الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 12:00 ص
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الإثنين, 25-يناير-2021
المؤتمر نت -  أ. د. عبدالعزيز صالح بن حبتور -
وخسرت جامعة صنعاء البروفيسور عبده علي عثمان
حينما يفارق الحياة أي صديقاً لنا ونخسره للأبد نحزن عليه ونفتقده لأسباب إنسانية وأخلاقية ووجدانية، فكيف يكون الحال حينما نخسر أحد العلماء المجتهدون الجادون في الوطن، هذه خسارة كُبرى يخسرها الوسط الأكاديمي في الجمهورية اليمنية برمتها.
بدأ حياته الدراسية كغيره من أبناء الأسر اليمنية الفقيرة من قريته الصغيرة ومحافظته تعز، ليواجه تحديات الحياة الصعبة وشظف عيشها بمجاورة جميع صنوف التحديات المعيشية الصعبة، قابلها بمثابرة الإنسان الجاد الصبور المكافح، لكنه انتزع منها شهاداته الإبتدائية والإعدادية والثانوية باقتدارٍ كبير، ليقتحم حياة المهجر ويلتحق بالدراسة الجامعية في جمهورية مصر العربية، وحصل من جامعة القاهرة العتيدة على شهادة البكالوريوس في عِلم الاجتماع، وبعدها سافر للدراسة إلى الولايات المتحدة الامريكية، وحصل من إحدى جامعاتها على درجة الدكتوراة باقتداراً كبيراً.
تميزت شخصية البروفيسور/ عبده علي عثمان، بالمثابرة والصبر والجلد غير المعهود، وواصل تسلق سُلَّم المجد العلمي برصانةٍ واقتدارٍ وتواضع جمْ وعجيب، إنه الإنسان العالم الذي ينحني برأسه إكباراً للعلم والمعرفة، لفهمه العميق بأن تواضع العُلماء العظام هي فكرة مقدَّسة لدى شريحة المثقفين والشعوب التي تضع للعِلم قيمةً عالية في أولوياتها السلوكية والأخلاقية، وأن بوابة الفِكر والثقافة لا يمر منها سِوى من حباهم الله بميزةٍ خاصة واستثنائية هي التواضع والأخلاق الرفيعة مع عمق في الادراك لطبيعة رسالة العِلم والعُلماء، وهذه إحدى خواص البروفيسور/ عبده عثمان.
عرفته قبل أزيد من ربع قرن من الزمان في مدينة عدن، وتحديداً مُنذ أن كنت نائباً لرئيس جامعة عدن وبعدها رئيساً لها، فقد شارك معنا في العديد من الفعاليات العِلمية البحثية في مجالاتٍ شتَّى، وساهم بالعديد من الأوراق العِلمية، والمناقشات الثرية، التي دارت رحاها في أروقة الجامعة حين ذاك، عرفناه جاداً في تقديم أبحاثه وأوراقه العِلمية، وتقديم اطاريه الشفاهية، إنه حُجَّةً متميزة في اختصاصه العِلمي، رحمة الله عليه وأسكنه فسيح جناته.
إن سيرته الذاتية العِلمية تحكي بجلاءٍ ووضوح مدى نجاحه الواسع والكبير في كل حقلٍ من حقول العمل الذي شغله وأبدع فيه، دون أن يُحدِث ضجيجاً إعلامياً وصخباً سياسياً (وهرجلة حزبية)، نعم هؤلاء هم الكبار من العُلماء والمفكرين والفلاسفة، هم وحدهم وباستثناءٍ نادر من يحقق الإنجازات الملموسة في المجالين النظري والتطبيقي الإداري دونما حاجة للصخب والضوضاء والأضواء المبهرة.
التحق بجامعة صنعاء في مطلع الثمانينات من القرن العشرين، ومُنذ ذلك التاريخ عمل كأستاذاً مساعداً، ومسؤولاً في العديد من المواقع الإدارية الأكاديمية بالجامعة، وكما شغل العديد من عضوية المجالس بالجامعة بدءاً من عضويته بالقسم العلمي والأكاديمي، ومجلس الجامعة، مروراً باللجان البحثية والعلمية والتعليمية، وخلال مسيرته الأكاديمية كان أحد المصاحبين لمسيرة جامعة صنعاء مُنذ البداية، وحتى معايشته لبلوغ جامعة صنعاء الذكرى اليوبيلية الذهبية، أي مرور 50 عاماً على تأسيسها (1970–2020م)، وهذا شرفٌ كبير حُظي به البروفيسور/ عبده عثمان، لأن تتزامن مسيرته العلمية مع بلوغ جامعته العتيدة نصف قرن من العمر والنماء والتطور.
وخلال مسيرته العِلمية شارك في العديد من الزيارات العِلمية، من الجامعات اليابانية شرقاً، مروراً بعالمنا العربي، وصولاً إلى أمريكا غرباً، وفي كل تلك الزيارات العِلمية قدَّم البروفيسور عُصارةً عِلميه في الأبحاث، والأوراق العِلمية، والمداخلات، وهذه حصيلة عِلمية متراكمة عبَّر عنها بوضوح في كتبه وابحاثه، وهي الحصيلة التراكمية له كأستاذ، وللجامعة كإرث عِلمي، وللوطن كتراث تراكمي ستستفيد منها الأجيال.
بغياب البروفيسور/ عبده عثمان الجسدي، قد خسر الوطن أحد فرسانه في مجال عِلم الاجتماع، لكنه كسائر المفكرين والعلماء حينما يموت تتناثر منه وعنه الحروف والكلمات والنظريات التي انتجها في مسيرته العِلمية، لتسبح في فضاء المعرفة، وتسقط كحبات التقاوي، لتنبت مرَّة أُخرى في عقول الأجيال من مريديه ومحبيه وطلابه، ولذلك نحن لم نخسر هؤلاء العُلماء، بل أن المستقبل العِلمي في الجامعات والمعاهد والكليات ستتحول إلى مشاتل وحقول لاستقبال نظرياتهم وأفكارهم، وهم بذلك من صنف الخالدون في هذه الأرض.
نسأل الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه خالداً مخلداً في الجنة الواسعة، وأن يُلهِم أهله وذويه وطلابه وأصدقائه الصبر والسلوان، إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.
قال تعالى (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي) صدق الله العظيم.
نكرر التعزية لأهله ولذويه والأسرة الأكاديمية بجامعة صنعاء، والحمد لله رب العالمين.
﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾


رئيس مجلس الوزراء
صنعاء




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر