الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:19 ص
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الأربعاء, 04-أغسطس-2004
المؤتمر نت- فيصل الصوفي -
حل حزب ما، في دولة ديمقراطية ليس سهلاً
في نهاية شهر يونيو الماضي عندما أصدرت مجموعة أحزاب اللقاء المشترك بياناً حول المواجهات التي حدثت في صعدة بين جماعة حسين الحوثي، من جهة وقوات الجيش والشرطة من جهة أخرى. لاحظت لجنة شئون الأحزاب والتنظيمات السياسية أن البيان كان متعاطفاً بوضوح مع حركة تمرد مسلحة مخالفة للدستور والقانون،ووجهت اللجنة حينها ما يشبه التنبيه إلى تلك الأحزاب ولفتت نظرها أن ما سجلته في ذلك البيان يعد مخالفاًُ لنصوص قانون الأحزاب الذي يحظر تقديم أي نوع من المساعدة والدعم المعنوي أو المادي لأي أنشطة عنف مخالفة للقانون.. وتوجيه مثل هذه التنبيه أو حتى إنذار هو من صلاحية هذه اللجنة المشكلة بموجب قانون الأحزاب الصادر في أكتوبر 1991م، وأعقب ذلك التنبيه دعوة وجهتها اللجنة إلى الأحزاب طالبتها بتقديم حساباتها المالية الختامية لكون هذه الأحزاب تتلقى دعماً مالياً من الخزانة العامة، ومن حق اللجنة الاطلاع على مصير هذه الأموال ويجب على الأحزاب أن تكشف عن تصرفاتها المالية بما يمكن من معرفة سلامة هذه التصرفات.
وقد اتخذت بعض الصحف من انتقادات اللجنة للأحزاب مناسبة للحديث عن حل حزب أو بعض الأحزاب، حتى أن بعض الصحف طالبت اللجنة بحل هذا الحزب أو ذاك، وفي إطار المماحكات السياسية المتبادلة في أجواء الجدل الذي أثارها تمرد الحوثي ومحاولة الحكومة القضاء عليه استخدمت شعارات حل حزب مثل حزب الحق أو اتحاد القوى الشعبية في المعركة التي يعتقد أن الحزبين المذكورين مقربين جداً من حركة الحوثي، بل أن حركة الحوثي نشأت عقب انشقاق عن حزب الحق في النصف الأخير من عقد التسعينيات… لقد اعتقدنا أن هذا الموضوع غير سهل، بحيث ندعه يمر هكذا دون تعليق أو توضيح أو تصحيح في قضية مثل "حل حزب" أو "حل أحزاب".
وفي البداية نكاد نجزم أن ما يتردد حول حل حزب ما، دوافعه المماحكات السياسية والتنابز الإعلامي بالدرجة الأولى، إذ يستحيل أن يكون هناك توجه أو إرادة سياسية تنحو هذا المنحى في بلد ديمقراطي، وحتى لو وجدت –افتراضاً- مثل هذه الرغبة فإنه يصعب تحقيقها في بلد محكوم بدستور وقوانين تكفل للمعارضة نفس الحقوق التي تكفلها للسلطة.ماذا يقول قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية؟
لنقرأ على عجل نصوص القانون التي وردت في المادة (40):
" إن قانون الأحزاب اليمني يقرر أن حرية تشكيل الأحزاب ونشاطها والانضمام إليها حق مكفول لليمنيين وفقاً لأحكام الدستور. والأحزاب ركن من أركان النظام السياسي في اليمن ولا يجوز إلغاء حزب أو تقييد نشاطه، كما لا يجوز للحزب استخدام هذا الحق استخداماً يلحق ضرراً بالمصالح الوطنية، وعليه أن يمارس نشاطه بوسائل ديمقراطية سليمة وأن يسهم في تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي وترسيخ الديمقراطية والوحدة الوطنية.
والقانون يشترط لتأسيس حزب أو التصريح له بممارسة نشاطاته ألا تكون مبادؤه وأهدافه وبرامجه ووسائله متعارضة مع الدين أو سيادة واستقرار الوطن ووحدته والنظام الجمهوري. ومبادئ الثورة اليمنية أو الحريات، والحقوق الأساسية ومبادئ حقوق الإنسان. كما يشترط القانون في الحزب أن يكون له نظام وبرنامج عمل وألاَّ يقوم على أساس مناطقي أو قبلي أو عائلي أو فتوى، أو على أي أسس تمييزية، وأن لا تكون له إمدادات خارجية، كما يحظر القانون على أي حزب إنشاء تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية أو أن يساعد على إنشائها أو أن تتضمن منشوراته ما يحرض على العنف أو يدعم تشكيلات عسكرية سرية أو علنية. ويوجب القانون على الحزب أن يقوم على أسس وطنية بحيث لا يجوز له أن يحصر العضوية فيه على أشخاص ينتمون إلى منطقه معينة.
وهناك شروط ومواصفات وإجراءات كثيرة أخرى في هذا الجانب. ثم ينتقل القانون إلى ما هو عملي ويحدد في هذا الجانب إنشاء لجنة تسمى "لجنة شئون الأحزاب التنظيمات السياسية" يترأسها عادة وزير الدولة لشئون مجلس النواب، وتضم في عضويتها وزيري العدل والداخلية، وأربعة مستقلين (قضاة متقاعدين أو محامين).. وإلى هذه اللجنة تقدم طلبات إنشاء أو تشكيل الأحزاب من قبل المواطنين وفق إجراءات وشروط حددها القانون،وعند استيفائها تنشر اللجنة شهادة إيداع طلب تأسيس الحزب في صحيفة يومية لمدة أسبوع، وليس من حق هذه اللجنة الاعتراض على تأسيس الحزب إلا بموجب قرار مسبب.
وحسب هذا القانون ،فمن حق الحزب أن ينظم موارده المالية من اشتراكات وتبرعات وهيئات الأعضاء أو المناصرين ومن حقه الحصول على دعم مالي من الخزانة العامة بموجب حصص تحددها اللجنة ،ولكن هذا الدعم يحرم منه الحزب إذا توقف نشاطه وإذا لم يفِ بما يوجبه القانون من التزامات تجاه المسائل التنظيمية أو المحاسبية.. وإلى جانب الدعم المالي من الخزانة العامة يحصل الحزب على إعفاء من الضرائب والرسوم لمقراته واستثماراته وصحفه.
وحتى لا نطيل.. سوف نقفز إلى القضية الأساسية التي يعالجها في هذا الموضوع وهي قضية "حل الحزب".
هذا أمر يمكن أن نستجليه من نصوص المادين (34- 35) من قانون الأحزاب.. تقول: " من حق الأحزاب أن تحل نفسها باختيارها أو أن تندمج معاً، أو أن ينضم حزب إلى حزب.. وما عدا ذلك لا يجوز حل حزب أو تنظيم سياسي أو وقف نشاطه أو تعطيل قرار من قراراته إلا بموجب حكم قضائي تصدره المحكمة بناء على طلب مسبب من رئيس لجنة الأحزاب يوافق عليه أعضاء اللجنة بحل الحزب أو التنظيم، وذلك إذا فقد الحزب أو التنظيم شرطاً من شروط التأسيس المحددة بالقانون، أوإذا ارتكب الحزب أو التنظيم محظورات محددة في القانون.
ولا يمكن حسب القانون حل حزب أو اعتباره محلولاً إذا قرر حل نفسه اختيارياً، أو حل بحكم قضائي باتٍّ أو اندمج مع حزب آخر.
وهنا نصل إلى نهاية واضحة محكومة بمبادئ دستورية وقانونية وليس بأهواء ومماحكات أو حتى أي إرادة سياسية تحاول التحايل للخروج عن مبدأ سيادة القانون.. فالقانون يحاصر الجميع ويضبط سلوكهم.
أعني أن ما يثار حول "حل حزب" ما يجري من قبل الذين يجهلون أموراً قانونية، غاية في الأهمية بالنسبة لهذه المسالة.
هنا في اليمن أعلنت (46) تنظيماً وحزباً سياسياً عن نفسها بعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المقترنة بالحريات الحزبية عام 1990م،واليوم هناك (21) حزباً وتنظيماً سياسياً قائماً من الناحية الرسمية بينما (25) منها قد اختفى أو حل نفسه أو انضم إلى كيان سياسي آخر.. ولم يحدث ولو لمرة واحدة أن تقدمت لجنة الأحزاب بطلب إلى القضاء لحل أي حزب أو تنظيم سياسي.. فمن ناحية أن ذلك ليس بالسهل من الجهتين الدستورية والقانونية، ومن ناحية أخرى تدرك القيادة السياسية في اليمن أن الأحزاب والتنظيمات السياسية هي ركن من أركان النظام السياسي والديمقراطي وهي بحاجة إلى مزيد من الوقت والخبرات لتنظيم نفسها وترتيب أوضاعها وتقوية نشاطها لتصبح مسهمة في بناء وتطوير النظام الديمقراطي، وبالتالي فإن أي فكرة إلى حل حزب "اليوم تغدو مجرد مادة إعلامية".




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر