د.ابتهاج الكمال* -
يوم المرأة العالمي .. أم الواقع اليمني !!
يوم المرأة العالمي يراه كثيرون مناسبة للتحدث عن تحرير المرأة والمطالبة بمساواتها مع الرجل في الحقوق والواجبات ، ومن وجهة نظري أجدها مناسبة للحديث عن المرأة اليمنية ومشاركتها السياسية وما قدمته هي لنفسها.
تعد المشاركة السياسية للفرد من الحريات الأساسية التي أكدت عليها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان .. وهي واحدة من أهم مؤشرات ودلالات التنمية في أي مجتمع ، إذ لا يمكن الحديث عن التنمية دون التطرق لموضوع المشاركة السياسية ، ودون التعرّض لدور المرأة في هذه التنمية ؛ وعليه فإن درجة مشاركة المرأة وفاعليتها تنعكس إيجاباً على السياسات التنموية.
والشأن السياسي - كما هو معلوم - شأن عام لا يمكن للفرد أن يكون مؤثراً أو مشاركاً أو فاعلاً فيه ما لم يعترف بدوره في الحياة العامة ، وبحقه في ممارسة هذا الدور دون قيود ذات طابع تمييزي.
وفي المجتمع اليمني الذي يتسِّم بالمحافظة على التقاليد والأعراف ، والاستمرار في تقييد المرأة في إطار دورها الإيجابي فقط ، وفي ظل هيمنة ذكورية تستأثر بالنصيب الأكبر من فعاليات الحياة المختلفة ، يُتوقع من النساء أن يبذلن جهوداً مضاعفة من أجل إدماجهن في عملية صنع القرار.
وعلى الرغم من أن المرأة تشكل نصف المجتمع - كما يحلو لنا دائماً أن نردد ،حيث أنهن يشكلن من حيث التواجد الفعلي 51% - إلاّ أنهن في الواقع يمثلن أقلية سياسية ، ولكن ضمن هذه النسبة الكبيرة يجب أن نتساءل: إلى أي مدى أثّرت هذه النسبة في فاعلية دورهن في جوانب الحياة المختلفة !؟ ولماذا لا تكون المرأة في مركز متساوِ مع أخيها الرجل في نسبة التمثيل في الهيئات المختلفة !؟
إن هذه الأسئلة وغيرها تدور في أذهاننا ، ومطلوب منا تتبّع النسيج الاجتماعي والثقافي للعقلية التي تحكم المجتمعات العربية ، ومن ضمنها المجتمع اليمني.
فمن خلال تعاملنا مع البيئة الثقافية للمجتمع اليمني، وباعتبار أن هذه البيئة تشكل إحدى المقومات الأساسية لانطلاق المرأة اليمنية نجد أن هذه البيئة سيطرت عليها البنية الذكورية خلال السنوات الماضية ، وعززت بعض العادات والتقاليد الاجتماعية الخارجة عن إطار الحقوق الطبيعية التي حددها الإسلام للمرأة.
وعليه من الضروري أخذها بالحسبان عند محاولة فهم واقع المرأة وحقوقها السياسية .. إلا أن الإشكالية الكبرى هي عزوف النساء عن المشاركة السياسية والتي تعود إلى المرأة نفسها ! فكثير من النساء لا يقتنعن بقدرتهن على العمل السياسي بل يرين فيه انتقاصاً لهن وربما يعود هذا إلى التنشئة الاجتماعية التي تدعم هذه الرؤية.
ويمكن أن يوعز عدم اهتمام النساء بتطوير وعيهن السياسي من خلال فهمهن لذكورية الموضوع ، والاكتفاء بالقضايا ذات الطابع المجتمعي التي لا تمت بصلة لعملية صنع القرار .
وعلى مستوى الحياة العامة يبدو أن ذلك مرهون بانعدام الثقة في أوساط النساء ، وعدم مساندة الناخبة للمرشحة ، وتفضيلها للمرشح - الرجل - ومن منطلق أنه الأنسب للعمل السياسي.
وتبقى المشكلة في كيفية تغيير هذا الواقع من خلال عمل برنامج توعوي عام ومستمر ، غير مرتبط بمصالح حزبية ، أو توجهات أو انتماءات تنظيمية.
لذا ينبغي الاهتمام فعلياً بالاتجاهات الثقافية التي تحكم مجتمعنا ، وخاصة ما يتعلق بجدلية الحياة، وفي السلوك العام الذي تراكم عبر سنوات طويلة من تهميش النساء وخنق أصواتهن.
............................
* الدكتورة ابتهاج عبد القادر الكمال - رئيسة تحرير مجلة "الطبيب" ومجلة "الطبيب والناس"، ومديرة أول موقع طبي الكتروني يمني >>thephysician.net<<