المؤتمر نت - الأردن: لا حلول أو تسويات لخلافات الحكومة مع الإسلاميين يشهد الوسط السياسي الأردني تجاذباً شديداً بين الحكومة والإسلاميين. وتتراكم الخلافات والقضايا العالقة بينهما من دون حلول أو تسويات منذ شهور, اذ يفتقد الطرفان للمرة الأولى إلى تدخل أو حسم مباشر للصراع من مؤسسة العرش التي احتفظت تاريخياً بعلاقة مدروسة وحذرة مع جماعة "الإخوان المسلمين", وحالت دون ضربها سياسياً وأمنياً منذ خمسينات القرن الماضي.
فبعد حملة اعتقالات ودهم طاولت 39 قيادياً إسلامياً الشهر الماضي على خلفية رفضهم الامتثال لقرار حكومي منعهم من الخطابة في المساجد, ما تزال أزمة سحب الجنسية التي اندلعت الأسبوع الماضي تتوالى سجالاً وتصعيداً بين الطرفين إلى الحد الذي دفع وزير الداخلية سمير حباشنة إلى اتهام الإسلاميين بـ"أنهم لطخوا سمعة الأردن في الخارج" بسبب رفضهم تدابير سحب الجنسية الأردنية من مواطنين من أصل فلسطيني, بحجة أنهم "كانوا مقيمين في الضفة الغربية قبل قرار فك الارتباط الإداري والقانوني بين الضفتين في آب (أغسطس) العام 1988", في الوقت الذي يؤكد فيه الإسلاميون أن "سحب الجنسية تمّ من مواطنين لأسباب سياسية".
ولاحظ الوزير ان "إثارة سحب الجنسية جعل الكثير من المغتربين يحجمون عن العودة إلى الأردن خوفاً من قيام الحكومة بسحب جنسياتهم, استناداً إلى الاشاعة غير الصحيحة" التي سمعوها من 17 عضوا في البرلمان يمثلون حزب "جبهة العمل الإسلامي", الواجهة السياسية لـ"الإخوان المسلمين" التي قال أنها "تحاول كسب ودّ الشارع" من خلال فتح هذا الملف.
وتحوّل اتهام الحباشنة الذي جاء في اجتماع برلماني إلى سجال حاد مع النائب الإسلامي زهير أبو فارس الذي ردّ عليه قائلا: "انك تخل في القانون وتزعزع الاستقرار وحقوق الإنسان في البلد", معرباً عن اعتقاده بان "وزارة الداخلية, إذا استمرت بهذه الطريقة من التعامل, فإنها ستزعزع الاستقرار الأمني" في الأردن.
وضمناً, سعى الإسلاميون إلى إفهام الحكومة أن عليها ان تتعامل معهم كقوة بارزة وأساسية في المعادلة الداخلية في الأردن, بصفتهم التيار الوحيد الذي يمتلك قاعدة شعبية عريضة ويحتلّ 17 مقعداً في البرلمان, فضلا عن حضور تاريخي في مؤسسات الدولة والعمل الخيري والاجتماعي. ولذلك وجهوا رسالة شديدة للحكومة في بيان حرصوا فيه على الإشارة إلى أن "تلطيخ سمعة الأردن لا يأتي من منضبطين بمعايير شرعية, وانما يتسبب فيه الذين يتجاوزون على قيمه, بفتح البواب واسعةً أمام حملات التخريب الأخلاقي والغزو الفكري باسم السياحة وباسم التحديث والتطوير والذين يتهاونون في الحفاظ على الأمن الوطني".
وجاءت الحدة الإسلامية في الردّ على الحكومة بعد سلسلة مقالات كتبها صحافيون مؤيدون للحكومة في صحف يومية وأسبوعية, طالبت الإسلاميين بـ"الاعتراف بتراجع مكانتهم في الشارع", واتهمتهم بأنهم "يتطاولون في خطبهم في المساجد على الدولة وقيادتها".
وفي كواليس الحكومة ودوائرها الأمنية, يتجدد الحديث دائماً عن مطالبات بحلّ جماعة "الإخوان المسلمين" والإقتداء بالتجربة المصرية في هذا الصدد. وفي المقابل ثمة إصغاء لنصائح أخرى تؤكد ان حظر الجماعة سيزيد من حدة التطرف داخل قواعدها وسيجعلها تتحول إلى العمل السري العنيف.
ويبقى أن الإسلاميين مطمئنون إلى ان حال الحلف التاريخية مع مؤسسة العرش ستظل تحافظ على موقعهم الداخلي, وإن يكن أقلّ تأثيراً وفاعلية.
#-المصدر -الحياة |