يحيى علي نوري -
الشورى والأحزاب.. ثنائي لمواجهة الاختلالات وتقوية مؤسسات الدولة
شدني كثيراً خبر اللقاء التشاوري للاحزاب والمكونات السياسية والذي عقد الثلاتاء الماضي بمجلس الشورى برئاسة الاخ الاستاذ احمد الرهوي عضو اللجنة العامة للمؤتمر عضو المجلس السياسي الاعلى تحت شعاراً معاً لنبني نموذجاً وطني عادلاً في ادارة مؤسسات الدولة«.
ومبعث الاهتمام بهذا الخبر يكمن في أن القضية التي كرس هذا اللقاء لمناقشتها وتدارسها بحضور حزبي هي قضية مستمرة ذات اهمية بالغة تظهر تارة وتختفي تارة ومع ذلك تظل قضية مركزية وملحة مازال التعامل معها دون المستوى المطلوب الذي يتفق مع اهميتها والذي يحدد من خلال برامج عمل واضحة وجلية من خلال خارطة طريق يلتزم بها الجميع سلطة وفعاليات مختلفة وبالصورة التي تضمن اصلاح كافة الاختلالات والاعتوارات التي تعيق بلوغ مضمون الشعار الذي رفعه والذي يؤكد على اهمية ان يشارك الجميع في بناء نموذج وطني عادل في ادارة المؤسسات..
وهنا وبالرغم من حالة الضبابية التي تشوب تحقيق هذا الهدف الوطني العظيم إلا اننا لابد أن نتفاءل خاصة وأن مجرد مناقشته وبمشاركة حزبية افضل من غيابه عن المشهد في مرحلة تعد في امس الحاجة الى مداميك قوية وصلبة لمهام بناء مؤسسات الدولة وتحقيق المشاركة الفاعلة في انجازه من قبل الجميع باعتبار الشعب صاحب المصلحة الاولى لتحقيق هذا الهدف ومن ثم الاحزاب التي يعد دورها في تحقيق هذا الهدف من صميم واجباتها وفقا لما تمليه عليها وثائقها السياسية والوطنية..
وبالنظر الى معطيات الجلسة الاولى لهذا اللقاء نجد انها مثلت فرصة ثمينة لمختلف المشاركين حيث شهدت مداخلات مفعمة بالشفافية والوضوح شخصت بدقة اهم وابرز الاعتوارات التي تشوب دور مؤسسات الدولة والتأكيد على اهمية البلورة السريعة لهذا الهدف بعيدا عن التسويفات والاهتمامات المناسباتية به او التعامل معه كحالة اعلامية ومن ثم تعود الامور كما هى عليه دون تحريك أي ساكن..
ولعل الاهتمام الذي يوليه مجلس الشورى وجعل هذه القضية من ابرز القضايا والمهام التي سيتعامل معها في اطار مهامه الدستورية والقانونية يمثل هو الآخر ضمانة من شأنها وضع هذه القضية في دائرة الضوء والاستمرار في مناقشتها واشباعها بالكثير من الرؤى والاقتراحات الكفيلة بجعل عملية البناء لمؤسسات تستند لأسس وقواعد متينة..
ولاريب ان مايتوافر لهذه القضية من قاعدة معلوماتية تتناول مختلف جوانبها قد يساعد كثيراً على اختصار الوقت والزمن والبدء في عملية التنفيذ..
حيث حظيت هذه القضية بالكثير من المناقشات من خلال الندوات والحلقات النقاشية والمؤتمرات الحكومية او المدنية التي طالما قدمت وفق اسس علمية ومهنية الكثير من الخلاصات التي تحمل في طياتها المعالجات الناجعة للكثير من الاشكالات العويصة التي تواجه السير نحو تحقيق هذه الغاية وهو مايعني ان هذه القضية قد اكتملت مناقشاتها العلمية ولم يتبق لتنفيذها سوى الإرادة السياسية التي اذا ماتوافرت اليوم سنكون امام حدث تاريخي ينتصر للدولة ومؤسساتها بل وينبئ عن عهد جديد للدولة اليمنية تكون فيه اكثر فاعلية وقوة في تحمل مسؤولياتها في حل مختلف قضايا المجتمع وازالة كافة عوائق التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تحول دون التعاطي المقتدر مع مختلف متطلباتها..
ولاشك ان تحقيق الاصلاحات الادارية لهذه المؤسسات من شأنه ان يحقق نقلة نوعية على صعيد ادائها باعتبار ان معظم المشكلات الراهنة ناتجة عن ضعف المؤسسات وماتعانيه من تدخلات فجة لاتتفق مع التشريعات والانظمة ؛ الامر الذي ساعد على تراكم المشكلات التي اضحى كثير منها في حالة مزمنة وبات من الصعوبة بمكان تجاوزها في أي خطوة نحو المستقبل..
ولكون هذا اللقاء قد نتج عنه خطوة عملية تتمثل في عقد لقاء قادم تقدم فيه الاحزاب المشاركة اوراق عمل بهدف المزيد من اشباع الموضوع بكل الآراء والتصورات فهذه خطوة مهمة تتطلب من الاحزاب ليس الاكتفاء بإعداد الاوراق وانما بات مطلوبا منها الاستغلال الامثل لاهتمام مجلس الشورى بهذه القضية وبحيث تعمل على رفع مستوى تنسيقها وتعاونها مع مجلس الشورى باعتباره يمثل مؤسسة دستورية من أجل ان ينتج دوره في تحقيق تقدم ملموس مهم على صعيد اخراج هذه القضية الى حيز التنفيذ وبالصورة التي تجسد الشراكة الحقيقية بينها وبين المجلس خاصة وان اهتمامه بهذا الامر يستند الى حيثيات مهمة منها الدستور والقانون بالاضافة الى وجود الرؤية الوطنية لبناء الدولة ناهيكم عن التحديات الكبرى الراهنة في مختلف المجالات وجميعها تستلزم الاسراع في تنفيذ هذه الرؤية كتتويج لنضال شعبنا الراهن المنتصر للسيادة والاستقلال وبناء الدولة خاصة في ظل محاولات العدو افراغ الدولة اليمنية بهدف تحقيق اجندته والتي اصبحت واضحة للعيان..
ولاريب ان ما ابدته الأحزاب في هذا اللقاء من شكوى مريرة جراء الممارسات التي تتم خارج نطاق الدستور والقانون وخارج مضامين الرؤية الوطنية وتضر بالمصلحة الوطنية وتزيد من وهن وضعف المؤسسات بالإضافة الى مايتم من تعيينات خارج نطاق الكفاءة والمهنية .. الخ من القضايا التي تمثل جميعها جرس تنبيه لمخاطر قادمة اشد وانكأ لن تكون بالتأكيد لصالح شعبنا ومشروعه السيادي القائم على الدولة المتمتعة بالمشاركة الجمعية في تقويتها وترسيخها والمتمتعة بدرجة عالية من الشفافية والوضوح في احترام اسس وقواعد الدستور وتحقيق المواطنة المتساوية..
وتلك امانٍ لم تعد تقتصر على الاحزاب والتنظيمات السياسية بل تشارك مختلف الفعاليات الوطنية في هذا الهم الوطني بالعناوين العريضة التي حفل بها الاجتماع وجعلت الجميع يظهر كفريق واحد وهدف واحد بما فيهم المجلس السياسي الاعلى الذي تفضل عضوه الاستاذ احمد الرهوى بإدارة اعمال اللقاء وما اضفاه من تأكيدات قاطعة اكدت على اهمية دور الاحزاب والتنظيمات ومختلف المكونات الوطنية وخاصه في تحذيره الكاشف والواضح من البطالة المقنّعة والمتغلغلة في بعض مفاصل الدولة والناجمة عن عملية التعيين في المراكز العامة بدون انطباق معايير التخصص والكفاءة على متطلبات الوظيفة، ما يستوجب وضع معالجات وحلول لتجاوزها الاقتداء بتجارب الدول الأخرى في الإدارة الحديثة والفعالة، وهو تحذير يأتي من اعلى السلم الوظيفي مايعني ان الجميع باتوا في اطار هدف واحد وتمثل معالجته اتجاها اجباريا لم تعد المعطيات الراهنة تتحمل وهن وضعف مؤسسات الدولة باعتبار التحديات القادمة كما اشرنا ستكون اكثر كارثية وقد حان الوقت لمؤسسات الدولة الاضطلاع بدورها على اكمل وجه وفي اطار من الاصلاحات الادارية والمالية التي يجب تنفيذها على اعلى درجات المهنية وبعيدا عن الاجندة الحزبية الضيقة وحتى يسود الشعور لدى الجميع بأن الدولة اداتهم الفاعلة في اصلاح وتقويم الشأن العام..
وخلاصةً.. ان الاكتفاء بمناقشة هذه القضية من وقت لآخر دون خطوات عملية سيجعل الحديث عن مؤسسات الدولة مجرد محاولة مكشوفة وباهتة لذر الرماد على العيون ومن ثم فقدان الرأي العام الثقة بجدية كل مايقال ويعرض له بشأن بناء الدولة سواء أكان ذلك على المستويين الرسمي او المدني كما ان ذلك سيبقي الباب مفتوحا للقوى الحاقدة والتي يسوؤها اي توجه يخدم بناء الدولة باليمن الى النفوذ الى كافة مكامن الضعف الذي تعاني منه الدولة والعمل على تحقيق المزيد من الانهيارات خاصة في هذه المرحلة المهمة والاخطر في تاريخ شعبنا
وكل هذه حيثيات بانتظار الإرادة السياسية القادرة لوحدها على تحقيق هذا الانجاز التاريخي..
وهو ما يجعلنا ندعو الله العلي العظيم ان يوفق القيادة ومختلف الفعاليات لإنجاز ذلك في القريب العاجل.
رئيس تحرير صحيفة الميثاق