فاطمة الخطري* -
في ذكرى الوحدة الـ(32) لنعالج الأخطاء بكل الصدق والمسئولية
عندما نحتفي بالعيد الوطني لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية فإننا نحتفي بوطن استعاد لحمته ومجده الذي فقده منذ عشرات السنين بسبب الاستعمار البغيض الذي قسم الأوطان وشتت الشعوب .. نحتفي باستعادة اليمن الواحد الكبير ، الحلم الذي رافق اليمنيين طيلة سنوات الشتات حتى أصبح حقيقة وأنشودة ترافقنا في مسار حياتنا اليومية لا نمل من ترديدها..
"رددي أيتها الدنيا نشيدي .. ردديـه وأعـيدي وأعـيـدي .. واذكـري في فـرحتي كل شهيد .. وامنحيه حللاً من ضوء عيدي"..
هي اليمن الواحد التي ناضل ابناؤها منذ انتصار الثورة اليمنية المباركة "26 سبتمبر 1962م و14 أكتوبر 1963م" من أجل تحقيقها ،حتى أصبح حلمهم الواحد في وطن موحد حقيقة وواقعاً معيشاً في الـ22 من مايو 1990م ؛ كهدف حملته هذه الثورة المجيدة لا يمكن إسقاطه أو تجاوزه والقفز عليه.
هي الوحدة اليمنية التي لم تُفرح اليمنيين عند تحقيقها فحسب ، بل وأفرحت وأسعدت كل الشعوب العربية الحية التي رأت في تحقيقها انجازاً قومياً في الزمن الصعب ، وحدثاً إيجابياً وحيداً في التاريخ العربي المعاصر.
فكيف لا أحتفي بذكرى تحقيقها ، وكيف لا أتغنى بها ؟..
الوحدة لملمة اجزاء هذا الوطن المتناثر .. جمعتني بأحبتي في الجزء الآخر .. دفعتني لزيارة عدن ورؤية جمالها والتمتع بهوائها المنعش الدافي ، كما دفعت أخي هناك لزيارة صنعاء والعيش مع اهلها وناسها الطيبين.
هذه هي الوحدة التي جمعت اليمنيين.. وألغت ما كان يفصل بين قلوبهم وأرواحهم .. وأنهت كل الأوجاع والآلام التي كانت تسكنهم وتقودهم لذرف دموع الحب والشوق لمن يسكن فؤادهم في الطرف الآخر من اليمن.
هذه هي اليمن الواحد الكبير.. يمننا جميعاً.. روعتنا ودهشتنا وألقنا.. أغنيتنا الجميلة التي لا يمكن أن نرددها فرادى ، حياتنا التي لا يمكن أن نعيشها إلا سوية.. قلوبنا التي لا يمكن أن تكتمل احلامها وآمالها وطموحاتها إلا معاً..
فهل أدركتم لماذا أحتفي بهذا اليوم الخالد في قلوبنا وأرواحنا.. هل أدركتم ماذا يعني وطن واحد وحلم واحد وحكاية واحدة؟
* يحز في نفسي ونفوس اليمنيين ما نسمعه من قبل البعض المطالب بتفتيت قلوبنا وتشتيت ارواحنا وتقسيم آمالنا وأحلامنا..
يحز في نفسي كثيراً عندما أستمع لهذا البعض وهو يقول "نريد استعادة دولتنا" دون أن يدرك أن اليمن الواحد الكبير هي دولتنا جميعاً ، وأن اليمن من شرقها لغربها ومن جنوبها لشمالها هي قلبنا الكبير النابض بالحب.
عندما أستمع إلى البعض وهو يتحدث عن إعادة اليمن إلى ما كان قبل 1990م أحزن كثيراً وأقول في نفسي : هل تعالج الأخطاء التي شابت مسار الوحدة طيلة السنوات الماضية من عمرها بخطأ أكبر منه .. هل تعالج الأخطاء بالتقسيم والتفتيت .. بالتمزيق والتشتيت .. بموت قلوبنا وأرواحنا ونزع الهواء من افئدتنا ؟!
أم أن الاخطاء تعالج بالجلوس على طاولة الوطن الواحد الكبير ووضع الحلول والمعالجات لها.. وتمثل الصدق والمسئولية مع انفسنا ومع هذا الشعب الذي لا يمكن أن يعيش ويستمر في الحياة فيما نصفه الآخر بعيداً عنه.
علَّمتنا السنوات السابقة وما شاب الوطن خلالها من أوجاع وأحزان ما زلنا نعيشها إلى اليوم أن مسئوليتنا تجاه الوطن تتعاظم أكثر وأكثر ، مسئوليتنا تدفعنا لتلافي الأخطاء والاستفادة من الدروس والعبر التي مرت بنا لنتمكن من بناء وطن يجمعنا بعناوين الحب والتسامح والشراكة، والتوجه الجاد والمسئول لوضع المعالجات التي تنهي كل الاشكالات وتقود إلى الانتصار لوطننا الواحد الكبير بكل الصدق والمسئولية.
ولهذا ينبغي التأكيد أن اليمن الواحد الكبير لا يمكن له أن ينمو ويستقر إلا واحداً موحداً ، لا يمكن لليمن أن تحافظ على سيادتها واستقلالها إلا وروحها واحدة..، لا يمكن لها أن تواجه كل المخاطر والتحديات إلا وقوتها واحدة ثابتة وراسخة ، ولا يمكن أن يكون لها عنوان واحد وقلوب أبنائها مشتتة ممزقة.
هذه هي الحقيقة التي يحاول البعض للأسف الشديد الهروب منها وعدم مواجهتها بمصداقية ومسئولية.
* ومن هذا المنطلق علينا جميعاً أن نعمل على تعزيز قيم الوحدة اليمنية والتوحد في فكرها وثقافتها والتذكير بتاريخ نضال اليمنيين في سبيل إعادة تحقيق وحدة اليمن ، وأن نرمي كل صور وأشكال الأحقاد والكراهية في مزبلة التاريخ غير مأسوف عليها
علينا أن نجعل الوحدة عنواناً ومساراً لانهاء كل المؤامرات المحيطة بنا والهادفة إلى تفكيك بلادنا وتمزيقها، وأن نسعى بكل الصدق لجمع وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء ، والبدء بمرحلة وطنية وحدوية جديدة تحقق السلام وتتوجه نحو ردم كل صور واشكال الخلافات والتباينات السياسية القائمة وتقودنا جميعاً لبناء الوطن الذي نحلم به..
كل عام ويمننا الكبير واحداً موحداً بإذن الله .
❊ الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام