راسل عمر القرشي - محمد شنيف.. كبير بإنسانيته وأخلاقه * عرفته هادئاً رزيناً ثابتاً على مبادئه، وسياسياً فطناً قبل أن يكون صحفياً وإعلامياً..، ذا شخصية كاريزمية متزنة ومرنة، يتعامل مع من حوله بكل شفافية ووضوح .. صادق مع الآخرين، واقعي لأبعد الحدود، لم أره غاضباً على الإطلاق، كما أن العصبية لم تكن من سماته.
من يجالسه ويتبادل الحديث معه يكتشف أنه يتحدث مع شخصية مسئولة ومتفهمة، تمتاز بسعة الصدر وتتقبل الرأي والرأي الآخر، كما أنه يتمتع بالصبر والقدرة على التحمل وإن كان ذلك في أصعب المراحل وأسوأ الظروف.
تلك بعض المزايا والصفات التي عرفتها في الدكتور محمد يحيى شنيف رحمة الله عليه، من خلال تعاملي معه من جهة، أو متابعتي كتاباته السلسة والواضحة من جهة أخرى، وهو أيضاً واحد ممن تتلمذنا على أياديهم في صحيفة الميثاق، إلى جانب الأساتذة الأجلاء محمد شاهر حسن وأحمد الشرعبي واسكندر الأصبحي أطال الله في أعمارهم وأنعم عليهم بالصحة والعافية، ولا أنسى أيضاً الأستاذ عباس غالب رحمة الله عليه.
* محمد شنيف لمن لا يعلم كان واحداً من مؤسسي صحيفة "الميثاق"، وعمل مديراً لتحريرها منذ صدور العدد صفر في نوفمبر 1982م وحتى منتصف العام 1989م، إلى جانب الأستاذ حسن اللوزي رئيس التحرير والأستاذ عمر السقاف سكرتير التحرير، إضافة إلى هيئة تحرير ضمت كوكبة من الرموز الأكاديمية والثقافية والإعلامية اليمنية التي لا يمكن القفز عليها وتجاوزها، كالدكتور عبدالعزيز المقالح والاستاذ عبدالله البردوني والأستاذ محمد الزرقة رحمة الله عليهم والأستاذ محمد شاهر وآخرين..
محمد شنيف وإلى جانب عمله الصحفي شغل رئاسة دائرة الفكر والثقافة والإعلام بالأمانة العامة للمؤتمر، وأسهم - ومعه عدد من القيادات السياسية والصحفية والإعلامية - في تطوير رسالة المؤتمر على كافة المستويات، كما كان له اسهام فاعل في الارتقاء بخطابه السياسي، ووضع الخطوط العريضة التي ينبغي لوسائل إعلام المؤتمر السير وفقها.
* عندما نتحدث عن محمد شنيف فإننا نتحدث عن أستاذ كان له دور لا يمكن نسيانه، سواء عبر مشاركاته المتميزة في مختلف الفعاليات الإعلامية والسياسية والمدنية التي نظمتها المؤسسات الإعلامية والحزبية، أو من خلال أوراق العمل التي كان يقدمها في الحلقات النقاشية والدورات التنظيمية لا سيما الثقافية والإعلامية منها، التي ينظمها معهد الميثاق التابع للمؤتمر.
وبعيداً عن المؤتمر أسس شنيف مؤسسة المسار للدراسات والبحوث التي كانت تُعنى بإصدار الكتب في المجالات السياسية والثقافية والإعلامية، كما أصدر صحيفة المسار وترأس تحريرها، إلى أن توقف نشاط المؤسسة بشكل عام في العام 2013م - حسب معرفتي - نتيجة الأوضاع السياسية التي شهدتها البلاد وتوقف الدعم الذي كان يحصل عليه، كما كان له دور في تأسيس ورئاسة عدد من المنظمات المدنية غير الحكومية.
* ولا أخفيكم هنا وأنا اتحدث عن الدكتور محمد شنيف أنني وغيري كثيرون جُبلنا على أن لا نكتب عن أي شخص نعزه ويمثل لنا أستاذاً وقدوة إلا بعد أن يفارقنا ويرحل إلى جوار ربه..
هكذا نحن بكل أسف .. لا نتذكر من نُكنُّ لهم التقدير والاحترام ولا نفيهم حقهم قولاً وفعلاً إلا بعد رحيلهم عن دنيانا، وكأننا مسكونون بقلة الوفاء..
وداعاً محمد شنيف الكبير بإنسانيتك وأخلاقك وتعاملك مع الآخرين، ونَم قرير العين، فالموت حق علينا جميعاً..
لك الرحمة والغفران ومأواك الجنة بإذنه تعالى..
"إنا لله وإنا إليه راجعون" |