المؤتمرنت-نبيل الاسيدي - ليالي رمضان .. حلقات ذكر وتلاوة قران ومقيل للمواعظ قبيل أن يبزغ هلال أول يوم من شهر رمضان الكريم يكون اليمنيون على موعد جديد مع أنفسهم بتقاليدهم الرمضانية الرائعة إذ يتغير كل شيء في حياة المجتمع اليمني بدءً من تجهيز البيوت وتزينها وتنظيف الأثاث بأجواء احتفائية متميزة ونكهة أشهى المأكولات الشعبية الرمضانية ، مرورا بفرحة الأطفال وهم يحرقون إطارات السيارات بما يشبه كرنفالا من الألعاب النارية ، وصولا إلى انقلاب الليل نهارا والنهار ليلا ، حيث تبدأ الطقوس الرمضانية منذ الليلة السابقة للصيام التي يجعلونها ليلة سمر حتى أذان الفجر بقراءة القران والتهليل ..
* الانقلاب الذي يحدثه الشهر الفضيل في حياة ونفوس اليمنيين ترتسم ملامحه في مختلف تفاعلات المجتمع إلا أن أكثرها بروزا هي ظاهرة مقيل القات الذي يجتمع فيه اليمنيون للتخزين والذي ينتقل موعده من فترة الظهيرة في أيام الفطر إلى ليالي ما بعد صلاة التراويح والعشاء في رمضان ولكن بحلة جديدة حيث تصبح مقايل تخزين القات أكثر هدوءً وسكونا في تلك الليالي المباركة على غير عادتها في بقية الشهور إذ تبتعد هذه المقايل عن الغيبة والنميمة والأحاديث المازحة لتحل محلها أحاديث الموعظة والذكر والتهليل وتلاوة القران كما يقول القاضي طاهر علي ناجي الذي يشهد مقيله هذا التحول ( الناس في رمضان المبارك تعودوا على الاجتماع في الليل وخاصة بعد صلاة التراويح للمقيل وتخزين القات ولكن بمميزات تختلف كثيرا عن مقايل القات في بقية شهور السنة إذ يكون هذا المقيل لقراءة القرآن وتذاكر السيرة النبوية ولا ينقطع اليمنيون في شهر رمضان عن قراءة القرآن كلما فرغوا من أعمالهم وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة بدأت تتلاشى قليلا جراء ما تقدمه الفضائيات من لهو وترفيه لا يليق بالمعاني التي جاء بها الشهر الكريم إلا أن اغلب هذه اللقاءات مازالت تحتفظ برونق الذكر والموعظة الرمضانية .. ولا يخلو أي مقيل رمضاني من مواعظ دينية وسرد في السيرة النبوية، وسيرة الصحابة، والقصص القرآني.. ومن حين لآخر يخصص زمن قصير للتشفيع والابتهالات وترديد الأناشيد والابتهالات الدينية.)
* موعد سنوي لا يتبدل ولا يتغير غير انه يغير الأحوال ويبدل أغلب السلوكيات.. هكذا عهد الناس حلول شهر رمضان وهكذا صارت أيامهم الثلاثين التي تقلب الليل نهاراً والنهار ليلاً فيها طقوس ومقايل للقات بنكهة رمضانية تشكل في ليالي الشهر المقدس تقارب روحاني مدفوع بالرغبة لالتقاء الكل واحتفائهم تقرب من الله بأكثر من ذي قبل في إحدى عشر شهراً ،، والجميع في ماراثون للسباق يمارسه الناس نحو الحياة الأخرى .. تكتظ المساجد بما رحبت تتداخل أصوات مآذنها المعانقة للسماء .. أدعية .. ابتهالات .. استغفارات ،، فيما جرت العادة أن ينتظم الرجال في المساجد بحلقات قراءة قرآنية مصغرة فيعمل أحدهم على القراءة والآخرين يتابعون ويصححون اللفظ، وهكذا يأتي الدور عليهم فرداً فرداً،، وهذه الحلقات انتقلت بكل تفاصيلها من المساجد الى البيوت ..
* الحلة الرمضانية لا تقف عند هذا الحد بل إنها تتجاوز ذلك إلى لم العديد من السر التي كانت مشغولة طوال العام بأعمالها وتتفرق في أحياء أو مدن مختلفة حيث تصر العديد من الأسر على لملمت أبنائها من أحيائهم المختلفة ليجتمع الكل حول مائدة رمضانية واحدة لدى رب الأسرة أو في منزل العائلة بعد اشهر من الفراق والمشاغل التي تقف حاجزا عن الجو الأسري المفعم بالمحبة والذي يتجدد في كل سنة من خلال الشهر الكريم والعديد من هذه الأسر تفضل قضاء العشر الأواخر من هذا الشهر في منزل واحد لتجتمع على مائدة واحدة قد تكون المرة الأولى في العام بعدها يمكن لمن أراد أن يعود إلى مقر عمله أن يعود ،، ومنهم من يجمع أبنائه وأحفاده بين صلاتي الظهر والعصر أو من بعد صلاة التراويح ليعلمهم سلامة تلاوة القران والتجويد وذلك بعد أن يضع في أول أيام هذا الشهر لهم جدولاً يبين ما يجب عليهم حفظه خلال شهر رمضان.
|