المؤتمرنت - الديمقراطية والحوار في فكر الزعيم عاشت اليمن احتراباً وصراعاً داخلياً وتدخلاً خارجياً احرق كل مقدرات البلاد وقضى على خيرة شبابها وظلت الصراعات المسلحة تحصد قيادات البلاد واحداً تلو الآخر في مشهد مؤلم لا يختلف عن مآسي اليوم التي يخلفها العدوان السعودي على اليمن..
فمنذ أن تولى الزعيم علي عبدالله صالح مقاليد الحكم في البلاد يوم الـ17 من يوليو عام 1978م كان ديدن هذا القائد الوطني الفذ هو انتهاج الحوار والديمقراطية لإنقاذ اليمن من هذه الحروب العبثية والتوجه لبناء اليمن الجديد المواكب لتطورات العصر.
واستطاع الرئيس الصالح خلال 33 عاماً أن يكرس مبدأ الحوار والديمقراطية في نهجه السياسي ونجح في اخراج اليمن من أزماتها الطاحنة، لذلك عند قيام الجبهة الوطنية الديمقراطية في المناطق الوسطى بالأعمال المسلحة قام باحتواء هذه الجماعة من خلال الحوار مع قياداتها منقذاً البلاد من أتون تلك الفتنة التي كادت أن تعصف بالوطن لتعود الأمور الى نصابها بعد المعالجات التي أقدم عليها الرئيس للخروج بالبلاد من تلك الأزمة.
واستمراراً للنهج الذي دأب عليه الرئيس السابق في تكريس مبدأ الحوار قام في عام 1982م بتشكيل لجنة الحوار الوطني التي من مهمتها صياغة الميثاق الوطني والذي شاركت فيه كافة القوى السياسية من اسلاميين ومستقلين ويساريين وقوميين لينبثق عن ذلك الميثاق الوطني الذي أصبح الدليل الفكري للمؤتمر الشعبي العام.
لقد أثبت الزعيم علي عبدالله صالح بتشكيل لجنة الحوار التي أعدت الميثاق الوطني أن رؤيته الوطنية وفكره السياسي أكثر تقدماً من كافة الأحزاب والتنظيمات السياسية وأنه كان يستشرف آفاق المستقبل أكثر من غيره وكأنه كان يعلم أن التعددية السياسية هي التي ستسود في المستقبل، عاجلاً أم آجلاً، وهو الأمر الذي غاب عن أذهان الكثيرين لكنه بحكمته وحنكته السياسية أدرك ذلك مبكراً وعمل على تحقيقه على الواقع.
نجح الزعيم علي عبدالله صالح في وقف نزيف الدم اليمني والاقتتال العبثي وأعاد الأمن والاستقرار والسلام إلى ربوع اليمن من خلال انتهاج الحوار لحل الخلافات بين القوى السياسية اليمنية وبذلك استطاع أن يوحد كل القوى ويوجهها لخوض معركة وطنية واحدة وهي معركة البناء والإعمار والتي اعطت ثمارها المدهشة في مختلف مناحي الحياة وعمت خيراتها كل ابناء الشعب اليمني من كل أرجاء الوطن والتي توقفت بعد مؤامرة 2011م التي قادها الاخوان المسلمون والحزب الاشتراكي والوحدوي الناصري والحراك الانفصالي والجماعات الارهابية..
وبعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في 22 مايو 1990م حرص موحد اليمن على التمسك بنهج الحوار الديمقراطي لتجسيد الشراكة الوطنية من خلال طرحه عدداً من المبادرات بعد اندلاع الأزمة السياسية على قيادة الحزب الاشتراكي اليمني رغم تعنتها وإصرارها على رأيها في مواصلة تأزيم الأوضاع في البلاد لجرها الى الحرب الاهلية ليعلنوا بعد ذلك نواياهم الخبيثة والمتمثلة في إعلان الانفصال الذي كانوا يخططون له من بعد قيام الوحدة مباشرة ليأتي بعد فشل مؤامرة الانفصال قرار الأخ الرئيس الذي جاء قاصماً لظهورهم بإعلانه قرار العفو العام عن جميع المغرر بهم ممن قادوا مؤامرة الانفصال التي كانت ممولة سعودياً وإماراتياً عام 1994م..
ولأن الوحدة اليمنية كانت اسمى أهداف أبناء الشعب اليمني الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم من أجل تحقيق هذا الهدف النبيل الذي ليس من المعقول أن تتم التضحية به، في ذلك الوقت تجلت صحة رؤية الزعيم علي عبدالله صالح التي أعلنها صراحة وفي ميدان السبعين وأمام الحشود الجماهيرية: »الوحدة أو الموت«.
لقد تولى الرئيس علي عبدالله صالح مسؤولية قيادة الوطن في ظل ظروف صعبة وأمواج متلاطمة من الأحداث والتحديات الكبيرة سواء داخل ساحة الوطن أو بين شطريه حينها أو على مستوى دول المنطقة عموماً، فتلك الفدائية التي جسدها الزعيم في 17 يوليو 1978م ظلت حاضرة بدعواته الشجاعة والمستمرة لتجاوز الأزمة الأخيرة ومواجهة المؤامرة التي يتعرض لها الوطن حالياً، فإذا كان بالأمس يقول: »لا خيار سوى خيار الديمقراطية الذي يعبر من خلاله الشعب عن إرادته الحرة من خلال صناديق الاقتراع لحكم نفسه بنفسه وتجسيد مبدأ التداول السلمي للسلطة.. وفي ظل الديمقراطية فليتنافس المتنافسون ببرامجهم ورؤاهم بعيداً عن العنف والتآمر أو إلحاق الأذى بالوطن ومصالحه«..
فها هو اليوم يجسد ذلك النهج مجدداً بتوجيه دعوة صادقة ومخلصة وصريحة من أجل التصالح والتسامح والحوار وتوحيد الصف الوطني لمواجهة الحرب الاجرامية الوحشية التي تشنها دول تحالف العدوان بقيادة السعودية على بلادنا منذ عام ونصف دون مبرر.. وفي ذات الوقت يجدد الزعيم دعوته إلى ضرورة حل الخلاف مع السعودية عبر اجراء حوار يمني سعودي بإشراف الأمم المتحدة كضرورة لحل الأزمة اليمنية..
لقد ظل الزعيم خلال حكمه يحذّر كل القوى السياسية ويقول: »على الجميع الاستفادة من تجارب الماضي ودروسه وفتح صفحة جديدة والبدء في حوار جاد ومسؤول تحت قبة مؤسسات الدولة الدستورية دون أي شروط مسبقة من أي طرف كان بعيداً عن حوار الطرشان أو تسجيل المواقف، وذلك بما يخدم الوطن ويعالج كافة القضايا الوطنية في إطار احترام الدستور والقوانين النافذة والالتزام بالثوابت الوطنية«.
هذا هو موقف ونهج الزعيم علي عبدالله صالح، ولكن ماذا نجد عند المتآمرين الذين أصروا أكثر من مرة على التنصل عن كافة الاتفاقيات التي أبرمت بينهم وبين المؤتمر الشعبي العام حتى أوصلوا البلاد الى ما تعيشه منذ عام 2011م من أوضاع مأساوية وأزمات كارثية وصلت في 26 مارس 2015م الى عدوان سعودي همجي يهلك الحرث والنسل دمر ويدمر مقدرات البلاد ومكاسب الشعب اليمني والذي مايزال مستمراً بسبب تورط احزاب سياسية في هذه المؤامرة التي تستهدف اليمن أرضاً وإنساناً.
الإيمان بالديمقراطية
لقد عمل الزعيم علي عبدالله صالح -رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الشعبي العام- من خلال نهجه الديمقراطي على تجسيد المعنى الحقيقي لحكم الشعب نفسه بنفسه وتحمل مسؤولياته في تسيير أمور حياته السياسية والمشاركة الشعبية في إقامة وإنشاء السلطات الدستورية والمركزية والمحلية المنبثقة عبر الإرادة الحرة، وإنْ تحققت هذه الغاية بصورة متدرجة عبر مراحل متميزة في تطور الحياة السياسية اليمنية بشكل عام والتطور السياسي بشكل خاص، وهذا ما عبر عنه منذ توليه المسؤولية في أول كلمة له عقب أدائه اليمين الدستورية في مجلس الشعب التأسيسي في 17 يوليو عام1978م.
إذاً فهذا هو الزعيم علي عبدالله صالح رجل التصالح والتسامح والديمقراطية والحوار الذي ما فتئ يقدم التنازلات تلو التنازلات من أجل الوطن والشعب وعدم إراقة الدم اليمني، وتتجلى عظمة هذا القائد الوطني البارز بتسليمه السلطة عام 2012م طواعيةً وليس خوفاً أو ضعفاً، واليوم هاهو الزعيم وفي معركة الصمود ضد العدوان يقف في مقدمة الصفوف دفاعاً عن الوطن وفي ذات الوقت يدعو للحوار من أجل وقف العدوان ورفع الحصار وتخفيف معاناة الشعب اليمني والحفاظ على ما تبقى من مكاسب الشعب واخراج البلاد من هذه الأزمة الطاحنة، وهذه الدعوة ليست نتيجة عن ضعف ولكنها تعبر عن حرص الزعيم على أن ينعم اليمن بالأمن والاستقرار وفي ظل شراكة وطنية حقيقية دون إقصاء لأية فئة أو حزب أو تنظيم سياسي مهما كان اتجاهه بشرط امتثاله للدستور والقانون والثوابت الوطنية التي يجب على الجميع عدم تجاوزها
|