المؤتمرنت - "كورونا" يكبد السياحة العالمية خسائر فادحة لا يزال فيروس كورونا أو ما يُسمّى علميّاً بمُتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد، سواء في الصين دولة اكتشاف المرض، أو في مختلف الدول الأخرى التي انتقل إليها المرض يثير مخاوف من توسع نطاق انتشاره ،ويكبد قطاع السياحة في أنحاء العالم خسائر فادحة قدرت بمئات المليارات من الدولارات.
ومع احتجاز عشرات الملايين من الصينيين في الحجر الصحي داخل مدنهم بسب كورونا الذي آثار حالة من الذعر وذلك في ظل دور واضح لوسائل الإعلام العالمية بهذا الخصوص، يبدو أن فيروس كورونا يتجه بالفعل إلى التأثير في وتيرة السياحة سواء في الداخل الصيني أو على المستوى العالمي.
وفي هذا السياق،حذر مجلس السياحة والسفر العالمي خلال الأيام القليلة الماضية من أن انتشار فيروس كورونا الجديد في الصين يمكن أن يترك "تأثيرا اقتصاديا طويل الأمد" على السياحة العالمية في حال تم السماح بانتشار الذعر.
وبحسب وكالة فرانس برس، قالت جلوريا جيفارا، رئيسة المجلس، "أثبتت لنا الحالات السابقة أن إغلاق المطارات وإلغاء الرحلات الجوية وإغلاق الحدود غالبا ما يكون لها تأثير اقتصادي أكبر من تأثير الوباء نفسه".
وأضافت أن "التواصل السريع والدقيق والشفاف مهم للغاية لاحتواء الذعر والتخفيف من الخسائر الاقتصادية السلبية"، مؤكدة أن "احتواء الانتشار غير الضروري للذعر هو بأهمية وقف الفيروس نفسه".
وجيفارا هي وزير السياحة المكسيكية السابقة، التي شاركت في جهود التخفيف من تأثيرات انتشار فيروس إنفلونزا "إتش 1 إن 1" الذي قدرت أضراره الاقتصادية بنحو 55 مليار دولار (50 مليون يورو)، بحسب المجلس الذي مقره لندن.
وشهدت الصين انخفاضا 25 في المائة في عائداتها من السياحة، وخسرت 2.8 مليون وظيفة بسبب انتشار وباء "سارس" في 2003. في حني أمرت الصين جميع وكالات السفر بتعليق الجولات المحلية والدولية في إطار جهود لاحتواء تفشي سلالة جديدة من فيروس كورونا.
وأمرت وزارة الثقافة والسياحة وكالات السفر وشركات السياحة بوقف برامج السفر، بحسب وثيقة اطلعت عليها وكالة أنباء "بلومبيرج".
وهذا الإجراء يأتي في بداية عطلات العام القمري الجديد، التي تشهد سفر ملايين الصينيين عبر البلاد وإلى الخارج.
وتتخذ الصين إجراءات استثنائية، حيث تحاول الحد من انتشار الفيروس الذي يخشى بعضهم أن يتسبب في أضرار تماثل، التي نتجت عن متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد (سارس)، وستمثل هذه الخطوة ضربة قوية لصناعة السياحة.
ويشكل السياح الصينيين، أكبر عدد من المسافرين إلى الخارج على مستوى العالم وأنفقوا 130 مليار دولار في الخارج في العام 2018.
وأعلنت السلطات الصينية، اليوم الاثنين، ارتفاع حصيلة الوفيات بفيروس كورونا داخل البلاد إلى 2912، والإصابات المؤكدة إلى أكثر من 80 ألفا.
وبلغت عدد الاصابات بالفيروس على الصعيد العالمي أكثر من 88 ألف شخص، توفي منهم نحو 3 آلاف شخص، فيما شفي حتى الآن 42670 شخصا، وفقا لما أعلنته منظمة الصحة العالمية، أمس الأحد.
إغلاق متحف اللوفر بسبب كورونا
ووسط مخاوف من تفشي عدوى الإصابة بفيروس كورونا المستجد "كوفيد -19 أغلقت السلطات الفرنسية متحف اللوفر.
وبحسب شبكة "فرانس 24" الناطقة باللغة الإنجليزية، أمس الأحد،أن انتشار فيروس كورونا أدى إلى إغلاق متحف اللوفر ، حيث يخشى العمال الذين يحرسون مقتنياته من الأعمال الفنية من أن يصابوا بالفيروس من جراء تدفق الزوار على المتحف من جميع أنحاء العالم.
وقال متحف اللوفر في بيان قصير "إن اجتماع الموظفين بشأن جهود الوقايةمن الفيروس أسفر عن منع فتح متحف كما كان مقرر صباح اليوم، وأن الراغبين في زيارتهلا يزالوا ينتظرون دخوله".
وأوضح موظف بمتحف اللوفر وهو ممثل عن اتحاد موظفيه، أندريه اكريستين"نحن قلقون للغاية لإن لدينا زوار من كل مكان"، مشيراً إلى أن "الخطر كبير جداً جداً جداً، وحتى ذلك الحين لا توجد إصابات بالفيروس معروفة بين عمال المتحف البالغ عددهم ألفين و300 عامل، لكنها مسألة وقت فقط".
إلغاء معارض في ألمانيا والعالم
ولأن "الصحة أهم من الصفقات التجارية"،ألغت برلين نسخة هذا العام من أكبر معرض للسياحة في العالم، والذي يقام سنويا في العاصمة لينظم بذلك معرض برلين للسياحة لمعارض أخرى ألغيت في ألمانيا والعالم بسبب فيروس كورونا.
وقام منظمو معرض "بورصة برلين للسياحة الدولية" المعروف اختصارا باسم (ITB Berlin)، بإلغاء إقامة المعرض هذا العام بسبب الفيروس الجديد.
ويعد معرض برلين للسياحة الدولية أكبر معرض للسياحة في العالم، وفرصة ينتظرها منظمو السياحة والسفر في العالم لعقد الصفقات وإجراء التعاقدات للموسم السياحي الجديد. وكان من المفترض أن يفتح معرض هذا العام أبوابه في الفترة بين الأربعاء الرابع من مارس الجاري وحتى الأحد الثامن من نفس الشهر.
وقال رئيس المعرض كريستيان غوكه إن الشروط الرسمية لإقامة المعرض تم تشديدها اليوم الجمعة (28 فبراير2020)، لدرجة لا يمكن تطبيقها.
وأضاف في بيان على موقع تويتر أن معرض برلين له أهمية كبرى للسياحة في العالم، حيث يشارك فيه أكثر من 10 آلاف عارض، يأتون من أكثر من 180 دولة. وتابع رئيس معرض برلين للسياحة "نحن نحمل على عاتقنا بمنتهى الجدية مسؤولية صحة وسلامة ضيوفنا والعارضين والموظفين". مؤكدا أن قرار إلغاء المعرض لعام 2020 جاء بصعوبة. فيما كانت قد توالت في الأسابيع الماضية خطابات إلغاء عارضين مشاركتهم في المعرض، ليس من الصين فقط، خوفا من انتشار فيروس كورونا.
وأعلنت إدارة معرض كولونيا الدولي للمعدات الصلبة ايضا يوم الثلاثاء الماضي تأجيل إقامة المعرض إلى وقت لاحق بسبب فيروس كورونا.
وكان موعد إقامة معرض فرانكفورت لمعدات الإضاءة والبناء قد تم الإعلان عن تأجيله أيضا بسبب الانتشار المكثف لفيروس كورونا الجديد في أوروبا. وأعلنت إدارة المعرض مساء الاثنين تأجيل موعده الذي كان مقررا في الفترة بين 8 إلى 13 مارس إلى الفترة بين 15 إلى 30 سبتمبر المقبل.
كما ألغت سويسرا الجمعة الماضية معرض جنيف للسيارات ومعرض بازل للساعات إضافة إلى كل الأحداث العامة أو الخاصة الكبرى بما يشمل اللقاءات الرياضية والكرنفالات.
كورونا ضربة قوية لقطاع السياحة في اليابان
وفي السياق نفسه، أعربت الحكومة اليابانية عن قلقها جراء تأثر القطاع السياحي بفيروس كورونا المستجد الذي أصاب الآلاف في الصين وانتشر على نطاق أوسع في بلدان أخرى بما فيها اليابان.
وتوقع كازويوشي أكابا وزير النقل والسياحة الياباني في تصريح له مؤخرا، أن يوجه تفشي فيروس كورونا ضربة قوية لقطاع السياحة في بلاده.. مؤكدا أن الحكومة تدرس إجراءات لدعم القطاع.
وذكر أكابا أن عدد رحلات الطيران الاعتيادية التي تربط بين اليابان والصين تراجع بنسبة 60 بالمئة ، معربا عن قلقه من المزيد من التراجع في المستقبل.
وأضاف قائلا "إن الجولات السياحية ألغيت لثلاث عشرة سفينة سياحية تحمل أعلاما أجنبية من أصل أربع عشرة سفينة كان من المقرر أن ترسو في الموانئ اليابانية في فبراير الماضي"، معتبرا أن هذا التأثير "وضع السياحة الوافدة والشركات المعنية في وضع صعب جدا".
وأعلن أكابا أن الحكومة تعتزم استحداث خطوات من أجل دعم الشركات السياحية في حزمة تدابير طارئة ستُعد هذا الأسبوع على أقرب تقدير.
وكانت السلطات الصحية اليابانية قد احتجزت سفينة سياحية، و أخضعتها للحجر الصحي بالقرب من العاصمة طوكيو بعد تفشي فيروس كورونا بعد ظهور الكثير من حالات الإصابة بفيروس كورونا على متنها.
وبحسب بيانات منظمة الصحة العالمية، فإن عدد وفيات فيروس كورونا، فاق عدد الوفيات جراء متلازمة التهاب الجهاز التنفسي الحاد المعروف باسم "سارس" بين عامي 2002 و2003 .
ويوافق مبلغ 22 مليار دولار السيناريو الأشد تفاؤلا في دراسة نشرها، في 11 فبراير، معهد أوكسفورد للاقتصاد، وبنيت على فرضية تراجع بنسبة 7 في المئة في سفرات الصينيين للخارج.
لكن الفاقد يمكن أن يصل إلى 49 مليار دولار إذا امتدت الأزمة الحالية مثلما حدث مع أزمة سارس في 2003 و73 مليار دولار إذا طالت أكثر.
وأكثر اقتصادات ستتضرر هي الأكثر ارتهانا للسياح الصينيين مثل هونغ كونغ والمغرب وتايلاند وكمبوديا والفلبين، بحسب معهد أوكسفورد.
ويعتقد الى حد بعيد أن التأثير الاقتصادي سيكون محسوساً للغاية في جنوب شرق آسيا، حيث لا تعد الصين شريكاً تجارياً رئيساً فحسب، وإنما مصدر إيرادات حيوية بالنسبة للسياحة، فعلى سبيل المثال فى دولة تايلاند انخفضت قيمة العملة المحلية بنسبة 3.7% مقابل الدولار فى يناير، مقارنة بارتفاع بنسبة 8.6% العام الماضي. وتشكل السياحة خُمس الاقتصاد التايلاندي، ويمثل زائرو الصين وحدها نحو ربع إجمالي الإيرادات السياحية. كما إن الانخفاض الحاد فى الإنفاق السياحي سيؤدى إلى تراجع كبير في فائض الحساب الجاري في تايلاند.
وكانت سلطات الصين قد أبلغت في 31 ديسمبر الماضي، منظمة الصحة العالمية عن اندلاع الالتهاب الرئوي غير المعروف في مدينة ووهان، الواقعة في الجزء الأوسط من البلاد.
وأثبت الخبراء أن العامل المسبب للمرض كان نوعًا جديدًا من فيروس كورونا – "إن سي أو في- 2019".
وجرى الإعلان عن رصد حالات خارج حدود الصين، في هونغ كونغ، ماكاوـ تايوان، كوريا الجنوبية، تايلاند، اليابان، الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، فيتنام، سنغافورة، نيبال، فرنسا، أستراليا، ماليزيا وألمانيا وبلدان أخرى.
وتُعد الصين أكبر سوق للسفر الخارجي، إذ أنه ارتفع من 4.5 مليون مسافر في عام 2000 إلى 150 مليون في عام 2018.
وقد أوقفت شركات الطيران، ومنها الخطوط الجوية البريطانية، وشركة خطوط الطيران الجوية الهولندية "KLM"، و"إير كندا"، رحلاتها من وإلى العديد من المدن الصينية، بينما قامت شركات أخرى بتقليل عدد رحلاتها الجوية.
ووفقاً لتقرير صادر من شركة تحليل السفر "ForwardKeys"، والتي تراقب 17 مليون معاملة حجز يومياً، إن التأثير ملحوظ بسبب كوننا في منتصف فترة السنة الصينية الجديدة، والتي عادةً ما تكون واحدة من أكثر مواسم السفر ازدحاماً خلال العام.
وكانت منطقة آسيا والمحيط الهادئ، والتي عادةً ما تستقبل 75% من المسافرين في السنة الصينية الجديدة، الأكثر تضرراً.
وانخفضت الحجوزات فيها بالفعل بنسبة %1.3 قبل الحظر، ثم انخفضت بمقدار 15.1% بعد أسبوع.
التأثير حول العالم
وساهمت الصين وحدها بنسبة 51% من الناتج المحلي الإجمالي للسفر والسياحة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في عام 2018، وفقاً للمجلس العالمي للسفر والسياحة (WTTC).
وكانت الآثار المترتبة على فيروس كورونا كبيرة في تايلاند، ووفقاً رئيس رابطة وكلاء السفر التايلانديين، لفيتشيت براكوبغوسول، إذ ألغى 1.2 مليون إلى 1.3 مليون مسافر صيني تقريباً زياراتهم إلى البلاد في شهري فبراير ومارس.
ومع أنه من المبكر حساب الأضرار الاقتصادية حاليا، إلا أن التأثير العالمي على قطاع السياحة يعتمد إلى حد كبير على المدة التي سوف يستغرقها احتواء الفيروس.
ويأمل الخبراء في انتعاش قطاع السياحة بصورة سريعة ،فقد قال متحدث من المجلس العالمي للسفر والسياحة بحسب شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية إنه استغرق الأمر 16 شهراً لتعود الصين إلى ما كانت عليه بالنسبة لمستويات الوافدين الدوليين ما قبل الأزمة. ولكن هذه المرة، كانت الحكومة الصينية أفضل استعداداً لتفشي المرض.*وكالة سبأ
|