بقلم-عباس غالب - (الإصلاح) انتهاز أم مكايدة ؟! بعد مداولات طويلة، وتجاذبات عديدة في إطار التعدد الحزبي داخل مجلس النواب تم إقرار الموازنة العامة للدولة للعام الجاري 2005م، منهياً بذلك سجالاً من النقاش والجدل داخل قبة البرلمان حول الإصلاحات الاقتصادية التي تزمع الحكومة اتخاذها بهدف معالجة جملة من مظاهر الفساد المرتبطة بدعم المشتقات البالغة نحو (800) مليون دولار سنوياً، تضطر الدولة إلى تغطيتها على حساب تمويل المشاريع الخدمية والاستراتيجية ذات الصلة بتحسين أوضاع المواطنين.
الحكومة التي لديها الأغلبية داخل مجلس النواب لم تلجأ إلى إعتساف الأمور؛ بل تركتها إلى شروط اللعبة الديمقراطية فاختارت الاحتكام إلى ما يقرره النواب من مختلف ألوان الطيف السياسي بما في ذلك أعضاء كتلة المؤتمر الشعبي العام ممن أبدو تحفضات على رفع الدعم عن المشتقات النفطية وهى ديمقراطية يتميز بها عن غيره من الأحزاب، ومنها (الإصلاح) الذي اختار خيار الانسحاب حتى قبل أن يتم مناقشة الموازنة في جلسة التصويت الأخيرة!!
لقد كان الأستاذ عبدالقادر باجمال-رئيس مجلس الوزراء- واضحاً وهو يذكر كتلة (الإصلاح) بأنَّ برنامج الإصلاحات الاقتصادية، والمالية الذي تم التوصل إليه مع البنك والصندوق للإصلاح حظي بمباركة وموافقة الشريك في الائتلاف يوم ذاك وهو التجمع اليمني للإصلاح ، وهو موقف مسئول وشجاع لمجابهة تحديات تلك المرحلة المثقلة بالأعباء الاقتصادية والمالية.
وما كان حرياً بهذا الحزب الانسحاب من مسئولية الدفاع عن قناعاته داخل المؤسسة التشريعية والرقابية، فذلك لعمري موقف ينم عن السلبية التي تستبد بقيادة (الإصلاح) إزاء معطيات الحاضر، خاصة وهو يدرك أن المردودات النهائية والأساسية للإصلاحات تصب في خدمة قطاع واسع من أبناء الشعب.
وحسب قراءة للعديد من المراقبين، فإن ارتباط (الإصلاح) بمجموعة مستفيدة من استمرار إبقاء التمويل عن المشتقات النفطية هو الدافع الأساسي للتشدد إزاء الإصلاحات التي تزمع الحكومة اتخاذها، بما في ذلك الاتجاه لرفع الدعم عن المشتقات النفطية- مقابل حزمة من الإجراءات المصاحبة للتخفيف من أعباء هذه الإصلاحات والتي تعتبرها أحزاب المعارضة بأنها سوف تؤثر على فئات الشعب.
وما لم يقله المنسحبون من (الإصلاح) عن التصويت للموازنة، فإنه يظهر بجلاء في تلك التصريحات والتحركات التي عبر عنها رموز (الإصلاح) في مناسبات متعددة، وأبرزها تلك التي تحث المواطنين بشكل مباشر على (الانتفاضة) والتخريب وغيرها من العناوين التي تثير الشغب!
إنَّ التساؤل المطروح عما إذا كان (الإصلاح) سوف ينسحب من دعم الإصلاحات لو أنه كان داخل السلطة.
بالقطع لا.. وما حدث الآن وهو في صف المعارضة ما هو إلاَّ مجرد انتهازية سياسية، ومكايدة حزبية!
-رئيس تحرير صحيفة 14 اكتوبر |