الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 10:17 ص
ابحث ابحث عن:
دين

محاولات منهجية للتنصير

الإثنين, 03-يناير-2005
المؤتمرنت -
مدارس النرويج تجبر غير المسيحيين على قراءة الإنجيل
تعد النرويج الدولة الأوروبية الوحيدة التي تدرس مادة التربية المسيحية لجميع الطلاب في المدارس بما فيهم أبناء النرويجيون والمهاجرين غير المسيحيين. وقد سبب هذا الأمر معاناة كبيرة للمسلمين هناك ولاسيما في ظل غياب مدارس إسلامية خاصة، وهو ما دفعهم للتحرك مع بقية الجاليات الأخرى لإنهاء قرار إلزامية تدريس المسيحية لجميع الطلاب.

وقد أصدرت مؤخرا مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قراراً يعتبر بعض القوانين في المملكة النرويجية تشكل لحقوق الإنسان السياسية والمدنية، وأوضح مارتن شيني ممثل اللجنة الأممية لحقوق الإنسان في جنيف :أنه وباعتباره عضواً في اللجنة الأممية لحقوق الإنسان قد شارك باتخاذ قرار يعتبر قيام النرويج بتدريس مادة الديانة المسيحية في المدارس بشكلٍ إلزامي، "هو ضد تشريعات حقوق الإنسان المدنية والسياسية, وطالبنا النرويج بإيجاد حلٍّ للموضوع خلال تسعين يوماً أو على الأقل جعل الأمر اختيارياً".

من جانب آخر احتفت جمعيات حقوق الإنسان النرويجية بالقرار الأممي واعتبرت قرار الأمم المتحدة انتصاراً لمطالب الجمعية بضرورة جعل تدريس مادة الديانة المسيحية بالمدارس الحكومية أمراً اختيارياً وليس إجبارياً, وطالبت الحكومةَ النرويجية باحترام القرار.

وفي هذا الصدد أعرب سكرتير عام الجمعية القومية البشرية لارش غولي سكرتير لـ"العربية.نت" عن سعادته بالقرار، "وهذا يظهر أننا حصلنا على دعمٍ لمطالبنا, إن فرض تدريس هذه المادة بدون إعطاء استثناء مخالفٌ لحقوق الإنسان, وخصوصاً منع أولياء أمور الطلاب من التدخل في توجيه أبنائهم دينياً, المادة المدرّسة تشوّه معتقدات الطفل".

مشكلة الطفلة سارة
في منزل إحدى الأسر العربية المسلمة نور الدين بوكيلي والدة الطفلة سارة، والذي اعتبر أن تدريس تلك المادة يعتبر بمثابة "تنصير" للأطفال المسلمين بشكل منهجي، "أطفالنا مجبرون على قراءة الإنجيل وترديد الأناشيد الدينية، ورغم أن المقرر الذي تدرسه ابنتي سارة مؤلف من أربعين فقرة مخصص، فإن هناك أكثر من 28 فقرة من هذا الكتاب للدين المسيحي, وبقية الفقرات إما للفلسفة السقراطية أو مبادئ المعاملة الإنسانية وما إلى ذلك". ويستدرك بوكيلي بقوله "هناك فقرتان مخصصتان للدين الإسلامي فقط، وتعطي صورة مشوهة نوعا عن الإسلام، حيث يذكر الرسول محمد عليه الصلاة والسلام على أنه قائد leader وليس نبيا مرسلا".

أما والدة سارة السيدة حياة بن تمريت فقد وجهت نداءا إلى القيادات المسلمة تطالب فيها بمساعدتهم، "نحن في هذا البلد نعاني كثيرا.. لذا أناشد المسلمين أن يساعدونا على إقامة مدارس إسلامية لأنه سيخفف العبء على الأهالي, على الأقل نكون مطمئنين من جهة أخرى أن الأطفال يأخذون معلومات صحيحة, أن الأطفال في أيادي أمينة".

وعند سؤالنا الطفلة سارة حول ما تطلبه المعلمة من التلميذ خلال تدريس مادة الديانة المسيحية وهي تعلم أنهم مسلمين، أجابت: "تطلب منا رسم الملائكة، وأن نرسم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم". وخلال تقلبنا لكتاب مادة الديانة المسيحية في الصف الرابع سألنا سارة عن أحد الصور الملونة الموجودة بالكتاب لرجل يجر إبلا فقالت، "المعلمة تقول لنا إن هذا الرجل هو أبو محمد صلى الله عليه وسلم".

ويقول راضون داود أحد أولياء الأمور :إن القصص الكثيرة تُروى في هذا الصدد عن الطفل الذي عاد إلى المنزل، ثم سأل أباه "كيف أرسم الله والملائكة، كما فعل زملائي، أو ذلك الذي عاد ليقول إن الله له ابن هو عيسى، وغير ذلك من الانحرافات الاعتقادية التي فوجئ بها المسلمون على أبنائهم".

أما ينس أونينغ (والد تلميذة نرويجية)، فقد أوضح : أن ما تقوم به، "الحكومة النرويجية من إجبارٍ لأطفالنا على دراسة الديانة المسيحية غير مقبول, إنهم يعلمون أطفالي أن المسيح يقول كذا وكذا, وأننا سوف نموت, وإذا كنت مؤمناً سوف تذهب للجنة, وغير مؤمن للنار, إن ذلك يخيف الأطفال ويجعلهم عندما يعودون للبيت يتساءلون عن الحقيقة, هذا الأمر أثر بشكل سلبي على نفسية الأطفال وسبب عقداً نفسية للعديد منهم".

من جهته يرى البروفيسور توري ليدهولم من معهد حقوق الإنسان بجامعة أوسلو أنه يجب أن يكون هناك "قاعدة مشتركة لأطفالنا في المدارس, ولا بد أن تكون هذه القاعدة معتدلة متوازنة وليس عملية ضغط منظمة للدخول إلى الدين المسيحي, إن العديد من الآباء اضطروا لإخراج أطفالهم من المدارس لحمايتهم مما يجري من تنصير".

محاولات "منهجية" للتنصير

ولم يصمت أفراد الجالية الإسلامية حول ما اعتبروه "محاولات تنصير لأطفالهم"، فخرجوا في عدة مظاهرات سلمية احتجاجية توجه بعضها إلى مقر البرلمان النرويجي، حيث سلموا رسالة احتجاج إلى رئيسه، وقد رفعوا قضية على الحكومة يطالبونها بإعفاء أبنائهم من دراسة هذه "المادة العجيبة".

وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أنه منذ عام 1995 نظم المسلمون مظاهرات سلمية سنويا كان آخرها عام 1999 نظرا لعدم جدواها وعدم تدخل الدول الإسلامية والعربية لدى الحكومة النرويجية للأخذ بطلبات الجالية الإسلامية حتى اليوم وقد اختير يوم الأمم المتحدة يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول كيوم لتظاهرات المسلمين السنوي، وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية خرج المسلمون بمظاهرات كان آخرها في أكتوبر 1999م، وشارك في المظاهرة ما لا يقل عن 6 آلاف متظاهر، بالإضافة لتنفيذ إضراب عن الدراسة في يومين مختلفين من العام الدراسي الأول في 23 أكتوبر/ تشرين الأول عام 1999 والثاني في 4 مايو/ آيار من العام الماضي.

كما تجدر الإشارة إلى أن قيادات إسلامية في النرويج أجرت اتصالات مع عدة شخصيات سياسية وبرلمانية وحكومية ودينية في محاولة للحصول على إعفاء كامل من المادة، وتصويب المعلومات الخاطئة التي تحتويها المناهج الدراسية عن الدين الإسلامي، وتم تشكيل لجنة لمتابعة هذا الأمر، لكن النتائج كانت غير إيجابية.

وتوجه المسلمون بالتعاون مع جميع الجمعيات النرويجية المناهضة لهذه المادة وشكلوا جمعية الآباء التي عملت على إرشاد الآباء بضرورة إظهار رفضهم لهذه المادة، وتقديم طلبات إعفاء كامل من المادة للمدارس.

على صعيد آخر ذكر محمد حمدان رئيس المجلس الإسلامي في النرويج والذي يضم معظم الجمعيات الإسلامية والمساجد تحت لوائه لـ"العربية.نت" أن القضية تعود إلى بدايات عام 1995م حينما أصدر البرلمان قراراً حول المادة التعليمية الجديدة المقدمة "التربية المسيحية مع التوجيه الديني والعقيدة الحياتية" مع باقي المواد التابعة للمخطط الدراسي باعتبارها واحدة من المواد الجديدة المقررة في المدرسة الأساسية المؤلفة من عشر سنوات على أن تبدأ صلاحية المخطط الدراسي الجديد اعتباراً من افتتاح المدارس في خريف عام 1997م.

ومن أجل طلاب الصفوف 1، 2، 5، 8، وضع البرلمان أسس المادة على حسب القرار الصادر على أساس أنهاـ تعطي معلومات معمقة عن الإنجيل والديانة المسيحية على أنها ثقافة متوارثة ومعتقدات لوثرية إنجيلية ـتعطي معلومات عن مجتمع الكنائس المسيحية المتعددة ( تتضمن معلومات عن الديانات السماوية والمعتقدات الحياتية الأخرى)، ومواضيع أخلاقية وفلسفية ( تساعد على الوصول إلى فهم واحترام القيم المسيحية والإنسانية).

الصلاة والاعتراف للكاهن

وعند سؤالنا وزيرة التعليم النرويجية كريستين كليميت عن ردة فعل الحكومة النرويجية تجاه قرار الأمم المتحدة باعتبار إلزامية مادة التربية الدينية تشكل انتهاكا لحقوق الإنسان، أوضحت " نقيّم قرارَ الأمم المتحدة, ولدينا عدة خيارات, إما جعل تدريس المادة اختيارياًَ أو أن يعاد النظر في المعلومات المنشورة في الكتاب, لكن ذلك يحتاج إلى وقتٍ قبل أن تتخذ الحكومة قراراً نهائياً، خاصةً وأن الحزب المسيحي المشارك في الحكومة يرفض إلغاء هذه المادة".

من جانبه قال رئيس تجمع الحزب المسيحي في البرلمان النرويحي يون أتون لـ"العربية.نت" أن هناك لغط حول إجبارية تدريس هذه المادة، " فقرر تعديل المادة رقم 13 (الفقرة العاشرة) التي قضت بإجبارية المادة لتصبح كالتالي: "ستكون التربية المسيحية مع التوجيه الديني والعقيدي مادة مدرسية تجمع بشكل طبيعي جميع التلاميذ، وعند الإخطار الخطي من قِبَل الأهالي أو أولياء الأمور يحصل التلاميذ في جميع المدارس النرويجية على إعفاء من جزء من الأنشطة الدينية التي يمكن أن تُمارس خارج الفصل. وأضاف يون أتون أن المدارس تلتزم بهذا الأمر وتعطي إعفاء من تعلم طريقة تأدية الصلوات والوقوف أمام الكاهن لغير المسيحيين .

وأكد أتون أن الحكومة تحتاج لوقت طويل لإيجاد مخرج لقرار الأمم المتحدة الذي يرفض إجبارية تدريس مادة للديانة المسيحية.

كما أشار أن التلاميذ الذين تجاوزت أعمارهم 15 سنة هم الذين يقدمون بشكل شخصي تبليغ الإعفاء المذكور سابقاً"، وعندما راجعت العربية الشروحات التوضيحية التي قام بها البرلمان لهذا القانون (5 رقم 95) والتي ينص على الأنشطة التي يمكن أن يحصل التلميذ على إعفاء منها بعد تجاوزه عمر الـ15 سنة هي: الاعتراف للكاهن، الصلاة، الحفظ عن ظهر قلب للنصوص الدينية، المشاركة في الأناشيد الجماعية، وحضور الطقوس أو العبادات الإلهية المختلفة". المادة الجديدة تشتمل حسب المناهج التعليمية على 75% تدريس الدين المسيحي، و10 نبذة تعريفية عن أربعة ديانات، بالإضافة لنبذة عن معتقد اللادينيين ـ الذين لا يؤمنون بإله ـ و15% تعلم الأخلاق.

ومن خلال الاطلاع على كتاب الصف الثاني الابتدائي يتكون من 133 صفحة من المعلومات الدينية بالتوزيع التالي: النصرانية (93 صفحة)، اليهودية (4 صفحات)، الإسـلام (4 صفحـــات)، البوذيـــة (3 صفحات)، اللاديني (صفحتــان)، الأخلاق (24 صفحة).

بانتظار "الفرج"

وإلى أن تؤتى جهود الجالية الإسلامية ثمارها فإن الجميع اليوم ينتظر أن تحترم النرويج قرار الأمم المتحدة، وأن تجعل تدريس المسيحية بالمدارس الحكومية أمراً اختيارياً وليس إجبارياً على جميع الملتحقين بالمدارس. فهذا الأمر سبب معاناة كبيرة للمسلمين، فالطفل المسلم مطالب بالإجبار بدراسة العقيدة النصرانية، والتثليث، والاعتراف أمام الكاهن... الخ، مما جعل المسلمين يمارسون ضغوطاً على الحكومة النرويجية، خاصة
في مواضيع حضور الطالب مشاهد الاعتراف للكاهن، والصلاة، فضلاً عن ضرورة حفظ النصوص الكنسية، وسماع التراتيل والطقوس، والشعائر الكنسية داخل الفصول.وبذلك يتعرف أكثر على العقيدة النصرانية، وإلزامه بحضور تدريسها، ومجلس الاعتراف، مما يؤثر على عقيدته ونفسيته تأثيراً بليغاً.

ولفت بوكيلي إلى أن إدارات المدارس الحكومية النرويجية تعاني ضعفا وغير قادرة على مواجهة التحديات، وللأسف فإن ذلك أدى إلى تفشي الجريمة والعنف والعصابات داخل عدد كبير من المدارس الحكومية وللأسف فإن العديد من أبناء الجالية المسلمة في النرويج جزء من تلك الأحداث، ولذلك فإن المدرسة الإسلامية سوف تعتمد أساليب التعليم الحديثة في النرويج التي وضعت على أسس تربوية وعلمية، وإشراف من المجلس الإسلامي الأعلى بالنرويج وعدد من المثقفين والتربويين المسلمين والنرويجيين ولكن سوف يتم تنفيذها بطرق وإدارة إسلامية مسؤولة عن أبناء الجالية المسلمة.

ويأتي مشروع مدرسة أقرأ الإسلامية بعد قرار مديرية التعليم النرويجية وبلدية أوسلو إغلاق مدرسة اورتاهاغي الإسلامية الابتدائية والمتوسطة التي أسسها الطبيب النرويجي المسلم تروند علي سيستاد الذي أسلم على يد مسلمين من الطائفة الشيعية خلال عمله في لبنان ولم يمر على قيامها ثلاث سنوات كأول مدرسة إسلامية في النرويج، وأدى إلى تشريد نحو 100 تلميذ وتلميذة مسلمين وتخبطهم خلال العام الدراسي الماضي، وذلك بعد الكشف عن عدم تقديم المدرسة معلومات صحيحة لدوائر الضريبة في أوسلو خلال السنتين الماضيتين.

ورغم كل تلك المصاعب إلا أن نور الدين بوكيلي والد التلميذة سارة وهو رئيس مجلس أولياء أمور التلاميذ في أوسلو أوضح أن الجالية العربية والإسلامية تلقت رسالة من وزارة التعليم والأبحاث بالنرويج تفيد بأن الوزارة تدرس إعطاء الموافقة على افتتاح مدرسة عربية إسلامية في النرويج اسمها "اقرأ" على أن يكون انطلاق السنة الدراسية فيها اعتبارا من أيلول 2005، وأن جزءا بسيطا من تمويل المدرسة سوف تقدمه الحكومة النرويجية، خاصة أن القانون النرويجي يسمح بإقامة مدارس خاصة على أسس لغوية أو دينية واستخدام أساليب تربوية غير معتمدة في المدارس الحكومية.

وقال بوكيلي في حديث للعربية.نت أن إنشاء المدرسة العربية الإسلامية هو مطلب طبيعي لأبناء الجالية العربية والإسلامية بهدف تعريفهم بلغتهم ودينهم.

وأشاد بوكيلي بتعاون عدد من المعلمين والمعلمات ذوي الأصل النرويجي وعدد من أبناء الجالية المسلمة في وضع لوائح ونظام سير المدرسة الإسلامية ومنع التسيب واحترام المدرسين وفرض الانضباط، وهذا ما تعانيه المدارس الحكومية في النرويج اليوم، كما أشاد بوكيلي بالمحسنين العرب لاسيما من السعودية والخليج والذين قدموا مبالغ كبيرة لإنجاح مشروع المدرسة الإسلامية.



عن <العربية نت>




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر