بقلم-د. أبو بكر عبدالله القربي وزير الخارجية -
نحو استراتيجية مشتركة لمكافحة الإرهاب
(ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً)صدق الله العظيم (الإسراء 70)
مما لا ريب فيه إن الإنسان هو محور الفكر والعمل الإنساني وهدف الشرائع والأديان السماوية واهتمام جميع الفلسفات والإيديولوجيات التي استهدفت تحرره وتنمية قدراته والحفاظ على أمنه ووجوده وحقوقه وحرياته وممتلكاته وتوفير الضمانات القانونية لحمايتها والتشريعات التي تهدف إلى حمايته من أي اعتداء أو امتهان.
لذلك فإن أي عمل يؤدي إلى الإضرار بحق الإنسان في الحياة والأمن ويشيع الخراب والدمار يتعارض قطعياً مع كل القيم الإنسانية والسماوية بغض النظر عن هوية المتسبب به سواء أكان فرداً أو جماعة او حكومة الأمر الذي يعني ان علينا الوقوف وقفة صريحة وجادة لتعريف الإرهاب والاتفاق على أسلوب التعامل معه.
فالكل يتفق على أن ظاهرة الإرهاب ظاهرة معقدة ومتلازمة بالدوافع السياسية والاقتصادية والاجتماعية القائمة على النطاقين الداخلي والخارجي.
وتاريخياً: فإن هذه الظاهرة قد بدأت مع نهاية الحرب العالمية الثانية إذ برزت إلى الواجهة حركات يسارية في أوروبا الغربية واليابان وفرنسا وإيطاليا وغيرها من البلدان نتيجة مد لفكر وأيديولوجية تهدف إلى التغيير السياسي وفي إطار أقطارها آنذاك ولذلك كان وصفها بالمنظمات الإرهابية محدوداً.
أما الإرهاب الذي يعيشه المجتمع الدولي المعاصر فهو من نمط الإرهاب العابر للقارات والجنسيات فقد أصبحت الحركات والجماعات والخلايا الإرهابية الجديدة تضم افراداً ينتمون الى جنسيات مختلفة وينطلقون نحو اهداف ربما لا تكون مرتبطة بأوطانهم وبما ينطبق عليه مسمى عولمة الارهاب ومن هذا المنطلق كرست لهذا النوع من الارهاب مؤتمرات ووضعت سياسات لمحاربته دون الوصول الى تعريف محدد يجمع عليه المجتمع الدولي والانطلاق على أساسه في جهد مشترك لمحاربته ولكنه خضع لتعريفات مختلفة ولحلول واجتهادات متفاوتة دون قناعة بها من كافة اعضاء المنظمة الدولية الامر الذي اضاف تعقيدات جديدة على المفهوم من الناحيتين القانونية والسياسية.
إن شواهد الأمور تبين لنا أن ظاهرة الإرهاب والعنف تجد أنصارا لها في معسكر اليمين كما في معسكر اليسار وقد شهدت السنوات الأخيرة خلطاً واضحاً بين الأعمال الإرهابية الصرفة وبين استخدام القوة المسلحة للدفاع عن النفس والنضال الوطني وسياسات الإكراه السياسي والاقتصادي وما يؤسف له إن الأمم المتحدة حتى الآن لم تفلح في إعطاء مفهوم محدد للإرهاب يتفق عليه المجتمع الدولي بشكل دقيق.
الأمر الذي أدى إلى تراكمات سياسية واقتصادية واجتماعية جعلت من العنف كما يقول مارتن لوثر كنج صوت الذين لا صوت لهم في مواجهة السياسات التي تستخدم العنف لتأمين وجودها وفرض أفكارها وإخضاع الدول والمجتمعات لسطوتها والدليل الواقعي على ذلك تقاليد الصراع في الشرق الأوسط واستمرار النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي كما ان السياسات المزدوجة للقوى العظمى يزيد من حالة الإحباط ويؤجج الرغبة في العنف.
إذا كانت كل أعمال الإرهاب مدانة قانونياً على المستويات الداخلية والدولية فإن بداية القرن الحادي والعشرين وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001م قد أشعل الاهتمام مجدداً بمتابعة هذه الظاهرة الخطيرة كما دخل مصطلح الارهاب بدوره الى دائرة الضوء بصورة مثيرة ومقلقة بعد المحنة العصيبة التي تعرضت لها الولايات المتحدة وردة الفعل المتمثلة بإطلاق الحرب الكونية على الإرهاب وتشكل تحالف دولي لهذا الغرض كان محوره القانوني قراري مجلس الامن رقم (1368) في 12 سبتمبر 2001م ورقم (1373) في الأول من أكتوبر 2001م. ولأن محاربة الإرهاب تعني جميع الأطراف وتهم الجميع.. ولأنها بدون شك باتت أيضاً تؤثر في الأفراد والدول.. ونظراً لأن بعض الأعمال التي تعتبرها بعض الدول إرهابية تراها دول أخرى بأنها في إطار المقاومة والدفاع عن الحقوق المشروعة كما هو الحال بالنسبة للمقاومة الفلسطينية.
رؤية اليمن
ولذلك فإن الجمهورية اليمنية لا تزال ترى ان المدخل الصحيح للقضاء على الإرهاب الدولي يتمثل في توفير أرضية سياسية وقانونية من خلال مؤتمر دولي داخل الأمم المتحدة او خارجها لتحديد تعريف متفق عليه لمفهوم الإرهاب السياسي إذ لابد من انتهاج سياسة دولية عادلة ومتوازنة من قبل الدول النافذة في النظام الدولي لماهية ومسببات الإرهاب وحل المشاكل المزمنة سواءً في منطقة الشرق الأوسط بالتحديد وعلى رأسها القضية الفلسطينية أو في غيرها من أنحاء العالم والتي تمثل العناصر المؤدية الى ظهور هذه الظاهرة.
لقد عبرت جميع الدول العربية وبشكل جماعي وواضح عن التزامها العملي والأخلاقي بمكافحة الإرهاب وفقاً للرؤية العربية التي أقرها مجلس وزراء الداخلية والعدل العرب في 22 إبريل 1998م في القاهرة وذلك من خلال الاتفاقية التي حددت مفهوم الإرهاب والجريمة الإرهابية من ناحية ومشروعية حق الشعوب في الكفاح ضد الاحتلال والعدوان بالوسائل المتاحة من ناحية أخرى وفي إطار هذه الرؤية الواضحة والتزام القيادة السياسية بنهج الديمقراطية والحوار واحترام حقوق الإنسان تم التصدي لظاهرة الإرهاب في الجمهورية اليمنية عبر أسلوبين:
1- اتخاذ الإجراءات الأمنية الحازمة ضد عناصر الإرهاب والتطرف والتحفظ عليها وتضييق الخناق على حركتها مع العمل على إعادة تأهيل المغرر بهم وإدماجهم في المجتمع وتوفير فرص العيش الكريم لهم.
2- اقتران العمل الأمني والسياسي بالحوار الفكري والإصلاحات الاقتصادية الرامية للتخفيف من حالة الفقر والبطالة في صفوف الشباب.
ومع هذا فإن هذا الجهد لا يزال في حاجة لمزيد من الدعم الدولي لإحراز معدلات اكبر من النجاح في مجال التنمية الاقتصادية والبشرية والى مزيد من الجهد والتعاون الإقليمي والدولي.
عناصر النجاح
إن مكافحة ظاهرة الإرهاب في العالم العربي والإسلامي بل وفي العالم اجمع لا يمكن أن تتوافر لها عناصر النجاح إلا إذا تم التعامل معها بعقلانية وبمنطق قانوني يحترم الحقوق كما يعاقب على الخروج عن القانون وبما يضمن العدالة لذلك فإن على المجتمع الدولي العمل على الآتي:
1- الوصول إلى تعريف دولي للإرهاب تتعامل معه جميع الدول دون ازدواجية في التطبيق وضمان محاسبة المسؤولين عن العمليات الإرهابية سواءً كانت منظمات او حكومات خاصة ان عنف الحكومات يمثل أحد الاسباب المؤدية للإرهاب وأنه في غياب حماية حقوق المجتمعات وتوفير العيش الكريم لها في إطار العدل والمساواة تبدأ نبرات التذمر الذي قد يصل الى العنف.
2- ان محاربة الإرهاب والإجراءات التي تصدر لمحاربته بما فيها قرارات مجلس الامن يجب ألا تخرج عن الحقوق القانونية للأفراد والجماعات وأن لا تتعدى على حقوقهم ومع ضرورة ان تنطلق من المبدأ القانوني المتهم بريء حتى تثبت إدانته.
إلا أن القرارات التي تتخذها اللجنة المنشأة من قبل مجلس الأمن لمحاربة الإرهاب لا تعمل للأسف على مراعاة هذا المبدأ وتتخذ قراراتها دون التحري من الأدلة كما أنها تطلب من الدول تنفيذ قراراتها دون ان تقدم لها الأدلة التي تدين مواطنيها وتنسى أن مسؤولية الدولة هي في الأساس حماية حقوقهم .. لذلك فمن الضروري إعادة النظر في آليات وأسلوب عمل اللجنة وتعاملها مع الدول لأن تنفيذ الدول لقرارات خاطئة ضد مواطنيها إنما يخلق اجواءً للتذمر والرفض ويعيق جهود الحكومات في كسب الرأي العام لجهودها في مكافحة الإرهاب.
3- إن الأسلوب الذي تم فيه التعامل لتجفيف مصادر تمويل الإرهاب قد جرى بأسلوب لم يأخذ في الاعتبار مفهوم التكافل والعمل الخيري في الإسلام وانه جزء من عقيدة المسلم وتجاهل أن فاعل الخير قد يغرر به دون علم منه.
ولذلك فقد جاءت قوائم الجمعيات الإسلامية الخيرية التي اتهمت بتمويل الإرهاب امراً يصعب تصديقه خاصة لعدم تقديم أدلة كافية للحكومات تثبت هذه الاتهامات وتضع الحكومات في موقف يمكنها من الدفاع عن قرارات تجميد أرصدة هذه الجمعيات أو إيقاف نشاطها.
4- إن الجهد الدولي رغم تحقيقه لعدد من النجاحات في مكافحة الإرهاب والقبض على العديد من قياداته إلا أن النجاح الكامل لن يتحقق طالما بقيت الأسباب التي أدت إليه وكلنا يعرف أن مقاومة الاحتلال كانت دائماً المنتصرة على المحتل وان التمرد الذي ينطلق من أسباب عادلة لا يتوقف إلا متى تحقق العدل لذلك فالمجتمع الدولي يجب أن لا يعتمد على القوة والتكنولوجيا وحدها في مكافحة الإرهاب وانما عليه أن يبحث الأسباب التي أدت إلى الإرهاب ويعمل على معالجتها لأنه بذلك على الأقل يخفف من استقطاب الشباب والتغرير بهم من قبل المنظمات الإرهابية تحت مسمى العدل والحرية والتحرر!!
دور المجتمع الدولي
والسؤال هو هل عملت الأمم المتحدة شيئاً في هذا القبيل؟ وهل قدم المجتمع الدولي الدعم للدول التي سعت إلى إزالة أسباب التذمر التي تؤدي إلى الإرهاب؟ والمتمثلة في تحقيق التنمية والتخفيف من الفقر وإنجاز الإصلاحات السياسية والاجتماعية والتعليمية.. الجواب للأسف أن شيئاً من ذلك لم يحدث!! أو أن ما صرف على هذا الجانب لا يمثل إلا نسبة قليلة جداً مقارنة بما يصرف على السلاح والعمل الاستخباراتي .
5- ان الصخب الإعلامي الذي تتبناه الفضائيات بكافة أشكالها ولغاتها.. سواءً الموجهة ضد الارهاب أو تلك الداعية للإصلاحات بكافة اشكالها في العالمين العربي والاسلامي او في إطار المؤتمرات والندوات الحوارية حول الأديان وصراع الحضارات وغيرها.. قد خلقت مناخاً من الفوضى في عقول المواطنين العاديين خاصة وان بعضها يدس السم في العسل كما يقول المثل.
ولذلك فنحن في حاجة الى رؤية إعلامية لمواجهة الإرهاب لا تنطلق من المخاوف وردود الافعال او التحريض وإنما تبنى على استراتيجية تقبل بمحاجّة الارهابي حول الاسباب التي دفعت به الى الارهاب ليكون ذلك بداية حوار معه وانا اعرف ان بعض تلك العقول لا يمكن لها ان تقبل بالرأي الآخر وأنه قد تأخذ بعضهم العزة بالإثم ولكن لاشك ان الكثير من المغرر بهم قد يستعيد الوعي ويعود الى طريق الصواب فالخطاب الاستفزازي المنفر هو الذي يغلق الباب امام تحقيق النجاح مع المتطرفين والارهابيين.
6- إن العالم الغربي للأسف الشديد انطلق في مكافحة الإرهاب من أسس خاطئة نتيجة ردود فعل لحادث الحادي عشر من سبتمبر الذي مثل كارثة إنسانية ونفسية مما أدى إلى البحث عن هدف يتحمل المسؤولية ويتم عقابه فكان الاسلام الضحية الأولى وكان العراق الضحية الثانية ونتيجة لذلك تحول العالم العربي والإسلامي إلى عدوين بدلاً من أن يكونا حليفين أساسيين في مكافحة الإرهاب.
ورغم محاولات الترميم التي تمت لاحقاً إلا أن الجرح ظل غائراً خاصة وان العديد من المسلمين من مواطني أمريكا وأوروبا تعرضوا للمتابعة والحبس وتجوهلت حقوقهم القانونية والإنسانية ولو أن أصحاب القرار في أمريكا أوروبا عملوا على خلق تحالف بالاقتناع والتراضي لكانت النتائج في مكافحة الإرهاب افضل مما هي عليه اليوم خاصة إذا ما تم التعامل مع المسلمين والعرب من واقع تراثهم الحضاري والإنساني والديني وهي جميعها ترفض الإرهاب وقتل النفس البريئة وتحرم ترويع الأبرياء وإلحاق الضرر بهم.
الأمر الذي يتطلب اليوم جهداً مشتركاً لتحقيق الفهم الصحيح للإسلام وللمسلمين والعرب لدى المفكرين والسياسيين واصحاب القرار في الغرب.
7- إن العالم العربي والإسلامي يعيش مرحلة مخاض حقيقي في محاولة للخروج من أجواء التخلف إلى مناخات الديمقراطية والإصلاحات والتنمية الشاملة ويعمل على تجاوز الإحباط الذي عاشته شعوبه نتيجة الهيمنة الأجنبية وخضوع حكامها للإرادة الأجنبية.
إلا أن هذا المخاض اصبح مهدداً من منظورهم لعدم فهمهم لحدوده ولأنهم يخشون ان تكون الهجمة على الإرهاب انما هي وسيلة لإخضاعهم لإرادة القوى المهيمنة وانهم مهددون في هويتهم وعقيدتهم.. وبالتالي أصبحوا يخافون من مخاضها وكيفية الخروج من حلقاتها وسبر أغوارها.. ولأنها ايضاً قد تأتي بوضع أسوأ من الوضع الذي هم اليوم فيه. كل ذلك حدث نتيجة للأسلوب الذي تعاملت به الولايات المتحدة الأمريكية والغرب مع ظاهرة الإرهاب وما تبعه من غزو للعراق وتمسك بالانحياز الكامل لإسرائيل وسياستها الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية.
خطوات مهمة
ان الخروج من هذا الوضع المعقد الذي خلقه الإرهابيون في الأساس وتعمق نتيجة السياسات الخاطئة في مكافحة الإرهاب وفي معالجة أسبابه يتطلب اليوم جهداً مضاعفاً يبدأ من مراجعة الذات وتحديد الإخاء التي ارتكبها كل طرف شريطة ان يعترف بالخطأ حتى يتم الاقتناع بضرورة إصلاحه وينتهي بنا الامر الى الاتفاق على شراكة حقيقية في إصلاح الأخطاء ويتحملها المجتمع الدولي بمسؤولية مشتركة وخطة متكاملة تنطلق من الخطوات التالية:-
- تطبيق مبدأ العدالة في إحلال السلام الشامل في منطقة الشرق الأوسط وغيرها من مناطق العالم التي توجد بها بؤر صراعات دينية أو عرقية وعلى أن تتحمل الأمم المتحدة المسؤولية في ذلك العمل على توجيه كافة طاقات وإمكانات الأمم المتحدة لتحقيق هذا الهدف الذي سيكون بداية جديدة للنظام الدولي المبني على العدل والمساواة والحرية.
- عقد مؤتمر دولي لتعريف الإرهاب وتحديد طرق محاربته في إطار شرعية القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وعدم القبول بأي اتهامات لا تعتمد على أدلة مثبتة وإعادة النظر في آليات عمل اللجنة المنبثقة عن مجلس الأمن لمكافحة الإرهاب حتى تعزز من جهد المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب في إطار القانون ومبادئ حقوق الإنسان.
- تبني الأمم المتحدة لمشروع جاد وملتزم يسهم في دعم جهود التنمية والإصلاحات في الدول الإسلامية والعربية الأقل نمواً مع توفير الأموال اللازمة لذلك باعتبار أن التنمية والإصلاحات الشاملة ومكافحة الفقر جزء لا يتجزأ من برامج مكافحة الارهاب.
- تمكين الدول العربية والاسلامية من إدارة حوارحر وفاعل فيما بينها ومع الغرب لإزالة المفاهيم والتفسيرات الخاطئة لقيم الأديان وتوظيفه لأهداف غير مشروعة والعمل على إزالة سياسة الهيمنة الدولية على العالم العربي والإسلامي وفتح الباب أمامها للانطلاق في شراكة حقيقية وتوظيف ثرواتها للتنمية والإصلاح.
- فتح حوار للاتفاق حول الخطاب الإعلامي الأنسب لمكافحة الإرهاب في إطار سياسة متوازنة تحمي المسلمين من السياسات العنصرية والإساءة إليهم من نفس منطلق حماية اليهود تحت مسمى معاداة السامية فالعنصرية والمعاداة سواء للأديان أو الأعراق أو الطوائف يجب ان ترفض من الجميع ودون أي تمييز.
- الاتفاق على سياسة واستراتيجية سياسية واجتماعية وتعليمية لمواجهة الإرهاب ضمن خطة مكملة للعمل الأمني والاستخباراتي مستفيدين من تجارب بعض الدول مثل اليمن في هذا المضمار والعمل في نفس الوقت على تطوير آليات العمل السياسي كرديف في عمليات مكافحة الإرهاب.
الشراكة والحوار
من المؤكد أن بعض القوى الدولية ربما تتمسك بسياسة الهيمنة لكونها تمتلك القدرات الاقتصادية والعلمية والتقنية التي تمكنهم من منطلق القوة من فرض رؤاهم وسياساتهم على الآخرين بدلاً من الانطلاق من مبدأ الحوار مع الآخرين للوصول الى استراتيجية مشتركة لمكافحة الارهاب.
وبرغم ذلك فإن الموروث الحضاري العريق للمنطقة وتراثها العقائدي يحتم على ابنائها رفض الانكفاء على الذات او رفض الحوار مع الآخر بل على العكس فإن عليهم اعتبار الاختلالات في مستوى تقدمهم الحضاري و التكنولوجي امراً عليهم تجاوزه وتقبل تحدياته وان عليهم العمل لاستعادة قدراتهم والالتقاء مع الآخر في بناء صرح الحضارة الإنسانية المعاصرة.
من هذه المنطلقات حرصت الجمهورية اليمنية على استمرار دعوتها لتوفير المناخات الملائمة والأجواء الموضوعية لحوار الحضارات وتعميم ثقافة السلام بين مكونات المجتمع الدولي المعاصر وبعيداً عن سياسة الإملاء وفرض ثقافات السلام من خلال افتعال الصراعات أو الهيمنة والتسلط أو ممارسة النزعات العنصرية.. لأن السلام والأمن للجميع لن يتأتى إلا من خلال العدالة بمفهومها الإنساني الواسع الذي قامت عليه الأديان السماوية فضلاً عن ضرورة الاعتراف بوجود ثقافات متنوعة ومفاهيم مختلفة ومصالح متبادلة والتي بمجموعها تشكل جسوراً للتعايش والحوار بين جميع الأمم وصولاً إلى إشاعة أجواء الثقة وحسن النوايا والتعاون الخلاق والشراكة والاعتماد المتبادل بين الدول والشعوب.
نقلاً عن صحيفة 26 سبتمبر