جميل الجعـدبي -
مدرســة صالــح ..!
بخبرته السياسية المتراكمة لأكثر من 30 عاماً ماضية، وطريقته الخاصة في قراءة حيثيات ومسار الأحداث برؤية شاملة، وبمهارات سياسي متحفّز لإقتناص الفرص، وحرص محارب على سد أيّ ثغرات قد يتسلل منها العدو.. يتبدّى للرئيس السابق على عبدالله صالح، مخرجات وتوجّهات وأهداف القمّة السعودية- الأمريكية، قبل إعلانها، فيسارع إلى حماية الوجود اليمني أرضاً وإنسانا وتاريخا، حتى لا تكون اليمن في هكذا محفل دولي مجرد ( عنصر) في روزنامة عوامل الحرب الباردة ( السعودية - الإيرانية) وبينهما تجاذبات السياسات الأمريكية نحو المنطقة .
من هنا، لا يقف الرئيس صالح عند تكرار نفى التواجد الإيراني أو الدّعم الإيراني( المزعوم) لليمن بالأسلحة ، بل إنّه يتقدّم خطوة جديدة عالية الاحترافية، داعيا الإدارة الأمريكية كـ" دولة عظمى وقطب رئيسي في العالم للتحقيق في الموضوع " مكرّرا تأكيده " لا يوجد أي تواجد إيراني على الإطلاق ".. إنّه اللعب مع الكبار، وليس بينهم ، مناورات اللحظة، إغراء مرهون بالمصداقية، حضور يمني في ذروة نشوة غرور الجيران، حضور يمني يقول " الشعب اليمني ليس ملك أحد لسنا معسكر ولا أحنا مزرعة في يد أي قوى من القوى السياسية أياً كانت في الجنوب أو الشمال".
من قال للرئيس صالح ، أنّ حرب ( تحالف) السعودية على اليمن والذي دخل عامه الثالث، سينظر له في قمّة الرياض، كما لو أن اليمن باتت فعلياً (ساحة صراع سعودي_ ايراني، وأنّ الأخيرة تزود الحوثيين ، بالسلاح والمال لقتل أبناء الشعب اليمني والدول المجاورة"؟ كما جاء في كلمة أمير دولة الكويت، الذي رأى إزاء ذلك انه يتوجّب عليهم " الحفاظ على حرمة حدود المملكة بكل ما يملكون من إمكانيات، دونما نفى حاجتهم الماسة لمساعدة حلفائهم وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية".!! من أخبر صالح بتلميح كلمة أمير الكويت إلى مسألة حماية المقدّسات ليؤكد في كلمته صباح يوم الأحد وقبل انعقاد القمة، أن اليمن " هى السياج المنيع والخط المتقدم للدفاع عن الأراضي المقدسة"، وذلك في سياق حديثه عن القوات السودانية المحتلّة لأجزاء من الأراضي اليمنية؟!
إنّها أكاديمية صالح ، بل منهج صالح، الذي حاول قبل عامين خلخلة صفوف التحالف " العربي" مستهدفاً إبعاد القوات الإماراتية، كعنصر هام أدرك صالح بنظرة ثاقبة فاعليته الميدانية، بلغة دبلوماسية تودّدية، أثارت حينها غضب حلفاء صالح في صنعاء،.. يكرّره اليوم مع القوات السّودانية ذات الفاعلية الميدانية، وبلغة دبلوماسية أكثر تودّدية قائلا : " أشقائنا وأحبائنا السودانيين، الأشقّاء الذي نكن للشعب السوادني كلّ الود وكلّ الاحترام الآن يقاتلونا ويحتلّون منشأتنا النفطية ويحتلوا مطار وميناء المكلا، إخواننا السودانيين، ليس بيننا وبينكم حدود في أي مكان في البحر الأحمر، ما عندنا أي مشكلة معاكم ".!
هي إذاً مدرسة صالح ، سياسة وتاريخا وجغرافيا ، فهي تضع دائما حرب السعودية في سياقها التاريخي، فتفضح بدهاء سياسي أنظمة عربية سقطت في مستنقع الارتزاق والاتّجار بمصالح وعلاقات شعوبها في سوق نخاسة عصري ، ولا تأخذ الشعوب بجريرة قرارات حكوماتها وأنظمتها السياسية، فمصالح الشعوب وروابطها تاريخية ثابتة، ومصالح الأنظمة طارئة ومتغيّرة ..!
* عن صحيفة اليمن اليوم