سعيد عبدالكريم سعيد -
بن حبتور .. رجل الحكمة والوفاء
على مدى تاريخ اليمن المعاصر ومن خلال معايشة شعبنا اليمني لأحداث مفصلية كبيرة وشائكة يقف الزمن برهة ليتحدث عن رجل من الرجال النوابغ والهامات الوطنية العظيمة التي يقف لها الصغير والكبير إجلالا واحتراما لدورها الوطني المتسم بالوفاء والولاء لأرض اليمن وإنسانها، وأعني بذلك سعادة الأستاذ الدكتور عبدالعزيز صالح بن حبتور رئيس حكومة الإنقاذ الوطني، وذلك بما يمثله من قيم وطنية وحدوية ومبادئ أخلاقية وإنسانية في زمن قل فيه الرجال الأوفياء لوطنهم وأمتهم.
يعد الدكتور بن حبتور حكيماً من حكماء اليمن وعلماً من الأعلام الشوامخ الذين سيظلون عالقين في ذاكرة الشعب اليمني الأصيل جيلاً بعد جيل، وسيدون التاريخ اسماءهم في انصع صفحاته.
لقد أكدت الشواهد والأحداث التي مر بها يمننا الحبيب - ولا يزال - جراء العدوان الغاشم على حكمة الدكتور عبدالعزيز بن حبتور وقدرته على تشخيص اهداف العدوان عبر كتاباته ولقاءاته الصحفية وتعريته لأدوات العدوان التي ارتمت في احضان العدو دون حياء.
ظل ثابت المبدأ؛ لا يخاف في الله لومة لائم، ولا تغره الأموال المدنّسة أو المناصب الفندقية كما فعل غيره ممن ارتموا في احضان العدو غير مأسوف عليهم.
وجد بن حبتور موقعه الحقيقي في خندق الدفاع عن الوطن كغيره من الشرفاء الذين اختاروا البقاء في صف الوطن والدفاع عن سيادته ووحدته واستقلاله.
اختار أن يبقى مع المجاهدين ورجال الله في صنعاء المحاصرة التي تئن تحت ضربات العدوان الظالم، وأعلن التحدي والتصدي بصدره العامر، وثباته على الحق، وأصبحت كل أجندته الوطنية الوظيفية محفورة بذاكرته الزاخرة بالدفاع عن أرضه وشعبه والوقوف صفا واحدا إلى جوارهم.
ولأن ( ابورامي) رجل وحدوي عصرته السنين وعجنته الحياة فضلا عن قدراته الاكاديمية وتمكنه الإداري وخبراته المتراكمة في العمل القيادي في مختلف مفاصل الدولة.، فقد كان الرجل الأنسب لأن يقود أصعب حكومة في أحلك ظرف تمر به اليمن في مواجهة عدوان غاشم وحرب ظالمة أفرزتها عناصر الشر في المنطقة العربية وفي العالم أجمع للانتقام من هذا الشعب العظيم وأرضه النقية الطاهرة.
ولهذا فقد كان بن حبتور تلك اليد الحانية، والكلمة الطيبة، والقرار الحكيم، والقيادة الماهرة، ومصدر ثقة، وعنوان عز، وموضع ترحيب؛ في دولة رأسمالها رجال، وتجارتها مبادئ وقيم، وانتاجها علماء وعقول، ومزارعها جنود وخيول، وصفحاتها حراب وسيوف، فاستطاع صنع توافق وطني مستقر ومتوازن بين مكونات الدولة رغم ما يبثه أعداءهم لزعزعة هذا الوفاق.
والدولة القوية تعرف التاريخ والجغرافيا وتقرأ ما بين السطور وما في الصدور والنوايا، فلا يعمّر فيها طويلا إلا أصحاب السمعة الطيبة الكريمة وما دون ذلك يذهبون إلى ملفات النسيان والاندثار، ورعاية الدولة تستمر للطاهرين الانقياء غير الملوثين، من يكتبون مواقفهم الوطنية الشامخة بصفحات المجد والخلود، ويرفعون رايات الحق على مآذن صنعاء، وينثرونها وروداً في ساحات النضال على تراب اليمن الحبيب.
إن شعبنا اليمني يدرك مدى حب بن حبتور لوطنه وتعلقه به، ويتلمس فيه الشجاعة والقوة المستمدة من الإيمان بالحق، والإخلاص في العمل، ونقاء الضمير؛ فهو رمز الحكمة والوفاء والتضحية ورجل المواقف الصعبة، وسيتحدث التاريخ عنه يوما بكل فخر واعتزاز لما قدمه ويقدمه من مآثر جليلة تبقى خالدة في صدور الشرفاء والأجيال القادمة، تشع من صفحاته المضيئة كل صور العطاء والإبداع، فهو حتماً، ودون جدال، يستحق أسمى المراتب، وأعلى المنازل، التي لا يجاوره فيها إلا العظماء والرجال الأفذاذ، بالغي التفرد والتميز والإبداع على مر العصور.
ولولا ضيق المقام، لأفردت لذكره المجلدات والمجلدات، مجلدات تتحدث عن عطاءاته، ومجلدات عن إنجازاته، ومجلدات عن سمو فكره، ومجلدات عن تسامحه وحكمته، ومجلدات عن كل خصالة الطيبة، وشيمه الكريمة، وحتى لو أتيح لي ذلك، ما أحسبها تفي أو تكفي، فهو بحق أمةً في رجل، والقدوة الحسنة والنبراس الذي يقتدي به الرجال الأوفياء لوطنهم ،وعهدنا بابن حبتور الإنسان الوفي لليمن وشعبه.