يحيى علي نوري -
نحو حكم محلي يجمع ولايفرّق يبني ولايهدم
من منطلق خبرته في العمل في اطار الإدارة المحلية وعبر العديد من المحطات المهمة في مسار المشاركة الشعبية في مختلف الاطارات التعاونية بمسمياتها المختلفة حرص من منطلق ذلك على التحذير بقوة من الاهداف التي تسعى دوائر التآمر على شعبنا وثورته الى تحقيقها عبر ماتسمى بالاقاليم، مؤكداً أنها اذا ماتم التعامل معها ستمثل الخطر الاكبر على وحدة شعبنا ووطننا وسرعان ما سوف تتحول الى دول متنازعة.
تحذير حرص على توجيهه الى كل جماهير شعبنا الشيخ صادق بن امين ابوراس -رئيس المؤتمر الشعبي العام- خلال كلمته التاريخية التي القاها في العاصمة صنعاء الخميس الماضي بمناسبة الفعالية المؤتمرية الاحتفالية بأعياد الثورة اليمنية »سبتمبر واكتوبر ونوفمبر« وهي في غمرة احتفالاتها بهذه المناسبة الوطنية الغالية التي تمثل محطة مهمة لاستلهام مُثُل وقيم الثورة اليمنية في الوحدة والاصطفاف ومواجهة التحديات..
وقد حرص الشيخ ابوراس على تعزيز تحذيره بالعديد من المعطيات التي يعيشها مجتمعنا وتشكّل بؤراً لا تُحمد عقباها للمزيد من التشضي والتي منها الصراعات القبلية على ماتسمى بالحدود الداخلية بين القبل اليمنية وهي بؤر ذهب ضحيتها الكثير من ابناء شعبنا نتيجة حروب لتثبيت حدود قبلية مقارناً بأعلى درجات الموضوعية والشفافية هذا الحال الذي ستؤول اليه الامور اذا ماتم التحول الى نظام الاقاليم الذي تم التعامل معه للاسف الشديد بأسلوب النسخ واللصق لتجارب دول اخرى ودون اي مراعاة لواقع شعبنا ومشكلاته الداخلية والتي كانت ومازالت -أي هذه المشكلات- عقبة كؤدة امام التجارب السابقة لتعزيز المشاركة الشعبية.
كما ان هذا التسرع في بلوغ يمن اتحادي الذي تسعى إليه القوى المعادية لشعبنا يقدم الدليل الناصع ان الهدف ليس المصلحة العليا لليمنيين وانما إضعاف تماسك ووحدة اليمنيين واقحامهم في اتون صراعات جديدة وهو ايضا ما أكده ابوراس في كلمته حول هذه الحقيقة والتي من خلالها لايمكن ان نتصور بعد اليوم وجود يمن آمن ومستقر وانما يمن يعيش في دوامة الصراع والتطاحن..
ولكون الشيخ صادق ابوراس رئيس المؤتمر واحداً من ابرز القيادات التي عايشت الإدارة المحلية وطبيعتها وواقع المجتمع واشكالاته ولفترة طويلة واسهمت بفاعلية في حل الكثير من المعوقات من خلال تطوير الأسس والقواعد القانونية للعمل المحلي سواء في هيئات التطوير التعاوني او المجالس المحلية فإن رأيه وتحذيره قد جاء نتيجة لدراية وخبرة وفهم واستيعاب لطبيعة الواقع اليمني وما يتطلبه وفقا لمعطياته من معالجات وبعيدا عن المزايده والمناكفة السياسية فإن هذا التحذير يجب ان لايغيب اليوم عن المشهد، الامر الذي يتطلب من قبل مختلف الفعاليات الوطنية الوقوف امامه بدرجة عالية من الاستشعار بالمسؤولية الوطنية ووضعه بالتالي للمزيد من النقاشات العلمية في اطار ندوات وحلقات تشارك فيها مختلف الفعاليات بأسلوب علمي متجرد تماما عن الاهواء والعواطف، والانتصار من خلال هذه التفاعلات للمصلحة الوطنية على ضوء بلوغ حقائق علمية يمكن لها ان تسهم في بلورة النظام المحلي الذي يتفق مع اليمنيين ويتناغم مع معطيات حياتهم وقادر ايضا على التعامل مع معظم مشكلاته بروح مرنة تعزز من اسهاماتهم في تعزيز المشاركة الشعبية على طريق تعزيز وحدتهم الوطنية وتمكنهم من تحقيق التنمية الشاملة في اطار من المعايير السياسية والاجتماعية التي تحافظ على اصطفافهم وتعزز من مسيرة ثورتهم باتجاه المزيد من الانجاز والعطاء.
ولهذا كان هذا التحذير للشيخ صادق ابوراس وما تبعه في خطابه من مبادرة المؤتمر الشعبي العام للنظام الاداري الذي يراه مناسبا حسب خبرته وكفاءته والمتمثل في اقامة 21 اقليما او محافظة وهو ما يمثل قوام محافظات الجمهورية بحيث تتمتع كل محافظة بالحكم المحلي الكامل وتنتخب محافظها ويوجد لديها حكومة مصغرة ومجلس نواب.. الخ من المتطلبات الفنية والادارية واللوجيستية التي يحتاج اليها هذا الانتقال والتي من شأنها تعزيز الرقابة الشعبية والتطوير المستمر للإدارة المحلية ورفع الكفاءات والقدرات.. الخ.. اضافة الى ما أكده ابوراس في نظرته للإدارة المركزية او الدولة المركزية معتبرا مهامها تتلخص في ثلاث فقط وهي الدفاع والخارجية والثروات المعدنية في باطن الارض اليمنية.
ولاشك ان التصفيق والهتاف القوي الذي قوبلت به هذه الاشارة الكاشفة بل والمبادرة المسؤولة من قبل الحضور يجعل منها اليوم ابرز قضية وطنية تستحق المزيد من النقاشات وهي مناسبة ان ندعو هنا وسائل اعلام المؤتمر والوسائل الاعلامية الرسمية الى المزيد من تسليط الضوء على هذه المبادرة الحيوية وعكس مضامينها بالصورة التي تتفق مع اهميتها00
ولاريب اننا في صحيفة »الميثاق« لن نألو جهداً في سبيل المزيد من العرض والترويج لهذه المبادرة وسنعمل عل اقامة حلقة نقاشية تشارك فيها العديد من الفعاليات المتخصصة بمختلف جوانب الإدارة المحليه والحكم المحلي وللخروج برؤى اكثر فاعلية تسهم بقوة في فضح اهداف ومآرب العدوان وكل القوى التي تقف معه من اجل إضعاف وحدة شعبنا واغراقه في اتون الصراعات من خلال نظام الاقاليم الذي يحمل في طياته مصائب وكوارث عدة قادرة على العصف بقارة وليس بلد ما.
وتلك مهمتنا الوطنية التي ينبغي ان يعمل من اجل انجازها الجميع وحتى نمكن وطننا من بلوغ 21 اقليماً يتفق مع واقع شعبنا واكثر قدرة على التناغم مع شعبنا وطبيعة موروثه الحضاري العظيم في بناء الدولة وتشييد الحضارة الانسانية بكل جوانبها وأبعادها.
وعندما وصف الشيخ ابوراس المحافظات بالاقاليم فإنه يدرك انه لا مشكلة في المسميات وانما فيما ستحمله التشريعات من كوارث برؤية تتجاوز الحال اليمني بل وتعبث في آماله وتطلعاته وتدفع به الى متاهات تبعده تماما عن اهدافه العظيمة التي من اجلها قامت الثورة والجمهورية والوحدة والتنمية والحكم الرشيد..