فريق ركن الدكتور/ قاسم لبوزة* - 14 أكتوبر.. الثورة التي عبـّرت عن إرادة يمنية جامعة ونحن نحتفي بالعيد الـ60 لثورة 14 اكتوبر المجيدة.. لابد أن تعي الأجيال أنها تلك الثورة التي سطر فيها أبناء الشعب اليمني في جنوب الوطن ملحمة الثورة والتحرر من نير الاستعمار البريطاني البغيض منطلقة من جبال ردفان الشماء لتتسع هذه الثورة المباركة باتساع الأرض اليمنية، ولتسمع صوت شعب الجنوب اليمني الثائر كل أصقاع المعمورة.
لقد كانت ثورة الرابع عشر من أكتوبر ثورة وطنية وشعبية عظيمة مثلت حالة من التعاضد الوطني الفريد شارك فيها العمال، والمثقفون، والنقابيون، والفلاحون والعسكريون، وأبناء القبائل والقوى السياسية الوطنية القومية واليسارية من كل المناطق اليمنية، كما كان للمرأة اليمنية حضورها النضالي المشرف..
لقد عبرت ثورة الـ14 من أكتوبر عن إرادة وطنية يمنية جامعة في التحرر والكرامة واستعادة الوحدة الوطنية اليمنية، وتحقيق الاستقلال الذي تحقق مع انسحاب آخر جندي بريطاني في الـ 30 من نوفمبر 1967م.. وهذا ما اكسبها البعد الوطني الكبير..
وبالتالي على جيل اليوم أن يدرك جيدا أن انتصار ثورة الـ14 من أكتوبر المجيدة لم يكن وليد الصدفة أو ضربة حظ، أو نتيجة مراجعة بريطانيا الاستعمارية لحساباتها وشعورها بالذنب جراء ما اقترفته من جرائم بحق أبناء شعبنا اليمني في الجنوب؛ بل إن الانتصار العظيم الذي حققه ثوار حرب التحرير كان نتيجة لنضال سياسي وعسكري وأمني ونقابي استمر لسنوات طوال، ونتيجة لتضحيات ودماء وجراحات وسجون وتشريد وآلام ومعاناة تحملها أبناء عدن والمحافظات الجنوبية، وقدم ثوار حرب التحرير المجيدة أبلغ دروس البطولة والتضحية والفداء والبذل في سبيل الحرية والكرامة ورفضاً للاحتلال البريطاني ومؤامراته في تمزيق جنوب الوطن إلى كيانات تزيد عن العشرين، لتكون ثورة الـ14 من أكتوبر إحدى أعظم الثورات التحررية العربية من الهيمنة الاستعمارية في القرن العشرين.
والتأريخ يعيد نفسه اليوم وعلينا جميعا أن نكون عند مستوى المسئولية لأن الاحتلال عاد بنسخة جديدة ويحتاج من اليمنيين جميعا أن ينسوا خلافاتهم ويتجهوا الى درء خطر التمزيق والتشطير الذي يريده الاحتلال الجديد ويعمل عليه ليل نهار من خلال ادواته في الداخل التي تماهت مع مشاريعه التفتيتية والهدامة.
لقد فرضت ثورة 14 أكتوبر المجيدة حقيقتها في الواقع اليمني على امتداد خارطة الوطن الحلم والوطن الثورة فكان شمال الوطن هو العمق الاستراتيجي لثورة أكتوبر، تفاعل معها النظام الثوري السبتمبري دعماً وإسناداً واحتضاناً.
كما كانت مصر العربية والأنظمة الثورية العربية خير مساند لثورة 14أكتوبر المجيدة والشعب اليمني تعبيراً عن المشاعر الأخوية العربية الإسلامية والتضامن بوجه الاستعمار الأجنبي.
إن ثورة 14 أكتوبر محطة مهمة لأن نراجع الماضي خاصة أولئك الذين باعوا انفسهم في مزاد الاساءة لوطنهم.. لأن الدروس والنتائج التي أسفرت عنها ثورة 14أكتوبر المجيدة كثيرة منها ذلك الموقف التاريخي الذي اتخذته من الخونة والمرتزقة والعملاء الذين كانوا في صف المستعمر البريطاني الذين أمسوا بعد انتصار الثورة كهشيم المحتضر، وهو ما يجب أن يتعلم منه مرتزقة اليوم المساندون للعدوان السعودي الأمريكي الإماراتي البريطاني التحالفي الهمجي على وطنهم بأن يراجعوا مواقفهم ويعيدوا حساباتهم ويعتذروا لوطنهم وأبناء شعبهم عما اقترفوه.
وأنا هنا أسأل الاخوة في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات العدوان وتحديدا في جنوبنا الغالي بالذات بعد تسعة أعوام من العدوان.. ما الذي منحكم إياه الاحتلال؟
ألم يمنكم الاحتلال بأن يجعل المناطق التي يسيطر عليها جنة؟
فأين تلك الجنة التي لانراها اليوم إلاجحيماً يعيشه الناس على كل المستويات.
ماذا تنتظرون من وكلاء الاستعمار القديم غير الدمار والخراب والتدهور الشامل وعلى جميع المستويات السياسية والاقتصادية وغيرها من الممارسات التي لا تهدد وحدة واستقرار اليمن فحسب بل تهدد وحدة الجنوب وتعيد تقسيمه لإمارات وسلطنات تابعة لأطراف تحالف العدوان كما كان أيام الاستعمار البريطاني.
وبالتالي علينا جميعا أن نفهم دروس التاريخ جيدا ونستفيد منها..فمن يفرط بهويته يخسر قضيته ويصبح شبحاً بلا ملامح بلا هوية بلا رؤية.
كما أن علينا جميعا أن نستوعب جيدا وأن نسترجع شريط الذكريات الذي يذكرنا دوما بأن الشعب اليمني سيظل الشعب الذي لا يقهر, الشعب القوي بإيمانه بالله، وبإرادته الوطنية الحرة وبقضيته العادلة، الشعب الذي ضرب وما زال يضرب أروع الأمثلة في العطاء والتضحية والصمود في الدفاع عن كرامته وأرضه واستقلاله وكل يوم يؤكد الشعب اليمني أن كل المعتدين والغزاة مهما حشدوا ومهما كانت قوتهم فإن مصيرهم لن يختلف عن مصير سابقيهم من الغزاة والمحتلين, وقريباً سيرحلون وسيرحل معهم عملاؤهم ومرتزقتهم الذين باعوا الوطن واستدعوا الأجانب لتدنيس تراب الوطن مقابل ثمن بخس.
سلام وتحية لأبطال حرب التحرير..
والرحمة والخلود للشهداء على محراب الوطن والدفاع عن كرامته وعزته..
* نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام |