المؤتمرنت-تقرير- جميل الجعدبي - الموشح اليمني: من سفح صنعاء إلى رُبى الأندلس، التراث الخارج عن نطاق الخدمة لليوم الخامس على التوالي تواصلت مساء أمس بساحة الهواء الطلق بعاصمة الثقافة العربية صنعاء 2004م فعاليات مهرجان صنعاء للإنشاد في أجواء رمضانية صدحت خلالها حناجر 238 منشداً من عشر محافظات يمنية بأصدق الابتهالات الروحانية والموشحات المتنوعة بتنوع تضاريس محافظات الجمهورية والمتعددة بتعدد ألوان أزياء الفرق الإنشادية المشاركة.
وتوقع مصدر مطلع بوزارة الثقافة لـ (المؤتمر نت) وصول فرقتي الإنشاد المصرية والسورية إلى صنعاء اليوم في مشاركة عربية تعد الأولى من نوعها في مهرجان الإنشاد والموشح اليمني الذي تنظمه وزارة الثقافة والسياحة في اليمن للعام الثالث على التوالي متزامناً مع ليالي شهر رمضان المبارك.
ولأن اليمنيون يحتفون هذا العام بتتويج صنعاء عاصمة للثقافة العربية فقد جاء مهرجان الإنشاد هذا العام مميزاً من حيث كثافة الفرق المشاركة وزيادة فترته المستمرة خلال 13 ليلة من ليالي شهر رمضان ابتداء من 5 رمضان وحتى 17 رمضان.
وبالإضافة إلى المشاركة العربية لأول مرة يبقى اختيار ساحة الهواء الطلق موقعاً لإقامة فعاليات المهرجان وحدة لوحة ثرائية ومنعطفاً تاريخياً أعاد للموشح اليمني مكانته المرموقة والتي ضلت على مدى سنوات خارج نطاق اهتمامات الحكومات اليمنية المتعاقبة فعلى خلفية مدينة صنعاء القديمة وأضواء قصورها الشامخة امتزج هديل حمامها الرابض على شرفات الطوابق العلوية لقصور المدينة مع حناجر المنشدين من كافة الفرق المشاركة صادحين بألحان لا يحتاج المتابع للالات الموسيقية لتذوق معانيها والتحليق معها ابتهالاً وخشوعاً للمولى جل وعز.
وإلى ذلك أقامت وزارة الثقافة والسياحة مساء أمس محاضرات بعنوان (الإنشاد اليمني): الواقع والآمال) شارك فيها جابر علي أحمد وعبدالله خادم العمري وحضرها خالد الرويشان وزير الثقافة والسياحة وعدد من المسئولين وأعضاء المجلس المحلي لمديرية صنعاء القديمة وأعضاء الفرق المشاركة وجمهور من أبناء المدينة القديمة.
ويتضمن مهرجان صنعاء للإنشاد عشر أمسيات إنشادية تختتم بمشاركة الفرقتين المصرية والسورية وحفل تكريمي للمشاركين مساء الـ 31 من اكتوبر الجاري.
ويعد الموشح اليمني المرجع الوحيد لمعظم الموشحات العربية إن لم يكن كلها. فلا نجد موشحاً في العالم العربي إلا وله صلة بالموشح اليمني وشعرائه وملحنيه، وهو ما أكسبه شهرة كبيرة في القديم والحديث واتخذ الموشح والإنشاد في اليمن ميزة متفردة لأنه يعطي لكل مناسبة حقها أو ما يناسبها سواء مناسبة الحج أو الزواج أو المآتم وغير ذلك من المناسبات التي لا تخلو من الموشح أو المنشد.
وليس للموشح تاريخ يحدد انطلاقه لكن بعض الشعراء والمنشدين يحددون نشأة الموشح قبل 1400 سنة عندما استقبل المهاجرون والأنصار الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة وهم يرددون (طلع البدر علينا..).
وتشير كتب الأدب والتراجم إلى أن عمر الموشح اليمني يمتد لـ (500 عام) حيث برز منذ ذلك التاريخ شعراء الموشح والملحنون والمتغنون به، وأن الموشح اليمني وهو الأصل للموشحات في بعض الدول العربية حيث كان لهجرة اليمنيين ومشاركتهم في الفتوحات دور كبير في انتشار الموشح ووصوله حتى الأندلس.
وجاء في بعض المراجع التاريخية أن أغلب تراث المغرب جاء من اليمن نظراً للهجرات بعد تصدع سد مأرب، حيث هاجرت معظم القبائل اليمنية إلى بلدان عربية حاملة معها كل ما تملك من تراث وفن وثقافة ومن تلك الأسر أسرة بيت العطاب في المغرب والتي لها علاقة بالموشح والإنشاد.
ويتميز الموشح اليمني بالقبول محلياً وعالمياً رغم عدم مصاحبته لآلات الموسيقي حيث تنبع موسيقاه من حناجر منشديه، كما أن مميزات الموشح اليمني تكمن في أن أكثره يحتوي ذكر الله وذكر النبي بل أن جله يتغزل في الذات الإلهية، وتوصف كلماته بالبساطة والتأثير القوي للمتلقي الذي ما يلبث أن تدخل نفسه سريعاً.
كما يتسم الموشح اليمني عن غيره في الدول العربية بالثراء والتنوع ففي اليمن عدة ألوان من الموضح وعلى سبيل المثال هناك لون في ريمة ولون في حراز وآخر في المحويت، ولون في صنعاء وآخر في حضرموت الذي يترافق ايقاعه مع الدان الحضرمي.
وهناك موشحاً ساحلياً جبلياً وحتى الأداء يختلف من محافظة لأخرى نظراً لاختلاف طبيعتها الجغرافية وذى أبنائها المختلف عن المحافظات الأخرى.
ويعد جابر رزق وعبدالرحيم البرعي من أوائل من أنشدوا ولحنوا الموشح اليمني تلاهم بعد ذلك عدد آخر مثل عبدالله الشريم والنعامي وأحمد موسى والحليلي ومحمد حسين عامر وحمامة وآل سحلول وآل هزام وغيرهم الذين حفظوا التراث الإنشادي في اليمن وأوصلوه إلى أجيالهم المتعاقبة حتى العصر الراهن.
|