار‘ واختار الموت لنفسه.. فهو عندما تقدم نحو كرسي الرئاسة وقبل ان يتولى مقاليد الحكم كان يتوقع الموت في أية لحظة إلى درجة انه كان قد جهز لنفسه كفناً واحتفظ به استعداداً للقاء الموت الذي كان يتوقعه..والرئيس علي عبدالله صالح يصف ذلك اليوم الذي تولى فيه رئاسة اليمن بقوله: "كنت اشعر بصعوبة المهمة واعرف أن فقداني لحياتي سيكون في أية لحظة ، لكن التضحية في سبيل الوطن واجبة وسهلة".. ويضيف: لقد اخترت كفني ولم اخش شيئا عندما طلب مني تحمل المسؤولية.. وما كنت أخشاه هو أن ينتكس الوطن.. بهذه الكلمات‘ وصف الرئيس علي عبدالله صالح مشاعره وهو يجلس على كرسي الحكم في الـ17من تموز1978م ولم لا وهو الذي خاض معظم معارك الدفاع عن الثورة وتعرض مرات عديدة لإصابات مختلفة في جسمه‘ وكثيرا ما واجه الموت في مواقع القتال خلال تلك المعارك التي يشهد زملاؤه فيها انه كان أكثرهم شجاعة وجرأة واستبسالاً.
وبعد ثلاثة اشهر فقط من توليه مقاليد الحكم في اليمن‘ وتحديداً في الخامس عشر من تشرين الأول عام 1978م تعرض الرئيس علي عبدالله صالح لمحاولة انقلابية قام بها جماعة من الناصريين‘ لكنه استطاع التغلب عليها وعلى غيرها من العقبات والصعوبات التي واجهته‘ بعد ذلك‘ لينطلق في قيادة مسيرة اليمن‘ وسط اجواء من التفاؤل والأمل الذي ملاء نفوس المواطنين اليمنيين الذي استبشروا بذلك خيرا.. وقد كانت أولى خطوات الرئيس علي عبدالله صالح عند توليه مقاليد الحكم في اليمن عام 1978م أن عمل على تهيئة الأوضاع في البلاد وإعادة مناخات الأمن والاستقرار من خلال جملة من الخطوات والتدابير التي حرص على اتخاذها.. ولعل ما خاضه الرئيس علي عبدالله صالح من تجارب خلال مراحل النضال قبل وبعد ثورة أيلول 1962م وما قام به من مهام وادوار وطنية وتقلده خلال ذلك مناصب قيادية مختلفة.. كل ذلك كان قد اكسبه قدراً كبيرا من الخبرة التي مكنته من قيادة الوطن اليمني بكفاية ونجاح أضف إلى ذلك حرصه منذ اللحظة الأولى ، على الابتعاد عن التبعية والولاءات الحزبية والمناطقية الضيقة ، ومن منطلق تمسكه الشديد بالتسامح الإنساني‘ بادر إلى إصدار قرار عفو عام شمل جميع المتورطين في أعمال الفوضى والتخريب التي شهدتها اليمن ، حتى أن أولئك الذي تورطوا في مؤامرة الانقلاب الفاشلة شملهم هذا القرار.. وبالتالي فقد استطاع الرئيس علي عبدالله صالح بحكمته وحنكته القيادية وحرصه على مصالح اليمن العليا وما يؤمن به من قيم التسامح والحوار‘ أن يضع حداً لأعمال العنف والصراعات والفوضى التي كانت سائدة في اليمن.. ولهذه الغاية‘ عمل على تشكيل لجنة حوار وطني ضمت ممثلين عن مختلف القوى والتيارات والفعاليات السياسية والاجتماعية في الساحة اليمنية ، وتوصلت هذه اللجنة إلى صياغة وثيقة وطنية وافق عليها جميع الأطراف وسميت "الميثاق الوطني" وقد عقد على اثر ذلك مؤتمر عام تم انتخاب أعضائه من قبل المواطنين‘ على مستوى المناطق اليمنية.. كذلك شاركوا في استفتاء على مشروع الميثاق الوطني وكان لذلك المؤتمر الذي استمر كتنظيم أطلق عليه المؤتمر الشعبي العام وضم في صفوفه جميع الأطراف السياسية والتيارات الحزبية‘ أن اقر الوثيقة.. وهذا كتنظيم هو الحزب الحاكم حالياً في اليمن.. أما الأحزاب القائمة في الساحة اليمنية فقد كانت جميعها منضوية فيه قبل أن تعلن عن نفسها وتشكل كأحزاب مستقلة بعد قيام الوحدة اليمنية في أيار 1990م.. ولابد من الإشارة أيضاً إلى أن الرئيس علي عبدالله صالح نجح في تهدئة الموقف مع ما كان يعرف بجنوب اليمن‘ووضع حداً للتوترات التي كانت قائمة فيه من خلال الحوار السلمي واللقاءات التي كانت تتم بين المسئولين في الشطرين قبل الوصول إلى تحقيق الوحدة.. ويرى كثير من المراقبين والمتابعين والمهتمين بالشأن اليمني أن الرئيس علي عبدالله صالح استطاع بما يتمتع به من حكمة وفطنة وكياسة وما يتصف به من روح التسامح والحوار، قيادة سفينة اليمن بكفاية وشجاعة واقتدار مجنباً بذلك وطنه وشعبه كل المحاذير.. وقد سار الرئيس اليمني ، منذ اليوم الأول لتوليه ، على منهجية الحوار وانطلق مؤمناً إيماناً راسخاً بقيم المحبة والتسامح ، ومد يده بيضاء للجميع من مختلف القوى والأطراف السياسية‘ مركزاً على أسلوب الحوار ‘ منذ البداية أساساً للتعامل مع الآخرين وفي معالجة مختلف القضايا الوطنية التي كان في مقدمتها تلك الأوضاع التي تمثلت بأعمال العنف والفوضى الصراعات السياسية وحالة عدم الاستقرار التي كانت سائدة في اليمن خلال الفترة التي أعقبت قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962م حتى عام 1978م عندما عمل الرئيس علي عبدالله صالح بعد تسلمه مسؤولية قيادة الوطن ، على معالجتها من خلال الحوار والتسامح..والرئيس علي عبدالله صالح اخذ بخيار الديمقراطية وسار على هذا النهج منذ البداية مجسدا بذلك ما وعد به جماهير الشعب في أول خطاب له القاه عند توليه مقاليد الحكم وفيه: "نؤكد لجماهير الشعب إصرارنا على مواصلة مسيرة البناء الشامل في إطار الحرية والديمقراطية.. وسوف أمد يدي نظيفة إلى الجميع من اجل بناء اليمن ومن اجل سعادة شعبنا وأمنه واستقراره وسيادته.. ولن نفرق بين مواطن وأخر إلا من حيث السلوك والممارسة" ولعل ذلك ما يعيشه اليوم أبناء اليمن حقيقة ملموسة على ارض الواقع.. وهناك الكثير من المعطيات والحقائق الأخرى التي تمثل دلالات حيه على نهج التسامح والحوار الذي يتجسد دوما في شخصية هذا الرجل ومن ذلك قرار العفو العام الذي أصدره عن المغرر بهم خلال حرب صيف عام 1994م‘ في حين كانت المواجهات ما تزال على اشدها ، ونيران المعارك تشتعل‘ ثم عاد ي آيار 2003م وأصدر عفا عن قائمة الـ16من العقوبات التي حددتها الأحكام الصادرة في عام 1977م‘ ومن ثم دعوته المهاجرين للعودة إلى الوطن والإسهام في بنائه..كذلك فإن الرئيس علي عبدالله صالح فور تسلمه سلطاته سارع إلى إغلاق السجون والمعتقلات السياسية ، ولم تعرف اليمن في عهده معتقلات من هذا النوع حتى انه في عهد الوحدة وتحديدا بعد انتهاء الحرب التي شهدتها اليمن في منتصف عام 1994م‘ تولى بنفسه الإشراف المباشر على تهديم معتقل (فتح) بعدن وهو اشهر المعتقلات السياسية التي عرفها ما كان يسمى الشطر الجنوبي من الوطن في مرحلة ما قبل قيام الوحدة بحيث تحول ذلك المعتقل بعد إعادة بنائه إلى مدرسة ابتدائية وروضة للطفولة لطالما رعاها وأحاطها بعطفه ودفء حنانه الأبوي..مسيرة التجربة الديمقراطية اليمنية وصلت إلى مستوى متقدم جعلها تمثل تجربة رائدة ونموذجا فريدا على مستوى الوطن العربي والعالم الثالث‘ فالخطوات المتقدمة التي قطعتها اليمن بقيادة الرئيس علي عبدالله صالح في مضمار الديمقراطية وما حققته من نجاحات متميزة على صعيد العمل الحزبي التعددي والمشاركة الجماهيرية الواسعة في هذا المجال من الأمور التي جعلت هذا البلد يحظى باحترام وتقدير عالمي كبير ، وهو ما تجسد من خلال احتضان صنعاء لفعاليات المؤتمر الإقليمي للديمقراطية وحقوق الإنسان في يناير المنصرم ومن ثم فقد شهدت اليمن في عهد الرئيس علي عبدالله صالح تحولات استراتيجية كبيرة ونهضة تنموية واقتصادية شاملة في مختلف القطاعات الاقتصادية والتنموية.. كذلك كانت الوحدة اليمنية التي تحققت في الـ 22من أيار 1990م أعظم إنجاز يسجله التاريخ للرئيس علي عبدالله صالح الذي رفع شعار هذه الوحدة‘ وعمل من اجلها منذ ان تولى مسؤولية قيادة اليمن‘ وبالتالي فقد جعل من الديمقراطية والتعددية السياسية وحرية الرأي رديفا أساسيا للوحدة التي أصبحت اليوم اكثر قوة ورسوخاً.. وإلى جانب المنجزات الاستراتيجية التي حققها الرئيس اليمني لبلاده خلال الأعوام الخمسة والعشرين المنصرمة. .هناك أيضا مكاسب خارجية كبيرة في تحقيقها ومن ذلك تعزيز علاقات التعاون والشراكة مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة‘ إضافة إلى معالجة قضايا الحدود بطرق سلمية مع الدول المجاورة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.. وذلك أن اليمن في عهد الرئيس علي عبدالله صالح انتهجت سياسة خارجية متوازنة تقوم على مبدأ الشفافية والحوار والتعايش السلمي‘ وهو الأمر الذي اكسبها احترام وتقدير مختلف الأطراف الإقليمية والدولية.
نقلاً عن صحيفة"البيرق" اللنانية:
|