المؤتمر نت - فهرنهايت مور .. والوجه القبيح للسياسة من حسن حظ المخرج الأميركي الشهير مايكل مور أنه ليس عربيا أو ينتمي لبعض الدول في العالم الثالث، وإلا لفقدنا أثره منذ مدة، جزاء على فيلمه الأخير الذي أثار ضجة كبيرة وأقام الدنيا ولم يقعدها حتى الآن على رأس الإدارة الأميركية وقائدها جورج دبليو بوش.
فهرنهايت ١١/٩..فيلم وثائقي يتحدث عن الرئيس الأميركي جورج بوش كاشفا حقائق خطيرة ومفارقات غريبة تفجر عشرات التساؤلات، لم استطع تحديد الهدف الرئيس منه والذي دفع بمور لإنتاجه بمفرده والركض وراء المعلومات على مدى أشهر طوال، أكانت خطوة جاءت بمباركة الحزب الديمقراطي الذي يسعى للإطاحة بنظيره الجمهوري وممثله بوش في الانتخابات القادمة؟!
أم كانت فورة غضب لدى مور حين وقعت بعض الإثباتات الدامغة تحت يديه وأراد أن يعممها على الشعب الأميركي؟! أم كان مدفوعا بالغضب مما حصل لأبناء جلدته في حروب بوش في أفغانستان والعراق، ونواح العائلات على أرواح أبنائهم الذين قاتلوا في حرب لا يعرفون حقيقة دوافعها وأهدافها؟!
بغض النظر عن الاجابة التي قد تكون مماثلة للفيلم بكشفها عن أمور وحقائق تزيدنا استغرابا، فإن الفيلم يجعلك في بادئ الأمر تستغرب، من امكانية أن يقوم شخص بتوجيه انتقادات لاذعة لأعلى سلطة ويشكك فيها بأدلة دامغة، وكيف أن الفيلم يعرض في الولايات المتحدة ويكون بوش من ضمن مشاهديه دون أن يحرك أي ساكن أو يقوم برد فعل تجاه مور.
أهي قمة الديمقراطية والحرية هناك؟! أم أن ما ساقه مور حقائق لا يمكن لبوش حتى الحديث عنها؟!عموما، عند نهاية الفيلم، فكرت بأن عرض الفيلم هنا في البحرين يعد شجاعة من وزارة الإعلام وتحديدا إدارة المطبوعات والنشر، فما نعرفه أن العرف السائد لدينا دول خليجية وعربية أنه لا يحبذ المساس برموز سياسية لأية دول صديقة، فما بالك بالولايات المتحدة التي تعتبرنا حليفا استراتيجيا خارج الناتو؟!
لكنني ارى أن هنالك مغزى وغاية وراء ذلك تشكر عليها وزارة الإعلام، إذ أن عرض الفيلم يتسق مع عديد من الأفكار والمواقف العربية، بالاخص الحرب على العراق، والأخذ بمصداقية الرئيس الأميركي جورج بوش في ذلك.بداية هل كان بوش هو الرئيس الفعلي الفائز بالانتخابات، أم آل غور الذي أشارت كل الدلائل التي ساقها مور إلى أنه تعرض لغبن واضح باستغلال مراكز القوى والنفوذ من جانب قيادي حملة بوش.
إضافة إلى ذلك والمسألة الأهم والاخطر، انتهاج بوش لسياسة الحرب وتدمير العالم تحت ذريعة محاربة الإرهاب، فقط بهدف تثبيت دعائم رئاسته التي تزعزعت مع سقوط برجي مركز التجارة العالمي في الحادي عشر من سبتمبر، والاثباتات التي ساقها الفيلم من فم قيادة أركان الجيش بأن إلقاء اللوم كان يفترض أن يوجه إلى العراق وأن بوش طالبهم بإلصاق إسم العراق إلصاقا فيما يتعلق بهجمات الجو الإرهابية.
طبعا لن أخوض فيما اورده مور من علاقة عائلة بن لادن بعائلة بوش من مصالح تجارية، اذ أجزم بأن العديدن تهافتوا على مشاهدة الفيلم، لكن ما يمكن أن يكون نقطة من شأنها تدمير أي مصداقية باقية للحزب الجمهوري، هي الاقوال المتناقضة التي سجلها هذا المخرج المبدع لقيادات بوش قبيل الحادي عشر من سبتمبر وبعد حرب أفغانستان بخصوص العراق.
والتي تحولت من عجز لدى الإدارة العراقية في تطوير اسلحة الدمار الشامل، وتقويض قدرات صدام العسكرية، إلى تفوق عسكري نووي ملحوظ، ومخابئ تحت الأرض، وامتلاك لقنبلة نووية، وطبعا كل هذه الأمور كشفت عنها الحرب، إذ ما زلنا نتساءل اين ذهبت اسلحة الدمار الشامل، وكم هي النسبة المئوية للاستقرار العراقي قبل وبعد صدام؟!
فهرنهايت ١١/٩ ..ليس مجرد فيلم وثائقي عادي، بل هي مادة تكشف للجميع، وبالاخص الناس البسطاء، كيف يمكن أن تتحول السياسة إلى لعبة قذرة يتم فيها التلاعب بالحقائق أرواح الناس على حساب المصالح والرغبات.مازلت اتذكر شهقات العديد من الحضور الأجانب في قاعة السينما، والذين أعتقد أنهم صدموا بكل ما شاهدوه، وفي ذات الوقت أتذكر كلمات مايكل مور الشهيرة في مهرجان كان والتي وجهها لرئيسه بوش .."هذه ليست حربنا يا سيد بوش .
عار عليك يا سيد بوش لقد حان وقتك"، حرقت بغداد بأسباب واهية، وأزهقت أرواح شباب الولايات المتحدة لاطماع ومكاسب، ومكائد تحاك في الخفاء للسيطرة على مقدرات العالم، وكل ذلك باسم السلام العالمي ومحاربة الإرهاب...شكرا جزيلا مايكل مور.
الأيام-البحرين
|