الناطق الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام- اليمن
التاريخ: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 11:24 م
ابحث ابحث عن:
قضايا وآراء
الأربعاء, 05-يناير-2005
المؤتمر نت - الكاتب والصحفي نزار العبادي المؤتمرنت – نزار العبادي -
تكفـير الإعــلام .. لمـــاذا !؟
ليس من قبيل الصدفة أن تتقاطع خطوط الدين مع خطوط الإعلام ، طالما أن حركة الوعي الثقافي التي يقودها الإعلام باتت تمثل في المجتمعات الإسلامية المحافظة تقويماً لمسار قديم جرف الدين إلى غير مواضعه الحقيقية ، ومسئولياته الإنسانية التي أنيطت برجاله ، وفتحت للمجتمعات آفاقاً رحبة من النمو والتطور.
في بلد – مثل اليمن – ظلت المؤسسة الدينية عنوان الحياة اليمنية لقرون ، وعلى مدى النصف الثاني من القرن العشرين الماضي تبوأت الحركات الدينية مراكزاً سياسية حيوية ، وحظيت في مختلف الأرجاء باحترام العامة من الناس ، والانقياد خلف شخص " رجل الدين " كرمز وعي اجتماعي ، ومصدر تنوير أخلاقي ومعرفي..إلاّ أنه بتقادم وسائل الحياة والاتصال والدور الحكومي التربوي أميط اللثام عن حقيقة مهمة تؤكد أن الأمية متفشية في الوسط الشعبي بنسب مئوية تفوق النصف ، وأن الخرافة تحكم الكثير من السلوك البشري اليومي ، وأن معدلات الوفيات بين المواليد تكاد تصل إلى ما يقارب 36% ، وأن النشاط الاقتصادي المحلي في حالة من الركود والتخلف والانحراف الشديد نحو الاتكالية ، وزراعة القات التي لاطائل منها غير استنفاذ مساحات السلة الغذائية.
في تلك العقود لم تك اليمن تعرف قرارات سياسية باتجاه تقنين عمل المؤسسات الدينية ، أو يمكن الإدعاء أنها تنال من الدين ورجاله ودوره – على غرار ما يحاجج به "الإسلاميون" في وقتنا الحاضر ويلقون عليه باللائمة في تفشي الفساد والفقر والتخلف - ومع ذلك فإن المأساة التي يرويها آباءنا وأجدادنا عن معاناة تلك العقود أفضع من السرد أو الوصف.
ومن هنا بدأت أولى نزالات المواجهة بين تلك الحركات وبين الإعلاميين والمثقفين والسياسيين الذين وقفوا مندهشين يتساءلون بتوجع : ما الذي كانت تفعله المؤسسات الدينية طوال تلك الفترات مادام مجتمعنا يعاني من أبشع صور الجهل والتخلف والمرض والظلم !؟ لماذا لم يتبنى رجال الدين مكافحة الأمية ، أو محاربة الخرافة والدجل ، أو التصدي لزحف زراعة القات على سلال الغذاء اليمني !؟
أسئلة كثيرة أملت زيادة الوعي الثقافي ضرورات طرحها ، والوقوف على مغزاها بحثاً عن حلول تكفل للمجتمع النهوض واستعادة جزء من قيمه الإسلامية الحقيقية التي صنعت ذات يوم مجد هذا البلد وغيره من الأمصار الإسلامية التي تحولت إلى قبلة العالم في استحصال العلوم والمعارف .. فكانت النتيجة أن هناك من سعى جاهداً لتحويل الدين عن مسار الطبيعي الى مسالك المصالح الشخصية والفئوية ، والى حلبات الصراع السياسي السلطوي التي لا يستدعي أكثر من " فتوى" في مجتمع جاهل لتصفية الخصوم ، وإزاحة كل عقبة تحول دون بلوغ مركز صنع القرار السياسي والاقتصادي.
اليوم .. حين تعمد بعض القوى إلى العودة إلى منابر التكفير ، وهدر دماء الإعلاميين في موقع " المؤتمرنت " الإخباري ، إنما هي ترجو لنفسها خوض غمار حربها المصيرية مع الأقلام الواعية ، المسئولة التي لا يمكنها القبول باستمرار الجهل ، والتخلف ، والخرافة التي عزلت الفرد اليمني عن دوره الإنساني والحضاري لحقب طويلة كان يلوذ فيها ثملاً بخطاب منابر كل همها إشاعة ثقافة التكفير ، وغرس روع الانتقام من الفريق المختلف ، وترسيخ ثقافة جمع التبرعات المالية للمجاهدين من قبل أن تؤهلهم تربوياً ، واجتماعياً ، وتغرس في نفوسهم قيم إصلاح الذات ، وبناء الإرادة الوطنية لتكون مصدر عزة الأمة ونواة انطلاقها نحو غدها..
"المؤتمرنت" لم يكن منبراً إعلامياً للضلالة والفاحشة ليسفك دم رئيس تحريره والإعلاميين العاملين فيه ، أو ليستحق إعلان " الجهاد " ضدهم..!بل أنه كان الأحرص على نقل الحقيقة اليمنية بكل تفان وإخلاص ، وكان الوسيلة الإعلامية التي لا تضاهيها وسيلة أخرى في التعريف بالتراث الثقافي والشعبي اليمني ، وبالتاريخ ، والحضارة ، والجغرافيا ، والتباهي بالإنسان اليمني كعنصر خلق وإبداع وارادة ، قهر التحديات ، وتجاوز الصعاب ، وصنع وحدته وديمقراطيته وحرياته ومركزه الدولي المرموق بكثير من الصبر والتحديات..
وقد مثل "المؤتمرنت" عبر مسيرة عمله – القصيرة – لوناً رفيعاً من الخطاب السياسي المؤتمري المتقدم الذي ينظر فيه المؤتمر الشعبي العام إلى الجميع كوطن يمني واحد ، لافضل فيه لأحد على سواه غير جميل صنعه.. وهي مهنية قلماً تقبل بها كثير من الأحزاب المعارضة ، أو حتى الأحزاب الحاكمة في بلدان أخرى غير اليمن.
وفي كل الأحوال فان الغريب في الأمر أن يحدث هذا في عصر يسود فيه الوعي بين الناس ، ولم يعد سهلاً إخفاء الحقيقة "المخيفة" مهما حرص أحدنا على مواراتها.. لكن السؤال المهم هو : لماذا تصر بعض التيارات الدينية على جر البلاد إلى حالة الفوضى ، وشرائع الغاب الوحشية ، ولا تحاول يوماً مراجعة أفكارها ، واعادة تقييم مناهجها ، والاقتناع أنها في زمن لامكان فيه للجهل ، أو الدجل ، أو التطرف والتكفير ، وأن أمر الله يقضي :" وجادلهم بالتي هي أحسن " ، فقد تعلمنا بمدرسة معلم البشرية "صلى الله عله وسلم " : ( من كفّـر مؤمن فقد كفر )..!




أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر