المؤتمر نت - مفتي أريتريا: اختلاف الأديان لا يسبب النزاع دعا الشيخ الأمين عثمان الأمين (مفتي اريتريا) المسلمين -خاصة المؤسسات الاسلامية العالمية- الى تنشيط مسيرة الحوار الاسلامي مع غير المسلمين, مؤكداً ان الحوار يمثل وسيلة مهمة لتصحيح المفاهيم والافكار المغلوطة عن الاسلام.
واوضح ان الحوار ينبغي ان يكون بين طرفين يسود بينهما الاحترام المتبادل بعيداً عن التعالي والغرور وان يهدف الى تحقيق صالح البشرية وغاياتها في الامن والسلام والتعاون والتعايش الايجابي.
واكد مفتي اريتريا ان الاسلام دين تعاون وتعارف وتقارب ولا يمنع المسلمين من التعاون مع مخالفيهم في العقيدة لتحقيق خير البشرية.
وشدد الامين على ان الاسلام حدد المنهاج القويم للدعوة الاسلامية وجعلها تقوم على الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي احسن.
وقال: ليس داعية حقيقياً من يخالف منهج الاسلام ويحاول فرض آرائه على الآخرين بالقوة.
واضاف في حواره مع (عكاظ: ان الحملات المعادية للاسلام ليست وليدة هذه المرحلة, فقد شهد التاريخ الاسلامي الكثير منها, مؤكداً ان الحقد والغرور وراء تلفيق خصوم الاسلام الاكاذيب والافتراءات الباطلة ضده.
* بداية كيف تصورون لنا واقع الوجود الاسلامي في اريتريا?
** اريتريا من البلاد التي يسكنها مسلمون ومسيحيون متعاونون فيما بينهم, وقد دخل الاسلام ارتيريا منذ هجرة الصحابة والتابعين رضي الله عنهم في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم الى الحبشة نحو عام 614 ميلادية, ووجدوا هناك استقبالاً طيباً, وترحيباً مما جعلهم يهاجرون الى تلك البلاد للمرة الثانية, ومنذ ذلك العهد سار الاسلام ينتشر في مختلف الاقاليم, وكانت اريتريا اول موضع تطأه اقدام الصحابة خارج الجزيرة العربية.
وبعد عودة الصحابة كان انتشار الاسلام بواسطة التجار ثم العلماء من اهل البلاد, ثم عن طريق المشايخ الذين كان لهم دور في نشر الاسلام في العهود التي ساد فيها الجهل وعمت الامية, فكانوا يقيمون الخلاوي لتحفيظ القرآن وتدريس العلوم الدينية, وتعليم الناس مبادئ الدين الاسلامي, وكانت لهم اساليب جذابة لجمع الناس, منها اقامة حلقات الذكر التي تعقبها الموعظة الحسنة وترغب الناس في اعتناق الاسلام, وكان لأخلاقهم السامية ومعاملاتهم الحسنة مع الناس اثر عظيم لاستجابة الناس الى ما يدعون اليه, فكانوا يدعون الناس بحالهم اكثر من مقالهم, فكان هؤلاء العلماء لا تبعثهم منظمة او هيئة, وانما كان عملهم خالصاً لوجه الله, وقد كان لعملهم هذا ثماره الطيبة.
وقد اعتنق المسلمون في اريتريا دين الاسلام برضا واقتناع, وهم يعيشون مع اخوانهم من غير المسلمين في حب ووئام وتعاون ووفاق, فكل اهل دين لا يتعرضون للآخرين في دينهم, ويتعاونون في امور دنياهم, وقد ترى في الاسرة الواحدة مسلمين ومسيحيين في بعض المناطق.
ان اختلاف الاديان لا يكون ابداً سبباً للنزاع او الشقاق, بل قد نجد بعض الاقطار لها اديان متعددة, وتجدهم متفقين يعيشون معاً في سلام وتعاون الى اقصى غاية التعاون, وهي الاقطار التي تحترم الاديان, وتعطي كل دين حقه من التقدير.
احترام متبادل
* الموقف الاسلامي من قضية الحوار بين الايان بين معارض وبين مؤيد.. كيف تنظرون الى هذا الحوار?
** الاسلام دين حوار, ويعد فرصة عظيمة لتعريف الآخرين بسماحة الاسلام وأهدافه النبيلة وغاياته الفاضلة. وهو يقوم على الاحترام المتبادل وعدم التعالي, كما يتطلب الحكمة والالتزام بالموعظة الحسنة والجدال بالتي هي احسن, سعياً لتصحيح المفاهيم المغلوطة والافكار الخاطئة لدى الجانبين المشاركين في الحوار, ومن ثم يحدث التقارب والتواصل والتعاون ويتحقق التعايش السلمي للجميع.
واذا كان الاسلام يأمر اتباعه بأن يكونوا متمسكين بهذه الشريعة السمحة التي تدعو الى التكاتف والوحدة بين الافراد والجماعات والشعوب والأمم, والتعارف في كل ما يفيد وينفع هذه الأمم والشعوب, فإن الله تعالى هو الذي جعل الناس شعوباً وقبائل لترسيخ التعاون بين الجميع.
وهذا التعاون لا يفرق بين دين وآخر, فكل اهل دين يتعاونون فيما بينهم, ثم فيما بينهم وبين اهل الاديان الاخرى في كل ما يفيد وينفع الجميع.. والله قد خلقنا شعوباً وقبائل لنتعارف لا لنتشاكس, وعندما يقترب بعضنا من بعض يرى الآخرون من شمائلنا ما يحببنا اليهم وما يوقفهم على كنوز الرحمة والسماحة التي يزخر بها ديننا, وذلك من شأنه ان يزيد السدود امام اقبالهم على الاسلام واعجابهم به.
واذا اختلط المسلمون مع غيرهم وظهر منهم للناس الأخلاق الاسلامية السامية والسلوك السليم والخلق المستقيم استفادوا من العيش في حب ووئام وتعاون تام مع غيرهم من اهل الاديان, وكذلك يكونون دعاة الى الاسلام بأخلاقهم العالية, مما يرغب الناس في اعتناق الاسلام او على الاقل يبادلون المسلمين الحب والتقدير والتعايش معهم في سلام ووفاق, والوقوف معاً لمواجهة اي مخاطر تواجههم.
سماحة الدعوة
* ما هي الطرق التي يمكن ان تسلك لايجاد منافذ جديدة مؤثرة في الدعوة?
* الدعوة الاسلامية لها سبيل واحد اوضحه الله تعالى في كتابه العزيز بقوله عز وجل: {ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة}, ولا سبيل أمام الداعية الا التمسك بهذا المنهج الحكيم الذي رسمه الله تعالى, ومن ينتهج سبيل العنف والشدة والتطرف فقد خالف كتاب الله.. ولا اعرف كيف يزعم انسان انه يدعو الى الله وهو يسلك مسلكاً يتجافى مع ما امر به الله?
ولا يمكن ان تكون الدعوة الى الله بغير الحكمة والموعظة الحسنة, فلا يمكن ان تكون الدعوة الى الله بالشدة والعنف, فمثل هذه الدعوة تفسد ولا تصلح, تدمر ولا تعمر, تنفر ولا تبشر, تفرق ولا توفق, بل تبعد عن الدين ولا تدعو اليه, ولا يمكن ان تحل مشكلة او تصلح ما فسد بغير ما امر الله تعالى من معالجة الامور بالتي هي احسن.
من يريد ان يفرض رأيه على الناس بأية وسيلة دون رعاية للنظام او التقيد بالاسلام لا يجوز له ان يدعي الاسلام او يدعو اليه, حيث انه يتخذ الدين وسيلة لاخفاء اهدافه وراءها.. والناس لا تغتر بهذه التمويهات او تنساق وراء هذه الادعاءات, لأن الناس يدركون حقيقة اغراضهم التي يسعون اليها ويعملون من اجلها, فالاسلام لا يقام بمثل هذه الامور التي هي بعيدة عن الاسلام ومبادئه التي تدعو الى السلام لكل الناس.
والاقناع سبيل الاسلام للتأثير في القلوب وكذلك الارشاد والحكمة والموعظة الحسنة التي تؤثر في التعصب الباطل والتمسك بالضلال, لأن الاسلام جاء لاقرار السلام للناس اجمعين على اختلاف اديانهم والوانهم واوطانهم, فالخير للجميع والتعاون مع الجميع.
مزاعم حاقدة
* رغم وضوح رسالة الاسلام كشمس في رابعة النهار لا زالت ابواق تحاول ان تشكك في رسالته كدين.. كيف ترى الطريقة التي يمكن ان نحاور بها هذه العقليات?
** تلك اقوال ومزاعم واتهامات باطلة تنبعث من قلوب مليئة بالحقد على الاسلام واهله.. قد هالهم انتشار الاسلام بسرعة هائلة, وسريانه في الأمم كلها, قاصيها ودانيها في اقصر زمن.. فبهرهم ذلك, ولم يهتدوا الى تفسير صحيح لأنهم تعمدوا ان يغمضوا اعينهم عن حقائق الاسلام السمحة, فقاموا يدعون الاكاذيب والافتراءات, ويلفقون الادعاءات الباطلة.
انهم يفعلون كما اسلافهم يفعلون, فخصوم الاسلام رددوا مثل تلك الاتهامات في حياة الرسول ووجهوا سهامهم واحقادهم الى القرآن الكريم حتى ان الله تعالى تحداهم ان يأتوا بسورة من مثله, فقال تعالى: {وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله ان كنتم صادقين}.
وكان التحدي بأن يأتوا بسورة من مثله يمثل الحد الأدنى بعد ان تحداهم الله سبحانه وتعالى بأن يأتوا بمثل هذا القرآن, فلما عجزوا وصعب عليهم -كفراً وعناداً- ان يعترفوا بالحقيقة, وهي انه كتاب نزل من عند الله معجزة لنبيه صلى الله عليه وسلم, ساروا يخبطون في رد هذا الكتاب, تبريراً لعجزهم والتماساً لأسباب عدم قبولهم له, وصداً للناس عنه, فتارة يقولون انه سحر, وان الرسول ساحر, وتارة يصفون النبي بأنه شاعر, والقرآن الكريم يرد عليهم في مزاعمهم هذه, وكل هذا انما هو عناد وكفر منهم والعياذ بالله.
المصدر: عكاظ
|