راسل القرشي - أيامكم وحدة وتعايش ومواطنة متساوية وسلام * عندما نحتفل بذكرى إعادة تحقيق الوحدة اليمنية فإننا نحتفل بوطن استعاد جغرافيته وتاريخه عقب سنوات من الشتات والتمزق، فرضتها قوى الاستعمار، بعد أن عملت على تغيير خارطته الواحدة تنفيذاً لسياساتها الاستعمارية التي تقوم على قاعدة فرّق تسد..
فرقت اليمنيين في الجزء الجنوبي لوطننا وأوجدت بينهم الخلافات والتباينات ودعمت قيام سلطنات متصارعة لتضمن لنفسها البقاء في عدن والتحكم بمصير شعب لا يؤمن إلا بواحدية وطنه وقضيته..
اليمنيون يحتفون بهذا اليوم التاريخي كونه الحدث الذي انهى شطرية وطنهم وأعاد للبلاد وحدتها وللشعب واحديته، لا تفرق بينهم حدود ولا مصالح سياسية متعارضة، ولا تتحكم بمصيرهم القوى الخارجية أياً كان شكلها أو لونها..
* يحتفل اليمنيون بهذه الذكرى الأغلى والأعز على قلوبهم كونها جمعتهم على كلمة سواء، وانتصرت لإرادتهم الحرة الواحدة التي لا يمكن لأيٍّ كان تغييرها أو التأثير عليها، وأقصد هنا أصحاب المصالح السياسية الذين لا يهمهم وطن ولا شعب، بقدر اهتمامهم بمصالحهم ومصالح من يمولهم ويسيِّرهم ويوجههم ويفرض عليهم ما يفعلون وما لا يفعلون..
هذه هي الوحدة التي يحتفي بها اليمنيون في مختلف المناطق اليمنية .. يحتفلون بتاريخهم البهي الواحد الذي استعادوه، والإنجاز الكبير والعنوان البارز الذي لا يمكن اخضاعه لحسابات الربح والخسارة، ولا للمزايدات والمكايدات أو للمصالح الشخصية الضيقة..
نقول ذلك ونحن ندرك أن المرحلة الراهنة من عمر الوحدة اليمنية المباركة تعد الأخطر منذ أن تحققت في الـ22 من مايو 1990م، وذلك بسبب طبيعة الأوضاع السائدة ، والمؤامرات التي تحاك ضد اليمن ووحدتها..
* الوحدة هي ملك الشعب وليست ملك أفراد أو جماعات، ومن الخطأ أيضاً تحويل الوحدة إلى قضية خلافية تحت أي مسمى من المسميات أو أي مبرر، فكل ذلك يمكن تجاوزه إذا ما توافرت النوايا الصادقة والمخلصة لجميع الأطراف السياسية، بدلاً من تقديم الوحدة قرباناً على مذبح الشتات والتقزم والضياع..
ما تشهده الوحدة اليمنية اليوم من تحديات ومؤامرات يحتم على الجميع النظر إليها بوعي ومسؤولية، والبحث عن المعالجات التي تحفظ لليمن سيادته ولليمنيين نسيجهم الاجتماعي الواحد وكرامتهم واستقلالهم، عبر مناقشات جادة لكل الاشكالات والقضايا محل الخلاف بعقلانية وحكمة، بعيداً عن أي شكل من أشكال التدخل الخارجي أو التمترس خلف العصبية والمذهبية والطائفية وغيرها من صور النزعات المناطقية المدمرة التي نرفضها كلياً.
* من يراهنون على الانفصال وتمزيق اليمن الواحد الكبير يجب أن يدركوا أن ذلك قد يعزز من تفاقم المشكلة بدلاً من حلها، كما سيقود إلى إدخال الوطن وخاصة الجزء الجنوبي والشرقي منه في منعطف خطير يؤدي إلى تشظّيه وتقسيمه وتمزيقه إلى كانتونات صغيرة ودويلات ضعيفة، ويكون الشعب اليمني هو الخاسر الوحيد، لا سيما وأن غالبية أبناء الشعب في المحافظات الجنوبية والشرقية، يرفضون هذه التوجهات ويحذرون من يسعون خلفها، وما سيترتب عليها من اشكالات وصراعات، اليمنيون في غِنى عنها..
ينبغي أخذ العبرة من كل الدروس السابقة التي مرت بنا ،وأن نعي جيداً أن الوطن الواحد الكبير الذي نعيش تحت سمائه ملك للجميع، وسيبقى واحداً موحداً بإذن الله سبحانه وتعالى، وبفضل وعي ومسئولية شعبنا، والجميع مسؤولون عن حمايته وأمنه واستقراره بعيداً عن الصراعات التي تزيدنا ضعفاً وتقودنا إلى ما لا تحمد عقباه..
* لا تأخذ البعض العزة بالإثم خدمة لأجندة خارجية لا تريد لليمن أن تبقى واحدة موحدة، ولا أن ينعم شعبها بالأمن والاستقرار، فالوطن لنا ولأجيالنا التي تتوق وتحلم أن تزول كل الاشكالات الماثلة، وكل الصراعات التي أدمت أعينهم وسرقت راحتهم وابتسامتهم طيلة السنوات الماضية..
يحلمون بوطن واحد ديمقراطي يحتوي جميع أبنائه، يتشاركون في إعادة بنائه ورسم معالم مستقبله بكل الصدق والمسئولية، دون اقصاء ولا غطرسة، وبعيداً عن الانفعالات المدمرة..
وصدق الله العلي العظيم القائل في محكم آياته "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرَّقوا"..
كل أيامكم وحدة وتعايش ومواطنة متساوية وسلام. |