المؤتمر نت -
نظم التهاتف الصوتي عبر الإنترنت تشهد أبرز انطلاقاتها
الصوت عبر الإنترنت عبارة قد تبدو سخيفة ولكن في عالم الاتصالات الهاتفية، تتحول تدريجيا الى نشاط اقتصادي جدي يمكن ان يغير الطريقة التي تجري بها المكالمات. وبدلا من الاعتماد على خطوط الهاتف، فإن الصوت عبر الإنترنت سيسمح لك بإجراء المكالمات الهاتفية عبر الإنترنت. وربما يمهد ذلك الطريق الى خدمة لاسلكية اكثر مرونة. وهي رخيصة، اذ يمكنك الاتصال بنانينغ في الصين بنفس سعر المكالمة التي تجريها مع جارك.
يقول مايكل باول رئيس هيئة الاتصالات الفيدرالية «ان التهاتف عبر الانترنت، ربما يصبح اكثر التحولات اهمية في تاريخ الاتصالات الحديثة منذ اختراع الهاتف». وبالرغم من وجود مثل هذه التقنية منذ اكثر من عقد من الزمن، فهي تبدو الان على الاستعداد للانطلاق، وهي تجذب اهم الشركات سواء من شركات تلفزيون الكابلات او شركات الهاتف التقليدية. وفي شهر يوليو (تموز) الماضي أعلنت شركة «بوينغ» الاميركية العملاقة، التي يعمل لديها 157 الف شخص في 70 دولة، انها ستستخدم نظام الصوت عبر الإنترنت في جميع المكالمات الهاتفية التي تجري داخل الشركة.
واستخدام مثل هذه الشركات الكبيرة لهذا النظام هو تأكيد على ان نظام الصوت عبر الإنترنت نظام حقيقي، كما يقول فيلب سوليس، وهو محلل بارز في مركز «ايه.بي.أي» لأبحاث التقنية في اويستر باي بولاية نيويورك، الذي يقول «لقد بدأ هذا المجال في التطور».
وطبقا لاحد التقديرات، فإن 17 في المائة من جميع المكالمات الهاتفية في اميركا الشمالية ستتم عن طريق نظام الصوت عبر الإنترنت. وربما يتبنى قطاع الاعمال هذه الطريقة اسرع من افراد الجمهور. وتقدر مجموعة «راديكاتي» ان خطوط هواتف الشركات عالميا التي تستخدم نظام الصوت عبر الإنترنت سترتفع من 4 في المائة حاليا الى 44 في المائة بحلول عام 2008.
* تهاتف إنترنتي جوال
* وجاذبية نظام الصوت عبر الإنترنت واضحة: تكلفة اقل، والعديد من المزايا التي تسمح للمستخدم ترشيح، ووقف، وحفظ، واعادة توجيه المكالمات الهاتفية. ويؤكد مؤيدو هذا النظام ان بعض المشاكل التقليدية المرتبطة بهذا النظام مثل نوعية الصوت وعدم قدرة هواتف الطوارئ على متابعة مصدر المكالمة سوف تختفي تباعا.
ويتيح دمج تقنية الصوت عبر الإنترنت مع تقنية اخرى هي «واي فاي» (للاتصالات اللاسلكية مع الانترنت)، للمستخدمين حمل اجهزة مزدوجة معهم، نوع من الهاتف الجوال «يتنقل» ما بين اتصالات الهاتف الجوال واتصالات «واي فاي» لاختيار افضل الموجات او اقل التكلفة. ريتشارد توريك من المتحمسين لتقنية الصوت عبر الإنترنت سواء في المنزل او في العمل. فمقابل 20 دولارا يمكنه استخدام خدمات تقنية الصوت عبر الإنترنت لإجراء اتصالات هاتفية غير محدودة عبر الولايات المتحدة وكندا واوروبا. وجودة الصوت «رائعة» على حد قوله، وإن كان يعترف بأنه ما يزال يحتفظ بخط الهاتف التقليدي.
وفي العمل نمت شركة «كوفيا» التي يملكها توريك في عامين ونصف العام من شركة صغيرة في غرفة في عمارة الى شركة يعمل فيها 65 شخصا. وخلال بحثه عن وسيلة لدخول سوق الإنترنت، بدأت في اجراء ابحاث عن تقنية الصوت عبر الإنترنت وقرر انها واحدة من تلك التقنيات النادرة حيث «الواقع أكبر بكثير من الدعاية».
