المؤتمر نت - واشنطن تشيد أكبر شبكة أقمار صناعية رادارية للرصد العسكري تكاليف منظومة من عشرات الأقمار الصناعية تفوق عشرات المليارات من الدولارات وستكون جاهزة للعمل عام 2016
* ستتألف المنظومة من 21 قمرا مقسمة على مدارين منخفض ومتوسط بارتفاع 10 آلاف متر
* العسكريون الاميركيون معجبون جدا بالرادارات الطائرة المركبة على متن الطائرات من طراز 707 مثل «أواكس» و«جستارس» التي تكمن مهمتهما في تعقب الاهداف المتحركة جوا وبرا وبحرا وإرسال المعلومات الخاصة بذلك الى القيادات الميدانية والوحدات المقاتلة.
لكن المشروع الجديد الذي يدعى «أس بي آر» الخاص بتركيب مثل هذه الرادارات في مدار فضائي رغم عراقيل تنفيذه وتشييده المستمرة لاسباب مالية، كما يقول المراقبون، من شأنه ان يقدم خدمة كبيرة للعسكريين تفوق كل الخدمات الاخرى المتوفرة حتى الان في هذا الميدان.
ويبدو أن مشروع الرادار الفضائي خطا خطوة واسعة في إبريل الماضي عندما قدم سلاح الجو الاميركي عقدين قيمة كل منهما 220 مليون دولار لتطوير فكرة المشروع الى كل من الشركتين المتنافستين لوكهيد مارتن ونرثروب غرومان.
ولدى إنتهاء مدة العقد في العام 2006 ينوي سلاح الطيران الاميركي إختيار أحد المشروعين لتواصل الشركة الفائزة تطويره، وبالتالي تنفيذه في منظومة كبيرة قد تكلف نحو عشرات المليارات من الدولارات.
وستتألف المنظومة من عشرات الاقمار الصناعية الكبيرة الموزعة في مدارات إستراتيجية التي سيبدأ إطلاقها في العام 2012 لتبدأ العمل رسميا بعد ذلك في العام 2016.
ويتألف الفريق التابع لـ«لكوهيد مارتن» من شركة «نورثروب غرومان إلكترونيك سيستمز» المتفرعة من الشركة الام المنافسة و«جنرال ديناميكس» و«هانويل ايروسبيس» وعدد من الشركات الاخرى المتخصصة في التقنيات العالية. أما فريق «نورثروب غرومان» فيتألف من شركة «بوينغ» التي ستقوم بتصميم الاقمار الصناعية وشركة «رايثيون» و«جنرال ديناميكس» و«نورثروب غرومان الكترونيك سيستمز» أيضا.
والمعلوم أن نظام «جستارس» المحمول على طائرة بوينغ 707 والمعمول به حاليا منذ سنوات قادر على الكشف على الاليات والشاحنات على الارض من مسافة 240 كيلومترا بغض النظر عن حالة الطقس التي يستغله العدو عادة لكي يتحرك تحت ستار من السرية الكاملة.
بيد أن النظام الفضائي الجديد المزمع إنشاؤه من شأنه أن يعزز هذا المدى وتغطية جميع زوايا الرقعة التي يجري رصدها التي قد تزيد أبعادها عن الاف الكيلومترات المربعة، إذ سيكون بمقدور قمر راداري واحد يمر فوق وسط الولايات المتحدة أن يراقب ويرصد حركة السير مثلا على الشاطئين الاطلسي والهادي معا. ومن شأن هذا النظام الفضائي ان يعزز من قدرات نظام «جستارس» الجوي أيضا سواء على صعيد المدى، أو مساحة المنطقة المرصودة، أو حتى زيادة وضوح الاهداف الارضية الظاهرة على شاشات الرادار.
إن النظام الفضائي هذا المسمى «أس بي آر» سيكون اللبنة الاولى لما سيعرف مستقبلا بمبدأ «الرصد المستمر» على حد قول ستيفن كامبون وكيل وزارة الدفاع الاميركية للاغراض الدفاعية والاستخباراتية . فهو نظام إن توفرت له جميع القدرات الفنية سيقلب جميع المفاهيم الخاصة بالاستخبارات رأسا على عقب.
وبموجب العقدين الموقعين مع البنتاغون يتوجب على الشركتين اللتين رسا عليهما العقد الخروج بسيناريوات مختلفة للنظام المزمع إنشائه، كعدد الاقمار الصناعية المطلوب نشرها، ومدى إرتفاع مدارها عن سطح الارض، وما نوع المدار إن كان إهليجيا أو لا، وكيفية قيامها بعمليات الاستطلاع والرصد للاهداف المشكوك فيها، وعدد المرات التي يجري فيها الكشف على الهدف الواحد، وقوة الرادار المطلوبة لكي يعمل من خارج الجو الارضي، وحجم الهوائي المطلوب وكيفية تشكيلاته العديدة مع سائر هوائيات الاقمار الاخرى التابعة للمنظومة، وأسلوب معالجة المعلومات المستحصلة، وأسلوب عمل محطات الادارة الارضية والاتصالات الخاصة بها.
ورغم ان سلاح الطيران الاميركي قد إقترح في البداية الشروع بشبكة من تسعة أقمار تدور في مدارات منخفضة, إلا ان المسؤولين العسكريين الاميركيين شجعوا الصناعات الخاصة التي ستشيد هذه الشبكة التفكير بوضع اقمار على مدارات متوسطة أيضا في مرحلة لاحقة.
وفي هذا الصدد يقول العقيد الجوي جيمس بينتر مدير مشروع «إس بي آر» في مركز منظومات الصواريخ والفضاء في القاعدة الجوية في لوس أنجليس «نحن منفتحون على اي اقتراحات في ما يتعلق بالشركات الخاصة واقتراحاتها بشكل المنظومة وأسلوب عملها». ويستطرد بينتر ان المنظومة الاولى التي ستدور في مدار منخفض ستكون على ارتفاع يراوح بين 770 و1200 كيلومتر حيث ستدور حول الارض بين تسعين دقيقة و112 دقيقة. اما مجموعة اقمار المدار المتوسط فستدور على إرتفاع 10 الاف كيلومتر فوق سطح الارض متممة دائرة كاملة كل ست ساعات. وكلما إزداد ارتفاع المدار كلما احتاجت الاقمار الصناعية العاملة على متنه الى هوائيات وطاقة أكبر لكنها قادرة على رصد مساحات أكبر من الاقمار المحلقة على مدار منخفض، رغم أن الاخيرة قادرة على التقاط إشارات أوضح بكثير من الاولى.
إن عدد الاقمار الصناعية المزودة بالرادارات سيساعد المنظومة على رصد منطقة معينة من العالم بشكل متواصل. من هنا فإن منظومة مكونة من 20 الى 21 قمرا تحلق على إرتفاع منخفض من شأنها أن تؤمن تغطية شبه مستمرة لاي هدف أرضي، وذلك عن طريق تجميع الاقمار قرب بعضها البعض. أي أن الاقمار يمكن تحريكها ونقلها من مكان الى أخر في المدار ذاته سواء بشكل إفرادي أو جماعي. كما يمكن برمجة هذه الاقمار لمسح منطقة ما كل عشر دقائق مثل،ا أو مرة في الاسبوع الواحد إذا كان تطور الهدف بطيئا، كأن يكون هذا الهدف مثلا قاعدة عسكرية يجري بناؤها والمطلوب رصد تقدم العمل بها. ولكن إذا كان الهدف قاعدة صواريخ مثلا فالمطلوب عند ذاك رصدها على مدار الساعة خشية انطلاق القذائف منها في اي لحظة.
وإذا حصل اي تقصير في عمل الشبكة هذه فهناك نظام «غلوبال هوك» (طائرة استطلاع بعيدة المدى من دون طيار) ونظام «جستارس» اللذان يكملان عملها.
المراقبون يعتقدون انه خلال العشرين سنة المقبل ستكون الشبكة جاهزة للعمل واضعة العالم كله تحت جناحيها.
|