يحيى نوري -
العدو ولحظات ما قبل قلب الطاولة
هل يعي العدو مغزى ومدلول ما اعلنه مؤخراً الناطق الرسمي باسم الجيش، والذي كشف بوضوح وجلاء عن ان مسألة دخول الجيش اليمني إلى مدن نجران وجيزان وعسير بات عملية مرهونة باتخاذ قرار سياسي سيمثل الاشارة الخضراء للجيش واللجان في البدء باستعادة هذه المدن الى وطنها اليمني..
لانعتقد ان العدو سيفهم هذه الرسالة ويتخلى سريعاً عن حالة الغرور والاستكبار التي يعاني منها وجلبت له المصائب والكوارث واصبح بسببها فاقداً للعقل والبصيرة يصر على الاستمرار في حماقته وهو في الوقت ذاته يعلم فظاعة المستنقع الذي يغرق فيه كل يوم ويدفع كل لحظة ثمناً باهظاً له، خاصة بعد ان تحولت اليمن بصمودها وقوة وعنفوان جيشها ولجانها الشعبية الى محرقة لأمواله- كما وصف ذلك عتاولة كُتّاب التحليل السياسي في كبريات الصحف العالمية في تشخيص دقيق للحال الذي وصلت إليه السعودية جراء عدوانها الغاشم على اليمن..
ولاريب ان استكبار العدو ومحاولة تهميشه معنى ومدلول مضامين تصريح الناطق الرسمي باسم الجيش اليمني ستكون له عواقب وخيمة لايرغب اليمن في الوصول بالامور اليها ومازال يأمل أن تجد تفهُّم العدو وتعامله معها كونها فرصة ثمينة يمنحها الجيش اليمني له للتفكير المنطقي وبما يهيئ له التعاطي المسؤول مع كل ما فرزه عدوانه من كوارث عدة ليس على اليمن فحسب وانما على السعودية نفسها ودول المنطقة.. ويوفر مناخات مواتية للحلول السلمية ويمنع الانجرار الى مآلات كارثية اذا ماحدثت فإنه يستحيل بعدها التراجع..
وعلى هذا الاساس يجب ان يفهم العدوان ان القرار الذي ينتظره الجيش اليمني لم يُتخذ بعد والذي قد يقلب الطاولة رأساً على عقب، خاصة وان استعادة مدن نجران وجيزان وعسير بالقوة العسكرية ستخلق واقعاً جديداً بكل معطياته واجندته لعل من ابرزها استحالة خروج اليمنيين مرة ثانية من اراضيهم وتركها للاحتلال مهما كان الثمن.
ولكون العدو- كما اشرنا- مازال يقبع في دائرة الاستكبار والغرور فإن عليه ان يدرك تماماً ان استمراره في عتوه هذا سوف لن يلحق به الا المزيد من الخسائر الكارثية وأن مايتصوره من احقية في استمرار هيمنته على الاراضي اليمنية هو مجرد وهم وسراب وان المعاهدات والاتفاقات بشأن الحدود لاتمثل اي احقيه باعتبار الاهداف التي انجزت من اجلها لم تتحقق..
فالحدود التي ارتضت بها قيادات يمنية وليس الشعب بهدف عدم الانجرار للفوضى والخراب والدمار لم تتحول الى جسور اتصال وتواصل وبقيت العلاقات بين البلدين رهينة لأهواء آل سعود الذين ضربوا بكل الاتفاقات عرض الحائط واصروا على الاستمرار في حبك المؤامرات ضد اشقائهم باليمن، الامر الذي فاقم من معاناة الشعب اليمني جراء كل المؤامرات التي حبكها آل سعود ورصدوا لها الامكانات المالية الكبيرة والتي كان لهم ان يستثمروها باليمن خيراً من رصدها لتدميره وتخريبه.
ولعل استعادة مدن نجران وجيزان وعسير وبكل ما تمثله من اطار جغرافي الى الوطن اليمني سيكون هو الهدف الاسمى والانبل الذي يرغب شعبنا اليوم في تحقيقه طالما قضية الحدود ومحاولات ابعاد فتيل تفجيرها لم تُجْدِ فأصبحت بفعل العقلية السعودية التآمرية قضية تؤرق اليمنيين لكونها اضحت منافذ لايؤتمن من خلالها ايقاف التآمر السعودي وما يلحقه من كوارث تعاني منها اليمن ارضاً وشعباً بل وتهدد كيانها وحاضرها ومستقبلها، فالشعب اليمني يدرك اليوم فظاعة ماترتكبه اسرة آل سعود من مآسٍ بحقه دون اي مبرر سوى الرغبة في كبح جماح اليمنيين واندفاعهم باتجاه التطور والتحديث لحياتهم.
ووفقاً لفظاعة عدوانهم الذي يواصل قتله لليمنيين وتدمير بنيتهم التحتية فإن على العدو السعودي ان يدرك تماماً ان اليمنيين خرجوا من (قمقمه) ولن يعودوا رعايا وباتوا اكثر حرصاً اليوم على بلوغ علاقات متكافئة تسودها الندية وفي اطار اجندة واضحة وجلية تنتصر لمصالح الشعبين وتضع حداً لكل الممارسات التي خلقت حالة الاستكبار وافقدت علاقات البلدين التوازن المنشود وبسبب ذلك وصلت الامور الى مانراه اليوم من تصدع خطير في اطار عدوان غاشم ضرب عرض الحائط بكل قيم الاخوة وحسن الجوار.
خلاصةً.. ان شعبنا وجيشنا وهو في عنفوان انتصاراته مازال يأمل في عدم الانجرار الى النقطة التي يستحيل بعدها التراجع..
وإن على آل سعود ان يتخلوا عن استكبارهم ويجنحوا للسلم وان يبدأوا من خلال ذلك الحفاظ على مملكتهم المتهالكة ويسعوا مع اشقائهم باليمن الى الانتقال لإطار جديد من العلاقات المتكافئة التي تخدم شعوبهم، وتعزز من امنهم، بل والامن العربي والمصالح الدولية عموماً..