وللاتصال عن طريق تقنية الصوت عبر الإنترنت، يوقع الزبون اتفاقا مع شركة تقدم هذه الخدمة حيث تمنحه مدخل صوت عبر الإنترنت، او جهاز يربط هاتفه التقليدي بشبكة إنترنت النطاق الاوسع «برودباند». ويتم نقل المكالمة الهاتفية كحزمة معلومات عبر الإنترنت.
وكانت شركات الصوت عبر الإنترنت مستقلة في الماضي مثل شركات «فواج» و«باكتايت» و«فويسبالس»، التي استفادت من الإنترنت لربط المستخدمين. واليوم اذا كانت شركة تلفزيون كابلات او شركة هاتف تقدم هذه الخدمة، فإن معظم الروابط ستكون ضمن شبكتها بدلا من الإنترنت، وهو ما يعني نوعية اجود ومصداقية اكبر، كما تشير ليندزي سكروث، المحللة في مجموعة «يانكي»، وهي مركز ابحاث اتصالات هاتفية في بوسطن.
* مكالمات متطفلة
* ويرجع ذلك الى ان هذه الشركات تتأكد من ان الاتصالات التي تتم عن طريق تقنية الصوت عبر الإنترنت تحصل على الاولوية، وهو ما يعني ان حركة المعلومات الاخرى لن تؤثر عليها. وعلى العكس من خطوط الهاتف التقليدي، فإن الهواتف التي تستخدم تقنية الصوت عبر الإنترنت، تتوقف عن العمل عندما ينقطع التيار الكهربائي. غير انه يمكن للزبائن شراء بطارية احتياطية لاستمرار عمل الكومبيوتر والهاتف خلال انقطاع التيار الكهربائي. ومع انتشار هذه التقنية ظهرت مشكلة اخرى، حيث من المرجح تعرضها لهجمات من نوع جديد من البريد الإلكتروني التطفلي، هو الاتصالات الهاتفية التطفلية، كما يوضح بيرس ريد نائب رئيس التسويق في «كوفيا». وعلى العكس من عمليات التسويق عبر الهاتف، حيث يجب على البائع اجراء اتصالات هاتفية مباشرة مع المتصل، فإن الاتصالات التطفلية عن طريق تقنية الصوت عبر الإنترنت تمكن من اذاعة رسائل مسجلة فورا لعشرات الالوف من الهواتف عبر الإنترنت. وتجري شركة «كوفيا» دراسات وابحاث على مرشح لاحتجاز مثل هذه المكالمات.
وفي الوقت الراهن، فإن نقطة الجذب الاساسية لهذه التقنية الاسعار الرخيصة، غير انه في المستقبل ستجذب المستهلك العديد من المزايا الجديدة، فعلى سبيل المثال تسمح تقنية الصوت عبر الإنترنت بالتقاط رمز المنطقة: اذا كنت تعيش في سياتل، ويعيش معظم افراد اسرتك واصدقائك في بوسطن يمكنك اختيار رقم هاتف يحمل رمز مفتاح منطقة بوسطن، مما يسمح للمحادثات المقبلة ان تصبح مجانية. ويمكنك ايضا «نقل خدمتك» أي اخذ معدات الاتصال الصوتي عبر الإنترنت معك لأي مكان.
ومع كل هذه الصفات الجديدة فإن السنوات القليلة المقبلة ستكون عصيبة بالنسبة للشركات العاملة في مثل هذا المجال. ومن بين الاسئلة التي تتردد في هذا المجال هي «هل ستنظم الحكومة او تفرض ضرائب كما تفعل مع شركات الهاتف التقليدي او ستتركها حرة نسبيا كما تفعل مع شركات الإنترنت؟».
وبغض النظر عن مثل هذه الاسئلة، فإن المستهلك هو المنتصر في النهاية، كما يقول جيف كاغان، وهو خبير مستقل في شؤون الاتصالات، اذ اشار الى ان «المشاكل التي تعرقل انتشار تقنية الصوت عبر الإنترنت موجودة اليوم، ولكنها ستتلاشى في السنة او السنتين المقبلتين. وما ان نتخلص من تلك المشاكل فسنحصل على خدمة ذات تكلفة اقل بكثير»
* الشرق الأوسط