الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 11:26 م
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء

تقرير صادر عن (The Jamestown Foundation)

السبت, 09-أكتوبر-2004
كتبه: إيفجني نوفيكوف Evgenii Novikov -ترجمة : نزار خضير العبادي -
الجذور السوفيتية للجهاد الإسلامي في اليمن
(احتمالات نشوب حرب عالمية ثالثة قد تتزايد بدرجة كبيرة إذا لم نستحوذ على اليمن الجنوبي، وتصبح بين أيدينا).. من كلمات المارشال أو ستينوف- وزير الدفاع السوفيتي السابق- التي لطالما ظل الجيش السوفيتي في عدن يرددها على الدوام خلال فترة السبعينات، ليؤكد من خلالها على أهمية ما يحظي به هذا البلد من العالم الثالث في حسابات السياسات الدولية للخبراء السوفيت.
في عام 1968م أمسك عبدالفتاح إسماعيل- مؤسس الحزب الاشتراكي اليمني- مقاليد السلطة في اليمن الجنوبي، وليمنح السوفيت فرصة عظيمة في إقرار وجودهم في هذه المنطقة الإستراتيجية المهمة، فقد استفاد الاتحاد السوفيتي من المنشآت العسكرية التي خلفتها بريطانيا العظمي ورائها ليثبت وجوده جيدا، وليلعب دورا مؤثرا في التطورات السياسية لمنطقة الخليج الفارسي.
لقد أصبحت اليمن الجنوبي ( الكوبري) الرئيس للسوفيت للنفوذ إلى المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين وسلطة عمان، ففي حقبة السبعينات والثمانينات كان هناك ما لا يقل عن 1000 عنصر عسكري سوفيتي في اليمن الجنوبي، إلى جانب حوالي3.000 خبير كوبي يعملون في معسكرات تدريب المليشيات والإرهابيين، إضافة إلى حوالي عشرين شخصاً من ألمانيا الشرقية يتولون تدريب قوات الأمن الداخلي اليمنية.
ويالسخرية الأقدار،فإن اليمن- ذلك البلد الفقير الواقع في الزاوية الجنوبية من شبة الجزيرة العربية – مازال يلعب دورا مهما في الشئون العالمية في وقتنا الحاضر. فالتهديد للسلام العالمي، وعالم الديمقراطية المتأتي من القاعدة وزعيمها أسامة بن لادن يستند إلى خلفية يمنية.
فقد ولد إبن لادن في أسرة يمنية مؤلفة من 58 طفلاً، وينحدر أبوه من محافظة حضرموت- جنوب شرق اليمن. أما عمه ( والد زوجته) فهو أحمد عبدالفتاح الساده الذي زوجه إبنته قبل أربع سنوات خلت، من حلوله في هذه المنطقة، ويعتقد أن حضرموت هي من أشد مناطق اليمن تدينا، فعدد المساجد في مدينة حضرموت وتريم وحدهما تفوق اعداد مساجد المملكة العربية السعودية، بأكملها، فهي المنطقة التي تقرر فيها التقاليد الإسلامية نمط الحياة الاجتماعية لسكانه، وينبغي على الشاب الحضرمي الانصياع لقيم القبيلة، وكذا لأوامر العلماء ووجهاء القبيلة الأكبر سنا منذ اليوم الأول من الولادة.
تعيش القبائل اليمنية بحالة دائمة من الحرب مع القبائل الأخرى، وسلطات الحكومة المركزية، فالقبائل تلعب أدواراً رئيسية ومؤثرة في الصراعات السياسية في اليمن.
ومن خلال دخولها بمثل هذه الصراعات جنت القبائل الكثير من الأسلحة، وهي مازالت تمتلكها حتى اليوم، فضلا عن أنها اكتسابها مهارات قتالية عبر دخولها عملياً في المواجهات.
ومازالت القبائل تمتلك قدرات عسكرية، وقوات من أفراد مدربين بمقدورها استخدامها، والاستفادة منها بوجه أية سلطة حكم.
أن مثل هذه الحالة المتواصلة من رجل القبائل الذين يتعلمون استخدام البنادق منذ نعومة أظافرهم تجعل منهم مقاتلين محترفين ضمن أية منظمة جهادية إذا ما خطر على بالهم ترك قبائلهم.. وبالفعل كانوا يغادرون قبائلهم، وبلدانهم مرتحلين إلى الخارج- ومعظمهم يذهب إلى المملكة العربية السعودية ودول الخليج لجني بعض الأموال التي يعيلون بها أسرهم، وهناك ما لا يقل عن 2 مليون يمني يعيشون في السعودية، إلا أن الأغلبية منهم أما يعيشون كمواطنين سعوديين من الدرجة الثانية أو بدون أية حقوق مواطنة، وهو الأمر الذي يتولد عنه وجود أرضية اقتناص خصبة القادة لتجنيد المجاهدين.
وبحسب ( روسيا أون لاين) : ( أن العديد من أعضاء القاعدة هم يمنيو الأصل، أو أنهم عاشوا في اليمن لفترة طويلة.. وأن سبب الالتحاق بالقاعدة كان على الدوام يفسر على أساس ديني متطرف. وقد يكون مبنياً على رغبة في كسب مستوى معاشي أفضل. فاليمن واحدة من بين أفقر عشرة بلدان في العالم، وأن بن لادن سخي جداً مع المجندين الجدد في صفوفه.
ومن أجل فهم سبب صيرورة بعض المناطق اليمنية مثل مأرب، الجوف، وشبوة بصورة رئيسية، كموقع آمن للإرهابيين لتلقي تدريباتهم يجب علينا العودة بالذاكرة إلى العهد السوفيتي، فخلال الحرب الباردة، أقام السوفيت وأتباعهم من ألمانيا الشرقية وكوبا شبكة تسهيلات تدريبية في اليمن الجنوبي لعدد من عناصر الحركات التحررية الوطنية من فلسطين، الصومال، عمان وعدد آخر من البلدان العربية.
على سبيل المثال قام بعض المرشدين الكوبيين بتدريب عناصر من الجبهة الشعبية لتحرير عمان في معسكر تدريبي يقع في منطقة شبوة، وأصبحت منطقة الغيظة التابعة للمهرة المحور الرئيسي لأنشطة الجبهة، وبني لأجلها قاعدة تدريبية، ومخازن سلاح وذخيرة، ومستشفي كبير لتقديم خدمات لمقاتلي الجبهة، إلى جانب إنشاء دار استقبال للاجئين العمانيين، وقد قدم إلى الغيظة المدربون الكوبيون، والعاملون في الخدمات الطبية ليعيشوا ويعلموا فيها، وظلوا هناك لسنوات عديدة.
أما الموظفين في المجال السياسي فإنهم تلقوا دراستهم بمساعدة الكليات والأكاديميات السوفيتية بالإضافة إلى مدارس الحزب في مدن حضرموت والمكلا وعدن، في حين حصلت العناصر الأمنية تدريباتها على أيدي معلمين ( أمنيين) من ألمانيا الشرقية، وأصبحت اليمن الجنوبي أيضا قاعدة للدعم السوفيتي المقدم للمنظمات الأخرى ذات الخلفيات الماركسية مثل الحزب الاشتراكي السعودي، وجبهة تحرير البحرين، وكانت جميعها تمارس أنشطتها في المنطقة، لم يستطع المعلمون الألمان والسوفيت والكوبيون تعليم عناصر حركات التحرر الوطنية كيفية التعامل مع المشاكل الاقتصادية في بلدانهم، لكنهم دربوهم جيداً على تشكيل أنظمة حكم الحزب الواحد، وعلموهم كيف يسيطرون على الوسط الجماهيري الإعلامي، ونشر الأيديولوجية الحزبية في جميع أرجاء المناطق من الأمة، وأسلوب حياتها، وكان عناصر حركات التحرر الوطنية معبئين عقائدياً بالأيديولوجية الاشتراكية السوفيتية، التي كانت تمثل القوة الرئيسية المعادية للأمريكيين، والمناوئة للديمقراطية التي أتوا بها في ذلك الوقت.
أن جميع منشآت تدريب الإرهابيين تعود إلى الحزب الاشتراكي اليمني، الذي كان يحصل على الدعم السوفيتي حتى عام 1987م وخلال ما يقارب العشرين عاماً من الوجود السوفيتي في اليمن الجنوبي قام المدربون السوفيت بتدريب عشرات آلاف المقاتلين، وأفراد الخدمات الخاصة، والخبراء الأيديولوجيين، من عناصر الحزب الاشتراكي اليمني.
وبغض النظر عن صيرورة الحزب الاشتراكي اليمني كحزب معارض بعد تحقق الوحدة اليمنية عام 1990م فإنه ربما ظل محتفظاً بقدر مناسب من المنشآت التدريبية في مناطق نائية سبق الإشارة إليها.
لكن الأمر الأكثر أهمية هو أن الخبراء في الحزب ربما يكونون قد وجدوا مستخدمين ( مشغلين) جدد بين زعماء القاعدة، حيث أن معرفتهم الخاصة، وخبراتهم العسكرية التي استمدوها من بلدان الاتحاد السوفيتي، وألمانيا وكوبا، إلى جانب الوكالات الأمنية قد تجعل منهم عناصر ثمنيه للمنظمات الإرهابية.. ومن بين الأشياء الأخرى هو قدراتهم في التخفي، وأسلوب قيامهم بالعمل التآمري، وخبراتهم في إنتاج وزرع المتفجرات، وفي المواجهة القتالية مع الشرطة والوحدات العسكرية، وكل ذلك يزداد أتساعا بفاعلية مع الفكر العقائدي المعادي لأمريكا الذي عبأهم به السوفيات.
إن خبراء الحزب الاشتراكي اليمني السابقين يؤمنون أن الولايات المتحدة هي عدوهم الرئيسي، وإن هذا التوجه المعادي للأمركة يجعلهم أقرب ما يكونون من المجاهدين الإسلاميين في تنظيم القاعدة والمنظمات الإرهابية العربية الأخرى.
ومنذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر قام الرئيس اليمني علي عبدالله صالح بتطوير التعاون الأمني بين اليمن والولايات المتحدة في حرب مكافحة الإرهاب، إلا أن الجماعات اليمنية المعارضة مثل الحزب الاشتراكي اليمني، والأصوليين في حزب الإصلاح الإسلامي المعارض ( تجمع الإصلاح) لم يسهلوا عليه المهمة للقيام بذلك.
ففي 20 سبتمبر 2001م نشرت صحيفة ( الثوري) الأسبوعية الناطقة بلسان الحزب الاشتراكي اليمني تعليقاً صحافياً حول هجمات القاعدة على نيويورك وواشنطن، تقول فيه: ( إن هذه الهجمات ستضطر واشنطن لدراسة البيئة الحاضنة للإرهاب، وتعريف جذوره، والوصول إلى برنامج شامل اقتصادي، تنموي، وسياسي لتساعد به تلك الشعوب للخروج من أزماتها، وفي حل مشاكلها المركبة.. وإذا لم تغير الولايات المتحدة سياستها الخارجية وتتبنى رؤيا متوازنة وعادلة إزاء ما يجري في المنطقة والعالم، فإن الوضع لن يقود فقط إلى تهديد المصالح الأمريكية وحسب، بقدر ما سيتسبب في إحداث ثورات.
الأنظمة العربية نفسها
وكانت تقارير في صحف يمنية أثارت أيضا ادعاءات تذكر ( أن عناصر الحزب الاشتراكي اليمني تلقت تدريبات عسكرية أولية في عدد من معسكرات أسامة بن الأدن و..كما أن عناصر الحزب الاشتراكي اليمني كانت أيضا متورطة في تفجير أثنين من سفارات الولايات المتحدة).
وعلى الرغم من أن إدموند هول سفير الولايات المتحدة في اليمن (السابق ) يعتقد أن ( اليمن شريك في حرب مكافحة الإرهاب) إلا أن هناك أسباب قوية للاعتقاد بأن البلد سيبقى مرتعاً آمناً للعناصر الراديكالية ( المتطرفة) المعادية للولايات المتحدة.
أن طول الفترة التي مكثها المدربون من الاتحاد السوفيتي، وألمانيا الشرقية، وكوبا، والقادمون من وكالات عسكرية، وأمنية، وعقائدية فكرية ساعدت الحزب الاشتراكي اليمني على تعليم آلاف الناس فنون الأعمال ضباطاً للمجندين في القاعدة، ينقلون لأجيال جديدة من الإرهابيين الإسلاميين معارفهم وخبراتهم التي اكتسبوها من تلك الوكالات الحكومية.




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر