شوقي شاهر - الجديد في ذكرى التأسيس الـ"42" تقلبات الزمن.. البيئة المحيطة.. المواقف.. حجم التحديات ونوعيتها.. المتغيرات المتوقعة وغير المتوقعة.. هذه العوامل وغيرها تؤثر بكل تأكيد على حياة المجتمعات، وتمثل المحك الحقيقي الذي يترك أثره على كل ما يعتمل بداخلها من تفاعلات اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية، وعلى مكوناتها المختلفة سواءً أكانت المؤسساتية أو الفردية، وفي مقدمتها تلك التي تتشكل من خلال قواعد جماهيرية متنوعة، ولها مبادئ وأهداف ترغب بتحقيقها على المدى القريب والمتوسط والبعيد. وهي أيضاً مراحل وفترات من المؤكد أنها تصارع مثل تلك العوامل التي تقوّض من تأثيرها مع مرور الزمن، وتنعكس على فترات صلاحياتها وديمومتها ونجاعة بقائها، ومدى تمكُّنها من صدارة وصياغة الأحداث والتحولات التي تشهدها الدول والمجتمعات بين حين وآخر..
وبالنظر إلى المخاضات التي مرت -ومازالت تمر بها بلادنا منذ مطلع عقد ثمانينيات القرن الفائت- يمكن للمتابع أن يحصي عدداً كبيراً من مثل تلكم العوامل التي غيَّرت من عديد ملامح النظام السياسي في بلادنا، وأسهمت بدور أكبر في أن تخوض بلادنا غِمار تقلبات أنهكت مظاهر الحياة بكل تفاصليها، فتضاءل دور مكونات سياسية عِدة، وتقزمت أدوار البعض الآخر، وتخلَّفت مكونات أخرى كثيراً عن ادعاءاتها التي كانت تروّج لها، فتاهت بالتالي بين دهاليز هذه المخاضات معاني الوطنية، وتشكلت معها ولاءات لا تمت للوطنية بصلة، ولا لطموحات أبناء الشعب ولا لتربة الوطن وآمال أجياله المتعاقبة..
واليوم وبلادنا تشهد الأحداث الراهنة بكل تقلباتها وإرباكاتها، يمكن لكل منصف أن يلحظ أن المؤتمر الشعبي العام -الذي نحتفل بذكرى تأسيسه الـ42- مازال يكتسب زخماً وطنياً خالصاً، مجسّداً أهدافه ومبادئه الوطنية التي قام عليها منذ الوهلة الأولى لتأسيسه عام 1982م، متدثراً بميثاقه الوطني الذي ما برح يثبت جدارته في مواجهة كافة أشكال التدخلات الضيقة والطارئة على محددات العمل السياسي الوطني، الأمر الذي يمثّل دافعاً لاستمراره وبقائه كإطار عام يحمل آفاق مستقبل مشرق لوطن يعاني الكثير من الجراحات والنكران والتحديات التي تكاد أن تفتك بوحدته واستقراره؛ وكرؤية شاملة تدفع بعجلة النمو والتقدم والرقي للمجتمع الذي تلفه ضبابية المشهد، وتحافظ على تماسكه وصموده للوصول نحو غدٍ واضح الملامح والتحولات..
42 عاماً لم يَزْدَدْ خلالها المؤتمر إلا بريقاً ولمعاناً أضاء به الدُّجى، وتجاوز المكائد وسار بالوطن من إنجاز إلى إنجاز، وحقق الكثير من الطموحات لأبناء الوطن، وهو الأمر الذي لاينكره إلا جاحد أو مكابر..
نوقد اليوم الشمعة الـ42 من حياة هذا التنظيم الرائد، التي هي جزء لايتجزأ من حياة الوطن المشرقة.. ولابأس بأن يمر بمنعطفات لا تأتي حين تأتي إلا لتؤكد أحقية هذا التنظيم في البقاء والريادة والقيادة لهذا البلد الذي عانى خلال العقد الفائت الكثير من التحديات التي استهدفت وحدته وبقاءه بشكل عام، والتي كان يمكن لها أن تتحقق لولا ارتباط أهدافه ومبادئه بولاء وطني صادق ونقي، واحتكامه إلى قاعدة جماهيرية صلبة تمتد من أقصى الوطن إلى أقصاه..
اليوم نحتفل بالذكرى الـ42 لتأسيس المؤتمر الشعبي العام لنزهو بأمجاد تنظيمنا الرائد وبما حققه للمواطن وللوطن من منجزات لا يمكن حجبها، وتقف شامخةً في وجه كل يائس وحاقد تجاه تنظيم قاد التحولات السياسية والاقتصادية خلال العقود الماضية..
ومما يزيده قوة وقدرة ولحمة اليوم هو إلتئام قواعده وكوادره حول أهدافه ومبادئه وميثاقه الوطني أكثر من أي وقت مضى، مستلهمين عظمة التجربة السابقة، ومستفيدين من أخطائها، ومعززين لإيجابياتها، ومندفعين نحو تجسيد الوحدة التنظيمية كنواةٍ للوحدة الوطنية..
الاحتفال اليوم هو عبارة عن محطة جديدة لتجاوز الأخطاء التي تراكمت طوال عقود؛ ويجب تعزيز العلاقة بين أطره القيادية بكل مستوياتها، وبين قواعده وجماهيره في كافة أرجاء البلاد.. يجب إعادة ذلك التفاعل والألق الذي كان يكسو كل مكوناته، يجب اليوم إعادة الاعتبار لكل المخلصين الذي صمدوا وناضلوا وقدموا التضحيات ولو على حساب أنفسهم حتى يبقى المؤتمر شامخاً وفي مقدمة التنظيمات السياسية والتي ساهمت في الحفاظ على وحدة وصلابة وصمود الوطن أمام ما يواجهه من تحديات وتآمرات تستهدف وحدته وأمنه واستقراره.. هذا التنظيم الرائد يجب أن يثمّن دور قواعده، ووفاءهم مع تنظيمهم، وأن يفك عُقدة ما ثقل على كاهلهم من صعوبات ومتغيرات، فهم لا شك يمثّلون عموده الفقري، وهم أيضاً يمتلكون خبرات وأصحاب قدرات اكتسبوها من خلال ممارستهم أعمالهم ومهامهم عبر مراحل مختلفة ومن مواقع متعددة، وتولوا مهاماً ومسؤوليات في مؤسسات الدولة المختلفة.. وأخيراً وليس بآخر، يتجسد أمامنا أمران تنظيميان سيكون لهما أثرهما على واقع مؤتمرنا الشعبي العام، ألا وهما: ضرورة السعي نحو التجديد في كافة مفاصله القيادية.. وتوسيع قاعدة المشاركة في اتخاذ القرار..
هنيئاً للوطن ولكافة أبنائه ولجماهير مؤتمرنا الشعبي العام هذه الذكرى التي حَقَّ لكل يمني أن يشاركنا الاحتفال بهذه المناسبة الوطنية تجسيداً لوحدة اليمن أرضاً وإنساناً. |