بقلم- د. وحيد حمزة هاشم -
نهاية ظاهرة الحوثي
حركة الإرهاب العالمي وتنظيماته الفرعية وعسكرة المجتمع الدولي تجاه ظاهرة الإرهاب ساعدت على صعود نجم رجل الدين اليمني المتمرد حسين بدر الدين الحوثي ومن معه من أتباعه المتمردين على الدولة. رغما عن ذلك من المتوقع وفقا لمنطق الطبيعة وقوانين قاعدة الحياة الإنسانية المستقرة أن تتسبب تلك الحركة الشاذة ذاتها في أفوله كنجم انطفأ بريقه وكظاهرة نكرة لا مكان لها ولا موقع من منظومة حياة المجتمعات الإنسانية المتمدنة.
الحوثي الذي ركب موجة التطرف والتشدد واعتنق وسيلة الإرهاب ولغة خطابه الدموية تجاه الدولة والمجتمع اليمني لم يحسب تكلفة ذلك المركب المهلك الباهظة لا من الناحية الإسلامية التي تحرم ما فعله ويفعله, ولا من الناحية السياسية الواقعية التي تنفي وجوده الافتراضي في ظل وجود شرعية الدولة اليمنية وسيادتها الحقيقية, ولا من الناحية المنطقية والعملية التي تؤكد على مشروعية الأمن والاستقرار للمجتمع وتصادر بل وتحرص على تصفية جميع مقومات نقائضهما.
والحوثي عندما رفض جميع الوساطات والجهود والمساعي السلمية التي قدمها المجتمع القبلي أو المجتمع العقدي ( وخصوصا لجنة الحوار الفكري) لنزع فتيل الأزمة وإلغاء المواجهات العسكرية, فإنه لم يترك خيارا آخر غير خيار القوة ولم يدع مجالا للحكومة اليمنية إلا لتفعيل لغة السلاح للقضاء على تمرده وتحديه لسلطتها الشرعية وما يمثله التمرد الأخرق من حالة عدم أمن واستقرار تمثل بدورها خطورة بالغة على الأمن القومي اليمني.
وبالطبع عندما شق أتباع الحوثي عصا الطاعة وأعلنوا التمرد وقاموا بقتل المدنيين والعسكريين اليمنيين بل وعاثوا في البلاد فسادا, ومارسوا كافة أشكال الرفض والخروج على السلطة الشرعية, فإنهم أعلنوا تخليهم التام عن حقوقهم الوطنية والإنسانية ورسموا بتلك الأفعال سيناريو خطيرا للانحراف المقصود عن مسار المجتمع والتمرد على معاييره الأخلاقية وقيمه الإسلامية. بذلك التمرد تشبث الحوثي وأتباعه بالحد الأدنى من جوهر القضية وتاهوا في التفاصيل والحيثيات فتحدوا بذلك الحد الأعلى من مرجعية الدولة المتمكنة.
حركة الحوثي المتمردة حركة متطرفة ركبت موجات الكره العميق ووظفت مشاعر البغضاء والعداء التي ظهرت أولى طلائعها مع حركة القاعدة في أفغانستان في محاولة يائسة لإحلال ظاهرة الصراع في المجتمع اليمني وخصوصا ظاهرة صراع الأجيال والعقائد محل قاعدة الاستقرار العام والأمن للجميع. فالحوثي حاول تسييس حركته الدينية بهدف ترقيتها إلى مؤسسة دينية متسيسة تعمل على تصعيد فورة العواطف وغليان المشاعر وتوجيهها لتدمير المجتمع اليمني, ولكنه فشل على مستوى الأصل والفروع وعلى المستويين السياسي والعقدي.
أخيرا على الرغم من نجاح الحوثي المؤقت في حركة الإثارة والتمرد للقلة في وجه الأغلبية العظمى إلا انه فشل فشلا ذريعا في تقديم بديل أيدلوجي للقلة أو للكثرة ليتحدى به شرعية الدولة والمجتمع وكان الأجدى به قراءة التاريخ القديم والحديث ليدرك هذه الحقيقة المرة التي تجرعها من قبله بل وسيتجرعها من بعدة كل من يخرج على القانون ويتحدى الشرعية ويحاول نسف مقومات وقواعد الأمن والاستقرار, فظاهرة الأقلية العدوانية لا يمكن أن تهيمن على قاعدة الأكثرية طالما أن لغة حوارها القوة, ومنطقها العنف, وأدواتها القتل والتنكيل, ووسائلها الترهيب والتدمير.
v نقلاً عن صحيفة عكاظ السعودية