الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 10:47 ص
ابحث ابحث عن:
دين
الأربعاء, 05-يناير-2005
بقلم-د. محمود حمدي زقزوق -
الإسلام منفتح على الآخرين وبريء من تخلف المسلمين
من الاتهامات العشوائية الظالمة التي حاول كثير من خصوم الاسلام في الغرب الصاقها بديننا وحضارتنا الاسلامية تهمة التخلف العلمي والركود الحضاري والخلط المغرض والقبيح بين الاسلام كعقيدة وشريعة ومنهج حياة وبين ما يعاني منه كثير من الشعوب الاسلامية من فقر وتخلف.
المفكر الاسلامي الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الاوقاف المصري يكشف ابعاد واهداف هذا الخلط المتعمد بين الاسلام والواقع المتخلف لبعض الشعوب الاسلامية ويرد بأسلوب علمي ومن خلال حقائق التاريخ على ادعاءات خصوم الاسلام فيقول: هذه التهمة رددها كثير من خصوم الاسلام في الغرب سواء أكانوا من رجال الدين المتعصبين أو من الباحثين والمستشرقين المغرضين الذين يبحثون عن ثغرات لتشويه صورة الاسلام، ولو وقف هؤلاء على المنهج العلمي في الاسلام وعلى موقف الاسلام من العلم والفكر والحضارة.. ولو قرأ هؤلاء تاريخ الاسلام والحضارة الاسلامية لما تجرأوا على ترديد هذا الكلام الساذج، فحقائق التاريخ تبين بما لا يدع مجالا للشك ان الاسلام قد استطاع بعد فترة زمنية قصيرة من ظهوره ان يقيم حضارة رائعة كانت من اطول الحضارات عمرا في التاريخ، ولا تزال الشواهد على ذلك ماثلة للعيان فيما خلفه المسلمون من علم غزير في شتى مجالات العلوم والفنون، وتضم مكتبات العالم آلافا مؤلفة من المخطوطات العربية والاسلامية تبرهن على مدى ما وصل اليه المسلمون من حضارة عريقة، تضاف الى ذلك الآثار الاسلامية المنتشرة في كل العالم الاسلامي والتي تشهد على عظمة ما وصلت اليه الفنون الاسلامية.

حضارة الأندلس
ويؤكد الدكتور زقزوق ان حضارة المسلمين في الأندلس وما تبقى من معالمها حتى يومنا هذا شاهد على ذلك في اوروبا نفسها.. ويقول: ان فضل حضارتنا الاسلامية على حضارة الغرب التي يستعلي الغربيون علينا بها الآن لا ينكره الا جاحد أو مكابر، فكل حقائق التاريخ تؤكد ان اوروبا قد قامت بحركة ترجمة نشطة في القرنين الثاني عشر والثالث عشر لعلوم المسلمين، وكان ذلك هو الأساس الذي بنت عليه اوروبا حضارتها الحديثة.
أما عن موقف الاسلام من العلم والحضارة وعلاقة ذلك بالواقع الذي تعيشه الشعوب الاسلامية الآن فيوضح الدكتور زقزوق ان القرآن الكريم يشتمل على تقدير كبير للعلم والعلماء ويحث على النظر في الكون ودراسته وعمارة الارض والآيات الخمس الاولى التي نزلت من الوحي الالهي تنبه الى أهمية العلم والقراءة والتأمل، وهذا أمر كانت له دلالة مهمة انتبه اليها المسلمون منذ البداية.. وهكذا فإن انفتاح الاسلام على التطور الحضاري بمفهومه الشامل للناحيتين المادية والمعنوية لا يحتاج الى دليل.

ويرفض الدكتور زقزوق الخلط المغرض بين الاسلام كدين ومنهج حياة وبين ما تعاني منه بعض الشعوب الاسلامية الآن من فقر وتخلف ويقول: الاسلام لا يتحمل وزر تخلف بعض المسلمين، لأن منهج الاسلام ضد كل اشكال التخلف، والمسلمون لم يتخلفوا لأنهم يتمسكون بدينهم، ولكنهم تخلفوا في ميادين الحياة عندما تخلفوا عن ادراك المعاني الحقيقية للاسلام، وقد عبر المفكر الجزائري الراحل (مالك بن نبي) عن ذلك تعبيرا صادقا حينما قال: “إن التخلف الذي يعاني منه المسلمون اليوم ليس سببه الاسلام، وانما هو عقوبة مستحقة من الاسلام على المسلمين لتخليهم عنه لا لتمسكهم به كما يظن بعض الجاهلين”.
ويؤكد الدكتور زقزوق الموقف الحضاري للاسلام من كل الحضارات التي تحقق الخير والسعادة والاستقرار للانسان فيقول: الاسلام لا يتخذ مواقف عدائية من حضارات الآخرين بل موقفه غاية في التسامح والتحضر والرقي والمدنية، وكل من يدرك حقائق الاسلام ويقرأ تاريخه العلمي والحضاري بعناية يدرك ان الاسلام كان ولايزال وسيظل منفتحا على كل تطور حضاري يشتمل على خير الانسان، ولذلك لا صحة اطلاقا لما يردده خصوم الاسلام من ان حضارتنا الاسلامية تتصادم أو تتصارع مع حضارة الغرب، فهذه أوهام تسيطر على عقولهم لكي يجدوا مبررا للمواقف العدائية من الاسلام والحضارة الاسلامية، فالغرب لا بد ان يعيش في مناخ من الصراع والمواجهة مع الآخرين وقد عاش حقبة من الزمن في صراع مع الاشتراكية التي كانت تتجسد في الامبراطورية السوفييتية، وعندما انهار الاتحاد السوفييتي ولم يعد يمثل قلقا وخوفا للغرب بحث الغربيون عن عدو بديل، وقد ساقتهم كراهيتهم المتوارثة للاسلام الى اعتباره العدو الجديد، وهذا خطأ كبير لأن الاسلام لا يمثل خطراً على أحد.
وينتهي الدكتور زقزوق من رصده الموضوعي لموقف الاسلام من العلم والحضارة الى مطالبة كتاب الغرب بالتعامل بموضوعية مع الاسلام وحضارته بعيدا عن المفاهيم الخاطئة المتوارثة والاحكام المسبقة.. ويقول: كل العقلاء في العالم يؤكدون خطيئة الخلط بين الاسلام والواقع المتدني للعالم الاسلامي المعاصر، فالتخلف الذي يعاني منه المسلمون يعد مرحلة في تاريخهم ولا يعني ذلك بأي حال من الأحوال انهم سيظلون كذلك الى نهاية التاريخ، ولا يجوز اتهام الاسلام بأنه وراء هذا التخلف، كما لا يجوز اتهام المسيحية بأنها وراء تخلف دول امريكا اللاتينية.. فالأمانة العلمية تقتضي ان يكون الحكم على موقف الاسلام من الحضارة مبنيا على دراسة موضوعية منصفة لأصول الاسلام وليس على أساس شائعات واتهامات واحكام مسبقة لا صلة لها بالحقيقة من قريب أو بعيد.
نقلاً عن الخليج





أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر