الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 11:44 م
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء

تقرير خاص نشرته الأمم المتحدة

الجمعة, 10-ديسمبر-2004
المؤتمر نت - امرأة من ضحايا الالغام المؤتمرنت-ترجمة آلاء الصغار -
جهود نزع الألغام ومساعدة ضحاياها في اليمن
ذات يوم كانت الفتاة "صباح" تجمع الحطب من إحدى غابات محافظة الحديدة –غرب اليمن- عندما تحطمت حياتها تماماً. إذ تروي: ذهبت إلى تلك المنطقة التي اعتدت ارتيادها وبدأت بتقطيع الأشجار وفجأة وجدت نفسي تقذف إلى الجو ثم تدحرجت بعدها إلى أسفل الجبل، وأخذت بالنظر إلى ما حولي لأجد أن جزءً من رجلي تهشم واختفى، فيما بُترت الرجل الأخرى وتعلقت فوق...).
تركت "صباح" على تلك الحالة لمدة ست ساعات قبل أن تأتي عمتها لإنقاذها، وتذكر: لم يشأ أحد المجيء إلى الحقل خوفاً من أن يتعرض للتفجير.. كنت مرعوبة واعتقدت أن النسور ستأتي لتأكلني حية.
إحدى صديقات صباح كانت تجمع الحطب بمكان قريب، وسمعت الانفجار، فأتت لترى ما حدث لكنها جلست بقربها مصدومة لمدة خمس ساعات حتى تم إنقاذها أيضاً.
تقول صباح: لقد استغرق الأمر ساعات للوصول إلى المستشفى فالسيارة التي نقلتني ثقب إطارها أربع مرات.. مرت خمس سنوات على حادثة "صباح"، وهي اليوم في العشرينات، ترتدي البالطو الأسود المعتاد، وتقول إنها أصبحت قادرة على المشي بمساعدة أرجل اصطناعية زودها بها مركز دعم ضحايا الألغام التابع للأمم المتحدة بعد أن فقدت كلا ساقيها، وهو الآن تديره السلطات المحلية.
وتضيف: إن هناك الكثير من الفتيات في قريتنا ممن تعرضن لإنفجار مثلي، وإحداهن تسير بكرسي متحرك.
تشير الإحصائيات أن 5000 شخص قتلوا أو أصيبوا جراء حوادث الألغام في اليمن حتى يومنا هذا، إلا أن تلك الأرقام ربما تكون أكبر بكثير، إذ أن الكثير من حالات الوفاة في الأرياف لا يتم تسجيلها.
ويذكر جمال جار الله جوبع أحد المحللين في البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة: أن الآثار بالغة بسبب صفوف الألغام المنتشرة في المياه، وعلى اليابسة، وفي الطرقات.
إن مشكلة الألغام موغلة في القدم، وتمتد مع امتداد 19-21 حكومة يمنية، رغم أن اثنتين منها كانت في عدن جنوبي الحديدة، فقد زرعت الألغام خلال أربعة صراعات أعقبت ثورة 1962م في اليمن، ثم بعد إعادة تحقيق الوحدة بين الشمال والجنوب عام 1990م إذ اشتعلت حرب الانفصال عام 94م التي زرعت أثناءها معظم الألغام.
وتصل مساحة مناطق انتشار الألغام على امتداد البلاد إلى حوالي 923 كم مربع وفقا لمسح الألغام الذي أجري عام 2000م وكان ذلك المسح الأول من نوعه في العالم، واستغرق عاماً كاملاً.
فقد حدد المسح 592 منطقة متأثرة بالألغام منها 14 منطقة يعد التأثير فيها عالياً وحدثت فيها أعداد كبيرة من الإصابات وهناك 14 منطقة تصنف ضمن مناطق الأولويات القصوى للتنظيف من الألغام بينما تصنف 84 منطقة على أنها متوسطة و 494 تعد منخفضة وفقاً للبيانات التي أدلى بها جوبع.
يعد البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة الآن تقييماً يجريه عام 2005م ليحدد بموجبه أي نوع من التأثير الاقتصادي تسببت به الألغام للمناطق التي تنتشر فيها فمشروع تفعيل برنامج نزع الألغام للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة الذي باشر أعماله في 1999م يتضمن تدريباً لبناء القدرات والكفاءات على نزع الألغام، وهي أنشطة يقوم بتنفيذها مكتب خدمات الأمم المتحدة UNOPC.
إننا الآن في المرحلة الثانية التي سيتم فيها تسليم قيادة المشروع للسلطات المحلية اليمنية فالمشروع يحظى بتمويل كلاً من إيطاليا، اليابان، هولندا، ألمانيا، الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، كندا، النرويج، السويد، سويسرا، والمملكة العربية السعودية.
يذكر جوبع: أن المشروع يمثل تجربة رائدة يجدر بالبلدان الأخرى اتباعها فضلاً عن كونه يوفر فرص عمل داخلية. فإن نزع الألغام في اليمن ذو كلفة باهضة لأن من يقوم به هم جنود رسميون، وليسوا منظمات نزع ألغام، أو مستشارون يتم استئجارهم خصيصاً لهذا العمل.

دعم ضحايا الألغام
إن المسح الذي تم تنفيذه في المناطق المتأثرة بالألغام عام 2000م كان يعني أيضاً أننا ينبغي علينا تقديم فحوصات طبية للمواطنين من أجل تقديم معالجات متقدمة.
يقول منصور محمد العزي- المدير التنفيذي للمركز الوطني لنزع الألغام: إن المسح شجع النساء في المناطق الريفية اللواتي أصبن بالألغام على المضي قدماً بالعلاج، فهن غالباً لا يغادرن البيت للبحث عن المساعدة الطبية وهو أمر مرتبط بأسباب ثقافية تتعلق بمفاهيم المجتمع.
ويضيف: قمنا بأعمال الترحيل الطبي ودفعنا فواتير المستشفى والكراسي المتحركة، ولدينا مركز لصناعة الأطراف الصناعية مزود بأطباء أخصائيين وأطباء علاج طبيعي وبلغ إجمالي العمليات الجراحية التي أجريناها في المركز لمساعدة المعاقين( 79 )عملية.
وتذكر الدكتورة الهام شريف: أن المركز مجهز بشكل جيد وفيه أقسام منفصلة للرجال وأخرى للنساء، ونحن نتعامل مع الشلل أيضاً، ونقوم بتزويد المصابين بالكسور بالعكازات.
وبينما كانت الدكتور الهام شريف تشرح عن أنواع المعدات الرياضية المقدمة من أجل مساعدتهن على الشفاء العاجل،كانت هناك نساء على عكازات يمارسن التمارين ،حيث توجد جميع أنواع المعدات الرياضية المقدمة من اجل مساعدتهن على الشفاء العاجل
وفي إحدى الزوايا كانت هناك سيدتان تحاولان مساعدة امرأة أكبر منهن سناً على إجراء التمارين لذراعها، فجعلنها تصرخ من الألم، ثم أخبرتنا (إنه مؤلم ولكن لابد منه).
يتفاخر فريق العمل في المركز بأن هناك حوالي 100 مريض يرتاد المركز إما من ضحايا الألغام أو من أولئك المعاقين الذين يزورون المركز بشكل يومي وذكرت الدكتورة إلهام شريف: نحن نساعد الناس على تحسين حالتهم الصحية من أجل أن يحاولوا عيش حياة طبيعية.
فيما يذكر صلاح خالد منصور: المركز ساعدني حقاً، وأعطاني ساقاً اصطناعية في البداية لم أكن راغباً، لأنني كنت أعتقد أنه عديم الجدوى لكنني الآن على الأقل أستطيع المشي واتحرك ببعض الحرية. قال ذلك في الوقت الذي كان يرفع طرف سرواله ليرينا الساق الاصطناعية، ثم ابتسم قائلاً: عندي مشاكل كثيرة بالتوازن من قبل، لكن بعد زيارة المركز أصبحت الآن أفضل بكثير.
في أحد جوانب المركز كان هناك صفاً من الورشات التي يعمل فيها الرجال وكانوا مشغولين بعمل أعضاء اصطناعية فهم يصنعون ما يزيد عن 15 قطعة يومياً وفقاً لما تقتضيه الحاجة.

التوعية بالألغام
بحسب المسئولين فإن التوعية الفاعلة لها تأثير كبير .. فالمدارس مستهدفة بشكل يومي تقريباً، فضلاً عن العمل الميداني الخارجي في القرى. إذ يقول جوبع: نحن نعمل على تأهيل المشائخ في القرى أيضاً من أجل توصيل المعلومات، ونتحدث إلى الأطفال لنعلمهم تحاشي الدخول في حقول الألغام.
في عام 2000م كان هناك 27 حادث إصابة بالألغام شهرياً على مستوى اليمن كاملة، وقد انخفض هذا العدد في الوقت الحاضر إلى ما بين 2-4 حادثاً فقط ويقول مسئولو الأمم المتحدة: نحن نؤمن أن ذلك لم يكن ممكناً إلا من خلال التوعية بمخاطر الألغام لقد بات هناك انخفاض في الحوادث بنسبة 90% منذ عام 99م.
وسائل العمل
إن نزع الألغام مهمة تتطلب جهداً، وتستغرق وقتاً.. فحقول الألغام مصنفة إلى مربعات قوام كلاً منها 25م2 ويتولى فريق مؤلف من اثنين فقط بالعمل على نزعها من كل مربع.
ثم يعقبه فريق للتأكد نوعياً من خلال القيام بالفحص مجدداً والتحقق من أن المنطقة أصبحت نظيفة وإذا ما ظهر خلاف ذلك سيتم إعادة عملية مسح نزع الألغام.
وهناك حوالي 1000 عامل نزع ألغام في اليمن يغطون مساحة 18 كم2 يومياً فقط لذلك فهي عملية بطيئة كما تستخدم الكلاب في ذلك ولكن ليس في المناطق الصحراوية.
يقول العزي: هناك ألغام تشكل تهديداً خاصاً كونها تسبب دماراً كبيراً فاللغم الواحد منها قادر على قتل ما يزيد عن 10 أطفال وفي عام 2000 كانت هناك حالة موت منها وإصابة 22 شخصاً جراء انفجار لغام واحد فقط.
تعد اليمن من الدول الموقعة على معاهد أوتاوا لتحريم الألغام كما لديها برنامج محدد بعشر سنوات تأمل من خلاله التحرر من الآثار السلبية للألغام بحلول عام 2009م ويؤكد العزي: نحن نأمل أن تتحرر اليمن من هذا التهديد إلا أننا بحاجة إلى التمويل والمزيد من مساعدة الدول المانحة.

العيش حياة هانئة
إن إعادة التأهيل جزء منهم من المشروع إذ يذكر العزي: نحن نعلم أولئك الذين تعرضوا لإصابات مهارات يستطيعون الاستعانة بها لحين يتسنى لهم حيازة أطراف صناعية.
ويضيف: إن نوع التدريب الذي نقدمه يتضمن التطريز، الخياطة، الإلكترونيات، والأعمال الهندسية لذلك فإن أكثر من 100 شخص ممن نجوا من الألغام يشاركون في فصول التدريب ونأمل رفع هذا العدد.
بالنسبة للحالات المعقدة فقد أبرمت السلطات اليمنية اتفاقية عام 2004م مع الحكومة الإيطالية لتسفير الحالات المعقدة إليها لتلقي العلاج على أيدي أطباء يمتلكون خبرات عالية جداً.
لقد تحدث العزي عن حالة فتاة تعرضت لإصابات شديدة برأسها جراء انفجار لغم وقد تم تسفيرها إلى إيطاليا إذ يقول: إنها أصيبت بتهشم أجزاء من عظام رأسها إلى جانب إصابة بالغة في العين، وبتر واحدة من يديها لكن الأطباء في إيطاليا استطاعوا معالجتها و اعادتها إلى حالة طبيعية نوعاً ما.
ونظراً لطول الفترة التي يستدعيها علاج الحالات المعقدة ثم إرسال شخصين فقط وما زالت هناك حالات كثيرة قيد الانتظار. إذ يذكر العزي: نحن سنخاطب حكومات أخرى للاقتداء بالنموذج الإيطالي، ومساعدة المصابين بالألغام على العيش حياة طبيعية مجدداً.
إعداد ..مركز نزع الألغام في اليمن






أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر