الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 10:29 ص
ابحث ابحث عن:
دين

في كتاب أمريكي حول الاسلام

الأحد, 05-ديسمبر-2004
المؤتمرنت -
لورانس: نظرة الغرب السلبية للإسلام سببها هيمنة التفكير الشعبي
حيث أن معظم من هم غير مسلمين أول ما سيتبادر إلى أذهانهم حول الإسلام هي مسألة (العنف) فقد بدأ بها الكاتب المعروف بروس لورانس كتابه الأخير «تحطيم الأسطورة» والذي يجد في إطلاق (الأوصاف المبتذلة) افتراء يجب معالجته منذ البداية ولابد من فهم شامل وجديد للمسلمين وفضح الأوصاف النمطية السائدة التي تختزل الإسلام بالعنف وتعتبر المسلمين ليسوا سوى مجرد رهائن للعنف في طبيعتهم الأساسية. ينكر لورانس التهمة الموجهة للإسلام ويعتبر أنه ليس هناك مكانا واحدا أو ثقافة متجانسة واحدة تدعى الإسلام، فليس هناك إسلام متراص ومتناغم كليا اذ أن هناك عالم إسلامي في آسيا وأفريقيا، وهو تعددي مثل الغرب ويفوق أمريكا وأوروبا من حيث المناطق والأعراق واللغات والثقافات التي يحتضنها. فالإسلام من وجهة نظره تعددي في داخله وأن المسلمين أنفسهم يدركون كم هو ضروري وكم هو صعب في الوقت ذاته تحديد الأفكار المختلفة عن الإسلام. فالإقرار ببعض حالات العنف لا يجب أن يكون ذريعة من اجل لصق تهمة العنف بالإسلام اذ يظل استثناء وليس قاعدة فالعنف غير متأصل في الإسلام كما يرى لورانس على نحو أكثر من اليهودية أو المسيحية أو الهندوسية أو البوذية أو السيخية. ويعتقد الكاتب أن السبب الرئيسي للنظرة السلبية للإسلام هو هيمنة (التفكير الشعبي) على مفهوم الإسلام العام الذي يعرفه علماء السياسة والصحافيون وصناع القرارات وهم في غالبيتهم من الخصوم مؤكدا جهل الكثيرين منهم للإسلام، حيث لا يستحضرون في أذهانهم سوى عروبة الإسلام. ويتخذ لورانس عزت بيغوفيتش كمسلم أوروبي شرقي مثالا للنضال الذي ينظر إلى العنف الجسدي بما في ذلك المواجهة العسكرية كحل أخير لمواجهة عنف الآخرين اذ يدعو بيغوفيتش إلى اللجوء للعنف الدفاعي لا الهجومي: العنف لتحقيق نظام سياسي ـ اجتماعي أكثر تناغما، والذي سعى إلى قيام نظام عمل تعددي بين بقايا الشرق الشيوعي السابق والاتحاد الأوروبي الجديد وحلفائه العالميين. وبالرغم من انه تعددي متحمس ينهمك بشكل واسع في التقليد العلمي لأوروبا المعاصرة فانه يؤكد أن الإسلام يتعرض للهجوم وأن الإسلام الواقع تحت الهجوم ينقسم دائما إلى اسلامين أولهما (الجانب التخيلي الديني) والثاني (الشيطاني السياسي)، معترفا بوجود علاقة بين الشعارات الإسلامية وبعض أفعال العنف السياسي غير انه يمتنع عن جعل الإسلام السبب الرئيسي أو المحرك للعنف، ويظهر بدلا من ذلك الطريقة الوسطى للإسلام وكيفية الحفاظ عليها محاولا أيضا إعادة دور الوساطة للمثقفين المسلمين في عملية رسم الخريطة المستقبلية للأنظمة والسياسة والعالم الإسلامي. ويشرح لورانس في كتابه كيف أن الإسلام هو أيضا إيديولوجية معاصرة خاضعة للإيديولوجية المهيمنة في القرن العشرين والتي يعني بها القومية، فالقومية والديانة هما أقوى واشد وأكثر أنواع الولع السياسي بقاء واحتمالا كما يجدها اوكتافيو باث، معتبرا أن الديانة والقومية شاغلت احداهما الأخرى منذ القرن السادس عشر إلا انه في القرن العشرين صارت علاقتهما أكثر وضوحا وخطورة وباعتراف المؤرخين أصبحت القومية تثير عواطف مساوية للديانة. باختصار فانه بالنسبة لباث تستطيع الديانة أن تنجح فقط إذا أصبحت جزءا من جدول الأعمال القومي. إلا انه كما أوضح لورانس أن المفكرين المسلمين الذين مازالوا يواجهون ارث الاستعمار والذين يقومون بوضع الديانة إلى جانب القومية على أنهما فئتان متساويتان هم قلة، ذلك أن الإسلام لا يزال يحتفظ بقوة رمزية مستقلة عن القومية إضافة إلى انه يطرح عملا براغماتيا بوسعه تحدي الايدولوجيا القومية. ويطرح الكاتب تساؤلا هاما حول مدى استطاعة الديانة أن تصبح مساعدة للدولة وتظل في الوقت ذاته تعمل كديانة أو أن مشاركة القومية للديانة ليست إلا شكلا مبطنا رفيعا من أشكال استيلاء العلمنة؟ ويفصل الكاتب في الفصل الأول المراحل الثلاث للإسلام المعاصر: (الاحيائية، والاصلاحية، والاصولية) موضحا أن كل حركة من الحركات الإسلامية العريضة تنتمي إلى نمط متفاعل بين العالمين الأوروبي والإسلامي والذي بدأ الفصل الأخير لهذا التفاعل ـ كما يرى لورانس ـ بالتوسع الاستعماري الأوروبي في القرنين الثامن والتاسع عشر، فكان رد الفعل الأول هو الاحيائية ولكن بعد أن فشلت في تحقيق النتائج الطويلة الأجل تم استبدالها بجهود في الإصلاح الإسلامي بالتوافق مع الحركات الوطنية ولكن بعد فشل هذه الأخيرة ظهرت الأصولية. موضحا أن هذه المراحل الثلاث جميعها الاحيائية والاصلاحية والاصولية هي من الناحية التاريخية حركات اجتماعية دينية محددة تدفع إلى الواجهة العامة بعض الزعماء الذكور في محاولتهم لاستعادة المساحة التي تم تحديها وتقليصها ثم إفقارها وإعادة رسمها من قبل التوسع الأوروبي، فمند القرن الثامن عشر وحتى وقتنا الراهن ـ حسب لورانس ـ فان جميع الأنظمة المسلمة عانت من الأزمات المالية والتشويش الديموغرافي، والركود الزراعي، وبعض المتاعب الناجمة عن التحديات المحلية. ويقدم لورانس في الفصل الخامس مناقشة عميقة ودقيقة لما يواجهه المسلمون ـ وخاصة النساء من بينهم ـ حرمانا اقتصاديا داخل مجتمعاتهم وتهميشا في الاقتصاد العالمي المعتمد على التكنولوجيا المتقدمة وحتى دول الخليج الغنية بالنفط التي تعتمد على العلوم والتكنولوجيا الغربية. مستعرضا من اجل ذلك أجزاء منفصلة عن تاريخ النساء لثلاث دول هي إيران وباكستان ومصر ليكشف الرباط المزدوج للنساء المسلمات في هذه الحقبة الراهنة من الأصولية الإسلامية لافتا الانتباه إلى الأماكن التي تم استثناء النساء فيها وتحديد مضامين استثناءهن فكونها مسلمة، وأنثى، ومهمشة اقتصاديا فهن لا يتمتعن بالفرص التعليمية أو المهنية المتوافرة لآبائهن وأشقائهن وأزواجهن وأبنائهن. كما يحاول من خلال سرده لبعض الوقائع أن يقلب المفهوم السائد لدى الأمريكيين الذين لا يرون خلف الرجال سوى وجوه لنساء مسلمات مزروعات في المنازل معزولات عن العالم الخارجي يتعرضن للقمع من قبل أزواجهن المستبدين معتبرا هذا الوصف المقلوب أو النمطي يبقى بعيدا عن الإسلام, فالإسلام من وجهة نظره يوفر تحديات وآمالا ورضى كبيرا للنساء المسلمات والرجال المسلمين كما انه يمنح جميع المسلمين فرصا ليست اقل من تلك التي تمنحها الأديان السماوية الأخرى لأتباعها من الرجال والنساء. وفي الفصل السادس يقتصر التحليل على دولة إسلامية واحدة وقضية قضائية شهيرة واحدة وهي المتعلقة بـ (شاه بانو) في الهند وهي ليست فقط مهمة بالنسبة للهند وإنما لجارتيها باكستان وبنجلادش ذات الأغلبية المسلمة وحاول إظهار كيف كشفت قضية (شاه بانو) الهيكليات القضائية التي تحدد وتقيد الفرص العامة للنساء المسلمات في سائر أنحاء شبه القارة الهندية. وكما أن الحاجة الاقتصادية والسياسية وفرت في الماضي المحرك للتغيير توقف الكاتب في الفصل الأخير عند فكرة الجهاد وثقافة المؤسسات وفكرة الجهاد التي يمقتها الغرب منذ زمن طويل لاعتقاده أنها إشارة للعدوانية الإسلامية، ظهرت هي أيضا في بعض المناطق كتحد داخلي للمجتمعات الإسلامية، وغالبا ما تترجم كلمة الجهاد إلى الإنجليزية «حربا مقدسة» أي الحرب التي يتم شنها على غير المسلمين أو كحرب صليبية معكوسة وبالامكان استحضار هذه الكلمة في الاحتجاجات الإسلامية ضد الحكم الاستعماري الأوروبي، فالجهاد يجسد أيدلوجية ليترجم الفكر إلى عمل ويجيش الالتزام لقضية ينظر إليها على أنها عادلة وضرورية في آن واحد.
إلا انه وبالرغم مما يقوله الليبراليون حسب لورانس فان الصراع الحقيقي في العالم المعاصر هو ضد التبعية الاقتصادية، وبدلا من النظر إلى الثقافة الرأسمالية التجارية الجديدة على أنها تطابق جاف أو استسلام للهيمنة العولمية فان البعض يعترفون بأن النضال باتجاه تلك الثقافة ـ الجهاد ـ يتماشى مع الأعراف الإسلامية المتطورة المتعلقة بالعدالة الاقتصادية والاجتماعية.





أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر