المؤتمر نت -
«إيرباص» تدشن طائرتها العملاقة «إيه 380»
دشنت شركة إيرباص امس حقبة جديدة في عالم الطيران والنقل الجوي عندما كشفت النقاب عن طائرتها الجديدة العملاقة «إيه 380» ذات الطبقتين التي خرجت من خطوط التجميع في مدينة تولوز الفرنسية وسط احتفالات صاخبة حضرها الرئيس الفرنسي جاك شيراك ورئيس الحكومة البريطانية توني بلير والمستشار الالماني غيرهارد شرودر ورئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس رودريجيث ثاباثيرو.
وقدر عدد المدعوين بنحو 4500 شخص مثلوا جميع القطاعات من الصانعين الى المجهزين الى شركات الطيران، التي تتعامل مع إيرباص وصولا الى أصحاب الاسهم في هذه الشركة الاوروبية الكبيرة.
وستبدأ الطائرة الجديدة تحليقها التجريبي في مارس (اذار) المقبل قبل دخولها الخدمة الفعلية في ربيع العام المقبل، حيث ستسلم الاعداد الاولى منها الى الخطوط الجوية السنغافورية. وكانت 13 شركة طيران عالمية، منها طيران الامارات، قد أوصت على 149 طائرة بما في ذلك 10 شركات شحن جوية، منها شركتان للطرود هما «فيديكس» و«يونايتد بارسل سيرفيس» اللتان أوصت كل منهما على 10 طائرات من هذا النوع. وتبلغ قيمة الصفقات الاجمالية لهذه الطائرات مع الخدمات وقطع الغيار نحو 40 مليار دولار. كما أن قيمة الطائرة الواحدة منها يبلغ الان نحو 260 مليون دولار. اما حصة طيران الامارات من هذه الطلبيات فقد بلغت 45 طائرة، مما يعني أنها تشكل أكبر زبون لهذه الطائرة حتى إشعار آخر.
وذكرت أوساط «إيرباص» أن التقديرات الاولية لتصميم الطائرة الجديدة كانت بحدود 10.7 مليار دولار، وأن المبيعات الاجمالية لها خلال العقدين المقبلين ستكون بحدود 100 مليار دولار. كما أنها توقعت بيع نحو 1650 طائرة من هذا النوع خلال العشرين سنة المقبلة مقابل 535 طائرة من طراز «7 إي7 دريملاينر» الصغيرة وطراز«400 ـ 747» اللذين ستبيعهما شركة بوينغ المنافسة في المدة ذاتها.
الامر المهم الاخر هو أنه ينبغي على «إيرباص» الان بيع أكثر من 250 طائرة من النوع الجديد حتى تصل الى حدود التوازن بين التكاليف والارباح. والمعلوم أن الطائرة العملاقة هذه، التي تفوق في حجمها طائرة «400 ـ 747» التي تصنعها شركة بوينغ الاميركية المنافسة والتي تعتبر اشهر طائراتها أيضا على صعيد الحجم والمدى والسرعة، تتسع الى 555 راكبا في الدرجات السياحية والاولى ورجال الاعمال. أما إذا كانت الطائرة كلها على المستوى الاقتصادي والسياحي فإنها تتسع الى نحو 850 راكبا.
يبلغ مدى هذه الطائرة نحو 15 الف كيلومتر، مما يجعل أغلبية مناطق العالم ومدنها في متناولها، رغم ان المطارات الحالية ما زالت غير مجهزة لاستقبالها نظرا الى ارتفاعها والازدحام الذي تسببه لدى وصولها وإقلاعها.
النوع المخصص للشحن منها ويدعى «380 إف» الذي سيدخل الخدمة الفعلية في عام 2008 قادر على نقل حمولات ثقيلة تصل الى 152 طنا الى مسافات تصل الى 10.400 كيلومتر. وكان المدير التجاري لشركة «إيرباص» جون ليهي قد ذكر سابقا ان الطائرة الجديدة هذه بحلتها الاخيرة تجاوز وزنها المحدد في المواصفات الاصلية بنحو خمسة أطنان، «لكن هذا يقل عن واحد في المائة من الوزن الاقصى للاقلاع وهو 560 طنا». وتقول أوساط إيرباص ان الطائرة هذه تجمع بين جناحيها أفضل التقنيات المعروفة اليوم في عالم الطيران سواء على سبيل الاقتصاد في الوقود أو صداقتها للبيئة والضجة المنخفضة التي تسببها للقاطنين حول المطارات، إضافة الى الراحة التامة التي توفرها للركاب والمسافرين.
والمعلوم ان ركاب الدرجة الاولى سينعمون بوجود مقصف فاخر في الطابق الثاني للتحلق حوله مع اختيار تناول الاطعمة أو المشروبات عليه. وتقول أوساط «إيرباص»، ان هناك اختيارات أخرى، لو طلبتها شركات الطيران التي توصي عليها، مثل إقامة حمامات الدوش وأماكن للمساج وأكشاك لتصفيف شعر السيدات.
وكانت «إيرباص» قد اختارت الاتجاه الى الطائرات العملاقة العريضة البدن، في حين اتجهت شركة بوينغ الى الطائرات الاصغر، فقامت بتصميم طائرة «7 إي7 دريملاينر» (220 ـ 250 راكبا) التي سيجري تدشينها في عام 2007 والقادرة على قطع مسافات طويلة بين مدن لا تتحمل مطاراتها الطائرات الكبيرة. كما ان الطائرة الاميركية على خلاف الاوروبية مصنوعة بالكامل من المواد الصناعية التي تسمح بزيادة الضغط الجوي والرطوبة داخل المقصورة لراحة الركاب، فضلا عن أنها لا تتعرض الى الصدأ لكون هيكلها غير معدني، مما يعني خدمة طويلة من دون مشاكل.
الشيء المهم الاخر الى جانب التعديلات الجديدة التي ستجريها المطارات العالمية لكي تستوعب مثل هذه الطائرات وعدد ركابها المرتفع، والتي ستكلف مئات الملايين من الدولارات في أقل التقديرات، هو ضرورة تعزيز المدارج لكي تتحمل هي الاخرى ثقل هذه الطائرات الجديدة التي باتت عبارة عن ناطحات سحاب جوية، بل اشبه بالمدن الصغيرة الطائرة، على حد تعبير أحد خبراء الطيران في وكالة الفضاء والطيران الاميركية «ناسا».
يبقى القول إن بوينغ قد تقرر في أي لحظة تغيير فكرها والانطلاق في مشروع جديد تقلد فيه «إيرباص» لانتاج طائرة عملاقة تخلف عملاقتها الحالية «400 ـ 747»، كما أن الاولى قد تجد نفسها مستقبلا في موقف لا تستطيع فيه بيع المزيد من «إيه 380» بسبب ظروف معينة، مما قد يشكل لها كارثة بعيدة الابعاد تماما مثلما حصل لطائرة الكونكورد المنكودة الحظ في أوائل السبعينات.
وربما هذا هو السبب الذي دعا الشركة الاوروبية الى المسارعة للاعلان عن مشروع طائرتها الجديدة «إيه 350» التي ستنافس فيها الطائرة الاميركية «7 إي7 دريملاينر» لربط المطارات الصغيرة الواقعة على طرفي العالم بواسطة أداة نقل بعيدة المدى جدا تحتوي على آخر الصيحات التقنية في عالم الطيران والنقل الجوي.